مؤسسة التعاون تعقد مؤتمرها التنموي "التعاون من أجل التنمية في فلسطين"
نشر بتاريخ: 11/10/2013 ( آخر تحديث: 11/10/2013 الساعة: 17:07 )
رام الله -معا - عقدت مؤسسة التعاون يومي الأربعاء والخميس 09 و10 تشرين الأول 2013 في الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة رام الله، مؤتمرها التنموي بعنوان "التعاون من أجل التنمية في فلسطين: قيود وآفاق، 30 عاما على تجربة مؤسسة التعاون"، وذلك بحضور عدد واسع من الشخصيات الرسمية والأهلية بالاضافة إلى المفكرين وأصحاب الخبرة والمختصين في مجالات التنمية في فلسطين وفي الوطن العربي.
وتميز المؤتمر بشمولية الطرح وإتباع أسلوب علمي مدروس في اختيار المواضيع، حيث استعرض محورين رئيسين، هما: تنمية الموارد البشرية والتنمية الاقتصادية.
وفي مداخلته خلال الجلسة الأولى "جلسة الافتتاح" من خلال نظام الفيديو كونفرنس من العاصمة الأردنية عمان، والتي أدارها د.ممدوح العكر، أكد د. نبيل هاني القدومي رئيس مجلس أمناء مؤسسة التعاون أن تجربة المؤسسة هي التي مهدت الطريق لعقد هذا المؤتمر الذي يشكل نقلة هامة في دور المؤسسة وتجربتها التنموية، ومحطة رئيسية في مسيرة التنمية في فلسطين، وأشار القدومي إلى أهمية التنمية البشرية كركيزة أساسية لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية والنهوض بالمجتمع، بالرغم من الاحتلال وممارساته اليومية، وقال "ندرك الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني سواء تحت الاحتلال أو في الشتات، ولكننا نثق بقدرات هذا الشعب ونزوعه للحرية وطاقاته الكامنة."
بدوره أوضح البروفيسور فيجي براشاد المؤرخ والصحفي والمعلق من الهند في مداخلته بعنوان: الرؤية التنموية الدولية: واقعها ونماذج النجاح، إلى أنه بالنظر إلى الركود اللافت في الاقتصاد العالمي مع تكدس الأموال جزئياً في البنوك وفقدان فرص العمل لأعداد كبيرة جداً من الناس، وتعرض سبل الرزق للتهديد وعدم وضوح آفاق المستقبل، يصبح من الصعب تصور بناء «رؤية تنموية دولية » جديدة. وأشار إلا أن هذه الظروف المتقلقلة لسكان الكون هي ذاتها تستوجب وجود رؤى تنموية جديدة في ظل فشل الإطار الليبرالي الجديد في فهم الحاضر وإصلاحه.
وفي مداخلتها في الجلسة الثانية حول تنمية الموارد البشرية: النظام المنشود للتربية والتعليم (التنشئة) بعنوان دور مؤسسة التعاون في التعليم تطرقت الدكتورة تفيدة الجرباوي مدير عام مؤسسة التعاون أكدت على دور المؤسسة في مجال التنمية رغم القيود المفروضة عليها من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وأوضحت أن المؤسسة أولت منذ نشأتها اهتماماً خاصاً بقطاع التعليم، باعتباره من أهم مكونات التنمية البشرية والتي تشكل المدخل الأساسي للتنمية المستدامة. وأضافت أنه وخلال مسيرتها دعمت مؤسسة التعاون وأشرفت على تنفيذ العديد من المشاريع التي تصب في قطاع التعليم بما قيمته 140 مليون دولار، والذي يصل الى 30 % من مجمل مساهمات المؤسسة. وتناولت المشاريع المناهج وتطوير المعلمين والطلبة والبنية التحتية والتجهيزات عبر جميع مراحل التعليم الرسمي بما فيها التعليم الجامعي والتقني. كما قادت دعم مبادرات مبدعة في مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات وبناء الحاضنات ذات العلاقة وتوظيفها في تسهيل عملية التعليم وانتاج المعارف بما فيها تطوير البرمجيات. بالاضافة إلى حرص المؤسسة من خلال برامج تشغيلها للشباب على تدريب الشباب على المهارات الحياتية والقيادية التي تؤهلهم لبدء مشاريعهم الاقتصادية الخاصة، وتسهيل انخراطهم في العمل، وذلك من أجل المساهمة في بناء قاعدة الاقتصاد الوطني من جهة، وفي ايجاد الحلول للمشكلات المجتمعية من جهة أخرى.
