السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

آلاف المرابطين من فلسطينيي الداخل والقدس يحبطون محاولات اليمين الإسرائيلي اقتحام المسجد الأقصى في ذكرى خراب الهيكل

نشر بتاريخ: 17/08/2005 ( آخر تحديث: 17/08/2005 الساعة: 22:01 )
القدس - معا- لقد كان يوم الأحد 14/8/2005 وبحق يوماً من أيام الله المشهودة في المسجد الأقصى المبارك ، ففي جوف ليلة الأحد بدأت مسيرة الرباط تنطلق الى المسجد الأقصى ، ومنذ وصولها الى محيط المسجد الأقصى قبل صلاة الفجر حوصرت وضيق عليها لساعات طويلة امتدت لساعات العصر ، وتحت وهج الشمس المحرقة واصل أهلنا من فلسطينيي الداخل والقدس بالرباط حول المسجد الأقصى وداخل ساحاته وباحاته لمنع أي اعتداء أو اقتحام من قبل اليمين الإسرائيلي الذين أعلنوا نيتهم اقتحام المسجد الأقصى في ذكرى ما يسمونه بخراب الهيكل ، وفي محاولة أخيرة منهم للتأثير على مجرى الأحداث ومنع تنفيذ خطة الانسحاب الاسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة .

وتلبية للدعوة التي وجهتها الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني ومؤسسة الأقصى بشد الرحال بكثافة الى المسجد الأقصى فقد أحبط الوجود المكثف لآلاف الفلسطينيين في داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك ومحيطه ومحيط البلدة القديمة محاولة الجماعات اليهودية واليمين الاسرائيلي تنفيذ مخططاتها باقتحام المسجد الاقصى، واداء الطقوس الدينية اليهودية فيه في ذكرى ما يسمى خراب الهيكل المزعوم علما أن الشرطة الاسرائيلية التي فرضت قيودا مشددة على وصول المسلمين الى المسجد الاقصى فيما وفرت جميع التسهيلات لوصول الجماعات اليهودية الى حائط البراق.

وكان ما يزيد على 5 آلاف عنصر من الشرطة الاسرائيلية والجيش وأفراد ما يسمى بحرس الحدود والمخابرات وفرق الخيالة الاسرائيلية انتشروا في انحاء مدينة القدس وبخاصة في محيط المسجد الأقصى وأزقة القدس القديمة ومداخلها حيث تم نصب الحواجز الحديدية الشرطية على مداخل المدينة والأقصى لمنع الشبان من الوصول الى المسجد الأقصى، فيما أغلقت الشرطة الاسرائيلية العديد من شوارع المدينة الرئيسة امام حركة السيارات، واعتلى قناصة من الجنود الإسرائيليين أسطح المباني المشرفة على المسجد المبارك، كما حلقت في سماء القدس القديمة مروحية للشرطة، ومنطاد راداري، يحمل أجهزة تنصت، وكاميرات لمراقبة حركة المصلين داخل حرم المسجد الأقصى، واغلق الجنود الاسرائيليين الحواجز المقامة على مداخل مخيم شعفاط شمال شرق القدس وضاحية البريد وقلنديا شمال القدس لمنع دخول المقدسيين إلى المدينة والتوجه إلى الأقصى، في الوقت الذي سيرت فيه قوات الشرطة الاسرائيلية عشرات الدوريات العسكرية الراجلة والمحمولة في الشوارع والطرقات وفي شوارع وأسواق القدس التاريخية المؤدية إلى المسجد المبارك.


ورغم منع الفلسطينيين الذين هم دون سن الخامسة والاربعين من الدخول الى المسجد الاقصى فان آلاف الفلسطينيين شيبا وشبانا اندفعوا الى المسجد للدفاع عنه حيث رابط كبار السن في داخل المسجد فيما رابط الشبان في الشوارع القريبة من المسجد تحسبا لأي طارئ حيث تخلل الصلوات حلقات علم ودروس دينية وتجمع القى فيه الشيخ محمد حسين، مدير المسجد الاقصى المبارك، كلمة اكد فيها اهمية الوجود الدائم في المسجد الاقصى والدفاع عنه مشددا على ان المسجد في خطر، وكذلك القى الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني، كلمة عبر الهاتف حيث تمنعه السلطات الاسرائيلية من دخول المسجد الاقصى، كما ألقى الشيخ هاشم عبد الرحمن - رئيس بلدية ام الفحم- كلمة شدد فيها على أهمية الرباط في المسجد الاقصى صلاة وعبادة ودعاء .


