الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاسعار الرخيصة في مناطق السلطة مصدر جذب للاسرائيليين

نشر بتاريخ: 28/09/2013 ( آخر تحديث: 30/09/2013 الساعة: 08:15 )
بيت لحم- معا - تحذر الجهات الأمنية الإسرائيلية من المخاطر الكامنة في دخول الإسرائيليين للمناطق الفلسطينية. لكن الإسرائيليين يواصلون زحفهم باتجاه القرى الفلسطينية لشراء احتياجاتهم معتمدين المقولة العربية الشهيرة " احترمه وشك فيه " حسب تعبير موقع " معاريف" العبري الذي نشر اليوم " السبت " تحقيقا موسعا حول الظاهرة حمل عنوان الأسعار الرخيصة اقوى من التهديدات الأمنية".

وقال الموقع في مستهل تحقيقه بعد أن استعرض عمليات قتل الجنود التي شهدتها الضفة الغربية مؤخرا مبرزا عملية قتل الجندي بعد استدراجه إلى قرية " بيت امين " شمال الضفة الغربية "إن الإسرائيليين لا يحتاجون لاستدراج وإغراءات حتى يدخلوا مناطق A –B الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية ورغم التحذيرات الأمنية المتكررة لا يزال الثمن القليل الذي يمكن للإسرائيلي أن يدفعه مقابل تصليح سيارته في الورشات الفلسطينية أو شراء احتياجاته المنزلية أقوى من هذه التحذيرات ويدفع الإسرائيليون إلى تجاهلها ودخول تلك المناطق.

"مصادر عسكرية إسرائيلية رسمية شددت على خطورة دخول المناطق الفلسطينية إضافة لكون هذا الدخول خرقا للقانون وأوضحت انه يمنع على الإسرائيليين تصليح سياراتهم على الطرق الواقعة في مناطق B أو حتى على الطرق المسموح للإسرائيليين سلوكها " لكن ووفقا للموقع يبدو أن الجيش والأمن الإسرائيلي لا يبذلان جهودا كافية لتوضيح خطر دخول الإسرائيليين لمناطق A –B وان الإسرائيليين يتجاهلون أوامر وتعليمات الجيش بهذا الخصوص.
|241154|
لا سبب يدعو للخوف :

تقع على الطريق 55 الرابط المتجهة من كفار سابا نحو مدينة نابلس سلسلة طويلة من القرى الفلسطينية والمستوطنات اليهودية وتقع على مسافة 5 دقائق من الحاجز العسكري قرية النبي الياس الفلسطينية ويمكن رؤية السيارات ذات اللوحات الصفراء المتوقفة على جنبات الطريق ويقوم سائقوها بتحميلها بكل ما ابتاعوه من حوانيت ودكاكين القرية الفلسطينية يمكن رؤية هذه السيارات عن بعد دون حاجة لدخول القرية لرؤيتها دون ان يتأثروا بمقتل الجندي " تومر حزان " الذي لقي حتفه في قرية " بيت امين ".

ويقوم زوج وزوجة من اليهود المتدينين بتحميل سيارتهم بأكياس البندورة والخيار والبيض فيما يقوم شاب فلسطيني بمساعدتهم على وضع الخضراوات داخل الاكياس فيما اشارت إحدى الملصقات على السيارة إلى سكن أصحابها في إحدى مستوطنات شمال الضفة فيما وقف " يوسف" الذي يرتدي القبعة الدينية اليهودية على الجانب الأخر من الطريق وقال " للمراسل وطاقم التصوير" وصلت إلى هنا لتصليح سيارتي ووجه السؤال لنا عن سبب حضورنا.

وقال المراسل " حين عرفنا أنفسنا ليوسف كصحفيين ابتعد عنا وقال " انه من سكان " اور يهودا " وصلت إلى هنا مع " حماي" لتصليح سيارته وهذه هي المرة الأولى التي أتواجد فيها هنا لكن " حماي" زبون دائم لهذا الكراج وهو يعرفهم جميعهم ".

وهنا طلب" حما" يوسف عدم التعريف به ونشر شخصيته فيما يتحدث مع "الميكانيكي" بالعربية مخاطبا "يوسف العربي الميكانيكي " ويربت على كتفه " مثل دائما يا يوسف تقوم بعمل جيد نسيبي توقفت سيارته واتصلنا بخمس ورش تصليح يمتلكها يهود وجميعهم قالوا إنهم لا يعملون بسبب العيد حينها لم يكن لدي خيار لكن وللحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي اكون فيها هنا وانا اعتقد بعدم وجود أي سبب للخشية والخوف وبالإجمال هم يتمتعون من الهدوء الأمني تماما مثلنا أنا أحقق ربحا بسبب الأسعار الرخيصة وهو يربح لقمة عيشة ويعيل عائلته ".