بدوره قدم الدكتور علي محمد فخرو، الخبير في شؤون الصحة والتربية والثقافة والسياسة ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث، بمداخلة بعنوان "الموارد البشرية والتنمية"، تناول فيها العلاقة بين التربية والتعليم والتنمية الإنسانية الشاملة من خلال أولاً الشروط التي يجب أن تتوفر في العملية التربوية التعلمية لكي تستطيع المساهمة الفعلية في بناء واستمرارية التنمية، وثانياً: توفر الحكم الديمقراطي غير الفاسد والوطني ليكون عجلة دفع وضمانا لتوفر تلك الشروط من جهة، وللاستفادة الصحيحة من التعليم في بناء التنمية الإنسانية الشاملة المستمرة، وليس الاقتصادية فقط من جهة ثانية. وثالثاً: التوازن في نتائج العملية التعليمية، بين متطلبات سوق الوظائف ومتطلبات تنمية الإنسان العربي الملتزم المؤمن بالمشروع النهضوي العربي والعامل من أجله كهدف عربي جامع، ورابعاً، خصوصية الوضع الفلسطيني بالنسبة لهذا الموضوع، المتمثل في الصعوبات والعقبات والمحدوديات الناتجة عن الاحتلال الصهيوني في الحد الاستيطاني من جهة، وعن تدخلات وإملاءات الخارج من جهة أخرى، وكذلك عن تبعثر الشعب الفلسطيني في شتى البقاع. وهذا بالطبع سيعكس نفسه في حقل التعليم وفي نوع التنمية، وأخيراً مسؤولية أنظمة الأمة العربية السياسية في تخفيف، إن لم يكن حل، أغلب تلك الصعوبات والعقبات وفي التعامل مع الجهات المسؤولة عنها.
وتم خلال الجلسة الأولى استعراض تجارب ونماذج من الميدان قدمتها مؤسسات القطان، والنيزك، واكاديمية القاسمي، والكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
وفي الجلسة الثالثة بعنوان الثقافة والتعليم وآفاقه المستقبلية، والتي أدراها الدكتور جورج جقمان المتخصص في الفلسفة المعاصرة والفلسفة الإسلامية وقضايا التحول الديمقراطي، تم استعراض عدد من المداخلات حول الثقافة والتعليم والآفاق المستقبلية، وهي بعناوين العمق الثقافي والهوية الفلسطينية من د. يوسف جبارين أخصائي ومحاضر حقوق والمدير المؤسس لمركز «دراسات » المركز العربي للحقوق والسياسات/ الناصرة والتخطيط والإدارة التربوية من د. مروان عورتاني رئيس جامعة فلسطين التقنية (خضوري)، ورؤية الأكاديميين: قيود وآفاق التعليم من د. خليل هندي رئيس جامعة بيرزيت، وتناغم التعليم وسوق العمل أ. ندى الناشف المدير الإقليمي للدول العربية ومساعد المدير العام لمنظمة العمل الدولية منذ العام 2007 .
وفي الجلسة الرابعة في اليوم التالي تناول المؤتمر محور “التنمية الاقتصادية: بين اقتصاد الصمود والتنمية الاقتصادية” بإدارة السيد سعد عبد الهادي شارك فيها د. فضل مصطفى النقيب الذي يعمل أستاذاً للاقتصاد الرياضي والاقتصاد الكلي في جامعة واترلو في كندا، بمداخلة بعنوان "واقع التنمية الاقتصادية" حيث تهدف المداخلة إلى تحديد وتحليل العناصر الرئيسية في ثلاثة مواضيع، الأول تقديم لمحة موجزة عن السجل التاريخي لقضية التنمية في الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967 وحتى يومنا الحاضر، والموضوع الثاني، عمل فحص موضوعي لواقع التنمية الاقتصادية في الوقت الراهن، أما الموضوع الثالث فيخص صياغة العناصر الرئيسية لرؤية تنموية جديدة تنطلق من اعتبارات ثلاثة: الأول في الاستفادة من التجارب والدروس والعبر التي رشحت من الموضوعين السابقين، والثاني في الاستفادة من تجارب التنمية الناجحة في البلدان الأخرى ذات الظروف المشابهة، والثالث في تكييف كل ذلك في ظروف مقاومة الاحتلال ومستجدات الواقعالإقليمي في سياق ثورات الربيع العربي.
