"مرصد" يصف توصيات النقد الدولي بـ"حامل المطرقة يرى الناس مسامير"
نشر بتاريخ: 08/07/2013 ( آخر تحديث: 08/07/2013 الساعة: 17:35 )
رام الله - معا - وصف مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين، اليوم الاثنين، أن توصيات بعثة صندوق النقد الدولي الموجهة للسلطة الفلسطينية بأنها "حامل المطرقة يرى الناس مسامير".
وأكد المرصد أن تحميل الفلسطينيين مسؤوليات "تراجع النمو"، ولجوء الحكومة إلى حلول داخلية في كل مرة. هو مشابه تماماً عندما يقوم شخص ما "بصفعك فتكون ردة فعلك بصفع الشخص الذي يقف خلفك".
جاء ذلك في تعقيب مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين على مطالب بعثة صندوق النقد الدولي لرئيس الوزراء المستقيل.
وقال المرصد: في الوقت الذي دعت فيه العديد من الأحزاب السياسية الفلسطينية إلى التظاهر في رام الله نهاية الأسبوع الماضي احتجاجاً على مجمل السياسات الاقتصادية للحكومة الفلسطينية، التي دفعت أعداداً أكبر من الناس إلى دائرة الفقر، وأبقت الفقراء والعاطلين عن العمل يواجهون مصيرهم فرادى، كانت بعثة صندوق النقد الدولي تنهي زيارتها لفلسطين المحتلة بالعديد من المطالب المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية وإدارة المالية العامة.
وأكد المرصد أن بعثة الصندوق برئاسة كريستوف ديونفالد والتي التقت رامي الحمد الله ونائبه محمد مصطفى ووزير ماليته شكري بشارة، الأخير اجتمع في ذات الأسبوع مع وزير المالية الإسرائيلي لتسوية بعض القضايا العالقة "وتعزيز التعاون الاقتصادي"، وبينما كان جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ينهي اجتماعاته مع قادة سياسيين لم تسفر عن نتائج واضحة لاستئناف المفاوضات، كانت اجتماعات وزراء المالية بشارة -يائير التي أعقبتها تصريحات "ايجابية" حول العديد من القضايا ذات الطابع الاقتصادي.
وأضاف المرصد: على طريقة المثل القائل "حامل المطرقة يرى الناس مسامير" أشار البيان الصحفي الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي بان الاقتصاد الفلسطيني ما زال مسيطراً عليه من قبل القطاع العام!!! وهي ذات الوصفة التي يروجها الصندوق بخصخصة القطاع العام، وبيعه للقطاع الخاص على المستوى الإقليمي والعالمي. في سياسة تحمي الشركات الكبرى وتطلق يدها في السيطرة على الاقتصاد العالمي، وتدفع المجتمعات الأثمان مقابل هذه السياسة.
ويرى المرصد أن وضع هذا الاشتراط في الحالة الفلسطينية هي دعوة لفصل آلاف العاملين في القطاع الحكومي، ليصبح القطاع العام من بين أقل المشغلين، إضافة إلى منح القطاع الخاص نفوذاً أوسع في مجال الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم..الخ، وبهذا تقل سيطرة القطاع العام على الاقتصاد الهش أصلاً.
وتعتبر بعثة الصندوق أن آليات الإنفاق الحالية للسلطة الفلسطينية تشكل معيقاً مباشراً في مبادرة القطاع الخاص للاستثمار، هذا القطاع الذي صممت قوانين خاصة له، ومنح إعفاءات كبيرة لم يستطع الإقلاع بالاقتصاد، حيث ركز جل استثماراته على القطاعات الاستهلاكية، الخدمية ذات الربحية، ولكن نفس الصندوق طالب السلطة بمراجعة سياسة الإعفاءات الضريبية بل والحد منها.
واعتبر المرصد أن التحويلات الطبية التي أشار بيان الصندوق إلى ضرورة مراجعتها، وبالرغم من الإشكاليات التي تعتري هذا النظام إلا أنه مثّل حماية لآلاف العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود في المجالات الصحية التي لا يقوى القطاع الصحي الحكومي على تقديمها. إن دعوة صندوق النقد الدولي الحكومة إلى توجيه الاستثمار في البنى التحتية التي تمهد لاستثمار القطاع الخاص لا يعني بالضرورة إمكانية حصول الفقراء على خدمات صحية متميزة، نظراً لارتفاع تكلفتها بما يخدم لاحقاً فقط الأغنياء والمقتدرين، فيما يخسر الفقراء الدعم الحكومي المتمثل في التحويلات الطبية.
وبين المرصد أن الاستثمار في قطاع الصحة وتوجيهه نحو صحة عادلة للجميع، وزيادة ثقة المواطنين في المستشفيات الحكومية عبر استجلاب خبرات وكفاءات مشهود لها بالكفاءة في تخصصات طبية مهمة يساهم فعلياً في تغيير الصورة السلبية عن الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة، ويساهم ذلك فعلياً في خفض فاتورة التحويلات.
وقال المرصد "إن مشكلة فاتورة الكهرباء التي أشارت إليها بعثة صندوق النقد يساهم في ارتفاعها ليس فقط تجنب الدفع، بل تحمل السلطة الفلسطينية مجبرة أيضاً العلاقة الاستغلالية للشركات الإسرائيلية من ناحية الخدمة وتكلفتها المرتفعة، إضافة إلى تحمل السلطة مسؤوليات الصيانة والجباية بدلاً من أن تتحمل تكلفتها الشركات الإسرائيلية سواء بالقرى والمدن التي تعمل بها تلك الشركات بشكل مباشر، أو الشركات الوكيلة العاملة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية".
واعتبر المرصد "أن المطالبات التي وضعها الصندوق والتي تدين إدارة الفلسطينيين للاقتصاد ولا تربط تدهوره بوجود احتلال، لن يجرؤ رئيس الوزراء الحالي على التعامل معها وأن أبدى تفهماً ما لتلك المطالبات، لأن ذلك سيضعه في مواجهة مع النقابات، وتحديداً نقابة العاملين في القطاع العام الذي يريد الصندوق تحجيم دوره في الاقتصاد، وذلك عبر تخفيض فاتورة الرواتب من خلال خفض الرواتب العالية وإيقاف بدل العلاوات ووقف التوظيف في القطاع العام، وهو ما يبشر بزيادة نسبة البطالة إذا ما التزمت السلطة بهذه التوصية، والاستمرار بالسياسة الحالية للتوظيف من جهة أخرى هو زيادة العبء على الموازنة، لكن ليس بمقدور الحكومة وقف التوظيف في قطاعات مهمة وبشكل سنوي تحديداً الصحة والتعليم".