هل يتكرر سيناريو عمليات العصابات "الصهيونية" قبيل قيام اسرائيل؟
نشر بتاريخ: 18/10/2013 ( آخر تحديث: 18/10/2013 الساعة: 13:46 )
رام الله – تقرير معا – تبدو صورة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المواطنين والممتلكات الفلسطينية وأماكن العبادة للمسلمين والمسيحيين، مماثلة لتلك التي نفذتها العصابات "الصهيونية" تحت سمع وبصر سلطات الانتداب البريطاني، والتي مهدت لطرد الفلسطينيين في أكبر جريمة تطهير عرقي وطرد شهدها التاريخ.
ففي منصف الثلاثينيات وحتى منتصف شهر أيار في العام 1948، نفذت العصابات "الصهيونية" جملة من الجرائم ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في سبيل بث الرعب والخوف في أوساطهم، ولإرهابهم لجعلهم يتركون بيوتهم وقراهم ومدنهم أمام الاستيطان، حتى وصلت المؤامرة بين الحركة الصهيونية والمملكة المتحدة البريطانية إلى إقامة ما بات يعرف الآن بدولة إسرائيل.
وتبدو أوجه الشبه كبيرة جداً بين ما قام به الاحتلال البريطاني من دعم للعصابات اليهودية وقمع الفلسطينيين، وبين ما تقوم به حكومة الاحتلال الإسرائيلية مع المستوطنين، حيث انتهج الاحتلال البريطاني وبشكل ممنهج أربعة منهجيات رئيسية في سياسته لتثبيت الكيان الصهيوني في فلسطين، وهي ذاتها التي تنفذها حالياً دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهي: حق انتزاع الأراضي الفلسطينية، دعم وتشجيع الهجرة اليهودية، التشجيع والدعم للمشروعات الاقتصادية اليهودية، وقمع الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصدد، يقول عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية واصل ابو يوسف ان سلطات الاحتلال ومن خلال تصعيد عدوانها إما عبر ذراعها الأمنية المتمثلة بجيش الاحتلال، أو من خلال جرائم المستوطنين، والتي تهدف إلى التضييق على الشعب الفلسطيني، ودفعه إلى الهجرة من أرضه، وتركها فريسة سائغة للاستيطان.
واكد د. أبو يوسف إن هذا التصعيد في الاعتداءات يأتي بعد أن فتح المسار التفاوضي المتعثر، والذي تحاول من خلاله سلطات الاحتلال في إطار تصعيد العدوان من خلال إعلان الحرب على الشعب الفلسطيني، عبر بناء المستوطنات، والاقتحامات اليومية المتكررة، واعتداءات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال والحصار والحواجز، ولكته يرى أن الأخطر من بين هذه الاعتداءات هو ما يجري في مدينة القدس المحتلة، والمسجد الأقصى المبارك.
وبينما عمد الاحتلال البريطاني إلى سن القوانين والتشريعات لمصادرة الأراضي وطرد سكانها منها، ووضع اليد عليها من ملاكها وأصحابها العرب واستولت من خلالها على مساحات كبيرة وشاسعة من الأراضي تحت مسوغات ذرائعية متهافتة منها القيام بتوسيع الطرق المؤدية من وإلى المستعمرات الاسرائيلية، واحتياج المشروعات الصهيونية للأراضي وذلك من أجل استكمال منشأتها، وهو بالضبط ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي حالياً.
واضاف د. أبو يوسف: كل هذه الاعتداءات في ظل الحديث عن مسار سياسي يتم السير به في ظل هذه الاعتداءات، وبالتالي لا يستقيم الحديث عن مسار سياسي في ظل هذا التصعيد، وكان من المفترض أن لا يتم التوجه إلى المفاوضات دون معرفة إستراتيجية الحكومة اليمينية المتطرفة، الذين تستند للمستوطنين، وإستراتيجيتهم النافية لإمكانية قيام دولة فلسطينية، ليس على مستوى التصريحات فحسب، بل عبر فرض الوقائع على الأرض تمنع من خلالها إقامة دولة فلسطينية.
ويرى د. أبو يوسف إن سلطات الاحتلال تحاول مرة أخرى إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود والتحدي، والعمل على بث اليأس في الشعب للوصول إلى دولته وحقه، وتحاول بكل السبل على الأرض بث مشاعر اليأس، إلا أن ذلك لن يجدي نفعاً في ظل استعداد الشعب الفلسطيني للعطاء والتضحية والصمود حتى الوصول إلى حقوقه.
واكد أبو يوسف أن الشعب الفلسطيني لن يصمت على هذا العدوان المتواصل والمتكرر، وبالتالي فالشعب الفلسطيني أثبت مراراً أنه قادر علىا لعطاء والتضحية والسمود، ولن يأل جهداً في الرد على هذه الجرائم والاعتداءات بقوة، خاصة بعد فشل المفاوضات وتفعيل المقاومة واندلاع انتفاضة جديدة.
