الإثنين: 14/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشعل في اول حديث لصحيفة فلسطينية: استمرار الحصار ينذر بانفجار كبير في وجه إسرائيل

نشر بتاريخ: 30/04/2007 ( آخر تحديث: 30/04/2007 الساعة: 17:38 )
بيت لحم- معا- كشف خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة(حماس)، في حوار مع صحيفة الايام أن قائمة أسماء المعتقلين التي قدمتها (حماس) عبر مصر الى اسرائيل للإفراج عن أصحابها مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت هي قائمة اولى، وقال: إنه " تم الاتفاق على تقسيم الصفقة الى مراحل، ولكل مرحلة مواصفاتها وأعدادها وطريقة التعامل معها، وبالتالي سلمنا قائمة اولى، ولكن هناك طبعا تتمة ستكون في ضوء نجاح الخطوة الاولى" منوها الى انه تتم معاملة شاليت معاملة اخلاقية وانسانية.

وقال مشعل، في مقابلة هي الاولى التي يجريها مع احدى الصحف الفلسطينية اليومية وجرت في القاهرة أول من أمس: "نحن حريصون جدا على أن نفرج عن شاليت، وأن يعود الى اسرته، ولكن الذي يعطل ذلك هو اولمرت الذي يريد ان يبتزنا في ربع الساعة الأخير، ويحاول تعطيل واعاقة ما توصلنا اليه من خلال الاخوة المصريين فيما يتعلق بصفقة التبادل" كاشفا النقاب عن أن اسم النائب الاسير مروان البرغوثي، امين سر حركة (فتح)، موجود على القائمة.

واعتبر مشعل أن لا مبرر لاستمرار الحصار الدولي على الشعب الفلسطيني بعد اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتسلم الدكتور سلام فياض، وزارة المالية، محذراً من تفجر الامور، وقال: إذا وضع الشعب الفلسطيني في هذه الاوضاع السوداوية فإن هذا سينذر بانفجار كبير لن يؤثر على الفلسطينيين وحدهم بل سيؤثر على مجمل المنطقة وخاصة على الكيان الصهيوني، لأننا لن نقبل ان ننفجر في بعضنا البعض ..الانفجار سيكون في وجه العدو الصهيوني0 واضاف: انا أحذر، وتحت احذر اضع الكثير من الخطوط الحمر.

وأكد مشعل أنه لا يسعى لأن يكون الرئيس الفلسطيني، ولكنه قال "ولكن حينما تلقى على أعبائنا المسؤولية فان كنا قادرين نقوم بها، ولكن لا نسعى اليها ولا ننافس عليها" مشددا على انه حتماً سيعود الى فلسطين، "ولكن بالتأكيد ليس تحت الشروط الاسرائيلية وانما بقراري الحر دون اية قيود او التزامات".

وشدد على أن الغالبية العظمى من الفصائل الفلسطينية متوافقة على اقامة دولة بحدود 1967. وقال رداً على سؤال بشأن مستقبل دولة اسرائيل بعد اقامة الدولة الفلسطينية "لنحقق اولاً دولتنا الفلسطينية على اراضي 1967 كما توافقت القوى الفلسطينية، ثم بعد ذلك نحن كفلسطينيين نعرف كيف نتعامل مع الواقع السياسي".

وشدد مشعل على أن وقف العدوان الاسرائيلي مقابل التهدئة يجب ان يشمل الضفة الغربية وليس غزة فقط. وقال "هذا الموضوع بلا شك له تعقيداته ونتركه لمباحثاتنا الفلسطينية الداخلية، ولمجمل القوى الفلسطينية في الداخل للوصول الى الصيغة التي تخدم مصلحة شعبنا وتراعي ظروف المرحلة الراهنة".

فيما يلي نص الحوار الذي أجراه مندوب الايام عبد الرؤوف ارناؤوط مع السيد مشعل في القاهرة، أول من أمس :

ماذا بعد استمرار الحصار؟

ــ بعد مرور نحو الشهرين على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، الـموقف الدولي من الحكومة يبدو أنه باق على ما هو عليه، فلا الدول الغربية استأنفت مساعداتها الـمباشرة إلى الحكومة، ولا تم رفع القيود البنكية على التعامل مع الحكومة ... هل أنت خائب الأمل من ردود الفعل الدولية؟

مشعل: في موضوع الحصار هناك ثلاث شرائح ... الشريحة الأولى هي شريحة الـموقف الإسرائيلي والأميركي وهذا موقف لا مفاجأة فيه رغم إدانتنا للـموقف الأميركي الذي ما زال يشارك في حصار شعبنا ومعاقبته، وللـموقف الإسرائيلي الذي يسرق أموال الشعب الفلسطيني من خلال أموال الضرائب.

