الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

بشرى برغيش ..طالبة توجيهي استشهدت قبل ان تنال شهادة الثانوية العامة.. رصاص الجنود اخترق راسها وهي تطالع دروسها

نشر بتاريخ: 22/04/2007 ( آخر تحديث: 22/04/2007 الساعة: 21:20 )
جنين- معا- ساعات كانت فاصلة بين اغتيال ثلاثة نشطاء من كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس و اغتيال طالبة التوجيهي ابنة المخيم الشهيدة بشرى ناجي وحش برغيش 17 عاما.

رصاص الجنود اخترق راسها وهي في غرفتها تطالع دروسها استعدادا لاداء امتحانات الثانوية العامة التوجيهي طالما حلمت بأن تحمل شهادة عالية في العلوم السياسية وان تكون احد أعمدة الوطن في البناء والتطور التي عرفت بمنبع الحب والصداقة والتي وزعت كل ذلك بين زميلاتها اللواتي لم يصدقن إلى الآن أنها انتقلت إلى الرفيق الأعلى للقاء ربها مع الصديقين والشهداء والنبيين لتكون شهيدة الحق والحرية والعلم.

بشرى برغيش 17 عاما في الصف التوجيهي استشهدت على كتاب العلم كانت تستعد لتقديم إحدى الامتحانات إلا ان رصاصات الغدر منعتها من إكمال المسيرة التعليمية وحجزتها للوصول إلى مقاعد الدراسة والى الأبد استشهدت في مساء يوم السبت بعد يوم دام في محافظة جنين حيث استشهد شرطي في قرية كفردان بدم بارد كما ودعت جنين ثلاثة من المقاومين محمود جليل الناشط في سرايا القدس واحمد ألعيسي وعباس الدمج الناشطان في كتائب شهداء الأقصى واشتباكات ومداهمات واقتحامات

ام عبد الله المكلومة بابنتها .

تقول أم الشهيدة بشرى برغيش "ام عبد الله" في الخمسينات من عمرها " عند الساعة التاسعة والنصف تقريبا انتهيت وابنتي الشهيدة بشرى من صلاة العشاء كنا مع بعضنا في غرفة واحدة نصلي وكانت الصلاة الأخيرة لها وجلست تدعو ربها أن ينجحها في امتحانات التوجيهي وقامت وقبلت يدي وقالت "أمي أريد رضاك ودعاءك في النجاح" فكان الدعاء على شفاهي تنطق بها ومن ثم قبلتها القبلة الأخيرة وهي حية على جبينها وتوجهت أنا إلى المطبخ بينما توجهت هي إلى غرفتها لإكمال دراستها".

وأضافت " بعد يوم طويل وسماع الإخبار السيئة عن سقوط الشهداء بدأت أفكر بابني المطارد عبد الرحمن المقاوم ضد الاحتلال خائفة عليه لان قلب الأم لا تستحمل أن ترى ابنها شهيدا مع أنها اكبر منزله يهديها الله للإنسان إلا إني سمعت صوت الرصاص قد دخل المنزل وكان مصدر الصوت غرفة بشرى توجهت مسرعة إلى الغرفة فرأيت الرصاصات قد تمركزت على الخزانة والجدران صرخت على بشرى التي ارتمت أرضا ظننت أنها احتمت من الرصاصات بأن تخرج من الغرفة إلا أن بركة من الدماء تخرج من رأسها فعرفت أنها أصيبت ناديت عليها مرات ومرات إلا أن روحها كانت السباقة في الخروج إلى بارئها قبل أن تنبس بكلمة فصرخت أن بشرى استشهدت وسمعت بعدها سماعات جيش الاحتلال ينادي علينا بالخروج من المنزل مع الهويات فخرجت مسرعه إلى خارج المنزل أنادي اطلب الاستغاثة من خلق الله بأن يعالجوا ابنتي وينقلوها إلى المستشفى إلا أن الجندي رفع السلاح علي وقال لي اخرجي كل من في البيت فصرخت في وجهه يا قاتلي ابنتي لا يوجد احد قتلتم ابنتي بدم بارد قتلتموها وهي تعد لامتحانات التوجيهي ".

منعوا سيارة الاسعاف .

وأشارت أم عبد الله أن جنود الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الاقتراب من المنزل لنقل بشرى إلى المستشفى حتى جاء احد الأطباء مسرعا رغما عن جنود الاحتلال ودخل المنزل ومعه حقيبة الإسعاف وأعلن عن استشهادها وحمل جثمانها ونزل بها إلى جنود الاحتلال بعد إن غطى وجهها قائلا قد استشهدت .

وقالت أم عبد الله "بعد أن أعلن الطبيب عن استشهادها كبرت وهللت وسجدت لله وشكرته لأنه أعطى ابنتي ما كانت تحلم به منذ زمن وكانت تردد دائما "الشهادة ... الشهادة " كانت تتمناها من كل قلبها فحقق الله أمنيتها".

وأضافت أم عبد الله أن جنود الاحتلال منعوا الطبيب من نقل الشهيدة إلى المستشفى حتى اجبر الطبيب عن الكشف عن وجه بشرى وإزالة الغطاء عن جسدها ليتأكد من أنها بنت وليس شابا لان قوات الاحتلال يريدون شقيقها عبد الرحمن برغيش ومن ثم سمح جنود الاحتلال الطبيب بالمغادرة ونقل الجثمان إلى المستشفى.

وقالت أم عبد الله لقد قتلوها بدم بارد كانت بشرى تدرس وتمشي بالقرب من الشباك وعند إطلاق النار على المنزل كانت بشرى بالقرب من النافذة إلا أن رصاص الاحتلال كان صائبا حيث أصيبت بشرى برصاصة في الرأس من الخلف مما ادى الى خروج المخ من رأسها ووقعت على الفراش غارقة بدمائها الزكية الطاهرة لتلاقي النبيين والصديقين والشهداء.

