عساف: الكلمة التي ألقاها الشعب الفلسطيني!
نشر بتاريخ: 20/06/2013 ( آخر تحديث: 21/06/2013 الساعة: 17:49 )
كتب منير أبو رزق لوكالة معا - إلى أن تحل ساعات مساء الجمعة، سيكون الكل الفلسطيني على امتداد رقعة تواجده الاختياري والقسري، في الوطن والشتات، قد أتم استحقاق ما له من أمنيات، ذات صلة برافعته الفنية والثقافية الجديدة؛ الفتى محمد عساف، محمولا إلى اللقب من دواخل قلوب الناس، ليتوج محبوبا قادما من فلسطين إلى كل العرب، ومن كل العرب إلى العالم أجمع.
محمد عساف الفتى الظاهرة، الذي طعن الاحتلال ثقافيا، من كل أمام ومن كل خلف، منذ أن كان صبيا...
فمنذ أن خرج من مخيم خان يونس، مكافحا للوصول إلى القاهرة، ثم منافحا عن حلمه من أجل الدخول، قافزا من أعلى السور إلى داخل الفندق المسيج، وكأنه يفر من نفسه إلى نفسه، على عادة الفلسطيني، في كل رحلاته نحو إثبات الذات، ثم معرجا على اليأس وكأنه لم يره في ساحة الانتظار، كان هناك فلسطيني آخر ينتظره، معليا مبدأ الإيثار والتضامن في الوطن، كي يمنحه بطاقته الشخصية، متأخرا بذلك خطوة، ومقدما فلسطين إلى الأمام ألف خطوة.
هي كذلك فلسطين التي تتنادى وتتماهى مع نفسها، في انسجام كامل مع لون جلدها، الذي لم تغيره الظروف والحتوف، وقهر الاحتلال وظلم العباد للعباد، وتبدل معالم الجغرافيا على حواف اللجوء وهوامش الشتات، الذي يشق في أعمارنا عقده السابع .. هي كذلك فلسطين الواحدة، المؤمنة بوحدتها الديموغرافية، وهويتها الثقافية، ورسالتها الخالدة، لشعب كان ولا زال واحدا، إذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالبندقية والشبابة والكلمة.
إلى هنا؛ تكون الحياة الفلسطينية كما يراد لها أن تكون، إثباتا لعجز العدم على ابتلاعنا، واختبارا لإرادة الوجود على الوجود، وإبهارا لكل مترقبي الموت في أقدارنا القصوى، بإخفاق التوقعات وإفشال المخططات وإنزال التمادي عن سلطته العليا، في التنجيم المبتذل، الذي يفترض سلفا أن الشعب الفلسطيني، لا يليق به إلا الأسود الداكن اللون، ويدمن التيئيس من الحياة، سبيلا مختصرا وحيدا من الولادة إلى الموت.
محمد عساف مدعو في هذه اللحظات، إلى خلق أكبر حالة ممكنة من الفرح، لدى جمهوره الفلسطيني المتعطش لرمزية الفرح نفسه، ومن خلاله جمهوره العربي المحب لاستثناءات فلسطين، منذ أن كانت فلسطين هي الاستثناء الأول في تاريخ وحاضر العرب، بينما هذا الجمهور مدعو من طرفه، إلى التصويت المكثف، لمحبوب العرب، الذي كان كلمة الشعب الفلسطيني التي ألقاها، في بيروت، وسماها محمد عساف.