أما الشريحة الأخرى فهي الـموقف الأوروبي والدولي بصورة عامة، وهو موقف غير مقبول ولا عذر له في استمراره على الـموقف السابق، طالـما أن هناك وفاقاً فلسطينياً، ولـم تعد له ذرائع كما كان يستند إليها في الـماضي، خاصةً بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ووجود وزير مقبول إقليمياً ودولياً مثل الدكتور سلام فياض ... هناك معالجات أوروبية تتعلّق بالآليات الـمؤقتة وهذه ليست كافية، وهناك مواقف أوروبية مثل النرويج التي نعتبر أن موقفها ممتاز ... بالتالي هذه الشريحة بعضها نقدره ونشجعه والبعض الآخر ما زال يربط نفسه، للأسف، بالـموقف الأميركي.

أما الشريحة الثالثة فهي الـموقف العربي والإسلامي، وهذه الشريحة التزمت نحو الحكومة الفلسطينية وهناك أرقام محددة للأموال التي التزمت بها ... الـمشكلة هنا هي تباطؤ التطبيق ... هناك مبلغ بسيط وصل ولكن الالتزامات العربية التي تعهّدت بها الدول العربية سواء في سياق الـ 55 مليون دولار شهرياً في القمة العربية أو في مبادرات عربية أخرى بمبالغ إضافية لـم تتحوّل إلى واقع ... بالتالي الـموقف موجود وجيد، إلاّ أنه لـم يتحوّل إلى واقع من خلال التحويل إلى الحكومة الفلسطينية ووزارة الـمالية، هذا الأمر مقلق وفي حواراتنا مع الأخ أبو مازن والإخوة الـمسؤولين في مصر والأخ عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية تحدثنا صراحة عن ضرورة الإسراع في متابعة هذا الـملف وإنهاء الحصار، لأن استمرار الحالة الراهنة هو أسوأ إشارة تعطى للشعب الفلسطيني ولا بد من حسم هذا الـموضوع سريعاً.

ــ هل هناك أية خيارات يجري بحثها في حال استمرّ هذا الوضع الذي وصفته بالـمقلق؟

مشعل: من السابق لأوانه الحديث عن خيارات، لكن نحن نتابع ونلحّ ونبذل الـمستحيل من أجل إنهاء الحصار عن شعبنا وإنهاء هذه الـمعاناة الفلسطينية الـمتفاقمة جراء حصار مضى عليه أكثر من عام وإذا، لا سمح الله، استمر الحال على وضعه الراهن، وأرجو ألاّ يكون ذلك، فإن عواقبه ستكون وخيمة.

ــ هل من عواقب لاستمرار الحصار؟

مشعل: أحذر تحذيراً شديداً من أنه إذا ما حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية وأضيفت عليه كل هذه الظلـمات من: استمرار الحصار والعقوبات الجماعية واستمرار العدوان الإسرائيلي وسد الأفق السياسي وعدم احترام الإرادة الوطنية الـمتمثلة في حكومة الوحدة الوطنية ومحاولة زرع أسافين داخل هذه الحكومة من خلال التأثيرات الخارجية أو محاولة دفع الوضع الفلسطيني إلى الصراع الداخلي من جديد... إذا وضع الشعب الفلسطيني في هذه الأوضاع السوداوية، فإن هذا سينذر بانفجار كبير لن يؤثر على الفلسطينيين وحدهم بل سيؤثر على مجمل الـمنطقة وخاصة على الكيان الصهيوني، لأننا لن نقبل أن ننفجر في بعضنا البعض ...الانفجار سيكون في وجه العدو الصهيوني، وأنا أحذر وأقول إنني أرى الأوضاع الراهنة تتجه بشكل يشابه الحالة التي آلت إليها الأوضاع في نهاية التسعينيات في عهد الراحل الرئيس ياسر عرفات رحمه الله، والتي هيّأت لانتفاضة الأقصى.

على الـمجتمع الدولي ألاّ يقرأ الأمور بطريقة خاطئة وألاّ يحشر نفسه في الخيارات الإسرائيلية والأميركية وألاّ يظن أنه يمكن للشعب الفلسطيني أن يقبل بأوضاع كهذه: لا أفق سياسياً ولا أمل في انتهاء الاحتلال، وفي الوقت نفسه حصار وتجويع وعقوبات جماعية وعدم احترام لا لنتائج الانتخابات ولا لإرادة الوفاق الوطني الفلسطيني ... أنا أحذر وتحت أحذر أضع الكثير من الخطوط الحمر.

