الأربعاء: 13/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران عطاالله حنا ينعى الكاتب فوزي الأسمر

نشر بتاريخ: 29/09/2013 ( آخر تحديث: 29/09/2013 الساعة: 10:27 )
القدس- معا- نعى المطران عطاالله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس الكاتب الفلسطيني العربي الكبير ابن الكنيسة الارثوذكسية الدكتور فوزي الاسمر.

غادر الكاتب الفلسطيني الكبير والمخضرم د. فوزي الأسمر وذلك في مكان اقامته بالولايات المتحدة الأمريكية بعد حياة واسعة حافلة وزاخرة بالعطاء والنضال الوطني والنشاط الاعلامي والثقافي والسياسي والفكري والإبداع الشعري والأدبي.

ويعد الراحل من الشخصيات الوطنية والسياسية الفلسطينية، التي لعبت دوراً هاماً وبارزاً في الحياة الثقافية والصحفية والكفاحية الفلسطينية بعد النكبة، والدفاع عن القضية والحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية والانشطة والفعاليات والمؤتمرات المتعددة، حيث قضى حياته فاعلاً في المشهد الاعلامي والثقافي والسياسي والابداعي الفلسطيني في الوطن والشتات والمهجر، وظلت فلسطين بوصلته التي حملها وجعاً وألماً واغتراباً ونضالاً وكتابة.

ولد فوزي الأسمر عام 1937 في مدينة اللد، انهى دراسته الثانوية في الكلية الارثوذكسية الوطنية، أحب الادب والسياسة، وشغف بالقراءة والكتابة وبدأ حياته شاعراً، ونشر تجاربه الشعرية وقصائده الاولى في صحيفة "الاتحاد" العريقة، ومجلة "الجديد"، وفي مجلة "الفجر" التي عمل محرراً فيها الى جانب الشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين. صدر له في مجال الشعر ديوانان هما: "أرض الميعاد" الصادر عن دار الجليل في عكا عام 1969، و"دامونيات" الصادر عن مطبعة الحكيم في الناصرة عام 1971. تميزت أشعاره بقوة العبارة، وسلاسة الكلمة، وحدة الخيال، وبنبرة قومية وثورية وروح كفاحية، جاءت تعبيراً عن جراحات الوطن وعذابات الشعب وأحلام الفلسطينيين بالعودة والتحرير والاستقلال.

اقترن الراحل فوزي الأسمر بجماعة وحركة "الأرض"، ونتيجة لمواقفه الوطنية والقومية ونشاطه السياسي والثقافي ودوره في التعبئة والتوعية ونشر الوعي القومي من خلال دار النشر التي أسسها، عانى المضايقات والملاحقات السلطوية وزج به في اروقة وغياهب السجن، الذي لم ينل من عزيمته. وفي منتصف الستينات اتجه الراحل نحو الأعمال الحرة فاشتغل محاسباً في احد الشركات، وفي عام 1967 عاد للعمل الصحفي رئيساً لتحرير مجلة "هذا العالم" التي نشر فيها كتاباته الشعرية ومقالاته السياسية.

بعد هزيمة حزيران 1967 ترك فوزي البلاد متوجهاً الى الولايات المتحدة الامريكية، وهناك واصل دراسته العليا بموضوعي التاريخ والعلوم السياسية ونال شهادة الدكتوراة، واستقر في ولاية "نورث كارولينا"، وفي العام 1981 حصل على الجنسية الامريكية.

نشط فوزي في الكثير من المؤسسات الثقافية العربية في الخارج، واشغل عضواً في المؤتمر القومي العربي. وترأس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط " الدولية، ومكتب وكالة الامارات في واشنطن، اضافة الى نشاطه السياسي والفكري والثقافي والاكاديمي، ومراسلة العديد من الصحف والمجلات العربية في الخليج.

في تشرين أول من العام الماضي قام فوزي الأسمر بزيارة مسقط رأسه ومرتع صباه والتقى الأهل والخلان في اللد والرملة والأحبة في الوطن، وتجول في ربوع البلاد الجميلة، التي لم تغب لحظة عن عينيه، وكانت هذه الزيارة زيارة وداع لفوزي الفلسطيني المهاجر والمغترب.

اهتم الراحل فوزي الأسمر بالقضايا القومية والفكرية والسياسية، وكرس حياته وقلمه لهذه القضايا والذود عنها، وركز جل جهوده ونشاطاته في مجال الكتابة والمشاركة في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات العالمية، وامتاز بوضوح الرؤية السياسية الواقعية، وصلابة المواقف القومية والوطنية والعروبية، ودفاعه المبدئي عن القضايا والهموم العربية، وفي مقدمتها قضية شعبه الفلسطيني العادلة.

ألف عدداً من الكتب وهي: ماذا تعني ان تكون عربياً اسرائيلياً؟ وسياسة مصادرة الاراضي والاستيطان في اسرائيل، اوضاع الأسر العربية في اسرائيل، الصورة النمطية للعرب في ادب الأطفال.

فوزي الأسمر ناشط سياسي واعلامي، ومثقف بارز، ومناضل عريق، امتلك شجاعة سياسية نادرة، خاض معارك قلمية وسياسية وفكرية وحوارية حول اجندة ومحاور ومسائل فلسطينية وعربية، وشكلت أفكاره وأرائه كشافاً مضيئاً لقراء مقالاته ومداخلاته في الصحف والمجلات العربية والفلسطينية والمواقع الالكترونية، وستظل أفكاره وطروحاته السياسية تضيء مسيرة أجيال قادمة.

برحيل د. فوزي الأسمر تفقد الحركة الفلسطينية والحياة الثقافية والفكرية الفلسطينية والعربية المعاصرة، مناضلاً ومفكراً وكاتباً وناشطاً وسياسياً المعياً له حضوره البارز، قدم الكثير للقضية الفلسطينية ولشعبه التواق للحرية والفرح والاستقلال والغد المشرق. ويكفيه فخراً انه من جيل ثقافي فلسطيني طليعي ونخبوي ارضعنا من ثدي الفكر والشعر والابداع والالتزام الإباء والصمود والكرامة ما يكفي لنورثه لأجيال الحاضر والمستقبل.

وداعاً د. فوزي الاسمر، وستظل من الخالدين في ذاكرة الوطن والشعب، ونأمل ان تقوم المؤسسات الصحفية والاعلامية والثقافية الفلسطينية والعربية التي نشط فيها، بتوثيق تراثه ودراسته وتخليده بما يليق به وبمسيرته الغنية.

وبناء على وصيته سينقل جثمانه من امريكا الى مسقط رأسه مدينة اللد حيث ستقام خدمة الجناز يوم الثلاثاء القادم الساعة الخامسة عصرا في كنيسة القديس جوارجيوس للروم الارثوذكس في اللد ومن ثم سيدفن في المدافن الارثوذكسية في اللد.فليكن ذكره مؤبدا.