ميزانية الجيش الإسرائيلي بين الحقائق والأكاذيب
نشر بتاريخ: 16/07/2013 ( آخر تحديث: 17/07/2013 الساعة: 09:49 )
بيت لحم- معا - شن الجيش الإسرائيلي عبر كبار ضباطه خلال الأيام الماضية حملة إعلامية ودعائية عميقة ومكثفة تناولت تقليصات الميزانية وقبل ان يدرك رجال وزارة المالية حقيقة ما يجري رسخ الجيش فهما عميقا لدى الجمهور والجهات الأخرى مفاده بأنه يستعد لتقليص حجمه بشكل دراماتيكي، وانه أمام ثورة كبيرة جراء تقليص الميزانيات العسكرية لدرجة أن المحللين الاقتصاديين الذين يتناولون في بعض الأحيان الجيش ببعض الانتقادات لم يجدوا سبيلا سوى أداء التحية للجيش على قرار الثورة الكبيرة .
وأضافت صحيفة " معاريف" العبرية في عددها الصادر اليوم "الثلاثاء " أن نجاح الحملة الدعائية شجعت رئيس الأركان "غنتس" يوم أمس على عرض محاضرة خاصة أمام مؤتمر مشترك بين اتحاد الصناعيين ووزارة الجيش قدم فيها خطوط ثورته العريضة .
لكن تشكل الجدل الإعلامي الذي دار خلال الأيام الأخيرة من سلسلة متواصلة من عدم الدقة وأنصاف الحقائق في أحسن الأحوال وذلك تجنبا للقول "الأكاذيب" وهنا يطرح السؤال الكبير ما الصحيح وغير الصحيح في مشروع ثورة الجيش .
1- اعد الجيش الإسرائيلي خطة جديدة أعقبت قرار تقليص الميزانية حملت اسم "تعوزاه ": وهذا الامر غير دقيق صحيح ان الجيش بلور خطة أطلق عليها اسم " تعوزاه" وتغطي الفترة الزمنية الواقعة بين 2014-2018 لكنها تشبه تماما الخطة التي سبق له أن أعدها عام 2013 لتغطية ذات الفترة وأطلق عليها اسم "عوز" وجمدها انتظارا لنتائج الانتخابات العامة والخطة الجديدة من عقيدة وقناعة وزير الجيش ورئيس الأركان بان عصر معارك الدبابات الكبيرة في المنطقة قد انتهى وليس من أسباب تتعلق بالميزانية كما يدعي الجيش .
وتتضمن الخطة إغلاق أسراب جوية قتالية قائمة وأنظمة ملاحية ووحدات مدفعية وأنظمة دفاع جوي ووحدات دبابات كبيرة وهنا يدور الحديث عن الوحدات التي تستخدم أساليب الحرب القديمة وبسبب أجواء الميزانية قرر الجيش تقديم موعد إغلاقها فقط لأنه كان سيغلقها تحت أي ظرف وفي كل الأحوال.
2- لاءم الجيش الإسرائيلي نفسه مع الميزانية التي صادقت عليها الحكومة وأقرتها وهذا الادعاء غير صحيح لان الجيش الإسرائيلي لاءم وواءم نفسه فقط مع ميزانية تقدر بأ 52:5مليار شيكل أقرتها الحكومة عام 2013 ومبلغ 51:5 مليار لعام 2014 لكنه سيشن حربا لا هوادة فيها خلال الأعوام القادمة " 2015" وما فوق لتحصيل ميزانيات من الأموال.
ولا زالت الفجوة المكونة من 15 مليار شيكل تفصل بين مسار ومخطط الميزانية متعددة السنوات التي صادقت عليها الحكومة الجديدة وبين خطة " تعوزاة" التي يصفها الجيش بخطة الحد الأدنى الواجب تحقيقه لضمان الأمن القومي .