الشعب الفلسطيني عوّدنا أن يفاجىءالعالـم بمفاجآت، لأنه شعب أصيل لا يقبل الظلـم ولا يقبل الخضوع لـمنطق العدوان أو الاحتلال أو الابتزاز، ولديه خيارات مفتوحة، ولا يخطئن أحد في قراءة أن الشعب الفلسطيني مستنزف أو متعب، فحينما تضيق الخيارات وتصل الأمور كلها إلى طريق مسدودة ... عندنا قاعدة في فقهنا الإسلامي والعربي تقول: إذا ضاق الأمر اتسع.

عن خطوات تفعيل منظمة التحرير

ــ من ضمن الـمواضيع التي بحثتها مع الرئيس أبو مازن، موضوع إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية فما هي الخطوات الـمتوقعة بهذا الشأن؟

مشعل: الحديث هو عن اجتماعين، الأول في دمشق، للاتفاق على أسماء الـمستقلين الذين سيشاركون في حوار القاهرة الـموسع ... وقد كانت زيارة الأخ أحمد قريع "أبو علاء" مع وفد من اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير الفلسطينية إلى دمشق مؤخراً خطوة إيجابية، ولكن الـمطلوب متابعتها ــ لسرعة اللقاء في دمشق ــ بمشاركة جميع الفصائل للاتفاق على الـمستقلين ثم بعدها بشهر يتم اللقاء في القاهرة، وفق آلية إعلان القاهرة الـمقررة العام 2005.

هذا الأمر جرى طرحه على الأخ أبو مازن والإخوة في مصر ليوفروا الاستضافة والرعاية لحوار كهذا.

ــ هل يمكننا أن نتوقع شيئاً قريباً بهذا الشأن ... ربما خلال شهر؟

مشعل: هذا هو الـمأمول، ولا شيء يمنع، وكما أثبت الشعب الفلسطيني مسؤوليته العالية، وتوافقنا في إطار السلطة على برنامج سياسي هو وثيقة الوفاق الوطني وعلى شراكة في الحكم من خلال حكومة الوحدة الوطنية، فإننا قادرون على توافق وطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي هي أكثر شمولاً باعتبارها تشمل الداخل والخارج الفلسطيني.

من السابق لأوانه الحديث عن تعديل برنامج "م.ت.ف"

ــ هل سيشمل الحوار البرنامج السياسيّ لـمنظمة التحرير الفلسطينية؟

مشعل: للحوار عنوانان: العنوان السياسي، والعنوان التنظيمي، بتفاصيلهما الـمعروفة.

ــ بمعنى حوار على البرنامج السياسي؟

مشعل: طبعاً، العنوان السياسي هو الحديث عن البرنامج السياسي، وكما فعلنا في إطار السلطة نفعل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.

ــ الكثيرون يقولون إن حماس ستسعى إلى تغيير برنامج منظمة التحرير ... إلى أي مدى هذا صحيح؟

مشعل: هذا سابق لأوانه ... ليس هناك طرف فلسطيني يستطيع أن يفرض ما يشاء على الآخرين ... نحن لسنا باتجاه الذهاب لفرض موقف على موقف ... الوجهة هي التوافق وإجراء حوارات جادة ومسؤولة. نضع في اعتبارنا مصالح شعبنا ونضع في اعتبارنا ظروف الـمرحلة ونضع في اعتبارنا أولوياتنا الوطنية وحقوق شعبنا، وفي إطار ذلك نتوافق على كل العناوين سواء العنوان السياسي بما فيه البرنامج السياسي وكل الـمواقف والـمفردات السياسية أو العنوان التنظيمي وكيف نعيد بناء مؤسسات الـمنظمة ونعيد لها الحياة ونرتب هذا البيت الفلسطيني ونعزز الروح الديمقراطية وروح الانتخابات ونضخ الدماء في عروق منظمة التحرير ... أعتقد أن هذه مصلحة كبيرة لا بد من سرعة إنجازها.

ــ ما هو تصورك بخصوص التمثيل في الـمجلس الوطني الفلسطيني، بمعنى ما هي الآلية لاختيار الأعضاء الجدد في الـمجلس الوطني؟

مشعل: لا أريد الدخول في التفاصيل باعتبار ذلك من الأمور التي جرى طرحها في حوارات تحضيرية جرت في الفترة الـماضية ولكن لـم تستكمل. والآن، نحن معنيون بالبحث في التفاصيل في اللقاءات الـمقبلة، خاصةً وأن هناك الكثير من الأوراق التي جرى تحضيرها في هذه العناوين، ولكن الأساس في ذلك هو أن الحالة الراهنة لـمؤسسات الـمنظمة، ليست القائمة فقط على الكوتات والتعيينات فحسب، بل، أيضاً، التي جمّدت منذ سنوات طويلة، فالوجهة الـمطلوبة هي اللجوء إلى نهج الانتخابات حيثما أمكن وبكل جدية.

