الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس الإيراني الجديد: لقد ولى عصر الصراعات الدموية

نشر بتاريخ: 22/09/2013 ( آخر تحديث: 23/09/2013 الساعة: 19:24 )
بيت لحم- معا- نشر الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني يوم " الجمعة " في صحيفة "واشنطن بوست " وتناقلته اليوم " الأحد " وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية المختلفة مقالا سياسيا تناول فيه مواقف بلاده وموقفه الشخصي من عدة قضايا أهمها المشروع النووي الإيراني جاء فيه :

نال برنامجي الانتخابي الذي عرضه قبل ثلاثة أشهر على تأيد واسع من الإيرانيين الذين تبنوا توجهاتي المتعلقة بالقضايا الداخلية والخارجية لأنهم اعتقدوا بأنه كان من الواجب تطبيق هذه التوجهات منذ فترة طويلة .

إنني ملزم بتنفيذ وتطبيق كامل الوعود التي قدمتها وقطعتها على نفسي أمام الشعب الإيراني بما في ذلك فتح حوار بناء مع دول العالم والمجتمع الدولي .

لقد تغير العالم ولم تعد السياسة الدولية عبارة عن لعبة " المجموع الصفري" بل تحولت إلى ساحة متعددة المقاييس يتم فيها التعاون والمنافسة بشكل متزامن وفي أوقات قريبة، لقد ولى عصر الصراعات الدموية والعالم ينتظر من الزعماء تحويل التهديدات إلى فرص .

يواجه المجتمع الدولي تحديات كثيرة في هذا العالم الجديد منها : الإرهاب، التطرف، التدخل العسكري الأجنبي، تهريب المخدرات، جرائم الحاسوب والحرب الثقافية إضافة إلى التشديد الكبير على استخدام القوة والعنف . علينا الانتباه لتعقيدات القضايا والمشاكل التي تواجهنا حتى نتمكن من إيجاد الحلول لها ومن هنا بالضبط تدخل على الصورة مفهومي للمباحثات والاتصالات البناءه لأنه لم يعد ممكن في العالم الذي اختفت فيه لعبة " المجموع الصفري" أن تحافظ على مصالحك دون أن تأخذ بالحسبان مصالح الآخرين.

توجه دبلوماسي بناء لا يعني بالضرورة تنازلك عن حقوقك بل تعني اتصالات مع الطرف الثاني على قاعدة من المساواة والاحترام المتبادل حتى يتسنى معالجة القضايا التي تهم الطرفين وتشغلهم وتحقيق الأهداف المشتركة وبكلمات أخرى تحقيق وضع يخرج فيه الطرفان رابحان ليس فقط هدفا مطلوبا ومرغوبا بل هدف يمكن تحقيقه أيضا لان مفهوم " المجموع الصفري" الذي ساد خلال الحرب الباردة سيقود الجميع نحو الخسارة.

لأسفي الشديد تلقي الأحادية والتفرد بظلالها القاتمة على التوجهات البناءه وهناك دول تسعى للحفاظ على أمنها على حساب امن الدول الأخرى وتواصل حربين مدرتين شنتا خلال السنوات العشرة التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ضد القاعدة والمتطرفين زرع الدمار وتحولت سوريا التي كانت لؤلؤة حضارية إلى ساحة للعنف الذي يدمي القلوب بما في ذلك هجمات بالأسلحة الكيماوية التي ندينها بكل شدة وقوة وفي العراق لا زال العشرات يسقطون ضحايا للعنف اليومي بعد أكثر من عشر سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وكذلك أفغانستان لا زالت رهينة لنفس العنف وسفك الدماء .

لم يسجل التوجه أحادي الجانب الذي يكرس استخدام العنف وبالتالي يولد عنفا مقابلا نجاحا في حل المشاكل التي نواجهها جميعا مثل مشكلة الإرهاب والتطرف وأنا أقول هنا " جميعنا "لأنه لا يوجد شخص أو إنسان يحمل حصانة في وجه العنف والتطرف حتى وان كان هذا العنف والتطرف على بعد ألاف الكيلومترات عنه .

استفاقت أمريكا على واقع مشابه قبل 12 عاما ونظريتي وتوجهي لحل هذه المشاكل تقوم على مبدأ التطرق للأسباب والمسببات التي تقف وراء هذه المشاكل وعلينا العمل سويا لوضع حد للخصومات غير الصحية التي تغذي العنف وتبعدنا عن بعضنا البعض علينا الانتباه لهذه القضايا التي تشكل دافعا أساسيا ومركزيا للتوتر الذي يعيشه الشرق الأوسط وغير الشرق الأوسط .

