الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

يحضنها بيت الوفاء للمسنين : الحاجة رضا عيون معتمة .. لكنها مضاءة بنور القرآن

نشر بتاريخ: 01/05/2007 ( آخر تحديث: 01/05/2007 الساعة: 21:38 )
غزة-معا- كنت أرتل أياتة في كل مكان أتواجد فيه، وحتى قي الطريق التي أسير بها و عند نومي ،في كل خطوة أو حركة أقوم بها لأجعل منه نوراً مضيئاً لحياتي لا أراها بعيني ولكن أبصرها بقلبي .

وبالرغم من الآلام والصعاب التي واجهتني في حياتي ألا إنني عقدت العزم على حفظ كتاب الله واحاديث رسوله .

بهذه الكلمات بدات الحاجة رضا عايش البالغة من العمر( 71 عاما ) المقيمة في مستشفي الوفاء للمسنين والعجزة في مدينة غزة ، حديثها عما تعرضت له خلال تلك السنين الطويلة من عمرها .

بداية المشوار

تقول الحاجة رضا "إن الله اخذ مني أشياء كثيرة لكنه ؛ عوضني بأشياء اكبر.. فقد حرمني من نعمة البصر وكنت اعتقد أن ذلك شرا حل بي أو أن الحياة توقفت عند هذا الحد .. ولكن؛ صدق الله في قوله :"وعسي أن تكرهوا شيئا فهو خيرا لكم" فمن هنا أدركت أن الرؤية الخارجية ليست كل شئ لكن هناك رؤية أعمق من ذلك بكثير وهي رؤية البصيرة ،فالله سلبني نور عيني لكنه عوضني بنور القرآن والإيمان".

وتتذكر الحاجة رضا وعيناها تومض بالدمع شريط ذكرياتها المؤلم فتقول "لم اعش طفولتي كأي صغير فقد أصبت بمرض في عيني وعمري 6 سنوات افقدني نعمة البصر، ومن ثم وفاة والدتي التي كانت تملا عليّ الحياة ، فاعتقدت أن الحياة قد قاربت علي الانتهاء إلي أن ألهمني الله البصيرة والأمل ، فتوجهت مسرعة إلى الإمساك بمصباح ينير لي الطريق وسط الظلام الدامس فلم أجد شيئا اقوى نورا ، من التسلح بكتاب الله عز وجل .

حفظ القرآن

وتتابع وعلامات الفرح يعلو محياها ، بدأت حفظ القرآن وأنا في سن العاشرة وأبديت رغبة شديدة وتوجهت إلى الكتّاب آنذاك وبدأت بحفظة على يد مجموعة من المشايخ كان أولهم سعيد البحطيطي الذي يرجع له الفضل في ذلك و كان كفيفا رحمه الله .

واوضحت أن الطريقة التي حفظت بها القرأن كانت من قيام الشيخ بقراءة آية واحدة من الصورة ومن ثم نردد خلفه إلى أن ترسخ في عقولنا ،وبعدها ينتقل إلى آية أخرى ، وكان يعاقب كل من يتخلف عن واجبه في الحفظ،إلى حد الضرب بالعصا.

وأضافت "بدأت في حفظ فاتحة كتاب الله و اختتمته بصورة البقرة وأنا ابلغ من العمر 25 عاما إضافة إلى أنني لازلت حافظة له واردد اياته واحدة تلو الأخرى ولم أنس منه شيئا .

وعن حفظها مدائح الرسولعلية الصلاة والسلام فقالت"يرجع الفضل في ذلك إلي والدتي التي كانت تصطحبني إلي بيوت العزاء فقد كانت تردد تلك الأشعار الخاصة بمدح الرسول"يا رسول الله -وصلوا علي خير الأنام- أمينة" فكنت اردد خلفها إلي أن حفظتهما وتمكنت من الإلمام بجميع تلك الأشعار وأنا ابلغ من العمر 45 عاما .

حياة مؤلمة

و تحدثت الحاجة رضا بمرار عن حياتها التي طالت في دار" المسنين " التي أمضت فيها أكثر من نصف عمرها وقالت "عشت في دار المسنين 22عاما ، أمضيت زهرة شبابي في هذا المكان الذي أصبح جزءًا من كياني ووجداني ، وكونت صدقات وعلاقات اجتماعية طيبة مع نزلائه من الناس الطيبين ، التي جارت عليهم الدنيا وقسى عليهم الأهل والأحباب .

وأضافت : اشعر براحة عارمة وحياة يملؤها الأمل والمحبة وأنا بين صديقاتي من المسنات الأخريات اللواتي كن إلى جانبها في كل مراحل مآسيها وأيامها الحلوة .

وقد أبدت الحاجة رضا رغبة قوية في ترديدبعض الكلمات التي اعتادت على ترديدها دائما " يا آمنة بشراك سبحان من أعطاك بحمدك لمحمد رب السما هنّاك".