ــ بما فيها الانتخابات في الأراضي الفلسطينية؟

مشعل: لقد تم اعتبار أعضاء الـمجلس التشريعي الفلسطيني أعضاء في الـمجلس الوطني الفلسطيني ... بالتالي هناك فرصة حقيقية، فكما جرت انتخابات في الداخل يمكن أن تُجرى انتخابات في الخارج وأن نعزز الروح الديمقراطية ... الانتخابات هي الوسيلة الـمنطقية وحيثما لا يتيسّر الانتخاب وهناك تعذر له، يجري التوافق الفلسطيني على الآليات البديلة، ولكن الـمهم هو إعادة بناء هذه الـمؤسسات وتجديدها وضخ الدماء فيها وإعطاؤها الحيوية ... هذا البيت قبل أن يسكنه البعض وقبل أن يعيد سكناه البعض الآخر نحن بحاجة إلى إعادة بنائه وترميمه وإصلاحه حتى يكون بالفعل إطاراً فاعلاً يعبّر بصدق عن القضية الفلسطينية وخاصة عن وحدة هذه القضية بين الداخل والخارج وإعطاء الاعتبار لستة ملايين فلسطيني في الخارج أسوة بإخوانهم في الداخل وخاصة فيما يتعلّق: باللاجئين وحق العودة والشتات الفلسطيني عموماً.

عن استقالة وزير الداخلية

ــ هل الـمشكلة الأخيرة الـمتعلقة باستقالة وزير الداخلية هي مقدمة لأزمة في حكومة الوحدة الوطنية؟

مشعل: نحن بحثنا مع الأخ أبو مازن جميع القضايا الـمقلقة أو الـمعلّقة و التي تحتاج إلى معالجة أو حسم وجرى الاتفاق بيني والأخ أبو مازن على السرعة في معالجة هذه القضايا، وإن شاء الله مع عودة الأخ أبو مازن إلى الداخل يجري لقاء قيادي بمستوى فاعل وصاحب قرار بين حماس وفتح لتناول كل القضايا بما فيها قضية وزارة الداخلية.

بعيداً عن التفاصيل، أنا تعنيني الروح ... فإذا ما توفرت الإرادة الوطنية الجادة والعمل الوطني الـمشترك نحن قادرون على معالجة كل القضايا.

ــ هل تلـمس جدية من الرئيس أبو مازن في هذا الـموضوع؟

مشعل: ما سمعته من الأخ أبو مازن، نعم فيه جدية وقد توافقنا على هذا وليس أمامنا إلاّ هذا الخيار وليس أمام حماس وفتح إلاّ أن تعملا معاً إلى جانب جميع القوى الفلسطينية والشخصيات الفاعلة في الساحة الفلسطينية، هذه مسؤولية وطن لا يستطيع واحد أن يتحمل الـمسؤولية وحده ولا يحق لأي طرف فلسطيني أن يتجاهل مصالح الشعب الفلسطيني أو أن يتقاعس عن القيام بها ... هذه مسؤولية تاريخية ينبغي أن ننهض بها جميعاً، وكما نجحنا في التحدي من خلال اتفاق مكة ينبغي أن ننجح ما بعد اتفاق مكة وما بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية... هذا الرصيد الذي بدأناه في اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ينبغي تعزيزه وتحصينه ومراكمة إنجازاته وليس أن يتآكل هذا الرصيد مع الزمن.

وقف العدوان يجب أن يشمل الضفة وغزة

ــ في الآونة الأخيرة كان هناك إطلاق صواريخ من قطاع غزة من قبل حركة حماس وكانت هناك إعلانات من قبل كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، بأن الهدنة انتهت ... وأنت تقول إنك بحثت مع الرئيس أبو مازن موضوع الهدنة فعن أية هدنة يتم الحديث؟

مشعل: الأخ أبو مازن ركز على هذه الـمسألة ونحن ندرك حساسية الوضع الفلسطيني، ندرك التهديدات الإسرائيلية وندرك الـمعاناة الفلسطينية وحالة الاستنزاف الفلسطينية وما يتعرض له شعبنا من قتل وتدمير وقصف وحصار واجتياحات في غزة والضفة الغربية بل الضفة الغربية كما تعلـم مستباحة ... كل ذلك ندركه وهذا بلا شك يستوجب إجراءات ومعالجات، ولكن نحن دائماً مع أن تكون الـمعالجات شمولية.

