"لعبة القط والفأر".. بين التجار وفرق الضريبة بأسواق القدس العتيقة
نشر بتاريخ: 24/06/2013 ( آخر تحديث: 24/06/2013 الساعة: 19:01 )
القدس- تقرير معا - تسود أسواق البلدة القديمة من القدس منذ عدة أسابيع وبشكل شبه يومي أجواء القلق والترقب.. ليس لموسم الأعياد أو تحضيراً لشهر رمضان الفضيل، بل هي أجواء تشبه (لعبة القط والفأر) بين تجار أسواقها وبين فرق سلطات الضرائب المدعومين بأفراد من الشرطة وحرس الحدود.
ومنذ ساعات الصباح الأولى حيث تخلو الطريق الى باب العمود (أحد أهم بوابات البلدة القديمة) من المارة والمتسوقين، تتربص فرق الضريبة أي بائع متجول أو سيدة قادمة من أحدى القرى المجاورة، وهم الذين انطلقوا الى كسب رزقهم قبل أن تشرق الشمس.
والى داخل البلدة القديمة يواصل موظفو الضريبة طريقهم لتبدأ هجمتهم على تجار الأسواق، وبخاصة أسواق خان الزيت والواد والعطارين والقطانين والسلسلة، أحياناً قبل أن تفتح بعض المحال أبوابها، أما التاجر صاحب الحظ التعيس فقبل أن يستقبل أي زبون، يستقبل موظفي الضريبة ليبدأ يومه بتحقيق ونبش دفاتر الحسابات.
|225159|
التبليغ عن فرق الضرائب..
وتثير فرق الضريبة عند تجولها حالة من القلق والترقب كما تثير حالة من البلبلة..فعند وصولها الى مدخل سوق خان الزيت، تبدأ الاشارات تنتقل من تاجر الى آخر تحذر من ان فرق الضريبة تسعى الى "القبض" على التاجر المخالف وبالتالي تحرير المخالفات أو التحويل الى المحاكم.
أما التجار الذين لم يستطيعوا انهاء ديونهم مع الضريبة فيضطرون الى اغلاق محلاتهم خشية اضافة مزيد من المبالغ المالية عليهم، وقد يستمر الاغلاق عدة ساعات حتى ترحل فرق الضريبة، وبتالي التسبب بخسائر مالية وضياع فرص البيع.
|225160|
عضو لجنة التجار صلاح الحلحولي..
ويقع محل بيع الملابس التابع للتاجر صلاح الحلحولي (أبو بوسف) في سوق العطارين، حيث تمت مداهمة محله قبل فترة من قبل موظفي الضريبة برفقة أفراد الوحدات الخاصة، حيث طلبوا منه دفاتر الحسابات ثم قاموا بفحص بضائع المحل وأجروا جرداً، وبعدها إتصلوا بمحاسب المحل وطلبوا منه آخر جرد للحسابات فأرسل لهم الحسابات في نفس اللحظة.
وقال الحلحولي في لقاء معه :"الوضع خطير جدا والمؤامرة كبيرة لإرهابنا، ولا يعقل أن يستمر الحال على ما هو عليه حالياً، والأسلوب الذي يستخدمه موظفو الضريبة خاطئ، فهم يداهمون الأسواق بحماية الجنود المدججين بالسلاح، مما يؤدي إلى إخافة المواطنين المتواجدين بالأسواق، ويمنعهم من دخول الأسواق مرة أخرى، والأجدر بموظفي الضريبة عندما يريدون التحقق من حسابات أي تاجر ان يستدعونه الى مكاتبهم وبحوزته جميع الملفات والدفاتر المطلوبة"، مؤكداً أن التجار والمحلات التجارية في البلدة القديمة بالقدس مستهدفة بالتهجير.
وأعرب الحلحولي عن استغرابه من تلك الحملات الضريبية في الوقت الذي يخسر التاجر أحياناً ويصرف أكثر من مدخوله، بسبب عدم وجود بيع أو زبائن، ولا يستطيع تسديد فواتير الكهرباء والضريبة والأرنونا.
دور السلطة ومؤسساتها..
