الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عيسى: في ذكرى فتوى لاهاي.. عدم تطبيق القرار تعد على الشرعية الدولية

نشر بتاريخ: 09/07/2013 ( آخر تحديث: 09/07/2013 الساعة: 13:10 )
القدس -معا - اعتبر الدكتور حنا عيسى، خبير القانون الدولي، بان قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 9/7/2004 بشأن جدار الفصل الذي أقامته حكومة الاحتلال سنة 2002 على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، ليمزق ويقسم الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس إلى عدة كانتونات ومعازل، والذي تصادف ذكراه اليوم، أنه لم يترك مجالاً للشك بأن الجدار غير قانوني ويتعارض مع أحكام القانون الدولي الإنساني بحيث يمس بحقوق الإنسان الفلسطيني وممتلكاته، وهو الأمر الذي يستوجب إزالته وتفكيكه.

وقال أستاذ القانون الدولي، في ذكرى القرار "جميع الادعاءات التي قدمتها إسرائيل لتبرير بناء الجدار غير قانونية وغير منطقية ولا ترتكز على أي أساس قانوني".

وأضاف "إسرائيل (القوة المحتلة) قامت بخطوات وإجراءات غير قانونية مست بالمواطنين الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال وبحياتهم وأراضيهم وممتلكاتهم".

ونوه عيسى أن استكمال إسرائيل بناء الجدار العازل من خلال أعمال تدمير وتجريف ممتلكات المدنيين الفلسطينيين في عمق أراضي الضفة الغربية يتناقض مع الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 9/7/2004 و التي أسندت إلى المواد القانونية التالية:

1. بناء الجدار العازل يتعارض مع النظام 43 من اتفاقية لاهاي لعام 1907..حيث ينص على انه "لا يجوز لدولة الاحتلال تغيير الإجراءات التي كانت مرعية قبل بداية الاحتلال".

2. بناء الجدار العازل يتعارض مع قرار الجمعية العمومية رقم 181 لسنة 1947- الذي نص على إقامة دولتين عربية و يهودية.

3. بناء الجدار العازل يتعارض مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة لسنة 1945 حيث المادة(2)من الميثاق فقرة رقم (4) تنص على أن "يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر يتفق ومقاصد الأمم المتحدة".

4. المادة 47 من اتفاقية جنيف لسنة 1949- ترتدي أهمية خاصة "إذ تعتبر الاحتلال الحربي حالة مؤقتة, تنتهي مع إيجاد تسوية سلمية بما يترتب على ذلك من التبعات القانونية".

5. بناء الجدار العازل يتعارض مع قراري مجلس الأمن 242 و 338.. و اللذان ينصان على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الرابع من حزيران لعام 1967م.

6. بناء الجدار العازل مخالف لاتفاقيتي اوسلو في 13/9/1993 و 28/9/1995- ففي ديباجة اتفاقية اوسلو الأولى نص يقول على أن المفاوضات تقود إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و 338 بإقامة الدولة الفلسطينية.

7. بناء الجدار العازل يتعارض مع قرار مجلس الأمن 1397 الصادر بتاريخ 13/3/2002, الذي يدعو إلى إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.

8. الجدار العازل يتعارض مع الجهود الدولية لحل النزاع بالطرق السليمة ويدمر آفاق تطبيق وتنفيذ خطة خريطة الطريق ويعد انتهاكا صارخا لقرار مجلس الأمن 1515 لسنة 2003 و الذي دعا فيه الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي لتنفيذ التزاماتهما الواردة في خطة خريطة الطريق.

ويشير الدكتور عيسى قانونياً، بأن الجدار الذي قامت وتقوم إسرائيل ببنائه على أراض الدولة الفلسطينية المحتلة بما في ذلك داخل وحول مدينة القدس يخالف قواعد القانون الدولي من جهة أولى، ويقع على إسرائيل مسؤولية انهاء حالة خرق القانون الدولي والمتمثلة ببناء الجدار الفاصل وإزالة هذا الجدار وتفكيكه، ويقع كذلك عليها مسؤولية جبر الضرر الناتج عن بناء الجدار العازل على جميع أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة بما في ذلك مدينة القدس الشرقية.

ويقول أستاذ القانون حنا، "أهمية فتوى لاهاي تكمن بأنه على جميع الدول الالتزام بعدم الاعتراف بشرعية وجود الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل أولا، وعلى هذه الدول جميعاً كذلك توفير حماية المدنيين وقت الحرب ثانياً، وان تعمل هذه الدول على حث اسرائيل بالانصياع لقرارات الامم المتحدة والمواثيق الدولية ذات الصلة ثالثاً".