بالمقابل فإن العديد من عناصر الحركات اليهودية كانوا في ساحة البراق حيث قام عدد منهم بعرض مجسم للهيكل المزعوم ، وحاول أعضاء الجماعات اليهودية المتطرفة ظهر الاحد ، إغلاق بوابات حرم المسجد الأقصى بأعداد هائلة من سوائبها، رداً على ما زعموه إغلاق قطاع غزة، وشرع هؤلاء بطقوس تلمودية خاصة في باحات وحائط البراق من أجل إفشال خطة رئيس وزرائهم شارون بالانسحاب من غزة، وكان نحو 1500من المصلين اليهود قد وصلوا صباح الأحد إلى باب المغاربة في مدخل الحرم وحاولوا اقتحام المسجد الأقصى إلا ان محاولاتهم باءت بالفشل .

ويتذكر اليهود خراب الهيكل المزعوم في احتفال يبدأ في التاسع من آب من كل عام في ذكرى هدم الهيكل الاول على أيدي البابليين عام 586قبل الميلاد وخرابه الثاني على أيدي الرومان عام 70وتبدأ احتفالات العيد الرسمية من عشية اليوم السابق للتاسع من آب الذي تصادف أن شهد هدم المعبدين.

شدّ الرحال وصلاة فجر على تراب القدس الطاهر

وكانت الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني ومؤسسة الاقصى بدأت منذ الساعة الثانية من ليلة الاحد 14/8 بتسيير قوافل الحافلات من كافة قرى ومدن الداخل الفلسطيني لنقل المصلين للرباط في المسجد الاقصى المبارك ،وقامت قوات كبيرة من الشرطة الاسرائيلية منذ الساعة الثالثة والنصف ليلا بإغلاق جميع الشوارع المؤدية الى المسجد الاقصى والبلدة القديمة ،ولدى وصول الحافلات من قرى الداخل الفلسطيني قامت قوات كبيرة من الشرطة بمحاصرتهم في منطقة وقوف الحافلات بالقرب من منطقة وادي الجوز ، ومنعت المصلين من الاقتراب الى الشوارع المعبدة المؤدية الى المسجد الاقصى ، مما حدى بالمصلين تأدية صلاة الفجر على أرضية ترابية ، ترافقت بتحركات واشارات استفزازية للمصلين من قبل افراد الشرطة , وقام في ساعات الصباح الباكرة افراد من القوات الخاصة بالاعتداء بالضرب على عدد من المرابطين بالقرب من الطريق المؤدي الى باب الاسباط دون سبب بعد تأديتهم صلاة الفجر .

في نفس الوقت فقد قام الآلاف من اليمين الاسرائيلي والمستوطنين ليلة الاحد وقبيل صلاة الفجر بساعات قليلة بتجمع حاشد في منطقة باب الزاهرة وباتجاه الطريق المؤدي الى باب الاسباط ومارسوا احتفلات ترافقت بأعمال وشعارات استفزازية في شوارع البلدة القديمة ومحيط المسجد الاقصى .

هذا وقد تواصل تسيير حافلات البيارق الى المسجد الاقصى بعد الفجر من جميع قرى ومدن الداخل الفلسطيني ، وتم تسيير نحو مائة حافلة بالإضافة الى عشرات السيارات الخاصة .
التفافٌ عن الحواجز الشرطية واحتشاد قبالة الاقصى