لـم يكن لدى قوى الـمقاومة الفلسطينية مشكلة في التعاطي أو التعاون في موضوع التهدئة فقد أجرينا تهدئة في 2003 و2005 وفي شهر تشرين الثاني من العام الـماضي بتهدئة الصواريخ، ولكن الـمشكلة هي في الطرف الإسرائيلي من حيث استمرار عدوانه، فهو وإن هدأ في غزة بعض الوقت فإنه يستمر في اجتياحاته واعتقالاته واغتيالاته في الضفة الغربية، ولذلك فإن ذلك يخلق بلا شك أوضاعاً صعبة ومعقدة لا يستطيع الفلسطيني أن يقف فيها مكتوف اليدين ولا بد أن يدافع عن نفسه، وقوى الـمقاومة معنيّة أن تدافع عن شعبها ونحن مع إدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بموقف وطني فلسطيني جاد ومتناغم، كما جرى الحديث حول ذلك في وثيقة الوفاق الوطني، نحن ضد الفوضى ولكن نحن، أيضاً، مع التنسيق وتناغم وضبط الأمور على قاعدة احتفاظنا بحقنا في مقاومة الاحتلال والدفاع عن شعبنا الفلسطيني أمام العدوان الصهيوني الظالـم وفي مواجهة احتلال لأرضنا ومقدساتنا.
ــ من كلامك أفهم أنكم تريدون هدنة تشمل الضفة الغربية وغزة؟

مشعل: الأصل أنه عندما جرت تهدئة الصواريخ، ألاّ يقتصر وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وحدها بل لا بد أن يتوقف العدوان عن غزة وعن الضفة، فنحن أبناء وطن واحد وشعب واحد والألـم الفلسطيني في الضفة الغربية يؤلـم الفلسطيني في غزة والعكس صحيح، وبالتالي فإن هذا الـموضوع بلا شك له تعقيداته ونتركه لـمباحثاتنا الفلسطينية الداخلية ولـمجمل القوى الفلسطينية في الداخل للوصول إلى الصيغة التي تخدم مصلحة شعبنا وتراعي ظروف الـمرحلة الراهنة.

دور مصري في التهدئة وتبادل الأسرى

ــ أنت التقيت مع اللواء عمر سليمان ... هل يعمل الـمصريون على هذا الـموضوع؟

مشعل: نعم، هذا الـموضوع كان مطروقاً في اللقاء مع الوزير عمر سليمان وقد تحدثنا بهذه الروحية، والجهد الـمصري مقدر، ونأمل، إن شاء الله، أن ننجح جميعاً كفلسطينيين وبمساعدة الأشقاء في مصر في أن نصل إلى الصيغة الـمناسبة والـموقف السليم الذي يحافظ على مصالح شعبنا ويحقق الحماية لشعبنا.

ــ أيضاً الـمصريون يعملون على موضوع الجندي جلعاد شاليت... أين هي الـمشكلة التي تمنع إبرام صفقة تبادل هذا الجندي بأسرى فلسطينيين؟ أم هي أكثر من مشكلة ؟

مشعل: إسرائيل تعاملت مع موضوع أسر الجندي جلعاد شاليت والـموقف الفلسطيني الـمطالب بصفقة تبادل مقابل الإفراج عن شاليت، بقدر من التجاهل والاستخفاف والتسويف وانتقل موقفها من نقطة الرفض والتجاهل إلى نقطة التعاطي ولكن بالكثير من الإطالة والـمراوغة والتردد ... الآن بعد الوصول إلى تفاهم على الصفقة عبر مصر بدأنا بخطوة تسليم قائمة بالدفعة الأولى من الأسماء والإسرائيليون تباطؤوا في الرد عليها ثم أوصلوا رسائل بعضها بصورة مسرّبة وبعضها بطرق أخرى فيها نوع من محاولة خفض السقف الفلسطيني وتقليص الـمطلب الفلسطيني بحيث يفقد جوهره ويفقد قيمته الحقيقية.

نحن في زيارتنا للقاهرة تابعنا الـموضوع مع الإخوة في مصر، ونحن بقدر حرصنا على أن ننهي هذا الـملف وأن نفرج عن الجندي جلعاد شاليت لأن لا مصلحة في الاحتفاظ به فترات طويلة، فإننا متمسكون بضرورة إنجاز الـمطلب الفلسطيني في صفقة التبادل فإذا كانت إسرائيل عندها مشكلة تتعلق بجلعاد شاليت فنحن عندنا 11 ألف مشكلة من خلال هذا العدد الضخم من أسرانا في سجون العدو،
وعلى العالـم الذي لا يحفظ إلاّ اسم جلعاد شاليت أن يحترم نفسه وقيمه وأن يحفظ لا أقول الـ11 ألف اسم، وإنما الأسماء اللامعة من هذا الشعب سواء من قياداته السياسية أو العسكرية أو وزرائه أو أعضاء الـمجلس التشريعي أو رئيس الـمجلس التشريعي أو أعضاء ورؤساء الـمجالس البلدية ... ليتذكروا اسم د. عزيز الدويك الذي هو زميل كل رؤوساء البرلـمانات في العالـم.