وتم استعراض نماذج من الميدان حول الصمود الاقتصادي في صميم البناء للتنمية، قدمها أ.غسان عمايرة من برنامج تشغيل الشباب في مؤسسة التعاون، وم.طارق ثابت من مشروع مبادرون، و أ.أنور جيوسي من مؤسسة فاتن، و أ. نوال قاضي من جمعية بزاريا التعاونية.
وفي الجلسة الخامسة تناول المؤتمر الاقتصاد الفلسطيني والآفاق المستقبلية– تكامل الأدوار، بإدارة الباحث الاقتصادي أ. رجا الخالدي، حيث تم مناقشة العديد من المداخلات وهي "التمكين والصمود الاقتصادي: محاولات خاصة للشباب والمجتمع المدني من أ. إبراهيم شقاقي المحاضر في الاقتصاد في كلية بارد الشرفية في جامعة القدس، و التنمية الاقتصادية: حالة قطاع غزة من رجل الأعمال أ. مأمون أبو شهلا، بالاضافة إلى مداخلات عن الدور المتوقع من القطاع الخاص في التنمية قدمها د. سعد الخطيب المختص في السياسات التجارية وتنمية القطاع الخاص، وأيضاً مداخلة بعنوان المؤسسات الرسمية: التخطيط التنموي والتوجهات المطلوبة قدمهت أ. ماهر المصري وزير الاقتصاد والتجارة الأسبق.
وفي الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر الجلسة السادسة أدار الجلسة د. إسماعيل الزبري رئيس الجمعية العمومية لمؤسسة التعاون، حيث تناولت الجلسة مناقشات ومداخلات من كل من د. علي الجرباوي وزير التخطيط الأسبق والمحاضر في جامعة بيرزيت، و د.سمير عبدالله مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، ود. باسم خوري المدير التنفيذي لشركة دار الشفاء لصناعة الأدوية، وأ. ماجدة المصري وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، وأ. سمير جراد المستشار الاقتصادي لدى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، ود. عمر الرزاز رئيس مجلس أمناء صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية.
وخرج المؤتمر بالعديد من التوصيات، التي ما زال المؤتمر يستكملها حتى انتهاء أعماله مساء اليوم، حيث نوه إلى أن إحداث التنمية المستدامة تتطلب انهاء الاحتلال الاسرائيلي أولاً، واشار إلى أنه في ظل القيود المفروضة والمساحة الضيقة المتاحة يبقى الحديث عن تعزيز الصمود الفلسطيني على الأرض أكثر واقعية من الحديث عن التنمية المستدامة.
ومن أهم الاستراتيجيات التي تم الاتفاق عليها في هذا السياق، هو الاهتمام برأس المال البشري أولاً، وتعزيز قدراته الابداعية والانتاجية بالتركيز على الزراعة ومنشآت الأعمال الصغيرة وتكنولوجيا المعلومات، وذلك كأحد وسائل التخلص من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالعمالة الفلسطينية في اسرائيل، والاهتمام بدعم اقتصاد الفقراء والعمل على زيادة النمو المنحاز لهم، بالاضافة إلى تعزيز دور الشباب ومدّه بالمعارف والمهارات والسلوك الايجابي وتعزيز الهوية الوطنية والثقافة الحية ليصبح مواطناً منتجاً قادراً على حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية النابعة أصلاً من ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وهيمنته.
كما ألقت النقاشات الضوء على أهمية دور القطاع الأهلي في إثارة النقاش حول المواضيع أعلاه لإيجاد قواسم وطنية مشتركة واستراتيجيات تنموية تعزز الصمود الفلسطيني على الأرض. وفي هذا السياق نوهت النقاشات أيضاً إلى ضرورة توسيع دور مؤسسة التعاون في زيادة الوعي لدي الرأي العام. بالاضافة إلى استمرارها في دعم مشاريع تنمية الموارد البشرية والمساهمة في تمكين البنية التحتية للاقتصاد الوطني.
جدير بالذكر أن أعمال المؤتمر تأتي من منطلق الدور الريادي لمؤسسة التعاون في دعم الجهود التنموية في فلسطين منذ أكثر من ثلاثين عاما، ومن منطلق تعزيز آليات التنمية البشرية والاقتصادية في فلسطين من خلال إلقاء الضوء على مسيرة التنمية الفلسطينية بمجالاتها المختلفة، وتحديد العوامل المؤثرة ودور اللاعبين الأساسيين في العملية التنموية، والتعرف على واقع التنمية الحالي في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة.