الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبودياك: ما يجري في مصر لا يحتمل الحياد

نشر بتاريخ: 20/08/2013 ( آخر تحديث: 20/08/2013 الساعة: 14:02 )
رام الله- معا - قال المستشار علي أبودياك رئيس ديوان الفتوى والتشريع - أمين سر المكتب الحركي المركزي للحركة الأسيرة ان مصر ظلت على مدار التاريخ تمثل الراية العليا للعروبة، ورائدة الأمة العربية الاسلامية والمسيحية، والحصن المنيع للوطن العربي الكبير.

وأضاف أن ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013 وخروج ما يقارب نصف الشعب المصري إلى الميادين والشوارع والساحات لم يكن انقلابا على الشرعية، ولم يكن رفضا لنتائج الانتخابات الديمقراطية، وإنما كان تعبيرا عن حالة الرفض الشعبي لتجربة حزبنة الدين وأخونة الدولة، وتعبيرا عن تمسك الشعب المصري بالشرعية الدستورية.. فالشعب بحسب كل دساتير العالم المتحضر هو مصدر الشرعية ومصدر كافة السلطات.

وأشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتمترس خلف يافطة أن الثورة الشعبية السلمية هي انقلاب على شرعية الانتخابات الرئاسية، وأن موقف الجيش هو انقلاب على الحكم، فالشعب الذي يمنح السلطة والثقة يمكنه استعادة السلطة وحجب الثقة التي منحها لأي رئيس في أي وقت يشاء، وإن المهمة الأولى للجيش الوطني الحر هي حماية الدولة والوطن وحماية المصالح الوطنية والقومية للشعب.

وحول التكييف الدستوري لانتزاع السلطة قال إن الدستور المصري وغيره من الدساتير في العالم تنص على أن الشعب هو مصدر كافة السلطات، وقد نظمت الدساتير كيفية ممارسة الشعوب لحقها في الانتخاب والاستفتاء وحقها في التظاهر السلمي الذي من الممكن أن يؤدي بالشعب لاسترداد السلطة لكون الشعب هو الذي يمنح ويسترد السلطة من خلال الممارسة الديمقراطية السلمية في التعبير عن إرادته سواء من خلال الانتخابات والاستفتاء أو من خلال التعبير عن إرادته بالتظاهر السلمي، وهذا يتحقق عندما يتوجه الشعب بغالبيته وتياراته وقواه الشعبية والحزبية للتعبير عن إرادته الأصيلة وخاصة عندما يخرج الحاكم عن إرادة الشعب وينحرف عن صيانة مصالحه الوطنية والقومية.

وأضاف أنه على الرغم من التفوق العددي الكبير للمعارضين لحكم الإخوان الذي شهدته مصر بكل الميادين والساحات شيبا وشبانا أحرارا وحرائر، إلا أن المسألة لا ينظر لها من الناحية العددية فقط، وإنما ينظر إلى هذه الأغلبية الساحقة من منظار ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير التي يحميها الدستور، ومن منظار احترام شرعية ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 التي جردت الرئيس الأسبق حسني مبارك من الشرعية.

وحول أسباب الثورة المصرية أشار أنه لا بد أن ينظر إلى هذه الثورة الشعبية العملاقة من منظار الأسباب التي أدت إليها في هذا الوقت المبكر من حكم الرئيس السابق محمد مرسي،، والنظر إلى الأسباب التي دفعت بالملايين إلى الخروج والاعتصام في الميادين لاسقاط الرئيس المنتخب.

وأضاف أن هناك عشرات الأسباب التي دفعت بالجماهير الغفيرة إلى الميادين، إلا أن جوهر القضية لا يخرج عن سبب واحد وهو أن الشعب المصري قد أدرك أن حزب الإخوان قد استأثر بمنجزات ثورة الخامس والعشرين من يناير كانون الثاني 2011، التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأدرك الشعب المصري مبكرا بأنه قد قام بالتغيير من دكتاتورية الحاكم إلى دكتاتورية الحزب الحاكم، كما أدرك الشعب المصري بأنه قد قدم السلطة لحزب لا يؤمن بالشراكة، ويريد أن يحكم البلاد بالتفرد والتسلط وفرض الرأي والفكر والسلوك وإقصاء الآخر.. كما أدرك الشعب المصري بأنه قد سلم الحكم لحزب منغلق على نفسه وأعضائه يقدم مصالحه الحزبية على المصالح الوطنية والقومية، ولا يصغي للشركاء في الثورة ولا يحترم الحلفاء في الانتخابات، وإنما استأثر بكافة منجزات الثورة واغتنم الفرصة لنفسه وأتى برئيس ليس لديه أي مقومات للقيادة وجعل من نفسه ناطقا رسميا باسم جماعة الإخوان،، رئيس يأمر وينهي ويفتي في مصالح الشعب المصري ومصير الدولة ومستقبل الأمة بناء على تعليمات مرشد حزب الإخوان ونائب المرشد ومجلس الإرشاد بعيدا عن مؤسسات الدولة الشرعية والدستورية.