وفي الوقت الذي دعمت فيه القوات البريطانية المحتلة لأرض فلسطين العصابات الصهيونية بالسلاح والعتاد، ومطاردة رجال المقاومة الفلسطينية وإعدامهم واعتقالهم، فإن قوات الاحتلال تقوم بذات الأفعال، فهي تقمع المقاومة الفلسطينية وتهدم بيوت المواطنين، وتنشأ الاستيطان، وتسلح المستوطنين وتحميهم لدى اقتحام القرى الفلسطينية وحرق المنازل والممتلكات، والاعتداءات على الأماكن المقدسة.
وفي هذا الصدد، يرى المتحدث باسم حركة "فتح"، أحمد عساف أن جرائم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين التي تطال اليوم المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، هي جزء من سياسة استعمارية إحلالية صهيونية مستمرة، تهدف إلى طرد السكان الفلسطينيين من أرضهم والسيطرة عليها.
واعتبر عساف أن سياسة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني من قتل واعتقال وتهجير ومصادرة الأراضي لم تتوقف للحظة واحدة منذ أن بدأت الحركة الصهيونية بتنفيذ مشروعها الاستعماري الهادف للسيطرة على فلسطين واحتلالها، ومن أجل تنفيذ هذا المخطط الخبيث قامت حكومة الاحتلال بجيشها ومستوطنيها بالعمل على طرد السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين من أرضهم وجلب المستوطنين الأغراب مكانهم.
واوضح عساف أن اعتداءات المستوطنين تتم وفق سياسية تكامل الأدوار بينها وبين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن جميع اعتداءات المستوطنين تتم تحت سمع وبصر قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بل أن هذا "الجيش" هو من يقوم بحراسة وحماية هؤلاء الإرهابيين أثناء ارتكابهم لجرائمهم.
ويبين عساف أن هذه الجرائم الإسرائيلية تعتبر جرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي، مؤكداً على أنه سيأتي اليوم الذي ستحاسب فيه دولة الاحتلال على مئات المجازر التي ارتكبتها بحق شعب فلسطين وأرضه، لأنه شعب متمسك بحقه، مشدداً على أن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم.
واكد عساف على أن شعب فلسطين وقيادته سيبقى صامداً على أرضه ثابتاً عليها مدافعاً عنها مهما غلت التضحيات ومهما ارتكبت دولة الاحتلال بجنودها ومستوطنيها من جرائم، وبأن عنوان معركتنا مع الاحتلال اليوم هو الصمود .
من جهته، اكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، د. أحمد رفيق عوض أن السيناريو الذي تتبعه سلطات الاحتلال الإسرائيلي حالياً هو ذات السيناريو، وهو تكرار لذات السياسات التي كانت قبل قيام دولة الاحتلال، حيث كانت مرحلة "الييشوم"، والتي تميزت بالاستيطان وبامتلاك الأراضي، ومضايقة المواطنين وطردهم، ودفعهم للهجرة.
وشدد د. عوض على أن العصابات الصهيونية نجحت في إقناع العالم أن فلسطين فيها شعبين، وبالتالي قبل العالم أن يقسم الشعب إلى مواطن ومستوطن في الضفة الغربية، والاحتلال، والاستيطان، ومضايقة المواطنين، وتنفيذ تهجير ناعم وتحويل حياة المواطنين إلى جحيم، وتحويل الأرض إلى محميات، ليصبح المكان غريباً عن أهلها، وإحداث تغيير في الموازين الديمغرافية لإقناع العالم أن هناك شعبين
ولكن د. عوض يرى أن هناك فرقاً بين ما جرى قبل العام 1948 وبين اليوم، لوجود وعي من قبل الشعب الفلسطيني بالمخاطر التي تعترض طريقه، رغم أن دولة الاحتلال تسعى إلى تكرار ذات السيناريو.
واكد د. عوض أن لا مجال أمام الشعب الفلسطيني إلا الصمود والبقاء، رغم صعوبة هذه العملية، وحاجة الشعب إلى الدعم والتوعية والحث والرعاية في البقاء، ولكن الآن الشعب الفلسطيني في لحظة ضعف، سواء على المستوى الشعبي أو الفصائلي أو الأفكار، وضعف المحيط العربي وإنشغاله.
وشدد د. عوض على أن نقطة فشل المشروع الصهيوني منذ تأسيسه ولغاية الآن هو بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وبالتالي فإن هذا الصمود والتواجد على الأرض أسهم في عدم تحقيق أهداف الحركة الصهيونية في طرد كل الفلسطينيين من أرضهم.
وفيما يتعلق بالأمتين العربية والإسلامية، فإن احتلال فلسطين بالنسبة لهم يمثل إهانة كبيرة، إهانة للدين، والكرامة والثقافة، ورغم تأسيس دولة الاحتلال، إلا أنها لم تندمج في محيطها، بل بقيت دولة منبوذة ومكروهة، وخلق وجودها عداءً تاريخياً في المنطقة.