الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

"شمس" يعقد ورشة عمل بعنوان "حقوق الإنسان في الفكر العربي"

نشر بتاريخ: 17/06/2013 ( آخر تحديث: 17/06/2013 الساعة: 12:22 )
القدس- معا - عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورشة عمل ورشة عمل بعنوان "حقوق الإنسان في الفكر العربي"، لطلبة كلية الشريعة في الجامعة القدس، وقد افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز "شمس" معرفاً بالمركز وبالمشروع وبنشاطاته وقال أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع نشر وتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان الذي ينفذه المركز بدعم وتمويل من الوكالة الاسترالية للتنمية الدولية.

وقال الدكتور عيسى أبو زهيرة ليست مسألة حقوق الإنسان، في أي مجتمع من المجتمعات، وفي أي زمان من الأزمنة، مسألة بديهية، بل هي مسألة مرتبطة بنمو الروح الإنساني وانبساطه في التاريخ وفي العالم، مسألة مرتبطة بنمو الوعي والوجدان والفكر والدين والأدب والفن… وأشكال التنظيم الاجتماعي – السياسي التي تعيّنها، في كل مكان وزمان، عملية الإنتاج الاجتماعي، إنتاج البشر لوجودهم الاجتماعي وشروط معاشهم وعلاقاتهم الاجتماعية وثروتهم المادية و الروحية. وعملية الإنتاج الاجتماعي تحمل في تعينها الفردي، بعداً طبقياً أولاً ومجتمعياً ثانياُ وإنسانياُ عاماً وكلياُ ثالثاً. وهي أبعاد تحددها العلاقة بين ماهية الإنسان الجوهرية وكينونته الاجتماعية وخصائصه الفردية، الجسدية والنفسية والذهنية. وإذا كان التاريخ تنويعة على الأشكال، فإن تاريخ " حقوق الإنسان " تنويعة على أشكال الوعي الاجتماعي، وسمفونية متموجة على لحن الحرية.

وقال ليس من معنى للحديث عن حقوق الإنسان الأوروبي، أو حقوق الإنسان الأمريكي أو حقوق الإنسان العربي أو حقوق الإنسان في العالم الإسلامي إلا في إطار الضمانات الدستورية والقانونية التي توفرها كلياً أو جزئياً أو لا توفرها الدولة الوطنية والنظم الإقليمية والمنظمات العالمية. وفي هذا المستوى تغدو المسألة مسألة سياسية تتعلق بالفلسفة السياسية وشكل الحكم ونمط التنظيم الاجتماعي في كل دولة أو تجمع إقليمي. وهذا يدعونا إلى أن نميز بين ثلاثة مستويات في المسألة نفسها،وأول هذه المستويات هو المستوى الفكري الفلسفي وهو مستوى عام على اختلاف صيغه وتعبيراته، وعموميته هذه مؤكدة في كونية العقل ، وكلية الروح الإنساني، وفي دين الإله الواحد. وثانيهما هو المستوى السياسي المحدد بالثقافة القومية الخاصة بهذه الأمة أو تلك، والمتعلق بنظام الحكم وعلاقة الدولة بالمجتمع والسلطة بالشعب في كل دولة على حدة، وثالثها هو المستوى الحقوقي الذي يحيل إجرائياً على نمط السلوك السياسي العملي للأفراد والجماعات والمؤسسات الأيديولوجية والسلطات السياسية.

وقال الدكتور عيسى أن هناك ثمة إشكالية معقدة حكمت الوعي العربي منذ عصر النهضة إلى اليوم تتلخص في الإشكالية الاجتماعية التي تتصدر قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في معظم التحليلات النقدية التي يعالجها الفكر الاجتماعي والسياسي الراهن وتذهب هذه التحليلات في معظمها إلى جعل حضور هذه القضايا أو غيابها مفتاحا لفهم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالوطن العربي، وهي تذهب إلى أبعد من ذلك فتجعل من هذه القضايا سببا رئيسيا -وفي بعض الأحيان السبب الرئيسي الأول- لتخلف المجتمعات العربية.