ويضيف حنا في ذكرى القرار "إسرائيل لم تقنع قضاة المحكمة الدولية آنذاك بالرد حول الفقرة الرابعة من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والمتعلق بوجود الضرورة العسكرية لإقامة الجدار العازل، حيث أوضح القضاة في فتواهم بعدم قانونية اقامة الجدار واذا اقتضت الضرورة العسكرية بالمفهوم الاسرائيلي فيمكن لاسرائيل ان تقوم ببنائه على أراضيها وليس على أراضي الدولية الفلسطينية المحتلة".

ويقول خبير القانون، الدكتور عيسى، "اعتبرت المحكمة الدولية بأن اسرائيل ملزمة بدفع التعويضات عن جميع الأضرار الناتجة عن تشييد الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك الاراضي في القدس الشرقية وحولها".

ويشدد عيسى "القرار (الرأي الاستشاري) الصادر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي يعتبر انجازاً تاريخياً للشعب الفلسطيني بما يمثله من انعطاف هام في المسيرة النضالية في حياة الفلسطينيين ضد الاحتلال والاستيطان والجدار، كون هذا القرار جاء من اعلى هيئة قضائية دولية يدين ممارسات إسرائيل في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة سنة 1967 بما فيها القدس الشرقية باعتبارها خرقا للقانون الدولي، وللقانون الدولي الانساني ولاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949.

ويقول حنا "المطلوب فلسطينياً وعربياً ودولياً تفعيل قرار لاهاي في كل الاوقات على اعتبار انه حكم بوضوح بأن الجدار خرق للأعراف والقوانين الدولية ويهدد السلام والأمن الدوليين، إضافة انه مخالفة لالتزامات إسرائيل وواجباتها الدولية, وقضى بضرورة ازالته وتعويض المتضررين منه".

وحول عدم قبول إسرائيل بتطبيق فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة بتاريخ 9/7/2004، يقول عيسى أن ذلك يعتبر تعدياً صارخاً على مبادىء الشرعية الدولية و قواعد القانون الدولي.. حيث أن إسرائيل لدى قيامها ببناء الجدار العازل على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة قد انتهكت كافة قواعد القانون الدولي العرفي وقانون المعاهدات وخاصة قواعد القانون الدولي بما يتعلق بالحرب، وقواعد القانون الدولي بما يتعلق بالاحتلال الحربي، وقواعد معاهدتي لاهاي لسنة 1899 وسنة 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، والبروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977م. علماً بان الادوات القانونية المذكورة، لها طابع الزامي بالنسبة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. ولا يجوز عدم تطبيقها باشهار ذرائع الامن والاحتياجات الامنية.

ويذكر أستاذ القانون الدولي، حنا، أن الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة، تبنت في 21/3/ 2003 قراراً يطالب اسرائيل بوقف بناء وازالة الجدار، وعندما رفضت اسرائيل الخضوع للإرادة الدولية ومن اجل تجنب الفيتو الامريكي في مجلس الامن، احالت الجمعية العامة قضية الجدار الى محكمة العدل الدولية، لاستكشاف رأيها الاستشاري بخصوص شرعية وقانونية الجدار .. وفي 9/7/2004 اصدرت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري مؤكدة لا شرعية ولا قانونية الجدار، وطالبت بتفكيكه وتعويض كافة الشخصيات الطبيعية والاعتبارية المتضررة منه، وطعنت في بناء المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية وطالبت جميع الدول بعدم الاعتراف بالواقع القانوني المترتب على تشييد الجدار، وعدم تقديم العون والمساعدة في الابقاء على الوضع الناشئ عن هذا، وتتحمل جميع الدول الاطراف في اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب والمؤرخة في 12/اب/1949 بحمل اسرائيل على احترام ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي.

ويقول حنا، "الغريب في الموقف الإسرائيلي اتجاه فتوى محكمة العدل الدولية بما يتعلق بالجدار العازل وحتى يومنا هذا "يتكرر كل يوم" مشككة باختصاصها وبصلاحيتها على كافة المحافل الدولية ومتهمة اياها بالانحياز والنفاق. وصولاً الى اعتبار الحكم بأنه شر من شرور الغوئيم (كلمة عبرية تعني الغير اي كل البشرية باستثناء اليهود) موجهة ضد اليهود وفقاً لصحيفة معاريف الاسرائيلية ليوم 11/7/2004م".

ويوضح عيسى "منذ صدور فتوى محكمة العدل الدولية فأن المعركة هي معركة الشرعية الدولية والقانون الدولي ضد الذين يعتدون وينتهكون القانون والشرعية، انه اصبح مجال تميل فيه موازين القوى لصالح الحق والعدل ومبادئ القانون الدولي مهما طال الزمن او قصر، لان قدرة الحق والقانون، قادرة على الإنصاف وإعادة الحقوق للشعب العربي الفلسطيني".