أولـمرت يماطل في ربع الساعة الأخير من التبادل

ــ ظهرت تصريحات لـمسؤولين في حماس تقول إن الحركة مستعدة للتفاوض على قائمة الأسماء التي قدمتها حماس مقابل الجندي شاليت ... هل هذا هو الـموقف في حماس؟

مشعل: في موضوع تفاصيل الصفقة، فإنه لا مصلحة في الدخول في التفاصيل ... وسياستنا ألاّ ندخل في التفاصيل في الإعلام، وأن نترك الـموضوع للتفاوض، والـمصلحة هي بالتكتم حول ذلك وترك البحث التفصيلي للتفاوض وليس عبر وسائل الإعلام ولكن الـمهم هو التأكيد على تمسكنا بتحقيق صفقة تبادل مشرفة لشعبنا تلبي مصالحه وتخفف من معاناة أسرانا البواسل في سجون العدو.
ــ هل تتوقع أن يستمر التفاوض طويلاً؟

مشعل: هذا يعتمد على الـموقف الإسرائيلي ... الـمسؤول عن هذا التباطؤ هو أولـمرت وعلى الإسرائيليين، وهم يدركون اليوم ماذا جلب لهم أولـمرت سواء في الحرب على لبنان أو في مغامرات إسرائيل في غزة وفي الضفة الغربية، أو هذا التعنت الإسرائيلي الذي يصر على تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، عليهم أن يدركوا أن أولـمرت ليس مسؤولاً عن الأزمات الإسرائيلية الداخلية فقط بل هو مسؤول عن أزمة شاليت وهو الذي يتحمّل مسؤولية هذا التباطؤ، نحن حريصون جداً على أن نفرج عن شاليت وأن يعود إلى أسرته، ولكن الذي يعطّل ذلك هو أولـمرت الذي يريد أن يبتزنا في ربع الساعة الأخير ويحاول تعطيل وإعاقة ما توصلنا إليه من خلال الأخوة الـمصريين فيما يتعلق بصفقة التبادل.

قائمة أولى

ــ قلت إن القائمة التي سلـمت إلى الجانب الإسرائيلي هي قائمة أول دفعة ... فهل يتم الحديث عن أكثر من دفعة؟

مشعل: نعم، لأنه تم الاتفاق على تقسيم الصفقة إلى مراحل ولكل مرحلة مواصفاتها وأعدادها وطريقة التعامل معها وبالتالي سلـمنا قائمة أولى، ولكن هناك، طبعاً، تتمة ستكون في ضوء نجاح الخطوة الاولى.

ــ هل بالإمكان التوسع أكثر في هذا الـموضوع؟

مشعل: لا، نحن نحافظ على سرية التفاوض.

معاملتنا للأسير أخلاقية وإنسانية

ــ في هذه الـمناسبة، ما الذي تقوله لوالد الجندي شاليت؟

مشعل: الذي أسر جلعاد شاليت، هو أولـمرت والقيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية جراء تجاهلها للحقوق الفلسطينية والبقاء على سياسة الاحتلال والعدوان على حساب حقوق ومصالح شعبنا وجراء إصرارها على سياسة الاعتقال التي تزداد مع الأيام ... فنحن في العام 2005 عندما قمنا بالتهدئة وفق إعلان القاهرة كان عدد الأسرى 8 آلاف أما الآن فإن عددهم 11 ألفاً، فإسرائيل ممعنة في الاعتقال، وأيضاً، جراء سياستها في رفض تعاملها مع الـمبادرات الفلسطينية بالتهدئة الـمتكررة.
إسرائيل رفضت الإفراج عن أسرانا ورفضت التوقف عن عدوانها ولو تجاوبت مع التهدئة الفلسطينية العام 2005 وأفرجت عن أسرانا لـما احتاج الشعب الفلسطيني إلى أسر جلعاد شاليت.

