مركز "شمس" يعقد لقاء حول"مفهوم الشرعية السياسية والثقافة الديمقراطية"
نشر بتاريخ: 21/08/2013 ( آخر تحديث: 21/08/2013 الساعة: 12:14 )
الخليل - معا - عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" لقاء بعنوان مفهوم الشرعية السياسية والثقافة الديمقراطية، افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز "شمس" معرفا بمركز شمس ونشاطاته اللا منهجية وأهمية المركز وأهدافه التي تصب في تعزيز المشاركة الشبابية وزيادة الوعي وتعميق الثقافة في مجالات حقوق الإنسان، وقد ذكر أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع تعزيز مفاهيم الديمقراطية والثقافة المدنية لطلبة كليات الشريعة في الجامعات الفلسطينية، بدعم وتمويل من الصندوق الوطني الديمقراطي (NED).
من جهته، تحدث المدرب وليد عابد حول مفهوم الشرعية السياسية والثقافة الديمقراطية، وقال تعتمد كل أشكال الحكومات على شرعيتها السياسية، أي على مدى قبول الشعب بها، لأنها من دون ذلك القبول لا تعدو كونها مجرد طرف في حرب أهلية، طالما أن سياساتها وقراراتها ستلقى معارضة ربما تكون مسلحة. وباستثناء من لديهم اعتراضات على مفهوم الدولة كالفوضويين والمتحررين فإن معظم الناس مستعدون للقبول بحكوماتهم إذا دعت الضرورة. والفشل في تحقيق الشرعية السياسية في الدول الحديثة عادة ما يرتبط بالانفصالية والنزاعات العرقية والدينية أو بالاضطهاد وليس بالاختلافات السياسية، إلا أن ذلك لا ينفي وجود أمثلة على الاختلافات السياسية كالحرب الأهلية.
وأوضح عابد أنه من الناحية القانونية والاصطلاحية يتم تعريف السلطة السياسية الشرعية بأنها السلطة التي يتوافق سلوكها مع قناعات ورضا الناس. وقال مما لا شك فيه أن شرعية السلطة أمر ليس من البساطة قياسها أو الحكم المطلق أنها موجودة أو غير موجودة، أو أن هذا المؤشر أو ذاك يكفي وحده للقول بشرعية السلطة أو عدم شرعيتها. فالشرعية عملية معقدة، فهي قيمة وصيرورة، تتداخل فيها العادات والتقاليد مع المصلحة مع الخوف مع القناعة مع الايدولوجيا، وهي ترتبط بثقافة الشعوب ومستوى التعليم فيها ونوع التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأمة الخ. عامة الناس لا يهتمون كثيراً في البحث عن المصادر الفلسفية والقيمية للسلطة بل يهتمون بمدى قدرة السلطة القائمة على تلبية احتياجاتهم الحياتية وضمان مستقبل أجيالهم.
وقال أن الشرعية تستمد غالباً من القدرة على تلبية حاجات ومصالح، والتعبير عن أحاسيس ومشاعر الشعب، أكثر من كونها تستمد من قوانين ودساتير أو من نصوص دينية حيث الدين لا يمنح شرعية سياسية لحاكم. ومشكلة الرئيس مرسي كما يقول معارضوه أنه سبق الايدولوجيا على الانجاز وتقديم خدمات للناس، أراد تمكين جماعة الإخوان المسلمين من السلطة والهيمنة على الدولة بدلا من العمل على حل المشاكل التي كانت سببا في الثورة على نظام مبارك، وهذه المشاكل ليست دينية بل اقتصادية واجتماعية.
وشدد عابد على أن الديمقراطية تتطلب وجود درجة عالية من الشرعية السياسية لأن العملية الانتخابية الدورية تقسم المواطنين إلى معسكرين "خاسر" و"رابح". لذا فإن الثقافة الديمقراطية الناجحة تتضمن قبول الحزب الخاسر ومؤيديه بحكم الناخبين وسماحهم بالانتقال السلمي للسلطة وبمفهوم "المعارضة الموالية" أو "المعارضة الوفيّة". فقد يختلف المتنافسون السياسيون ولكن لابد أن يعترف كل طرف للآخر بدوره الشرعي، ومن الناحية المثالية يشجع المجتمع على التسامح والكياسة في إدارة النقاش بين المواطنين. وهذا الشكل من أشكال الشرعية السياسية ينطوي بداهةً على أن كافة الأطراف تتشارك في القيم الأساسية الشائعة. وعلى الناخبين أن يعلموا بأن الحكومة الجديدة لن تتبع سياسات قد يجدونها بغيضة، لأن القيم المشتركة ناهيك عن الديمقراطية تضمن عدم حدوث ذلك. ضرورة تعريف المواطنين بحقوقهم السياسية. هذا إلى جانب الاعتراف بكون الشعب مصدر السلطات، وإقرار مبدأ المواطنة الكاملة غير المنقوصة، والاحتكام إلى شرعية دستور ديمقراطي، وامتلاك المواطنين أفراداً وجماعات لمصادر ووسائل ممارسة المشاركة السياسية الفعالة.
وأوضح على أن الانتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً: فثقافة المؤسسات السياسية والخدمات المدنية فيه يجب أن تتغير أيضاً، وهي نقلة ثقافية يصعب تحقيقها خاصة في الدول التي اعتادت تاريخياً أن يكون انتقال السلطة فيها عبر العنف. وهناك العديد من الأمثلة المتنوعة التي استطاعت الاستمرار على نهج الديمقراطية بصورة محدودة حتى حدثت تغييرات ثقافية أوسع وفتحت المجال لظهور حكم الأغلبية.
وقال أن الشرعية السياسية التي تُنسب للديمقراطية الحقيقية تقوم على الاختلاف في ظل الوحدة ،وبالتالي أي حزب حتى وإن كان منتخبا لا يجوز له القفز على مبدأ التعددية ولا على ثوابت ومرجعيات الأمة التي ارتضت بها وراكمتها عبر التاريخ. فالثقافة الديمقراطية سعت دائماً إلى حماية التنوع من خلال زرع قيم في المجتمع تسلم بحق الاختلاف والتنوع وتجعل منه أساس الاغتناء الثقافي والحضاري، فالثقافة الديمقراطية تتحدد وتُعرَف بما هي جهد مبذول في سبيل الجمع بين الوحدة والتنوع،ففي الديمقراطية لا تعارض بين سلطة الأكثرية وحقوق الأقليات: فلا وجود للديمقراطية إلا باحترام كل منهما للأخرى، أي أن الديمقراطية لا تقوم على مبدأ الإقصاء بل التعايش والتساكن، أيضاً الديمقراطية ليست فقط نقيض الاستبداد بل هي أيضاً نقيض الطائفية والفكر الديني المغلق ،فالديمقراطية تقوم على المواطنة وهذه الأخيرة لا تفرق بين ذكر وأنثى ولا بين دين وآخر أو عرق وآخر.
وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة تعزيز مبدأ المشاركة السياسية، وعلى ضرورة تعريف المواطنين بحقوقهم السياسية، وإلى تحول الديمقراطية إلى قيمة اجتماعية ومعيار أخلاقي، هذا إلى جانب الاعتراف بكون الشعب مصدر السلطات، وإقرار مبدأ المواطنة الكاملة غير المنقوصة، والاحتكام إلى شرعية دستور ديمقراطي، وامتلاك المواطنين أفراداً وجماعات لمصادر ووسائل ممارسة المشاركة السياسية الفعالة.