وقد استطاع الآلاف من فلسطينيي الداخل تجاوز الحواجز الشرطية التي وضعتها الشرطة الاسرائيلية على مداخل جميع الطرق المؤدية الى المسجد الأقصى المبارك ، وعبر الطرق الالتفافية استطاع الآلاف ممن وصلوا من قرى ومدن الداخل الفلسطيني الاحتشاد امام الطريق الرئيس المؤدي الى باب الاسباط يتقدمهم قادة الحركة السلامية وعلى رأسهم الشيخ كمال خطيب - نائب رئيس الحركة الاسلامية - وهتف المحتشدون بصوت واحد باسم المسجد الأقصى ورددوا الشعار " بالروح بالدم نفديك يا اقصى ، وارتدى أغلبهم قبعات خضراء تحمل اسم " مؤسسة الاقصى " ، وعلى جنبيها كلمة التوحيد " لا اله الاّ الله"، بينما وضع أخرون على جباههم عصبات تحمل اللون والشعار ذاته، كما تواجد عضو الكنيست عبد المالك دهامشة في موقع الاحتشاد والرباط وألقى كلمة أمام المحتشدين ، في حين أعطى الشيخ كمال خطيب تعليماته للمرابطين بتفويت الفرصة على الشرطة الاسرائيلية التي حاولت قواتها استفزاز المحتشدين تكرارا ومرارا .
فيما رابط الالاف من كبار السن والنساء ممن سمح لهم بدخول المسجد الأقصى وممن وصل ومكث في المسجد الاقصى يوم السبت واعتكف ليلا ، وواصل المرابطون داخل الحرم القدسي الصلوات والدعوات داخل باحات المسجد الأقصى المبارك .

الشيخ كمال خطيب : اسرائيل دولة عنصرية

وعن المنع الاسرائيلي للمصلين المسلمين من دخول المسجد الأقصى قال الشيخ كمال خطيب :" ليس لهذا التصرف الا تفسيرا واحدا وهو ان دولة اسرائيل هي دولة اولا عنصرية وثانيا تعيش حالة من النشوة والعنجهية بالتالي انقلبت عندها الموازين وأصبحنا نحن نحرم من دخول مسجدنا بينما يسمح للغرباء الدخلاء بان يأتوا الى مسجدنا نحن ويصلون تحت زعم انه حائط مبكاهم وهو ليس الا حائط البراق ، بالتالي نحن أمام مشهد يزيد اكثر من فضح وكشف سوءة وعورة السياسة الاسرائيلية واجهزتها السياسة والامنية".

عشرة آلاف مرابط يصلون الظهر والعصر في محيط الاقصى

هذا وقد أدى أكثر من عشرة آلاف من فلسطينيي الداخل واهل القدس صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا تحت وهج الشمس المحرقة بعد ان رابطوا منذ ساعات الفجر الأولى في الشارع الرئيس المؤدي الى باب الاسباط ، ومنعوا من قبل الشرطة الاسرائيلية من دخول المسجد الأقصى المبارك ، وأم بالمصلين الشيخ كمال خطيب - نائب رئيس الحركة الاسلامية - وختم الصلاة بدعاء وتضرع لله رب العالمين ان يحمي المسجد الأقصى المبارك من كيد الكائدين .

وأحاطت قوات كبيرة من الشرطة وفرق الخيالة والقوات الخاصة المصلين خلال تأديتهم الصلاة ، واستمروا بمحاولات الاستفزاز للجموع التي هتفت للاقصى .
وألقى الشيخ كمال خطيب عقب الصلاة كلمة رفع بها معنويات المرابطين من الشباب الذين يدافعون عن المسجد الأقصى المبارك ، واعلن الشيخ الخطيب ان الرباط سيستمر حتى صلاة العصر .

وشارك الدكتور مصطفى البرغوثي سكرتير المبادرة الفلسطينية في صلاة الظهر ، وألقى عقب الصلاة كلمة أمام المحتشدين دفاعا عن المسجد الاقصى، قائلا " هذه الحشود تؤكد على عروبة واسلامية المدينة المقدسة، وانه لا يمكن للاحتلال مهما امتلك من امكانيات ووسائل ان يغير حقيقة وتاريخ المدينة، ودعا البرغوثي المحتشدين " الى اليقظة والحذر من المخططات الاسرائيلية، كما انتقد غياب أي دور فلسطيني في هذا اليوم وخاصة من جانب السلطة ومؤسساتها"، كما وعبر البرغوثي عن تقديره لمؤسسة الاقصى والحركة الاسلامية والاهل في الداخل على هذه اللفتة الرائعة وعلى هذه الجموع التي جاءت لتثبت ان الشعب الفلسطيني حي لا يموت.