إن مشكلة الهوية والشخصية تقف في أساس وصلب العنف المتأجج في العراق وسوريا وأفغانستان إضافة لوظيفة ومركزية هذه الدول في المنطقة والعالم ومركزية مشكلة الهوية ترتبط أيضا في قضية البرنامج النووي للإغراض السلمية وبالنسبة لنا فان السيطرة والتحكم بدائرة الوقود النووي وإنتاج الطاقة النووية تكتسب أهمية كبرى ليس فقط من باب تنوع مصادر الطاقة بل أيضا لكوننا امة ولسعينا نحو الكرامة واحتلال مكانتنا اللائقة بين الدول وشعوب العالم ودون فهم وظيفة الهوية لا يمكننا حل الكثير من المشاكل التي نواجهها ونتعامل معها.

أجد نفسي ملزما للتعامل مع التحديات المشتركة عبر مسار ثاني الاتجاه أولا علينا التعاون والعمل بشكل بناء من اجل الوصول إلى حوار دولي سواء فيما يتعلق بالموضوع السوري أو البحرين علينا أن نخلق أجواء تمكن شعوب المنطقة من تقرير مستقبلها ومصيرها بنفسها وكجزء من هذا التوجه اعلن استعداد حكومتنا تقديم المساعدة في مجال فتح الحوار بين الحكومة والمعارضة السورية .

ثانيا علينا مواجهة ومعالجة غياب العدالة والعنف السائد في الشوارع التي تغذي العنف والتوتر وكجزء مركزي وأساسي من توجهي نحو الحوار البناء فانا مستعد لبذل كل جهد ممكن لإيجاد وإقامة الحوار بين الدول المجاورة والأمم الأخرى حتى نتوصل لحلول تخرج فيها كل الإطراف رابحة .

أمضينا نحن والدول الأخرى الواقعة على الجانب الأخر من المتراس وقتا طويلا بل أطول من اللازم في نقاشات تهتم بما لا نريده بدل من الاهتمام بالمواضيع التي نريدها وهذا ليس بالوضع الذي يميز سياسة إيران الخارجية .

تعتبر الظروف والأجواء التي تكون فيها السياسة الخارجية نتيجة مباشرة للسياسة الداخلية والتركيز على المواضيع التي لا نريدها مخرجا بسيطا ومريحا لكثير من زعماء العالم وان التعبير القائل بان تحقيق المرغوب يحتاج الى الكثير من الجهد والشجاعة وبعد عشر سنوات من التموضع والانسحاب هناك وضوح كبير لدى الإطراف حول ما لا يريدونه من البرنامج النووي الإيراني .

ونفس الديناميكيا القائمة على الخصومة تسود الموضوع السوري وهذا التوجه قد يكون ناجعا في حالة محاولة منع تحول صراع " بارد " إلى صراع " ساخن " لكن حتى نتجاوز الصعاب والعقبات سواء فيما يتعلق بالموضوع السوري أو برنامجنا النووي أو علاقاتنا مع الولايات المتحدة نحن بحاجة إلى اتجاه مرتفع وفعال أكثر .

بدل من الحديث والحوار حول كيفية منع تدهور الأوضاع نحو الاسوأ يجب علينا التركيز حول السؤال كيف نحسن الوضع ليصبح أفضل ولتحقيق ذلك نحن بحاجة للتمتع بالشجاعة والشروع بالإعراب عما نريده بشكل واضح وجلي ودقيق وتغطية هذا التوجه بإرادة سياسية واتخاذ الخطوات الضرورية وهذا بالضبط هو جوهر التوجه نحو الاتصالات ألبناءه الذي أتبناه .

في اللحظة التي أغادر فيها نحو نيويورك لحضور افتتاح جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة أدعو الطرف الأخر استغلال الفرصة التي خلقتها الانتخابات الإيرانية الأخيرة وادع الى استنفاذ التفويض الذي منحني إياه شعبي لإجراء اتصالات حذرة والرد على جهود حكومتي بشكل حقيقي وإقامة حوار بناء .
وعلاوة على ذلك أدعو الطرف الثاني لدراسة الأشياء بعيدا عن العقبات والصعوبات والتمتع بالشجاعة الكافية لقول موقفه الحقيقي إذا لم يكن من اجل مصالحة القومية ليكن من اجل الإرث الذي سيتركه خلفه ولأجل الأطفال والأجيال القادمة .