3- الإخطار التي تواجهها إسرائيل تراجعت بسبب الأحداث التي تشهدها مصر وسوريا، وهذا الادعاء أيضا كلام فارغ وغير صحيح فمن يعتقد بان الوضع الأمني السائد حاليا أفضل مما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان فهو يخدع نفسه وواهم فلقد تحولت الحدود إلى مناطق خطرة وتواجه إسرائيل تهديدا من عشرات ألاف الصواريخ كثير منها دقيقة الإصابة وفوق كل شيء يشكل النووي الإيراني تهديدا غير مسبوق وحتى تتمكن إسرائيل من تحديد هذا الخطر ستضطر الى خوض حرب شاملة كما يبدو.
4- ألغى الجيش مشاريع تتعلق بزيادة قوته وتعظيمها : وهذا الادعاء أيضا غير صحيح، الجيش يواجه سبع سنين عجاف من ناحية الميزانية لكنها جاءت بعد سبع سنوات سيمان تنعم بها الجيش ردا على نتائج وتقارير حرب لبنان الثانية حيث أعاد الجيش خلال الفترة التي تلت الحرب تحريك عدد كبير من المشاريع الخاصة بإنتاج وسائل قتالية جديدة وحديثة نضج غالبيتها نهاية عام 2012 لتخرج إلى حيز الوجود مشاريع جديدة باهظة الثمن بناء على اتفاقيات خاصة بين وزارة الجيش والصناعات العسكرية والأمنية وبموافقة وزارة المالية على ان يتم تأجيل دفع تكاليف هذه المشاريع باهظة الثمن إلى النصف الثاني من العقد الجاري .
5- الجيش الإسرائيلي سيتحول إلى جيش صغير وذكي: وهذا الادعاء ليس دقيقا حيث ستستبدل الأسراب الجوية التي سيتم إغلاقها بأخرى تعتمد على طائرات دون طيار كما يجري استبدال أنظمة الدفاع الجوي القديمة بأخرى جديدة كما تزود الجيش الإسرائيلي خلال الأعوام الماضية بكميات هائلة من الذخائر الذكية والموجهة التي ستعينه عن نيران سفن الصواريخ المبحرة في مياه البحر كما سيتم تزويد سلاح الجو خلال الأربع أو الخمس سنوات القادمة بسرب قتالي من طائرات أف 35 ممول من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والى جنب تقليص حجم القوات البرية الموصوف بالتقليص الكبير ستقام ألوية عسكرية تستخدم وسائل نقل "خفيفة" وبهذا تكون ألوية أكثر ديناميكية وقالبة للحركة كما لن يتم المس نهائيا المنظومات والدوائر الاستخبارية كما ستواصل أقسام الحرب الالكترونية " سيبر" نموها المتسارع .
6- سيتم إنهاء خدمة 5000 جندي نظامي: ادعاء غير دقيق، لان خطط تقليص حجم القوى البشرية أمرا اعتياديا تقريبا في الجيش الإسرائيلي وإذا نجح الجيش بتقليص وإنهاء خدمة 3000 جندي سيحقق معجزة كبيرة .
7- تدريبات الجيش ستتأثر : هذا صحيح بالكامل ، لان الطريق الوحيدة لتحقيق تقليص الميزانيات الخاصة بالأعوام 2013-2014 هي فقط طريق وقف التدريبات ووقف استدعاء وتجنيد قوات الاحتياط للقيام بأعمال ميدانية لكن وقف التدريب ليس بشكل كامل ومطلق ولكن القرار جاء وبنسبة كبيرة بعد سبع سنوات من التدريبات المكثفة لذلك لن يشعر الجيش بتأثيرات وقف التدريب بشكل فوري لكن الأثر سيكون قاسيا وللتذكير فقط كان رئيس الأركان الحالي قائدا للقوات البرية ووزير الجيش الحالي رئيسا للأركان حين توقفت التدريبات عام 2003-2005 وكان نتنياهو حينها وزيرا للمالية وجميع الإسرائيليين شاهدوا النتائج المروعة لوقف التدريبات أثناء حرب لبنان الثانية .