اللوم والـمحاسبة ينبغي أن يوجها إلى أولـمرت وليس إلى الشعب الفلسطيني، وإذا كان هناك أب إسرائيلي لديه مشاعر تجاه ابنه الأسير فلدينا 11 ألف والد ووالدة لديهم معاناة أقسى بسبب غياب ابنائهم واطفالهم وبناتهم خاصة في ظل التفاوت الكبير بين معاملتنا الاخلاقية والإنسانية للأسير الإسرائيلي والـمعاملة الوحشية واللاإنسانية والقاسية من طرف إسرائيل لأسرانا وأسيراتنا.

ــ أيضاً، في موضوع الجندي شاليت كان هناك نوع من التناقض في موضوع النائب مروان البرغوثي فنائب رئيس الوزراء عزام الأحمد قال إن اسمه ليس على القائمة التي سلـمت للجانب الإسرائيلي ورئيس الوزراء إسماعيل هنية أكد أن الاسم موجود فعلاً على القائمة... أنت أكثر شخص دراية بهذا الـموضوع فهل اسمه على القائمة أم لا؟

مشعل: لقد أعلنت حماس مبكراً أنها وضعت أسماء القيادات والـمؤبدات والرموز الوطنية الفلسطينية من مختلف الفصائل الفلسطينية وليس قصراً على حماس وحدها وإنما من حماس وفتح والجهاد الإسلامي وكل القوى الفلسطينية وخاصة فيما يتعلّق بالرموز والـمؤبدات والأحكام العالية ... حماس عند كلـمتها واسم الأخ مروان البرغوثي هو في قوائم هذه الرموز والقيادات الوطنية ونحن عند كلـمتنا وحريصون على أن نفرج عن كل قياداتنا الوطنية إن شاء الله.

ضد استهداف محال الإنترنت

ــ في موضوع الأمن، شهد قطاع غزة حوادث تفجير محال إنترنت وجوالات، والبعض قال إن حماس قامت بهذه الأعمال... هل هذا توجه جديد في حركة حماس؟

مشعل: لا إطلاقاً ... إن هذه الأعمال مقلقة وخطيرة ولا علاقة لها بالـمصلحة الوطنية ولا بالنضال الفلسطيني... نحن معركتنا الوحيدة هي ضد الاحتلال الإسرائيلي ونحن لا نقبل أن يتوجه السلاح الفلسطيني لا إلى معالجة الوضع الداخلي ولا إلى مثل هذه العناوين والأهداف الخاطئة ...السلاح الفلسطيني فقط ضد العدو الصهيوني، ضد الـمحتل ... وأخلاقنا الوطنية ومصالحنا الوطنية والشعب الفلسطيني بتاريخه وصورته الـمعروفة لا يقبل مثل هذه الأعمال وهي غريبة عن سلوكنا الفلسطيني ولا بد من معالجتها بموقف وطني حازم.

نريد دولة بحدود 1967

ــ اتفاق مكة وكتاب التكليف يتحدث عن دولة فلسطينية بحدود 1967، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ماذا بالنسبة لإسرائيل؟ كيف سيتم التعامل معها؟

مشعل: دعني أتوقف عند الخطوة الأولى وهي أنه لـم تكن الـمشكلة في أن يقبل الفلسطينيون بدولة على حدود 1967 وخاصة أن هذا مثّل قاسماً وطنياً مشتركاً بين جميع القوى على اختلاف البرامج، فهناك من هو سقفه أعلى ومن سقفه عند هذا الحد وإن شاء الله لا يكون أحد عنده سقف أقل، ولكن هذا هو السقف الوطني الـمشترك بين جميع القوى... هذا الـموقف ليس جديداً، ربما الجديد هو أن معظم القوى والأغلبية الساحقة منها التقت على هذا البرنامج الوطني من خلال وثيقة الوفاق الوطني وإلا فالأطراف الفلسطينية التي قبلت هذا السقف سابقاً كثيرة ومع ذلك فما الذي جرى؟لا شيء تغيّر.

بمعنى أنه لـم تكن الـمشكلة في الـموقف الفلسطيني ولا في الـموقف العربي، وإنما ظلّت الـمشكلة هي في الـموقف الإسرائيلي. وبالتالي ينبغي ألا نشغل أنفسنا بماذا بعد وماذا قبل ... على الطرف الصهيوني الـمحتل أن يعترف بحقوقنا وأن يسلّـم بهذه الحقوق وأن ينهي احتلاله وعلى الـمجتمع الدولي أن يفرض هذه الـمعادلة على الطرف الإسرائيلي.

ــ دعني أسألك مرة أخرى، في حال أقيمت الدولة الفلسطينية كيف ستتعامل مع إسرائيل؟

مشعل: لنحقق أولاً دولتنا الفلسطينية على أراضي 1967 كما توافقت القوى الفلسطينية، ثم بعد ذلك نحن كفلسطينيين نعرف كيف نتعامل مع الواقع السياسي بعد ذلك ... لكن لا يطالب الشعب الفلسطيني بأن يعطي إجابات عن أسئلة مستقبلية أو افتراضية بينما هو لا يزال يعاني من الاحتلال ولا يرى أي تغيير في الـموقف الإسرائيلي من ناحية ولـم ير أية إرادة دولية تجبر إسرائيل على الانسحاب.

ــ ولكن في إسرائيل وأيضاً في الولايات الـمتحدة وغيرها يقولون إن حماس تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل ... هل هذا شيء واقعي؟

مشعل: ليسأل الأميركيون والـمجتمع الدولي أنفسهم من الذي يدمر الآخر ... سلاحنا فردي ومتواضع وإمكاناتنا متواضعة ... نحن الضحية ونحن الشعب الـمعتدى عليه، نحن الذين ليس لدينا دولة ولا حق تقرير مصير، نحن الـموزعون بين نصف يعيش تحت الاحتلال ونصف يعيش خارج الوطن ... الذي يقوم بالتدمير هو إسرائيل وليس الشعب الفلسطيني.

ــ هل تعتقد أن بالإمكان تدمير دولة إسرائيل؟

مشعل: ليسأل الإسرائيليون أنفسهم هذا السؤال.

ــ هل أنت بذلك تعتبر أن هناك تضخيماً في كلامهم عن تدمير إسرائيل؟

مشعل: إذا كان كثير من الشارع الإسرائيلي والنخب الإسرائيلية متشككاً في مستقبلها هل تريدون من الشعب الفلسطيني أن يعطي ضمانات لـمستقبل إسرائيل.

أعود ولكن دون أية قيود أو التزامات

ــ متى تتوقع أنك ستعود إلى فلسطين؟

مشعل: إن كتب الله لي مزيداً من العمر فلا شك في أنني سأعود إلى فلسطين ولكن بالتأكيد ليس تحت الشروط الإسرائيلية وإنما بقراري الحر دون أية قيود أو التزامات ... العودة حق لي وحق لكل فلسطيني ولا شك لدي في أننا سنصل إلى هذا الهدف إن شاء الله مهما حاولت إسرائيل الـمكابرة أو العناد.

ــ كثيرون يقولون: إن خالد مشعل يتصرف في الآونة الأخيرة على طريقة الرئيس الراحل ياسر عرفات؟

مشعل: ليقولوا ما يشاؤون، أنا يشرفني أن أكون خادماً لهذا الشعب العظيم، وأن أبذل أقصى طاقتي وجهدي بل أن أموت واستشهد إن شاء الله من أجل هذا الشعب من أجل أن تنتهي معاناته ويصل إلى شاطئ الأمان ويرى فجر الحرية والاستقلال والعودة إن شاء الله.

ــ كل إنسان له طموح فهل لديك طموح أن تصبح رئيس دولة فلسطين؟

مشعل: طوال حياتي لـم أطلب مسؤولية ولـم أسعَ إليها لا على الصعيد الداخلي في الحركة ولا على الصعيد السياسي ولـم أطلب هذه الـمسؤولية في الإطار الفلسطيني الوطني، ولكن حينما تلقى علينا أعباء الـمسؤولية فإن كنا قادرين نقوم بها ولكن لا نسعى إليها ولا ننافس عليها وأقصى غايتي هي إرضاء الله عزّ وجل وخدمة الشعب وأن أظفر بحسن الخاتمة وبالشهادة في سبيل الله.

ــ أخيراً، هل أنت متفائل بمستقبل العلاقة بين فتح وحماس؟

مشعل: بعيداً عن التفاؤل والتشاؤم، لأنه من الصعب على الـمرء أن يضع رهاناته بين دفتي التفاؤل والتشاؤم وإن كنت بطبعي متفائلاً ولكن لا خيار أمامنا إلاّ أن نعمل معاً وإلاّ فالجميع خاسر وحينما نعمل معاً فإننا نكسب جميعاً والأهم أن شعبنا والـمصلحة الوطنية ستحمى وتتعزز وما يقربنا من نجاحنا في هذا العمل الـمشترك أمران: الأول، استشعار الـمسؤولية وتغليب الـمصلحة الوطنية العامة على الـمصلحة الحزبية الضيقة، والأمر الثاني تحييد الضغوط والـمؤثرات الخارجية لأنها لا تريد بنا خيراً بل هي التي تدفعنا إلى جحيم الصراع الداخلي وتصبّ الزيت على النار وخاصة الـموقف الإسرائيلي والأميركي.