الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز "شمس" يدعو إلى إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب

نشر بتاريخ: 15/07/2013 ( آخر تحديث: 15/07/2013 الساعة: 12:40 )
نابلس - معا - عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورشة عمل في كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية حول اتفاقية مناهضة التعذيب، وافتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز "شمس" معرفاً بالمركز وبالمشروع وبنشاطاته وقال أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع نشر وتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان الذي ينفذه المركز بدعم وتمويل من الوكالة الاسترالية للتنمية الدولية.

من جهته، قال الدكتور أيمن الدباغ إن اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الصادرة في عام 1987 تعرف التعذيب بأنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية.

وشدد الدكتور الدباغ بأنه لا تجوز ممارسة التعذيب بأي مبرر، سواء في ظروف استثنائية مثل حالة الحرب أو حالة الاضطرابات داخلية ، كما لا يجوز التذرع بطاعة أمر صادر عن موظف أعلى رتبة أو عن سلطة عامة للقول بإباحة التعذيب. كما تتعهد الدول بألا تطرد أي شخص أو تقيده أو تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت أسباب حقيقية تبعث على الاعتقاد بأنه سيتعرض فيها للتعذيب. وعليها أن تضمن بأن تكون جميع أعمال التعذيب،محاولات ممارسات التعذيب والتواطؤ أو المشاركة فيها جرائم خطيرة تتصدى لها القوانين الجنائية للدول الأطراف بالتجريم والعقاب.

وأوضح بأنه ونظراً لأهمية الجانب التعليمي والإعلامي في التطبيق الفعال لمبدأ الحظر في جانبه الوقائي، فلقد نصت الاتفاقية على أن تضمن الدول الأطراف إدراج دروس حول منع التعذيب في برامج تدريب الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين وغيرهم من الأشخاص الذين لهم علاقة بالاعتقال أو الاستجواب أو معاملة المساجين أو المعتقلين، على أنه ينبغي للدول الأطراف أن تضمن وجود تدابير قانونية لحماية ضحايا التعذيب و تعويضهم.

وقال إن المجهودات المبذولة لمنع التعذيب والعقاب عليه لم تنحصر في المجهودات المبذولة من الجهات الدولية الرسمية فحسب، بل واكب ذلك مجهودات على قدر بالغ من الأهمية بذلتها المنظمات الدولية غير الحكومية، إذ نجد في الساحة الدولية الآلاف من تلك المنظمات التي تعنى بمكافحة التعذيب، لكن أبرزها على الإطلاق هي تلك التي تتمتع بمركز استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة، وهي منظمة العفو الدولية، جمعية الوقاية من التعذيب، الفيدرالية الدولية للمحامين، الحركة الكاثوليكية لإلغاء التعذيب، مراقب حقوق الإنسان إضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر و الهلال الأحمر.إذ تلعب هذه المنظمات من خلال تقاريرها المنشورة سنويا دورا هاما في فضح الانتهاكات المنظمة والمستمرة لبعض الحكومات ضد رعاياها، كما لعبت لجنة الصليب الأحمر دورا فعالا في التخفيف من آلام ضحايا التعذيب.

وقال إن لم يكن القانون الدولي لحقوق الإنسان هو الوحيد الذي عني بحظر ممارسات التعذيب، إنما حظي أيضاً بنفس درجة الاهتمام في ظل أحكام القانون الدولي الإنساني، الذي يعتبر تكملة للنظام الأول حيث ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن حظر التعذيب أمر مطلق لا يحتمل التقييد حتى في الحالات الاستثنائية، كحالة النزعات المسلحة الدولية أو الداخلية، فإنه حتى في هذه الحالات يبقى القانون حاضرا من خلال أحكام القانون الدولي الإنساني الذي يظهر في هذه الحالة كقانون استثنائي.

أن اعتبار مبدأ الحظر قاعدة آمرة، يتماشى تماماً مع القواعد الدولية لعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حيث تكون كل القواعد الاتفاقية أو العرفية الدولية المخالفة لمبدأ عدم التقادم باطلة، إذ يشكل هذا المبدأ عاملا آخر لمكافحة الإفلات من العقاب و اللامسؤولية لمرتكبي الانتهاكات الجسمانية لحقق الإنسان الأساسية، كما أن القيمة الآمر لمبدأ الحظر تشكل دعامة أساسية لقاعدة إجرائية أخرى، ألا وهي قاعدة الاختصاص العالمي حيث تمثل هذه القاعدة التكامل بين القضاء الداخلي والقضاء الدولي من جهة، وقيد على تحركات مرتكبي جريمة التعذيب من جهة أخرى.

وما يجب الإشارة إليه، هو أن التعذيب يعد من أخطر الجرائم الدولية،وهو بهذا الوصف يمكن، حسب المصلحة المحمية التي تم الاعتداء عليها، أن يتم تكييفها على أنها جريمة حرب، جريمة ضد الإنسانية أو جريمة إبادة الجنس البشري. وقال نلاحظ أن تعامل القانون في التعذيب سواء في وقت السلم أو الحرب، يتميز بمنهجين أساسيين ؛ الأول وقائي، وهو الذي تبناه القانون الدولي لحقوق الإنسان وذلك بتوليه تعريف أعمال التعذيب وتمييزها عن غيرها من العقوبة أو المعاملة القاسية اللا انسانية أو المهينة، هذا من جهة، كما تولى مساءلة الدولة عن انتهاك ممثليها لمبدأ الحظر وترك المسؤولية الجنائية لهؤلاء تحت طائلة القوانين الداخلية، كما أن القانون الدولي لحقوق الإنسان عند تعريفه التعذيب تبنى أسلوبا مجردا يعتمد على معايير موضوعية في وصف أعمال التعذيب دون ذكرها على سبيل الحصر وهو ما يشكل أساسا نجاح التعريف الذي وضعته قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وقبولها على الصعيد العالمي.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، وإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب وضرورة السعي لزيادة تطوير وتقوية التدريبات والبرامج التربوية من اجل ضمان أن جميع المسؤولين بما في ذلك مسؤولي تنفيذ الأحكام والأمن ومسؤولي السجون على دراية بأحكام الاتفاقية، تنظيم دورات تدريبية لموظفي تنفيذ القانون حول حقوق الإنسان. تعديل التشريعات وأن تسن تشريعات فعالة في حال عدم وجودها، وأن تلغي أية قوانين أو ممارسات تؤدي إلى إفلات مرتكبي التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من العقاب. وضرورة تعويض الأشخاص الذين يتم تعذيبهم.