الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ذكرى احراق الاقصى - بقلم وليد ظاهر من الدنمارك

نشر بتاريخ: 21/08/2005 ( آخر تحديث: 21/08/2005 الساعة: 20:25 )
معا - تصادفت الذكرى السادسة والثلاثون لحريق المسجد الأقصى مع الحادي والعشرين من الشهر الجاري. ففي مثل هذا اليوم من عام 1969 ارتكب الصهاينة واحدة من أكبر جرائمهم بحق هذا المعْلم الديني والإنساني والحضاري، عندما أشعلوا النيران فيه للخلاص منه وإقامة هيكلهم المزعوم فوق أنقاضه. لكن وطنية وحرص أبناء القدس والبلدات العربية على عروبة وإسلامية أولى القبلتين وثالث الحرمين دفعاهما للتحرك العاجل، فنجحوا بحمد الله وعونه في إطفاء الحريق وحصر أضراره بأقل الممكن. فهوية الأقصى من هويتهم وهويتهم من هويته. في حينه زعمت إسرائيل أن عطلاً كهربائياً تسبب في الحريق. وبذلك الزعم حاولت إسرائيل التملص من المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام سكانها العرب وبالأخص المسلمين وتهدئة الرأي العام العالمي وبالأخص الإسلامي الذي ثارت ثائرته في جميع أصقاع الدنيا. لكن ذلك الزعم ما لبث أن انكشف عندما وُجه بتقرير مختصين فلسطينيين أثبتوا أن الحريق حدث بفعل فاعل وبشكل متعمد. عندها حولت إسرائيل التهمة إلى شاب يهودي من أصل أسترالي تم توقيفه ومن ثم أُطلق سراحه بذريعة أنه مجنون !! لكن ذلك لم ينطلِ على المجتمع الدولي، بما في ذلك الفلسطينيين. بعد 25 يوماً من حدوث الحريق تداعى مجلس الأمن إلى الانعقاد وأصدر قراره الشهير الذي حمل الرقم 271. في ذلك القرار أدان المجلس إسرائيل لتدنيسها المسجد الأقصى ودعاها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع مدينة القدس المحتلة. وأكد قرار مجلس الأمن على مبدأ عدم قبول الاستيلاء على الأراضي بالغزو العسكري. وأضاف القرار بأن أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية أو تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل مشابه يمكن أن يهدد الأمن والسلام الدوليين. وطالب القرار إسرائيل بإبطال جميع الإجراءات والأعمال التي اتخذتها لتغيير وضع القدس، كما ودعاها إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف وبالقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. وبعد أن استجمع القرار 271 جميع القرارات الدولية وبالأخص 252 لعام 1968 و 267 لعام 1969 الخاصة بمدينة القدس، طالب إسرائيل من جديد بتنفيذ مضامين القرارات ملوحاً بالانعقاد من جديد للنظر في خطوات أخرى أكثر فاعلية في حال تجاهلها لتلك المضامين. كعادتها في التعامل مع جميع قرارات منظمة الأمم المتحدة منذ ولادتها غير الشرعية في قلب الوطن العربي، لم تستجب إسرائيل لذلك القرار ولم تبدِ أي استعداد من شأنه إظهار التزامها أو تقيدها بتنفيذ القرار. وعلى العكس من ذلك تمادت في سياستها العدوانية وزادت من انتهاكاتها لوضع القدس القانوني وتغيير معالمها الثقافية والحضارية تحت حجج وذرائع واهية، إلى أن بلغت ذروة انتهاكاتها مع إعلان القدس "عاصمة أبدية لها". ومع كل صرخات المنظمة الدولية واحتجاجات العرب والمسلمين على ممارساتها اللاقانونية، لم تتوقف إسرائيل لحظة واحدة عن تدنيسها للأماكن المقدسة وبالأخص المسجد الأقصى الشريف. وكان اقتحام آرئيل شارون الذي كان يتزعم المعارضة الإسرائيلية للمسجد الأقصى في 28 أيلول عام 2000 وتدنيس طهارته بشكل صارخ واستفزازي للمشاعر العربية والإسلامية قمة "جبل الجليد" التي أدت إلى تفجر انتفاضة الأقصى العارمة التي استمرت خمس سنوات متواصلة، لقّن الفلسطينيون العزل خلالها الجيش الإسرائيلي الذي "لا يُقهر"، على حد زعم قادته، دروساً في البطولة والصمود قادت بالنتيجة إلى تحرير قطاع غزة. ولولا دعم الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل من جميع الجوانب وعلى كافة المستويات بما في ذلك استعمالها حق الفيتو لصالحها، لما تجرأت على تحدي الشرعية الدولية المتمثلة بقرارات منظمة الأمم المتحدة والقانون الدولي بهذه الكيفية اللاأخلاقية واللاإنسانية. ولولا ذلك الدعم اللامحدود، ما كان لها أن تتجرأ على تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمها المسجد الأقصى المبارك. وما لم تتخلَ الولايات المتحدة عن هذا الدعم وتعيد للمنظمة الدولية هيبتها واستقلاليتها بحيث تمكنها من فرض حل عادل ومشرف للقضية الفلسطينية، فإن شيئاً في العالم لن يثني الفلسطينيين عن مواصلة نضالهم بكل الأشكال وعلى كافة المستويات حتى تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة بأكملها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فتحرير غزة بكل ما بعثه من حالة احتفالية يبقى خطوة على الطريق ... خطوة صغيرة نحو الاستقلال الكامل. اليوم غزة وغدا القدس والضفة الغربية.