" لا يوجد أي سبب للخوف كل شيء هنا امن" قال يوسف بشكل قاطع ويشارك الجنود السكان شعور الأمن والاستقرار حيث تشير التجربة بأنهم لم يعملوا دائما وفقا للأوامر وما صورة الجندي الذي كان يرقص في حفلة بالخليل سوى مثال متطرف للاستخفاف بالتعليمات اما منظر الجنود الذين يتوقفون على جنبات الشوارع والطرق لشراء بعض الأشياء من الحوانيت الفلسطينية فهو أمر شائع يمكنه أن يؤشر إلى طبيعية الأوضاع وعاديتها " قال المراسل الصحفي " اساف غبور " الذي اعد التحقيق .

وذكر المراسل الشاب يوسف الميكانيكي بالحادثة التي وقعت قبل سبع سنوات وقتل فيها إسرائيلي وصل إحدى قرى قلقيلية لتصليح سيارته رميا بالرصاص فرد " يوسف قائلا " اعرف هذه الواقعة لكن الامر يتعلق بمجموعة من الزعران قتلت الإسرائيلي وليس سكان القرية فنحن هنا نعرف اليهود منذ عشرات السنين وهم يعرفوننا أيضا لا احد سيضر أو يمس بأي احد ".
|241155|
وتعطي الأسعار المعروضة في السوبر ماركت القريب تفسيرا جيدا لإصرار الإسرائيليين على الوصول إلى هذه المناطق حيث عرض علينا البائع " نعيم " 6 زجاجات كوكاكولا بعشرة شيكل " أنت تعرف بأننا لا ندفع الضرائب ولا ندفع أجرة شقة مثل التجار في إسرائيل لذلك يمكننا عرض أسعار أفضل بكثير وتحقيق الربح أيضا " قال نعيم موضحا أسعاره الزهيدة قياسا بالأسعار داخل إسرائيل .

لم يعد المواطن الفلسطيني منذ فترة طويلة الهدف الوحيد لجمهور التجار الفلسطينيين وأصحاب الحوانيت في مناطق A –B بل يحاول هؤلاء جذب الإسرائيليين لذلك اخذوا يرممون حوانيتهم لتصبح ملائمة ومتوائمة مع شبكات التوزيع والأسواق التجارية داخل إسرائيل " فقط العام الماضي قمت بترميم دكاني ورتبته بشكل جميل حتى يثير انطباع الزبائن القادمين من إسرائيل وبالتالي يشترون بضاعتي " قال نعيم .

وأضاف " لدي زبائن دائمين يتصلون بي قبل وصولهم القرية فاقوم بتحضير طلباتهم وتسليمها لهم فور وصولهم على الطريق وهناك بعض الزبائن يصلون حتى هنا ويدخلون الدكان قبل الأعياد والاحتفالات ويملؤون سلالهم بالمثلجات والمشروبات والطعام " واشار هنا الى عرض الصفقه على الجانب الأخر من الثلاجة يشير إلى مثلجات وقال" هذه المثلجات من إنتاج نابلس وهي ألذ وارخص من نظيرتها الإسرائيلية والإسرائيليين يحبونها كثيرا .

وتماما قبل ان نترك " نعيم " لفت نظرنا إعلان باللغة العبرية عن طبيب يعالج بالطب البديل وهو من قلقيلية امضى الكثير من السنوات خارج البلاد ويحتوي الإعلان على رقم هاتف الطبيب ليؤكد لنا نعيم قائلا " هناك بعض اليهود الذين يتسوقون عندي يتصلون بهذا الرجل ويحجزون موعدا للعلاج عنده وطبعا هو لا يقدم العلاج في منزله بمدينة قلقيلية بل في مكان متفق عليه .

وواصل المراسل طريقه من سوبر ماركت نعيم باتجاه ملحمة " ابناء صبرا " داخل القرية وهنا قال صاحب الملحمة " أتلقى طلبيات من اليهود وحين يكون لدي كميات مثل 10 او 15 زبون اتصل بشخص يهودي متدين " حريدي" من مستوطنة عمونائيل " متخصص بذبح الاغنام ليحضر لهم طلبياتهم واللحم هنا ارخص بكثير من إسرائيل وبشكل عام أفضل من حيث الجودة والنوعية مثلا أبيع لحم الضان المخصص للشوي على الفحم دون عظام بـ 60 شيكل ومع عظام بـ 45 شيكل فيما يباع في إسرائيل على الأقل بأكثر من ذلك بـ 30 شيكل لذلك الأشخاص لا يخافون وايام السبت يصل بعض الأشخاص لتناول الطعام في المطعم الكائن بجانبي ويتناولون لحم الخروف على الفحم والحمص والفلافل ".

وقابلا في منجزة " الأمل"لصاحبها " يونس " الإسرائيلي اليهودي المدعو " شلومي " وهو من إحدى مستوطنات شمال الضفة ويقوم بالتعاون مع صاحب البيت برسم وترتيب غرفة الأطفال التي ينوي إقامتها في بيته ويحملون بين أيديهم " كتالوج " لشركة معروفة فيما يتلقى يونس التعليمات المتعلقة بالعمل " وسريعا يتبدد الخوف من وصول الصحفيين ليتحول إلى دعوة لتناول كأس من الشاي مع "المرمية" أو القهوة أوضح مراسل الموقع.

