الأحد: 13/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال ندوة- الشعبية تحذر من تسوية سياسية تنهي الصراع

نشر بتاريخ: 21/09/2013 ( آخر تحديث: 21/09/2013 الساعة: 13:23 )
غزة- معا- نظمت رابطة الشهيد سمير شعت بحي تل السلطان في منظمة الشهيد علم الدين شاهين- رفح الغربية أمس الجمعة ندوة سياسية بعنوان " مستقبل القضية الفلسطينية بعد مرور عشرين عاماً على اتفاقية أوسلو"، بحضور قيادات وكوادر وأعضاء من الجبهة والشخصيات الاعتبارية والعديد من الأهالي.

وافتتح الندوة عضو اللجنة المركزية الفرعية للجبهة إياد عوض الله، مرحباً بالحضور، داعياً إياهم للوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، ومن ثم قدّم عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر للحديث فيها.

وتحدث مزهر في مداخلته عن الظروف التي هيأت لتوقيع اتفاقية أوسلو في واشنطن، وتفاصيل الاتفاق، والاتفاقات التي وقعتّها قيادة منظمة التحرير المتنفذة كنتيجة لأوسلو، مشيراً إلى مخاطر الاتفاق الحقيقية، وتداعياته على الشعب الفلسطيني، وكيفية مواجهتها بعد عشرين عاماً، وما هي الرؤية المستقبلية للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، ومن بينها استمرار المفاوضات، وحالة الانقسام الكارثية.

وبدأ مزهر مداخلته باستعراض مواقف الجبهة المتتالية من توقيع هذه الاتفاقية المشئومة، لافتاً أن الجبهة في وثيقة الكونفرنس عام 1994 اعتبرت أن قيادة منظمة التحرير المتنفذة تخلت في هذه الاتفاقية عن برنامج حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واستبداله ببرنامج آخر هابط.

وأضاف بأن اتفاقية أوسلو شّرعت أيضاً استمرار الحكم العسكري تحت عنوان إعادة الانتشار والتموقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يمثل الاعتراف بدولة الكيان في هذا الاتفاق اعترافاَ واضحاً وصريحاً بالحكم العسكري وقوانينه، والذي يمثل مصدراً للسلطات بالنسبة لسلطة الحكم الذاتي.

وأكد بأن هذا الاتفاق فتح الباب على مصراعيه أمام التنسيق الأمني، حيث جرى استبدال أداة القمع الاسرائيلية بأداة فلسطينية يأتي على رأس مهامها حماية الاحتلال ومستوطنيه، وقمع القوى المناهضة للاتفاق والساعية لمواصلة الكفاح من أجل الحقوق الوطنية، ووقف الانتفاضة الفلسطينية وتصفيتها كشرط ومطلب للاحتلال.

ولفت إلى أن هذا الاتفاق وجه ضربة لقرارات المؤسسات الشرعية الدولية ، حيث أسقط حق العودة الذي نص عليه قرار 194، بالإضافة إلى إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني للمنظمة وإعلان تخليها عن الكفاح المسلح، والاعتراف بدولة الكيان.

وأشار مزهر إلى أنه حتى بعد اعلان ، والتوقيع على الاتفاق جرى المماطلة في تنفيذه، بعد انقضاء المدة المحددة لانسحاب قوات الاحتلال، مما أجبر السلطة على التوقيع على أكثر من اتفاق قّدمت فيه تنازلات جديدة وخطيرة مثل اتفاق القاهرة، والخليل، وواي ريفر، وشرم الشيخ، وأخيراً ما حصل في كامب ديفيد حيث كان هناك ضغط حقيقي على ياسر عرفات لتقديم تنازلات، فصمد أمام هذه الضغوط، فجاءت الانتفاضة في أيلول.

وقال مزهر: " بعد عشرين عاماً من هذا الاتفاق المشئوم ماذا جنينا منه؟، إن آثار هذا الاتفاق كارثية وخطيرة جداً، اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً، بدءاً من اتفاقية باريس المذلة التي حولّت الاقتصاد الفلسطيني إلى اقتصاد تابع للاحتلال، ومروراً بجدار الفصل العنصري الذي نهب حوالي 46% من أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة أي حوالي 10% من مساحتها، إلى عملية تهويد ممنهجة لمدينة القدس ازدادت وتيرتها بعد اتفاقية أوسلو، وإلى تنامي وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي والتي أدت إلى مضاعفة عدد المستوطنين بالآلاف، ومروراً بسرقة المياه، إلى الانقسام الكارثي، وأخيراً باستمرار التنسيق الأمني، وتنامي معدلات الفقر والبطالة".

واستدرك مزهر مؤكداً أن حالة الانقسام الحالية شكّلت إحدى ثمار اتفاقية أوسلو المسمومة، حيث يستمر طرفا الانقسام في المماطلة والتسويف المتعمد من أجل عدم إنجاز المصالحة، مشيراً أن شرائح داخلهم تستفيد من هذا الانقسام، وأصبح لها الكثير من الامتيازات والمصالح التي تنمو على الانقسام من تجارة الأنفاق، والتجارة، والبضائع، بالإضافة إلى استثمار القيادة المتنفذة لهذا الانقسام بالعودة مرة أخرى للمفاوضات، في مخالفة صريحة لقرار الإجماع الوطني، والمؤسسات الفلسطينية التي اشترطت عدم العودة للمفاوضات دون الوقف التام للاستيطان، ودون تحديد مرجعية واضحة وهي قرارات الشرعية الدولية، والإفراج عن الأسرى.

وأكد مزهر أن القيادة الفلسطينية خضعت للضغوط الأمريكية بالعودة لهذه المفاوضات، التي شكّلت على مدار الصراع حماية وتغطية لجرائم الاحتلال فصوتت بحق الفيتو على عشرات القرارات التي أرادت إدانة دولة الاحتلال على جرائمها ومن بينها الاستيطان.

وقال مزهر: " كان واضحاً للجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم السياسات العدوانية، وأن لها رؤية واستراتيجية في الشرق الأوسط تقوم على إضعاف المنطقة، وتقسيمها لصالح دولة الاحتلال، ولذلك أقدمت على ممارسة عملية ضغط حقيقية على السلطة للعودة للمفاوضات، ونجحت للأـسف في إقناعها".

وحذر مزهر من أن نتائج وتداعيات العودة للمفاوضات ستكون كارثية وخطيرة على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني في ظل الحالة العربية والانشغالات التي تحدث في المنطقة، والتي من الممكن أن تستغلها الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال في إجبار الطرف الفلسطيني على التوقيع على تسوية سياسية تنهي الصراع، وتتنازل عن حق العودة، وتحوّل المناطق الفلسطينية إلى مجموعة من المعازل والكنتونات.

واعتبر مزهر أن البديل عن هذه السياسة الخاطئة هو صوغ استراتيجية وطنية يقوم أساسها على التمسك بكافة أشكال المقاومة، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وتنفيذ اتفاق المصالحة، ومغادرة نهج المفاوضات بشكل كامل، ووقف التنسيق الأمني، مشيراً أن كل ذلك لن يتحقق إلا بعملية ضغط شعبي وجماهيري، داعياً جماهير شعبنا إلى النزول للشارع من أجل الضغط على الاطراف للذهاب إلى طاولة الحوار، وتشكيل حكومة التوافق الوطني، وإجراء انتخابات المجلس الوطني والتشريعية والرئاسية وفق قانون التمثيل النسبي الكامل.

كما طالب بتحرك سياسي ودبلوماسي من خلال الذهاب للمؤسسات الدولية لاستكمال الاعتراف بدولة فلسطين، والذهاب إلى المحاكم الدولية لمحاكمة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني.

واستطرد مزهر قائلاً: " دون إسناد شعبي وتحشيد طاقات شعبنا في الضغط على حركتي فتح وحماس لتنفيذ الاتفاق، لن يتحقق أي شئ ملموس على أرض الواقع، وسيستمر الانقسام وتداعياته السلبية على المستوى الوطني.

وشدد مزهر في ختام مداخلته على أن الجبهة ستواصل جهودها الحثيثة ونضالها بكل الوسائل من أجل مواجهة كل التحديات السلبية على القضية الفلسطينية من سياسات عدوانية، إلى مواجهة الانقسام.

وقد فّتح الباب بعد ذلك لمداخلات من قبل الحضور، والتي طالبت الجبهة بجهد أكبر في تحقيق الوحدة، والضغط على طرفي الانقسام، وفي العمل الدؤوب من أجل إطلاق سراح الأسرى وعلى رأسهم أحمد سعدات، في حين أكدت مداخلات أخرى على ضرورة تشكيل مجلس من الحكماء لمحاسبة قيادات السلطة والفصائل الذين يفرطون بالقضية الفلسطينية، في حين تساءلت أخرى عن سبب استمرار الجبهة في عضويتها بمنظمة التحرير التي خرجت قيادتها المتنفذة عن الإجماع الوطني بالعودة للمفاوضات واستمرار سياساتها المتفردة، أجاب فيها مزهر بأن الجبهة وعلى مدار وجودها في اللجنة التنفيذية شكّلت مصدر معارضة شديدة لسياسة السلطة ومواقفها المتفردة، وقد انسحبت أكثر من مرة من اللجنة التنفيذية رداً على السلسلة الطويلة من التجاوزات، وأن الجبهة في الأشهر القليلة الماضية نظمت سلسلة فعاليات في الضفة والقطاع والخارج احتجاجاً على سياسة السلطة وعودتها للمفاوضات، لافتاً أن الجبهة يقع على رأس أولوياتها إطلاق سراح الأسرى وخاصة أمينها العام أحمد سعدات، مشيداً بصموده داخل سجون الاحتلال.