وقالت أم عبد الله إلى الآن أتذكر عندما قبلت يدي بعد أداء صلاة العشاء طالبة مني الرضا وأتذكر إلى الآن بسمتها عندما أطلقتها في وجهي قبل أن تغيب عن ناظري متوجهة إلى غرفتها لإكمال دراستها فهي في الصف التوجيهي تحلم بأن تدرس تخصص العلوم السياسية لحبها وشغفها السياسة والتاريخ الفلسطيني.

معلمتها : كانت متفوقة في دروسها.

تقول معلمها ارب هواش والتي تدرسها اللغة الانجليزية "كانت بشرى متفوقة ومميزة ومؤدبة وخلوقة براءة الطفولة على وجهها اهتمامها الأول والأخير النجاح والدراسة وإكمال الدراسات العليا في تخصص العلوم السياسية كان آخر لقاء معها بالأمس في احتفال التكريم الذي قامت بها مدرسة الزهراء للطالبات المتفوقات حيث استلمت شهادة التفوق وكانت من الطالبات الأوائل في المدرسة بسمة مرسومة على وجهها طوال اليوم لا تعرف معنى العبوس وتنشر الفرح والبسمة لمن جلس معها تنسي هموم الإنسان بكلمات ملؤها الإيمان بالله

قالت هواش كانت تقول أنها تتوقع أن تكسب معدل أكثر من 90 % في الامتحانات لثقتها بنفسها وكانت تجادل زميلاتها انه ما الأفضل أن تدرس في الجامعات العربية أم الدولية وكان اعتقادها أن تتعلم في الجامعات الفلسطينية أفضل بكثير أن تذهب إلى ارقي الجامعات في أرقى الدول العالمية لإيمانها بوطنيتها وان التعليم داخل الوطن أفضل بكثير من التعليم خارج الوطن.

تقول مناس الطوباسي إحدى اعز صديقاتها وزميلتها في المقاعد الدراسية : كانت بشرى ذات شخصية قوية تؤمن بالقدر ولم اشعر قط أنها ضعيفة امام أي شيء كان اهتمامها الدراسة واخذ الشهادات العليا لتخدم شعبها ووطنها وكانت من أعداء من يخرج خارج الوطن للعمل أو الدراسة لإيمانها بأن يكون المواطن الفلسطيني خادما لوطنه ولشعبه وليس لشعب آخر كانت سباقة في عمل الخير كانت تتمنى الشهادة في أي وقت كانت سيرة الشهداء والشهيدات على لسانها دائما .

قبل يومين من استشهادها قامت وزميلاتها بزيارة إلى مدرسة الوكالة في مخيم جنين كانت تودع زميلاتها ومعلماتها كانت تقول " أريد أن أراكم لعلي لا أراكم بعد ذلك" كانت تتوقع ان تفارق الدنيا ولكن متى وكيف لا تعرف.

وقالت الطوباسي "أنا اعتقد أن أحياها الله مرة أخرى لتعرف أنها استشهدت ستكون اسعد الناس لأنها تتمنى الشهادة منذ زمن وتخاف من أن تموت موتة عادية".

وأضافت " أن بشرى كانت تدعو زميلاتها قبل امتحانات التوجيهي الرئيسية إلى زيارتها في المنزل لعمل حفل بسيط لتوديع بعضنا البعض قبل الذهاب إلى الجامعات لكن رصاصات الموت الإسرائيلي كانت مانعة لحدوث الاحتفال ومانعة من أن تحقق أحلامها في اخذ الشهادات العليا في تخصص العلوم السياسية

ابتسامتها لم تفارق وجهها .

وقالت عطاف السعدي صديقتها وهي تبكي بحرقة على فراقها "كانت بشرى مفعمة بالحيوية والابتسامة تخلق الفرح في المكان رغما عن القهر والاستبداد الصهيوني الغاشم على قلوب الشعب الفلسطيني كانت أن رأت إحدى زميلاتها حزينة تملؤها أملا وفرحا وابتسامة ترجع صديقتها التي كانت حزينة إلى إنسانة أخرى كانت بشرى محبوبة من قبل الجميع من قبل أهلها ومن قبل معلماتها ومن قبل جيرانها ومن قبل صديقاتها وزميلاتها في المدرسة أن موتها خسارة لنا لان الفراق صعب لكن موتها كانت هدية لها من رب العالمين أن أكرمها بالشهادة والحشر مع الصديقين والنبيين والشهداء.

وقال احد الجيران انه رأى دورية إسرائيلية كانت تقف مقابل منزل الشهيدة بشرى برغيش وكان الشارع مظلما عندما رأيتهم اعتقدت أنهم ينصبون كمينا لأحد أو أنهم يخططون لمداهمة منزل الشهيدة لان شقيقها مطلوب لقوات الاحتلال فرأيت الجندي يطلق قنبلة صوتية على باب المنزل ومن ثم أطلق النار على نفاذة المنزل وكانت القاتلة للشهيدة بشرى التي كانت تدرس وتقف على النافذة ولا تستطيع رؤية الدورية التي تقف أمامها لان المكان مظلم

ومن الجدير ذكره أن لبشرى أربعة أشقاء من بينهم عبد الله 24 عاما قابع في السجون الإسرائيلية واعتقل في تاريخ 2002 خلال مجزرة مخيم جنين وحكم عليه بالسجن 23 عاما كما أن لديها شقيق عبد الرحمن برغيش 22 عاما مطلوب لقوات الاحتلال الإسرائيلي واحد قادة السرايا في جنين ولها شقيقة متزوجة بينما الأم أرملة كانت تربي أيتام .