وأشار أبودياك أن الشعب المصري أدرك مبكرا ذلك المخطط الأمريكي والأوروبي الخطير الذي يتأسس على تسليم الحكم في المنطقة العربية لحزب الإخوان المسلمين العالمي تحت عنوان ما يسمى بالتجربة الأممية للإسلام السياسي التي لا يمكنها أن تقوم إلا على أنقاض التيارات والأحزاب والحركات الوطنية والتحررية والليبرالية والديمقراطية.

وحول الموقف الفلسطيني قال أبودياك ما من شك أن موقف الشعب الفلسطيني بغالبيته الساحقة كان وما زال قلبا وقالبا مع الشعب المصري والثورة المصرية العملاقة، حيث دخل الفرح غالبية البيوت الفلسطينية واحتفل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن توجده ابتهاجا بانجازات الثورة وتأييدا للشعب المصري وثورته المجيدة.

وأشار أنه أمام هذا التأييد الكبير للشعب المصري الشقيق فقد فوجئ الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وتياراته السياسية وقيادته وأفراده بالتصريحات التي أدلى بها بعض المصريين التي نعتت الشعب الفلسطيني بالعدائية والكراهية للشعب المصري، مما يدل على وقوع هؤلاء في حالة من الجهالة الفاحشة والإفراط في التعميم والتعويم إلى حد الإساءة والتجريح للشعب الفلسطيني المناضل الصامد واختلاط الأوراق وعدم القراءة الصحيحة للمشهد الفلسطيني والمصري الذي لا يختلف أحد على قراءته واستيعابه.

وأضاف إن الشعب المصري الشقيق يعلم يقينا أن الشعب الفلسطيني صانع الثورات والمعجزات النضالية لا يمكن أن يكون إلا في خندق الثورة والتأييد والمؤازرة للشعب المصري وثورته الحضارية التي وقف الشعب الفلسطيني إلى جانبها بكل إجلال وإكبار وإكرام، ولن يقبل الشعب الفلسطيني من أي كان تشويه موقفه الكلي الذي أجمعت عليه الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والنضالية.

ولفت إلى أنه من غير الممكن تقييم الموقف الفلسطيني من الثورة المصرية العملاقة على أساس مجموعة من الأحداث والأفعال المنسوبة لبعض الأفراد أو الجماعات الاسلامية الفلسطينية، ويعلم المصريون جميعا أن هذه الأفعال المنسوبة لبعض الأفراد قد نبذها وأدانها الشعب الفلسطيني لمجرد تداولها في الإعلام ودون أن يطلب الشعب الفلسطيني أي دليل، وذلك لأن الشعب الفلسطيني حريص كل الحرص على عدم الزج باسمه في مربع التدخل السلبي في الشأن القومي المصري.

وختم أبودياك بالقول أنه على الرغم من وقوف الشعب الفلسطيني على قاعدة عدم التدخل في شؤون الدول العربية، إلا أن ما يجري في مصر يستدعي الموقف الفصل ولا يحتمل الحياد، وعليه يقف الأسرى الأبطال والحركة الوطنية الأسيرة والشعب الفلسطيني بكل عزته وشموخه وعروبته وبكافة أطيافه وتياراته الوطنية والنضالية بقيادة الأخ الرئيس القائد أبو مازن يقفون بكل قوة وبكل عزم وثبات إلى جانب الشعب المصري والثورة المصرية الباسلة وإلى جانب وحدة مصر وقوتها وجيشها العظيم ونقف جميعا في خندق الدفاع عن عشقنا لمصر وعن تمسك الشعب المصري بحريته وكرامته واستقلاله ومصالحه الوطنية والقومية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية في مواجهة أي حزب أو دولة أو أي كان يسعى لإضعاف مصر والنيل من قوتها ووحدتها واستقلالها ودورها الرائد في حماية مصالح الأمة العربية، ونقول بكل ايمان ويقين لا خروج من الأزمة الحالية بالعودة إلى الوراء وإنما بالعودة إلى الشعب مصدر السلطات.