وخلافا لنعيم الذي يتوقع تدهور المبيعات في أعقاب عملية قتل الجندي أعرب " فادي" عن تقديره بان العملية لن تؤثر على العلاقات القائمة بين العرب واليهود في المنطقة وقال "لا علاقة لنا بهذا الأمر مطلقا لقد كان بعيدا عن هنا بالتأكيد شخصا ما مجنون لكن نحن نتحدث عن العمل فقط ".

ابو مازن سيدفع :

واصلنا طريقنا على الطريق رقم 55 واجتزنا المستوطنات اليهودية ووصلنا إلى قرية " فندق " حيث قتل عام 2007 إسرائيلي بإطلاق النار عليه من قبل ثلاثة مسلحين اتضح بعد التحقيق بأنهم من رجال الشرطة الفلسطينية من قرية " قدوم " القريبة " وصل المراسل الصحفي تقريره.

لكن بعد ست سنوات من هذه الحادثة تعج ذات القرية بالإسرائيليين، دكان بيع الحيوانات " الأمازون" الذي يديره " ناصر " الذي أقام دكان قبل عدة أشهر فقط كفرع لدكانه المركزي الكائن بمدينة نابلس وقال "منذ أربع سنوات أبيع جميع أنواع الحيوانات قطط ، كلاب ، عصافير ، وأصدقائي من الشمال والوسط أرادوا شراء بعضها لكنهم خافوا ان يدخلوا نابلس لذلك فتحت هذا الفرع في " فندق " وهو قريب عليهم ولا يوجد مشكلة هنا ".

وقابلنا داخل الدكان والحديث على لسان المراسل الصحفي إسرائيليين احدهم من مستوطنة " عامونائيل "والثاني من هرتسيليا ويتحدثون مع ناصر عن الأسماك ويتجادلون حول السعر ويعترفون بان اليافطات الحمراء التي تحذرهم من دخول مناطق A وتؤكد عدم قانونية دخول الإسرائيليين لهذه المناطق وان الدخول إليها يشكل مخالفة أمنية قد تنتهي بمحاكمة مرتكبها وتقدم لائحة اتهام جنائية ضده يعترفون بان هذه اليافطات لا تزعجهم أبدا وقالوا ردا على سؤالنا حول ما إذا كانوا يخافون أثناء تجوالهم في قرية عربية "حضرنا إلى هنا في سيارتين تركنا احدهما في كراج داخل منطقة A ووصلنا الان هنا لشراء طعاما للحيوانات وبعض الأسماك هناك ربما يشكل قليل من الخطر رغم اعتيادنا التجول في مناطق السلطة لكن هنا هذه القرية المركزية حيث يصلها الكثير من الإسرائيليين هنا لا يوجد أي خطر ".

"السمكة التي اشتريها من هنا بـ 30 شيكل تباع في إسرائيل بـ 100 شيكل " قال الإسرائيلي من مدينة هرتسيليا. مضيفا " هذا ربح هائل يوجد هنا بضاعة جيدة وطعام رائع للحيوانات يباع بنصف السعر وصاحب الحانوت شاب جدي وليس شاب لعوب".

هل تعرف المثل الذي يقول " احترمه وشك فيه "؟ هذا بالضبط ما يحدث هنا قال احد الإسرائيليين من سكان مستوطنة " كارنه شمرون " وصل المكان لتصليح سيارته في كراج قريب وأضاف " لا اعرف إذا كان الميكانيكي صاحب الكراج يموت ويهيم عشقا بي لكنني اعرف بانه لم يغش مرة واحد في العمل ولم يكذب علي ولم يأخذ مني الكثير من الأموال حتى وان حدثت بعض المشاكل بعد الانتهاء من التصليح عدت اليه وعالج المشاكل فورا بإمكاني ان اتصل به الساعة 11 ليلا وان استدعيه ليصلح لي عطل ما أصاب سيارتي أين تجد امرأ كهذا عند اليهود؟".

واعترف الإسرائيلي الذي طلب عدم التعريف به ونشر اسمه بانه ورغم معرفته جميع سكان القرية تقريبا لا يزال يشعر ببعض الخشية والخوف وقال " اسمع دائما هناك مجانين ايضا عندنا نحن نعرف بانهم يدخلون لهم السم في المساجد ونريد منهم ان ينفذوا عمليات انتحارية لكن في النهاية هذا الشاب يعيش ويلتقط رزقه مني يشتري طعام أطفاله من المال الذي يجبيه مني اذا لم اقم انا وغيري بالعمل معه من اين له ان يعيش ؟ هل سيدفع له ابو مازن المال؟.

بعد محادثة قصيرة اتضح أن الإسرائيلي كان متواجدا داخل ساحة العملية التي وقعت في " كانيون " كارن يشمرون عام 2002 وهنا قال " كان صعبا وقاسيا لكن لا خيار أمامنا سوى مواصلة الحياة لا اعتقد بانه يتوجب علينا اتهام الجميع والحياة ليست اسود وابيض فقط والأمر الغريب وغير المعقول ان اليسار يتحدث عن التعاون والتعايش وهذا الأمر موجود بين المستوطنين والفلسطينيين منذ سنوات " ادعى المستوطن في نهاية حديثة من المراسل.