الخميس: 16/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

أم يهودية فقدت ابنها: "رأيت إبني في أحمد الخطيب الذي قتل برصاص جنودنا"

نشر بتاريخ: 02/07/2013 ( آخر تحديث: 02/07/2013 الساعة: 12:19 )
تل أبيب - خاص معا - "إسمي إيريس سيغف. في التاسع من أب 2006 قتل ابني البكر، نمرود في حرب لبنان الثانية. كان ضمن طاقم دبابة صعدت على لغم أرضي وتعرضت فور ذلك لصاروخ مضاد للدبابات. نمرود وثلاثة من أعضاء طاقم الدبابة قتلوا على الفور"، هكذا بدأت أم يهودية قتل ابنها الجندي في الحرب رسالتها التي كتبتها على صفحة منتدى "العائلات الثكلى" الإسرائيلية الفلسطينية.

ويروي فيلم" قلب جنين" قصة الشهيد الطفل أحمد الخطيب، إبن 11 ربيعا، الذي استشهد برصاص جندي إسرائيلي حين كان يلعب ببندقية أطفال من البلاستيك في اليوم الأول لعيد الفطر في نوفمبر/تشرين الأول 2005، واعتقد الجندي حسب زعمه لاحقا بأن أحمد سيطلق النار على الجنود. والد أحمد اسماعيل الخطيب قرر التبرع بأعضائه وبهذا أنقذ حياة ستة أطفال بينهم طفلين فلسطينيين من الداخل وأربعة أطفال يهود. وقال والد الطفل في رسالة وجهها في حينه لأعضاء الكنيست: "إنّ قرار عائلتي التبرع بأعضاء الشهيد الطفل أحمد لإحياء أطفال آخرين، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية، جاء للتأكيد على أننا شعب رغم القهر والتشرد والظلم مازلنا نحمل في صدورنا قلوبًا يملؤها الحب والوعي الإنساني العالي". وبالرغم من تبرعه، إلا أنّ عنصرية أحدى العائلات اليهودية تجلّت في حينه، حين قالت: "وددنا لو كان المتبرع ليس فلسطينيًا مسلمًا".

"كنت شخصا ميتا من الداخل"
وتقول الأم في رسالتها: "فقدت حياتي كل معناها مع مقتل نمرود، وبالرغم من أنني واصلت العيش والعمل كما كان الحال سابقا، إلا أنني كنت شخصا ميتا من الداخل. أمضيت 4 سنوات من حياتي في البحث عن منطق ومعنى لموت نمرود ولحياتي. وذات يوم شاهدت فيلم "قلب من جنين" في التلفاز. سمعت قصة أحمد ابن 11 الذي قتل برصاص جنودنا، رأيت والده ووالدته، رأيت فيهم ابني نمرود، رأيت نفسي وزوجي".

وتكتب الأم: "شعرت بحاجة ملحة لأن أكتب لإسماعيل، والد محمد، ورغبت بلقائه والتحدث معه، ولكنني لا اتحدث العربية ورأيت خلال الفيلم انه لا يتحدث العبرية. لم أكن أعرف ماذا سأكتب له، المهم بالنسبة لي أن لا أصمت أمامه وأن لا استمر في حياتي وكأنني لم أرَ الفيلم ولم أنفعل إلى أبعد الحدود.

جميعنا نواصل حياتنا حتى بعد أن يلامسنا شخصا ما بعمق، وبالتالي فأننا نخسر علاقة حقيقية بذلك الشخص الذي لامسنا. يبدو لي هذا الأمر مهما عندما يدور الحديث عن أشخاص من نفس الشعب والدين، ولكن الأمر أهم بآلاف المرات عندما يدور الحديث عن أناس مثلنا "أعداء" ظاهريا ولكنهم أخوة في الألم".

وتردف الأم قائلة: "هذه هي الحياة الحقيقية بنظري، أن نلامس الواحد الآخر حتى وأن لم تكن ملامسة جسدية، بل بالكلمات المكتوبة. أردت أن يعرف إسماعيل الخطيب والد محمد بأنني أنا أيضا فقدت إبني في هذه الحرب البشعة. لست غاضبة لأن العرب قتلوا إبني، بل غاضبة على الناس الذين لا يفعلون شيئا لوقف هذه الحروب، جزء منهم يهود وجزء منهم عرب وأجزاء منهم في كل العالم. ولكنهم جميعهم زعماء وهم اولئك الذين يعلموننا بأن الحرب مبررة... نحن – الشعوب - بإمكاننا أن نتعايش فيما بيننا، بالذات أشخاص مثل إسماعيل ومثلي ممن فقدوا أبناءهم بسبب هذا العدل المشوه، لأننا نعرف أنه لا يوجد اي مبرر لفقدان إبن".

"لا أريد لحفيدي ان يسمع عن الحرب المبررة"
"لم يكن ابني طفلا. كان رجلا متزوجا عمره 28 سنة وأب لطفل. ابنه – حفيدي - كان بعمر سنتين ونصف عند مقتل والده، وبعد عدة سنوات سيلتحق حفيدي بالجيش ويواصل القتال في هذه الحرب "المبررة". ولا بد أنه سيرغب أكثر من الآخرين بأن يكون مقاتلا مثل والده. أنا من ناحيتي أود أن أصم اذنيه وأغلق عينيه كي لا يرى ولا يسمع ما يعلمونه في هذه الدولة - بان حربنا حربا عادلة. يقول إسماعيل الخطيب في الفيلم بانه من الأسهل علينا، نحن اليهود، أن نتعامل مع القتل، مع انتحاري يأتي ويفجر نفسه بنا من أن نتعامل مع فعل نبيل وانساني مثل الذي فعله. وانا أخشى أن هذا صحيح".

"من خلال فيلم "قلب من جنين" ومن خلال أعمال وأقوال إسماعيل الخطيب قررت أنا أيضا أن أفعل شيء من أجل انهاء الصراع العربي الإسرائيلي. خلال بحثي عن إسماعيل الخطيب كي أرسل له رسالتي، اهتديت إلى منتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي-الفلسطيني، وهنا في هذا المنتدى وجدت مكاني، وجدت جوهرا للطريق المتبقي لي في هذا العالم. بعد أن رغبت كثيرا الوصول إلى نهايته. هذا هو المعنى الحقيقي للسلام عبر المصالحة ، التسامح، التفهم، والعفو".