مرصد السياسات: توصيات صندوق النقد للسلطة حامل المطرقة يرى الناس مسامير
نشر بتاريخ: 24/08/2013 ( آخر تحديث: 26/08/2013 الساعة: 09:19 )
رام الله - معا - أكد مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين أن تقرير صندوق النقد الدولي، والذي حمل الفلسطينيين مسؤوليات "تراجع النمو"، ولجوء الحكومة إلى حلول داخلية في كل مرة، تجسد القول المأثور "حامل المطرقة يرى الناس مسامير، حيث قالت بعثة صندوق النقد الدولي ان الاقتصاد الفلسطيني ما زال مسيطراً عليه من القطاع العام، وهي ذات الوصفة التي يروجها الصندوق بخصخصة القطاع العام، وبيعه للقطاع الخاص على المستوى الإقليمي والعالمي، في سياسة تحمي الشركات الكبرى وتطلق يدها في السيطرة على الاقتصاد العالمي، وتدفع المجتمعات الأثمان مقابل هذه السياسة.
وعقب المرصد على مطالب بعثة صندوق النقد الدولي لرئيس الوزراء المستقيل بالقول: أنه في الوقت الذي احتجت فيه العديد من الأحزاب السياسية على مجمل السياسات الاقتصادية للحكومة الفلسطينية، التي دفعت أعداداً أكبر من الناس إلى دائرة الفقر، وأبقت الفقراء والعاطلين عن العمل يواجهون مصيرهم فرادى، كانت بعثة صندوق النقد الدولي تنهي زيارتها لفلسطين المحتلة بالعديد من المطالب المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية وإدارة المالية العامة.
ورأى المرصد أن وضع هذا الاشتراط في الحالة الفلسطينية هي لدعوة لفصل آلاف العاملين في القطاع الحكومي، ليصبح القطاع العام من بين أقل المشغلين، إضافة إلى منح القطاع الخاص نفوذاً أوسع في مجال الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم..الخ، وبهذا تقل سيطرة القطاع العام على الاقتصاد الهش أصلاً.
وأكد المرصد أن بعثة الصندوق الدولي تعتبر أن آليات الإنفاق الحالية للسلطة الفلسطينية تشكل معيقاً مباشراً في مبادرة القطاع الخاص للاستثمار، هذا القطاع الذي صممت قوانين خاصة له، ومنح إعفاءات كبيرة لم يستطع الإقلاع بالاقتصاد، حيث ركز جل استثماراته على القطاعات الاستهلاكية، الخدمية ذات الربحية، ولكن نفس الصندوق طالب السلطة بمراجعة سياسة الإعفاءات الضريبية بل والحد منها!
وشدد المرصد على أن تقرير الصندوق الذي اعتبر التحويلات الطبية إلى ضرورة مراجعتها، وبالرغم من الإشكاليات التي تعتري هذا النظام إلا أنه مثّل حماية لآلاف العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود في المجالات الصحية التي لا يقوى القطاع الصحي الحكومي على تقديمها.
واعتبر المرصد أن دعوة صندوق النقد الدولي الحكومة إلى توجيه الاستثمار في البنى التحتية التي تمهد لاستثمار القطاع الخاص لا يعني بالضرورة إمكانية حصول الفقراء على خدمات صحية متميزة، نظراً لارتفاع تكلفتها بما يخدم لاحقاً فقط الأغنياء والمقتدرين، فيما يخسر الفقراء الدعم الحكومي المتمثل في التحويلات الطبية.
ورأى المرصد أن الاستثمار في قطاع الصحة وتوجيهه نحو صحة عادلة للجميع، وزيادة ثقة المواطنين في المستشفيات الحكومية عبر استجلاب خبرات وكفاءات مشهود لها بالكفاءة في تخصصات طبية مهمة يساهم فعلياً في تغيير الصورة السلبية عن الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة، ويساهم ذلك فعلياً في خفض فاتورة التحويلات.
