الأربعاء: 16/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسن من النقب "سجين" براكيته منذ 42 عاما

نشر بتاريخ: 22/09/2013 ( آخر تحديث: 22/09/2013 الساعة: 15:06 )
بئر السبع- تقرير معا - لم يبرح سالم عيد عودة السراحين (70 عاما) براكيته التي يعيش فيها منذ 42 عاما، بسبب عدم وجود بطاقة هوية إسرائيلية معه، ما يؤدي إلى منع تحركاته خشية من اعتقاله. وعدا زوجة وثلاث بنات وأخت، لا يوجد لهذا الشيخ العجوز عائلة يحتمي بها.

ويعيش السراحين في براكيته في قرية "سيال الجرابه" الواقعة شرقي مدينة ديمونا في النقب، حيث يحتاج كل من يريد الوصول إلى هذه القرية أن يتزوّد أولا بالصبر نظرا لصعوبة الوصول إلى هذه القرية النائية بسبب الشعاب والطرق الرملية الملتوية، حيث في "نهاية الأفق" يعيش سالم وأبناء عائلته في براكية من الزينكو والخشب وسط حرارة شمس ملتهبة، فيما يفتقر البيت إلى أبسط مستلزمات الحياة، في مشهد يعيد الأذهان إلى ما قبل القرون الوسطى.
|239499|
وهذا العجوز، بالرغم من أنه لا يملك قوت يومه، إلا أنه يعرض على من يأتيه أن يعد لهم الطعام، كجزء من كرم الضيافة البدوية التي لم تبرحه بالرغم من شظف العيش. ويقول سالم عن ظروف حياته القاسية والمعاناة الشديدة: "أنا محبوس في بيتي منذ أكثر من أربعين سنة، ولا أقدر أن أخرج من البيت لأني لا أحمل بطاقة هوية شخصية"، مع أنه يغامر أحيانا ويضطر للخروج لعلاج بناته...

"طردنا اليهود إلى سيناء"

ولد سالم السراحين عام 1946 في قرية عبدة في النقب الجنوبي، حيث قام اليهود بطرده مع المئات من بدو جنوب فلسطين في حينه، إلى القصيمة في سيناء سنة 1959 وكان عمره وقتها 13 ربيعا. في عام 1967 احتل الجيش الإسرائيلي سيناء، ووقتها عاد أبناء العائلة إلى وادي حفير قرب عبدة.
|239498|
وحول ما حدث بعدها يروي الشيخ العجوز: "كنت جاهلا وطلب منا في حينه شيخ العشيرة أن نخدم في الجيش الاسرائيلي لكي نحمي أنفسنا من الفدائيين، وبالفعل خدمت مدة سنتين، وفي سنة 1982 عقدت معاهدة السلام مع مصر وخيرونا بين البقاء في البلاد وبين المغادرة إلى مصر، وقررنا البقاء في البلاد وفي عام 1994 طردتنا "الدوريات الخضراء" إلى عبدة ومنعت منّا السلطات الإسرائيلية حتى اصدار بطاقة هوية".

إبنة معاقة.. بدون مياه

رزق سالم السراحين وزوجته بثلاث بنات ولدن في الخيمة، حيث تبلغ البكر من بينهن 30 عاما، وتعاني من تخلف عقلي منذ الولادة، وابنة في الـ17 من عمرهما وثالثة في الـ15 من عمرها. والابنة البكر تعاني من مرض نفسي مزمن وإعاقات وهي مقطوعة عن العالم ولا تتلقى أي علاج طبي، حيث ترفض العيادات استقبال العائلة لأنها لا تحمل بطاقات هوية. ويقول سالم: "أحيانا نضطر للخروج لتلقي العلاج فنخاطر بأنفسنا وينتابنا شعور الخوف حتى نعود إلى بيتنا". والبنات الثلاث لم يدخلن مدرسة قط ولا يعرفن القراءة ولا الكتابة ولكل واحدة منهن قصة ومعاناة بحد ذاتها.

وتقول زوجة سالم: "وضعنا المادي سيء للغاية وفي كثير من المرات لا نجد كيس الطحين لنأكل ونطعم بناتنا". أما موضوع المياه فيضاف إلى دائرة معاناة هذه العائلة حيث يضطرون إلى نقل المياه عبر صهاريج من مسافة بعيدة وبتكلفة عالية.

وكانت مؤسسة الميزان لحقوق الإنسان عبر مكتبها في النقب تابعت ملف هذه العائلة من خلال زيارات قام بها طه عدنان سعيد، الناشط الميداني في المؤسسة وأعد تقريرا ميدانيا قال فيه: "إنّ العنصرية والاضطهاد لسكان النقب يتجلى في معاناة هذه العائلة إلا أنّ الوضع الذي تم رصده لحياة العائلة تنتهك فيه حقوق الإنسان الطبيعية والاضطهاد العرقي من قبل الحكومات الإسرائيلية".
|239497|
وأضاف: "نحن في مؤسسة الميزان بدأنا من خلال المحامي صابر أبو جامع محامي مؤسسة الميزان في النقب بمتابعة وتبني ملف هذه العائلة للمطالبة بإصدار هوية لهم واعتراف عاجل من قبل المؤسسات الحكومية وتعويض مالي على كل يوم من المعاناة".

وعقب الشيخ أسامة العقبي، مسؤول الحركة الإسلامية الشمالية في النقب، على معاناة هذه العائلة بالقول: "نحن أمام نموذج يهز المشاعر الإنسانية ويدمي القلب ألما ويؤكد حجم المعاناة التي يتكبدها أهلنا في النقب جراء سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والظالمة بحق أهلنا ولا ندري حقيقة أن بقي بشر في القرن الواحد والعشرون يعيشون في هذه المأساة كما هي حال هذه العائلة والتي أصبح حلمها الوحيد الغذاء والدواء".

وأكد المسؤول أن الحركة الإسلامية ستمد هذه العائلة بكافة مقومات الحياة الأساسية من طعام وغذاء ودواء ومأوى وستتابع قضيتها حتى الوصول بها إلى حياة كريمة.