وأوضح الدكتور عيسى أن هناك العديد من العقبات أمام تحول مفهوم حقوق الإنسان من مفهوم نخبوي يتغنى به المفكرون والمثقفون إلى هم اجتماعي تناضل في سبيله فئات المجتمع كافة. والعقبات بعضها موضوعي يتعلق بموقع الوطن العربي وظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبعضها ذاتي يتعلق بالأوضاع والظروف الداخلية العربية وموقف السلطات السياسية منهان ومن إشكاليات التي تطرح نفسها في الفكر العربي بخصوص مفهوم حقوق الإنسان إلا وهو كيف تبنى الفكر العربي مفهوم حقوق الإنسان، وما هو طبيعة هذا المفهوم، وما هي الآليات التي تم الإجماع عليها، وما هي الوسائل التي تم تطبيق مفهوم حقوق الإنسان داخل الوطن العربي، ومن طبيعة الدول العربية ونهجها المختلف، وعدم وجود قاسم مشترك فيما بينها بما يخص الخطاب السياسي، حيث لا يوجد جسم سياسي أو ديني متفق عليه في الدول العربية لتمثيلها، فلكل دولة نظام سياسي خاص بها، فلذلك تختلف في تبني الرؤية واحدة بخصوص حقوق الإنسان، بالرغم من وحدة التاريخ والثرات والدين والثقافة المشتركة في منهجية الفكر العربي مع ذلك تجد تنوع واختلاف الرؤى الفكرية داخل الفكر العربي، وذلك نتاج تعدد وتنوع الأنماط والأوضاع من النواحي الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والنظم السياسية التي يرتبط به الواقع العربي، هذا يجعلنا نتلمس إشكالية أخرى تتعلق في طبيعة الفكر العربي ذاته في مسألة تبني حقوق الإنسان.

وشدد الدكتور عيسى على أن حقوق الإنسان كمنظومة مستقلة عن الدساتير والقوانين والضمانات التقليدية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم تحصل إلا في نهاية الحرب العالمية الثانية ولم تحصل فعلا إلا في نهاية الستينيات مع تكوين أول منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. وقد لعبت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان دورا رئيسيا في نشر فكرة العمل ضد الانتهاكات ولفت نظر الشعوب إلى أهمية فكرة حقوق الإنسان.وفي الوطن العربي بدأ الاهتمام الرسمي والشعبي بحقوق الإنسان في السبعينيات، وتنص جميع الدساتير العربية على احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، ولكن ميثاق الجامعة العربية تجاهل مسألة حقوق الإنسان ولم يتخذ قرارا بإنشاء لجنة خاصة بحقوق الإنسان إلا في عام 1966 كضرورة للمشاركة في برنامج الاحتفال العالمي بحقوق الإنسان. ولم تنجح الجامعة بالاتفاق على نص الميثاق العربي لحقوق الإنسان إلا في عام 1994، ومازال هذا الميثاق ينتظر التصديق عليه من قبل الدول الأعضاء في الجامعة.وبدأت الحركة الحقيقية للدفاع عن حقوق الإنسان في الوطن العربي في السبعينيات، وقد عرفت هذه الحركة نموا سريعا وقويا، وكان الفكر القومي واليساري بعيدا عن فكرة حقوق الإنسان لأن الحديث عن مثل هذه الحقوق يعني عدم الاعتراف بمشروعية النظام السياسي البرجوازي القائم والتخلي عن التحول الاجتماعي وأولوية تغيير الشروط المادية والاجتماعية والاقتصادية لحياة المجتمعات، وكانت منظمات حقوق الإنسان تبدو وكأنها أداة من أدوات السياسة والإمبريالية وتحابي إسرائيل.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة عدم سطوة الأعراف الموروثة على تصرف الفرد، ضرورة أن يأخذ المفكرين والعلماء العرب لتقديم رؤى وتستوعب الحداثة وتدافع عن الحريات وترسخها، ومن أجل تدعيم ثقافة حقوق يجب الالتزام بإدخال مادة حقوق الإنسان في المقررات الدراسية في المدارس والجامعات باعتبارها متطلب جامعة، وإعلاء نشر قيم الحوار والتسامح والانفتاح، ومواجهة الثقافة التي تكرس فكرة التمييز بما يدعم السلوكيات المناقضة لحقوق الإنسان على مستوى الفرد والمجتمع.