واعتقد المرصد أن مشكلة فاتورة الكهرباء التي أشارت إليها بعثة صندوق النقد يساهم في ارتفاعها ليس فقط تجنب الدفع، بل تحمل السلطة الفلسطينية مجبرة أيضاً العلاقة الاستغلالية للشركات الإسرائيلية من ناحية الخدمة وتكلفتها المرتفعة، إضافة إلى تحمل السلطة مسؤوليات الصيانة والجباية بدلاً من أن تتحمل تكلفتها الشركات الإسرائيلية سواء بالقرى والمدن التي تعمل بها تلك الشركات بشكل مباشر، أو الشركات الوكيلة العاملة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
وشدد المرصد على أن المطالبات التي وضعها الصندوق والتي تدين إدارة الفلسطينيين للاقتصاد ولا تربط تدهوره بوجود احتلال كولونيالي، لن يجرؤ رئيس الوزراء الحالي على التعامل معها وأن أبدى تفهماً ما لتلك المطالبات، لأن ذلك سيضعه في مواجهة مع النقابات، وتحديداً نقابة العاملين في القطاع العام الذي يريد الصندوق تحجيم دوره في الاقتصاد، عبر تخفيض فاتورة الرواتب من خلال خفض الرواتب العالية وإيقاف بدل العلاوات ووقف التوظيف في القطاع العام، وهو ما يبشر بزيادة نسبة البطالة إذا ما التزمت السلطة بهذه التوصية، والاستمرار بالسياسة الحالية للتوظيف من جهة أخرى هو زيادة العبء على الموازنة، لكن ليس بمقدور الحكومة وقف التوظيف في قطاعات مهمة وبشكل سنوي تحديداً الصحة والتعليم.
وقال المرصد: طالبت بعثتة الصندوق بإصلاح نظام التقاعد، الذي تتخبط فيه الحكومة الفلسطينية منذ سنوات تارة برفع سن التقاعد إلى 65 عاماً، وتارة أخرى بطرح خيار التقاعد المبكر للعاملين في الوظيفة العمومية، ويسجل المرصد العديد من الملاحظات على خطة التقاعد المبكر التي تطرحها الحكومة، والخطة المطروحة منذ العام 2005 وتقتضي بإحالة 25 ألف موظف إلى التقاعد على أن يفتح نجاح هذه الخطة زيادة الطلب على التقاعد المبكر، لكن لا يجدر بالحكومة تجاهل العديد من الاعتبارات؛ أهمها أنه في حالة كون عملية التقاعد هي عملية اختيارية لمن امضوا 15 عاما فأكثر، فإن من سيلجأ إلى هذا الخيار هم من أصحاب الخبرة والذين من الممكن أن يحصلوا على عمل أخر، فيما أن الهدف المعلن هو التخلص من الوظائف التي لا يحتاجها الجهاز الحكومي.
واعتبر المرصد أن توصيات الصندوق الخاصة بخروج 25 -30 ألف موظف سيزيد من الضغط على سوق العمل المحدود أصلاً سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة، وتحديدا لحملة الشهادات العليا، إن تمت عملية التقاعد ضمن السياق الاختياري وليس ضمن عملية مدروسة، واعتبر أن مخاطر التقاعد المفتوح أنه لا يركز على أي القطاعات أو الجهات التي يجري الحديث عنها، فهل هي في الجهاز المدني أم العسكري؟ في أفضل الأحوال فان خروج 25 ألفاً للتقاعد لن يوفر أكثر من 75- 90 مليون شيكل إذا ما حصل المتعاقد على 50-75 من إجمالي الراتب، ويجب الانتباه إلى أن تخفيض إنفاق 700 مليون شيكل في السوق سنوياً سيكون له أثره المباشر على العملية الاقتصادية بشكل عام كما حصل في تجارب التقشف في دول عديدة.
وأضاف المرصد: ينعكس كذلك على انخفاض القدرة الشرائية بالإضافة إلى تخفيض الجباية الضريبية نفسها، هذا أن تم توزيع خطة التقاعد مع مراعاة للبطالة المرتفعة ببعض المدن حتى لا تزيد من ضغط البطالة في تلك المناطق، يقترح صندوق النقد أن يتم التعامل لاحقاً مع التقاعد وآثاره من خلال برنامج التحويلات النقدية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، أي تحويل الموظفين من أفراد منتجين داخل القطاع العام، إلى متلقي معونة من وزارة الشؤون الاجتماعية.
وشدد المرصد على أنه وفي حالات كثيرة ستضطر الحكومة إلى البدء بشكل عاجل بعملية توظيف لمليء الشواغر الناتجة عن لجوء كفاءات في مجالات معينة إلى التقاعد المبكر، ولن يشكل صندوق التقاعد القائم حالياً إنقاذاً لتخفيف فاتورة الرواتب، لأن ما تم اقتطاعه سابقاً من رواتب الموظفين تم استهلاكه من الحكومة على شكل قروض وصلت إلى أكثر من مليار دولار، ولا يعرف حجم القروض التي أخرجتها هيئة التقاعد نفسها للموظفين الحكوميين، والتي عندما يتم اقتطاعها من الموظفين لا يتم تحويلها إلى صندوق التقاعد.