في نفس الوقت صلى داخل باحات المسجد الأقصى نحو 10 آلاف مصلي من كبار السن والنساء ، وردد الجمع وجددوا بيعتهم للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ، وكان على رأس المتواجدين والمرابطين داخل المسجد الأقصى الشيخ هاشم عبد الرحمن - رئيس بلدية ام الفحم وآخرين من قيادات الحركة الاسلامية في الداخل ، وبرز من المرابطين داخل المسجد الأقصى مشايخ وعلماء دائرة الاوقاف الاسلامية .


وعن الحشد المرابط بالقرب من المسجد الأقصى قال الشيخ خطيب في تصريحات صحفية له :" أولا هؤلاء الاخيار هؤلاء الصفوة من ابناء شعبنا ومن ابناء الحركة الاسلامية ما أتوا اليوم الا من اجل ان يؤكدوا على انه دون المسجد الأقصى اجسادهم وارواحهم ، فهذا الحشد اليوم جاء ليبعث رسالة للإسرائيليين ليقول لهم بان المساس بالمسجد الأقصى يمكن ان تعقبه نتائج لا احد يستطيع ان يقرأ عواقب نتائجها ، وبالتالي فان النار لا سمح الله التي يريد اليمين الاسرائيلي ان يشعلها ، فاننا نجزم انها اول ما تحرق ستحرق اليد الاسرائيلية .

اما الرسالة الثانية فهي للعالم العربي والاسلامي الذي بات الآن في غفلة للاسف وأدار ظهره للمسجد الأقصى المبارك ، هؤلاء أهلنا نقول لهم المسجد الأقصى ليس فقط للفلسطينيين بل ان الاقصى يجب ان يكون ما تلتقي عليه الامة بالذات في هذه المرحلة ".

زاهي نجيدات : الخطر ما زال قائما على الاقصى

من جهته أكد المحامي زاهي نجيدات - متحدث باسم الحركة الاسلامية - بأن مرور هذا اليوم لا يعني انتهاء الخطر على المسجد الأقصى المبارك ، وقال في تصريحات له :" نحن نعلم ان الجهات الاسرائيلية قد يعتدون على المسجد الأقصى المبارك في يوم غير معلن عنه ، في يوم غير محشود لهم ، من اجل ذلك شعارنا وعملنا هو شد الرحال يوميا وعلى مدار الساعة للرباط والصلاة في المسجد الأقصى المبارك ، خاصة في ظل منع أهلنا من الضفة الغربية وقطاع غزة من الدخول الى القدس والمسجد الأقصى المبارك، فأهلنا في الداخل ا لفلسطيني مطالبون يوميا بشد الرحال الى المسجد الأقصى صلاة ورباطا وتواصلا مع المسجد الأقصى ، واغتنم هذه الفرصة لأوجه نداء للعالم العربي والاسلامي لأخذ دوره للدفاع عن المسجد الأقصى أكثر من ذي قبل ."

مسيرة العودة والعهد المتجدد مع الأقصى


ما بين صلاة الظهر والعصر قضاها الاف الشباب المرابطين حول المسجد الأقصى في برامج تربوية من سماع المواعظ والدروس والنشيد الاسلامي ، وبعد صلاة العصر نظم المرابطون مسيرة حاشدة انطلقت من موقع الرباط قبالة الطريق المؤدي الى باب الاسباط باتجاة حي وادي الجوز وانتهاء عند موقف حافلات البيارق ، وقد ردد المشاركون الهتافات المجددة البيعة والعهد مع المسجد الاقصى والعودة للرباط والدفاع عن المسجد الاقصى ، بل شدّ الرحال والتواصل اليومي مع المسجد الاقصى المبارك .
هذا وقامت عشرات المحطات الفضائية ووسائل الاعلام بتغطية الحدث واجراء المقابلات الصحفية مع الشيخ كمال خطيب والمحامي زاهي نجيدات - متحدث باسم الحركة الاسلامية -، مركزة على صور الرباط في محيط المسجد الاقصى المبارك .