الجمعة: 27/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بلاتر ورسائل الحرب والسلام

نشر بتاريخ: 18/07/2013 ( آخر تحديث: 18/07/2013 الساعة: 21:55 )
كتب : نضال عمرو

والساحة الفلسطينية تغلي، زار بلاتر فلسطين من شمالها لوسطها، جاء هذه المرة على غير العادة يحمل في خبايا رزمته الكثير من الرسائل لإسرائيل والعالم، من خلال افتتاحه للكثير من المشاريع الحيوية لصالح مؤسسات الرياضة الفلسطينية، كان أهمها انجاز مشاريع الهدف فقد تم افتتاح ملعبي طولكرم والفارعة، وافتتاح أكاديمية جوزيف بلاتر للموهوبين في رام الله ومن ثم افتتاح مقر الاتحاد الوطني الفلسطيني لكرة القدم في إحدى ضواحي القدس.

يأتي بلاتر والساحة الفلسطينية ترتقب جدياً نتائج الضغط الأمريكي المزعوم على إسرائيل لانطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ أكثر من عقد من الزمان، فعندما استقر به الحال في مدينة نابلس بين جبلين شامخين كان قد تخطى كافة الحواجز والمستعمرات والمعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية التي رسا عليها الحال لتكون حائلاً ومعيقاً أمام تحقيق إرادة الشعب الفلسطيني من الخلاص من نير الاحتلال.

بلاتر الذي جاء وقد وصفه البعض كما توم كروز في سلسلة أفلام المهمة المستحيلة، جاء وحيداً إلى الفلسطينيين ليعدهم بالنصر، بالمؤازرة، واضعف الإيمان حمايتهم من الجور والظلم من خلال تفعيل دبلوماسيته السحرية الخاصة التي اكتسبها عبر سبعة عقود من العمل في قطاع حيوي يملك من الجاه والنفوذ ما لا يملكه أباطرة العصر من أقصاها لأدناها.

عندما التقى جبريل الرجوب بلاتر في مكتبه في بلدة الرام على بعد بضع أمتار فقط من جدار الفصل العنصري، من مكتبه الخاص، يطلون بشكل منحدر على الجهة الأخرى من السور .. ليكون في منتهاها صورة ترتسم للحوض الفلسطيني المقدس، كثيرة هي الحكايات التي ارتسمت قيلت أو لم تقال فهي تتحدث بالضرورة عن واقع مأساوي يجب أن يزول؛ فاللاعبين الفلسطينيين من المستحيل تنقلهم بين غزة والضفة الغربية، الكثير من المعدات التي تحتجزها إسرائيل في موانيها ومطارها وبحرها وجوها في ظل بيروقراطيتها الاستثنائية المعقدة تجاه الفلسطينيين، القيود على بناء المنشات الفلسطينية، الرياضة الفلسطينية اخترقت كل هذه القيود بفعل الإصرار غير المسبوق على تجاوز المحتل فأصبحت وكأنها تهدد الكنيست أو وزارات إسرائيل السيادية.

وإسرائيل تخوض حربها أحادية الجانب، فيما تصدح فرحة فلسطين في هذه الثورة الرياضية التي سيكون لها ما بعدها تصدح على مرأى العالم الحر الذي أصبح لا يقبل الظلم والظلام ممن اعتنقوا عنصرية آخر الزمان وأحقادها وأمراضها لتفريغها في شعب اعزل.

اليوم ليس كما هو ماضي الزمان، إمبراطورية الرياضة الفلسطينية تنطلق في أحضان الفيفا والمعارك مع إسرائيل وإجراءاتها ستتصاعد في قادم الأيام، العالم منع المواجهة الأولى في جزر موريشيوس عندما تقدم اللواء الرجوب بإلغاء بطولة تحت 19 التي تقام في إسرائيل والتي كانت يمكن أن تكون الإنذار العنيف لها، ولكن التدخل الاممي على الأقل جاء لإعطاء مبدأ إتاحة الفرصة لإسرائيل للتراجع مع تسليط المراقبة على من يخترق القواعد وأصول المعاملة، ولكن ما هو قادم لا يحتمل إما أن تترك إسرائيل الرياضة الفلسطينية وشانها أو أبواق الجحيم ستكون بانتظارهم في البرازيل 2014.

الإمبراطور العالمي الأول مستر اوباما كما سلفه لا يقدم لفلسطين شيئاً سوى مزيداً من الضغط لثني الفلسطينيين عن أي قرار يمكن أن يعطيهم هامشاً من الحرية والتصرف والانصراف لتعمير البيت الداخلي، على الجهة الأخرى نحن نمتلك الإمبراطور رقم اثنين ومعه العالم الحر الذي يعي تماما أن من أطلق صاروخ الرياضة الفلسطينية في فضاءات الأمم من العدم ورغم ما تحمله هذه الخطوة من مخاطر وتحديات لا تقوى عليها أكثر الدول تقدماً، لا يبتعد كثيراً عن أن يكون حرا مستقلا سيد نفسه في كافة المجالات، فالأمور لا تحتمل تطوراً رياضياً كالذي تشهده فلسطين دون دولة حرة مستقلة لها عاصمتها وحدودها ومطاراتها ومعابرها وكافة حقوقها تحتضن كل هذه الاستحقاقات.

ما جاء به بلاتر هو فعلا حقيقة ما يجب أن يكون من تعميم لغة السلام ونشر روح المحبة والتسامح واسترجاع الحقوق، وهذا ما يظهر من تجاوب الفلسطينيين وهم يستقبلون بكل جوارحهم رسائل السلام، في الجهة المقابلة يقف نتنياهو وإدارته المرتبكة لتبث سموم حربها على فلسطين وشعبها وقيادتها ولا تتوانى لبرهة من تدمير عجلة الرياضة الذي تتكالب عليها بكل قوتها الملموسة والخفية لإيقافها وبعثرتها.

بين اوباما وبلاتر وحروب الإمبراطوريات الخفية نحن على مواعيد كثيرة مع تغيير واقع الحال، نحن على موعد مع برشلونة في مطلع الشهر المقبل، نجوم الكرة العالمية؛ برشلونة بكامل نجومه الذين غيروا مجريات العالم بأقدامهم الساحرة، وفنونهم الباهرة سيحتضنون كنائس القدس وبيت لحم ويخترقون حواجز آخر العنصريات الهالكة إلى الخليل لاستعراض رياضي غير مسبوق في ملعب دورا الدولي في جبال الجنوب، بحضور موجات تسونامي بشري لاستقبالهم حتى الآن لا تصدق المفاجأة، كل واحد منهم له حكاية مختلفة، ولكن حكايتهم مع الاحتلال مريرة، سينقلها ميسي ورفاقه إلى كل ميادين المعمورة.