وحذر الحلحولي من ان ما يجري تجاه القدس وأسواقها وتجارها مؤامرة تستهدف وجودهم، مطالباً من السلطة الفلسطينية إعادة النظر بما يجري حيالهم، وتساءل :"هل السلطة الفلسطينية ما زلت معنية بالقدس...؟ أين وجود السلطة بالقدس ...؟! واليوم التجار كالأيتام، وهم بلا غرفة تجارية ولا مرجعية، وأصبح التاجر والمواطن يتخبط ولا يعرف وجهته ولا مصيره".
وأضاف :"نسمع منذ سنوات عن تقديم مساعدات لمدينة القدس، لكن أين هي هذه المساعدات، فالأمر لا يتعلق بالدعم المالي بل بالتضامن مع التاجر وسكان البلدة القديمة بسبب الوضع خطير الذي يعانون منه، فنحن لا نريد شعارات بل نريد العمل الجاد".
|225161|
محلات سوق العطارين تعاني..
من جهته قال عضو لجنة تجار سوق العطارين مصطفى سلهب أن هذا السوق يعتبر شريان البلدة القديمة، وهو سوق بدأ التجار يفقدون أسطحته لأن مستوطني "جاليتسيا" يواصلون حفرياتهم منذ سنوات، مشيراً ان التجار رفعوا دعاوي قضائية في المحاكم ضدهم، إلا أن القضاء لم يستطع ايقافهم.
وأضاف :"نحن صامدون في القدس رغم معاناتنا من قلة الدخل، وعندما يداهمنا موظفو الضريبة نترك محلاتنا ونهرب، وأطلب من السلطة ومن العرب أن ينقذونا..فالقدس تحتضر وتهود".
وأوضح سلهب أن سوق العطارين يضم اكثر من مئة محل تجاري، ثلثها مغلق وثلث على وشك إعلان إفلاسه، وثلث أخير مفلس من كثرة الديون.
رسالة الى الرئيس أبو مازن..
وقد وجهت لجنة تجار سوق العطارين وسوق الخواجات مؤخرا رسالة للرئيس محمود عباس أبو مازن أعلموه فيها بسوء الوضع الاقتصادي، في ظل الهجمة الشرسة التي تشهدها البلدة القديمة عامة وهاذين السوقين بشكل خاص.
وأشار التجار في رسالتهم أن سوق العطارين يقع أسفل ما يسمى بالمدرسة الدينية "جاليتسيا"، وهم يواجهون بشكل يومي الاعتداءات في محاولة يائسة لإرهابهم وإخضاعهم، مطالبين من السلطة الوقوف بجانبهم في معركة الوجود من خلال صرف مساعدات مالية تساهم في إزالة الثقل والأعباء المفروضه عليهم.
وأكدوا ان التجار في هذين السوقين يعانون من أوضاع معيشية صعبة جدا، بسبب الركود التجاري وقلة الحركة الشرائية، وقد إضطر بعض التجار هناك إلى تأجير محالهم التجارية بمبلغ زهيد، وآخرون يقومون بإغلاق محلاتهم في منتصف النهار، وفتح بسطات في الشوارع. +447905947099
ضرائب وعقوبات..
وأشار بعض التجار أن حوالي 90 % من أصحاب المحلات التجارية مدينين لضرائب الدخل والقيمة المضافة والأرنونا والتأمين الوطني، وفي حال تمت مداهمة المحل تفرض على التاجر غرامة تصل إلى 40 ألف شيكل، وإذا تم فحص درج النقود وتبين أن داخله شيكل واحد زيادة يفرض عليه فورا غرامة بقيمة ألفي شيكل.
وأوضح عدد من التجار أن موظفي الضريبة يركزون خلال المداهمات الضريبية على سوق العطارين، بسبب الحفريات التي تجري خلفه من قبل المستوطنين لإقامة سوق آخر لهم، والضغط على التجار لتهجيرهم وبالتالي يتم افراغها.
وحذر التجار من ان إستمرار المداهمات الضريبية على محلاتهم التجارية في أسواق البلدة القديمة، سيحولها الى أسواق تجولها الأشباح كأسواق مدينة يافا القديمة التي عانت أيضاً من حملات التهجير والمضايقات استمرت عدة سنوات.