مركز "شمس" يعقد ورشة عمل حول حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي
نشر بتاريخ: 04/08/2013 ( آخر تحديث: 04/08/2013 الساعة: 13:36 )
القدس - معا - عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورشة عمل بعنوان حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي السياسي المعاصر لطلبة كلية الشريعة في جامعة القدس.
وقد افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز "شمس" معرفاً بالمركز ونشاطات المشروع، وذكر أن الورشة هي إحدى نشاطات مشروع تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الصالح لطلبة كليات الشريعة في الجامعات الفلسطينية بدعم وتمويل من مؤسسة المستقبل.
من جهته قال الدكتور عيسى أبو زهيرة أستاذ العلوم السياسية أنّ نشوء تيار إسلامي مدني، يؤمن بفصل الدين عن الدولة، ودعم الدولة المدنية التي ترعي كل الأديان وتصون مقدساتها، وتضمن حقوق كل مكونات مجتمعاتنا، هو أمر بالغ الأهمية الذي لابد فيه من دعم مؤسسات الدولة المدنية القائمة على مبدأ المساواة في المواطنة، وهو أمر بالغ الحيوية والأهمية لتطوير المفاهيم الدينية، ولكن بشرط الإيمان بدنيوية الممارسة السياسية، ولوازم الدولة المدنية من الديمقراطية الحقيقية والتعددية وتداول السلطة، واستناد البرامج السياسية إلى أسس مدنية ومعايير عقلانية.
وأوضح أنه ومع اتفاق شعوب العالم مع أهمية حقوق الإنسان باعتبارها مجموعة المطالب والحقوق الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دون تمييز فيما بينهم فأن ذلك لا يمنع اختلاف تلك الشعوب في رؤياها للجوانب التفصيلية للحقوق ولوسائل نيلها والمحافظة عليها دون أن يعني ذلك الاحتماء بالخصوصية لتفادي الالتزام بما أصبح بمثابة القيم العالمية التي تحظى باستحسان البشرية جمعاء وعلى قدر تعلق الأمر بموقف الإنسان من الطرح الغربي لحقوق الإنسان نجد أن مسألة حقوق الإنسان كانت من القضايا المتنازع عليها منذ أمد بعيد بين الإسلام والغرب، محاولاً كل منهما تأكيد أسبقيته في هذا المجال ، فالقضية ليست جديدة وإنما برزت بشكل أكثر وضوحاً واتخذت طرحاً جديداً في ظل المستجدات العالمية.
وبين الدكتور أبو زهيرة أن بعض حقب التاريخ الإسلامي سجلت امتهاناً وانتهاكاً لحقوق الإنسان لعدم تطبيق الشريعة الإسلامية بصورتها الصحيحة ، أو تقصير بعض الأحكام في تطبيقها ، "فقد عطل الاستبداد السياسي وعطل الحكم السلطاني القدرة على استنباط الفقه السياسي الذي يعبر عن جوهر العقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية في حرية الفرد وحقوق الإنسان وحقوق المجتمع وطبيعة الدولة العادلة وما إلى ذلك" إلا أن ذلك لا يعني أن يحسب على الإسلام بوصفة دينا أو ينسب إليه وعلى ذلك فأن تقويم موقف الإسلام من حقوق الإنسان ينبغي أن تقوم على أساس دراسة متكاملة في جوانب الفكر والنظم والرموز والسلوك والتطبيق ودراسة النماذج التاريخية السلبية والايجابية للتوقف عند مكامن القصور في النماذج السلبية وعناصر البناء والتكامل في النماذج الايجابية.
وقال أن البحث في مضمون خصوصية حقوق الإنسان من المنظور الإسلامي يقتضي بادئ ذي بدء الرجوع إلى نظرة الإسلام إلى الإنسان وتحديد موقعه في هذا الكون. وهنا نجد أن الإسلام قد اعترف بكيان الإنسان كما هو في حقيقته، فكل إنسان أياً كان عرقه أو لونه أو دينه أو حضارته محترم وأخ لأخيه الإنسان، وأياً كان المكان أو الزمان الذي يولد ويعيش فيه، هذا الإنسان في نظر الإسلام يولد على الفطرة، وهذه الفطرة هي واحدة في كل بني آدم، وهي موجودة كاملة غير منقوصة فيه منذ لحظة ميلاده، وتشمل هذه الفطرة نفخة من روح الله تعالى. ولا يولد الإنسان على الفطرة فقط، وإنما يولد مزوداً بأدوات المعرفة الأساسية: السمع والبصر والفؤاد، وهي الأدوات التي يستطيع بها أن يخدم ما في روحه من شوق إلى معرفة الله، وإلى الحرية بأوسع معانيها، وإلى التمتع بالحياة وتحقيق الازدهار الروحي إلى جانب الازدهار المادي وترقية نوعية حياته.
وقال أن مصطلح حقوق الإنسان -المستعمل في الخطاب المعاصر- يشير إلى مجموعة الحقوق والمطالب الواجب الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز فيما بينهم لأي سبب كان. ولكن هذا التعريف العام ليس مسلماً به لدى المجتمعات المختلفة، ذلك لأن نوع هذه الحقوق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتصور الأساسي عن الإنسان ذاته، فإذا كان الإنسان فرداً حراً ذا كرامة وقيمة ويمتلك العقل والضمير، ويمتلك القدرة على الاختيار الأخلاقي والتصرف السليم، ويملك أيضاً الحكم الصائب على ما هو في مصلحته، فإن حقوق هذا الإنسان سوف تنبني على أساس هذا التصور والواقع يشهد بوجود كثير من صور التمييز الفعلي بين بني البشر، إضافة إلى انتهاك أبسط حقوقهم، وليس ذلك إلا نتيجة من نتائج الثقافات الاستبدادية والعنصرية.
وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة نشر ثقافة حقوق الإنسان لطلبة الشريعة ووضع برنامج تعليمي تدريبي للمعلمين وكل الفاعلين التربويين يستهدف تعميق وترسيخ مفهوم حقوق الإنسان وكيفية تربية حقوق الإنسان وإجراء دراسة تحليلية لمضمون المقررات الدراسية في مراحل التعليم العام في فلسطين من حيث مدى اهتمامها بتربية حقوق الإنسان وإجراء دراسة ميدانية لقياس ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني.