التوصية بتعزيز دور الشباب في نشر مفاهيم التعددية خلال حلقة دراسية
نشر بتاريخ: 02/11/2013 ( آخر تحديث: 02/11/2013 الساعة: 17:35 )
رام الله - معا - عقد مركز آدم لحوار الحضارات بالتعاون مع كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية حلقة دراسية حول التعددية في الاسلام والانظمة الديمقراطية عقدة الحلقة في قاعة الانشطة في كلية الشريعة شارك فيها عدد من طلبة الجامعة.
وافتتح الحلقة الدراسية عبد الله محمود مدير البرامج بالمركز حيث أكد على أهمية ترسيخ مفاهيم التعددية والحوار داخل المجتمع من أجل تعزيز السلم الاهلي وأشار محمود أن هذه الحلقة الدراسية تأتي في اطار سلسلة أنشطة يعمل على تنفيذها مركز آدم لحوار الحضارات تسعى لفتح حوار مجتمعي حول قضايا الديمقراطية والحكم الصالح والحوار والتسامح مرحبا بالحضور شاكرا لكلية الشريعة على تعاونها في عقد مثل هذه اللقاءات ،تحدث خلال الحلقة الدكتور صايل آمارة المحاضر في كلية الشريعة حيث قدم ورقة عمل حول التعددية في الاسلام والدكتورة مها المصري المحاضر في قسم العلوم السياسية حيث قدمت ورقة عمل حول التعددية في الانظمة الديمقراطية.
تحدثت الدكتورة مها المصري مؤكدة ان الحديث عن الديمقراطية بشكل عام أول ما يتبادر الى الذهن هو حكم الشعب لنفسه والاشتراك بإدارة اموره السياسية والإدارية من خلال المشاركة الفعالة بصنع السلطة الحاكمة عن طريق الانتخابات المباشرة او غير المباشرة عبر الاعتماد على رأي الاكثرية كما انها هدف الشعوب للتحرر من قيود السلطات القمعية والديكتاتورية كما ان الديمقراطية المباشرة الاسلوب الامثل لتحييد السلطة الشرعية التي تستمد شرعيتها من التعددية والتداول السلمي للسلطة.
وبذلك فان فكرة الديمقراطية وهدفها الرئيس اشراك الجميع باتخاذ القرار وقيادة البلد بعيدا عن التمييز العرقي والطائفي تجسيدا لمبدأ"الاختلاف من اجل الاتفاق"على الملفات المشتركة والقواسم المشتركة التي تخدم المصلحة العامة.
ورأت المصري اننا لو اخذنا الولايات المتحدة الامريكية وتناولنا الحكم الديمقراطي فيها نجد ان للولايات المتحدة هيكلا حكوميا لامركزيا ابتعد عن حصر السلطات في اي مؤسسة سياسية لهذا تعمد واضعو الدستور فصل السلطات وتوزيعها على فروع ومستويات حكومية مختلفة لهذا فان اهم ما يميز نموذج الحكم الديمقراطي الامريكي الحكم الديمقراطي التعددي بمعنى توزيع سلطات الحكم وجعل الصلاحيات لا مركزية ،ولما كان اهم ما يميز دول العالم التنوع العرقي والديني واللغوي والثقافي الكثيف يبقى التأكيد على ان وجود تعددية ثقافية وعرقية تستوجب وتستدعي وجود تعددية سياسية تمكن الجماعات المختلفة داخل المجتمع من التعبير عن اختلافاتها الدينية والثقافية بحرية تامة ،كما ان الحديث عن تعددية بمعنى الكلمة تستدعي الاقرار بمشروعية هذه التنوعات واحترامها وقبولها ،فإذا تحثنا عن تعددية قومية فهذا يعني تعايش بين اثنيتين او اكثر داخل نظام حكم ما والحديث عن تعددية في الاقتصاد يدلل على عكس الاحادية في الاقتصاد والحديث عن تعددية ثقافية يدلل على مجتمع يمتلك فيه الافراد هويات عديدة، كما ان التعددية الدينية تعني تقبل الاديان المختلفة.
وأضافت: لأهمية التعددية والقبول بها ظهر مفهوم ادارة التنوع في الولايات المتحدة الامريكية في اواسط الثمانينات من القرن العشرين ليعترف بالفروق الفردية وتقديرها كما يشمل القبول والاحترام ومفاده ان كل شخص متفرد في ذاته وإدراك اختلافاتنا الفردية التي تشمل الاختلاف في السلالة او العرق او النوع او المعتقد الديني او السياسي واكتشاف هذه الاختلافات يدلل على بيئة تتسم بالأمان والايجابية وفهم كل منا للآخر.
وأشارت المصري أن التعددية السياسية ولاهميتها تحدث المفكر الانجليزي جون لوك على ان التعددية السياسية بمعناها الحديث هي الدولة التي تقوم على الرضا بين كافة مكوناتها وليس على السلطة المطلقة وتعني مشروعية تعدد القوى والجماعات وحقها في التعايش مع بعضها البعض وحقها في التعبير عن رأيها مع اتاحة الفرصة لها للمشاركة في التأثير في صنع القرار السياسي وهذا يتطلب: ضرورة الاعتراف بوجود التنوع في المجتمع ،ضرورة توفر الاحترام المتبادل بشكل جماعي لهذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من اختلافات في المصالح والأولويات ، ضرورة وجود آليات مناسبة ومتوافق عليها للتعبير عن الاراء وحماية المصالح بشكل يضمن التوافق الجماعي والنتيجة النهائية وجود شكل من اشكال التعيش السلمي وعدم اقصاء الاخر وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الذاتية للأفراد والجماعات والتنظيمات داخل المجتمع الواحد .
وتابعت: من هنا فالأصل انه وعندما تتمكن الدولة والمواطن والمجتمع من ممارسة التعددية فعندها يتحقق احد اهداف الديمقراطية لان في التعددية ضمان ل:حرية التنظيم السياسي اي تكون الاحزاب السياسية وتنافسها ،حرية التنظيم الاجتماعي اي تنظيم المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية دون قيود ،حرية التعبير الجماعي والفردي عن الرأي اي قدرة المواطن على الاهتمام بشؤون الدولة والمجتمع والتعبير عن قناعاته دون خوف من تعقب او اضطهاد، الزام مؤسسات الدولة وكياناتها كالأحزاب والمنظمات غير الحكومية ووسائل الاعلام بقبول الرأي الاخر والابتعاد عن اقصائه او استبعاده كذلك الترويج الايجابي في المجتمع لثقافة الاختلاف عبر وسائل التنشئة والتعليم والتوعية.
وأكدت المصري ان التعددية في النظام الديمقراطي تعني ان سلطات الحكومة محددة بوضوح بموجب القانون مما يسمح للمنظمات الخاصة بالتحرر من سيطرة الحكومة لان النظام الديمقراطي يشتمل على العديد من المؤسسات العامة والخاصة والأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات وهذا التنوع يسمى التعددية كما يفترض عدم اعتماد المؤسسات او المجموعات المنظمة العاملة في نظام ديمقراطي على الحكومة لبقائها او شرعيتها.
ورأت المصري أن مقارنة بالديمقراطيات الغربية فالواقع العربي يستحق منا الاشارة الى واقعه المأزوم الذي كانت احدى اهم اسبابه خاصة بين اطراف المعادلة السياسية محاولة الاقصاء من الاطياف السياسية بعضهم لبعض ووجود نوايا عند كل طرف لإقصاء الاخر لا التعامل معه على اساس التلاقي في المطالب والملفات المشتركة والموحدة سيما وان الاسلام قدم التعددية في اوسع صورها بعدما عاش المشركين والنصارى والمجوس واليهود في ظل الدولة الاسلامية دون اي تعرض لاضطهاد او اجبار على ترك المعتقد او الفكر ففي الادبيات الاسلامية نجد المشروع الشوري كمفردة فقهية اوضح تعبير عن مضمون الديمقراطية عكست جوهر الفكر الاسلامي الحقيقي ومبادئه وأدبياته وهندسته السياسية التي تدعو لها الثقافة الاسلامية رغم ذلك واعتراف الثقافة الاسلامية بالتنوع والتشجيع على الحرية والتعبير عن الاختلاف رغم ذلك ظلت التعددية المطلوبة غائبة بسبب تسلط انظمة شمولية قائمة على فكرة الحزب الواحد الاستيعابي الرافض لفكرة التمثيل والتحزب.
وتحدث الدكتور صايل آمارة أن سنة الله في التعدد والتنوع التي صاغ الخالق الكون على نسقها قدرية حتمية، لا يمكن للإنسان أن يلغيها، فالسنن موضوعية، لذلك مهما بذل من الجهود لإلغائها ستضيع سدى، دون أن يحقق شيئا. فالمنهج السليم يقوم على التعامل مع القضايا الحتمية كما هي، وتجييرها للصالح الإنساني، فيغدو هذا الاختلاف عامل رقي ومحرك للتطور.
وأضاف: لقد كرم الله تعالى عالم الإنسان على سائر العوالم الأخرى، وأوجه التكريم التي منحت للإنسان كثيرة من أهمها العقل وحرية الإرادة ,أما حرية الإرادة فتعني أن الإنسان حر في اختياره، فحريته مطلقة ,ـمن حيث الاختيار ـ في هذه الحياة الدنيا في مختلف المجالات، فإذا أعمل الإنسان عقله في إطار من حرية الإرادة، مع الاختلاف في البيئة المشكلة للفكر ,مواهب، ميول، اتجاهات، مدارك ...الخ ـ لا بد أن ينشأ عن ذلك اختلاف وتعدد في المخرجات الفكرية عقدية كانت أم غير ذلك.
وأكد آمارة إن إساءة التعامل مع ظاهرة التعدد والاختلاف ـ سواء كان في الفضاء الإسلامي أو في الفضاءات المختلفة ـ بأن يعتقد كل طرف أن ما عنده صواب مطلق لا يحتمل النقاش، وما عند غيره خطأ مطلق لا يستحق النظر، فان النتيجة الحتمية الانغلاق الفكري والعمل على إلغاء الآخر، فمن اعتقد ذلك في إطار المجتمع الواحد إن كان ينطلق من فكر ديني سيكفر الآخر، وإن انطلق من فكر وطني سيخون الآخر، وفي كلتا الحالتين يستحل دمه،فيتحول هذا الاختلاف من عامل تكامل إلى عامل صراع طاحن، يعمل على تفتيت قوى المجتمع، ويعود عليه بالضعف ولن ينتصر أحد في النهاية، وسيضطر الجميع للحوار، وهناك من التجارب العربية المعاصرة فضلا عن التاريخية ما يؤكد هذه الرؤيا.
وأضاف: بالنسبة للموقف الشرعي من التعددية والاختلاف في إطار المرجعية الإسلامية رأى الدكتور صايل أن القرآن الكريم: تضمن الكتاب الخاتم كثيرا من النصوص التي ترسخ هذه الحقيقة سأكتفي بذكر بعضها،"فلو شاء الله لهداكم أجمعين"، "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" مشيرا الى الاجتهاد و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و مقاومة الظلم و الشورى.
وأكد آمارة أنا لم أقف على دليل ينص على منع غير المسلم من الدعوة إلى معتقده، بل على العكس أجد نصوصا كثيرة تكفل حرية المعتقد، والدعوة إليه من مقتضياته، ولا يظن البعض أن هذا سيشكل خطرا على الإسلام، فالإسلام أقوى من أن تؤثر عليه معتقدات باطلة، وإن حصل ذلك فمن تقصير أهله، لذلك أرى أن هذا الحق كما نطالب أن يمنح لنا في البلاد غير المسلمة، فالأصل أن نمنحه لمواطنينا غير المسلمين، والله تعالى أعلم.
وأكد الدكتور صايل إن المعيار المحدد لما يستحقه الشخص من حقوق في التصور الإسلامي هو المواطنة، وليس الاعتبار الديني، فلا فرق من حيث الحقوق والواجبات بين المسلم وغير المسلم، وقد ترجم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الأمر إلى واقع عملي في مجتمع المدينة، وقد نصت الصحيفة على ذلك ،لقد كفل الإسلام الحرية الدينية والفكرية لكل مواطنيه، ومن مقتضيات ذلك حرية النقاش وطرح الآراء والتصورات حول كافة القضايا، والمنهج القرآني يزخر بالنقاشات العقلية حول عقيدة التوحيد وبطلان عبادة الأصنام، ولم يستنكف الخالق الحكيم أن يسجل آراء خصومه التي لا تخرج عن السباب والتطاول وسوء الأدب " إن الله فقير ونحن أغنياء" " وقالت اليهود يد الله مغلولة" وقال فرعون للمصريين " أنا ربكم الأعلى " .
وتابع: لقد قدم الأنبياء عليهم السلام نماذج رائعة من الحوار الرفيع مع خصومهم في استمالتهم للإسلام ودحض الحجج المخالفة، من أجل إرساء الاعتقاد على أساس متين من البرهان، ولنا اليوم ونحن نعيش صراعا عقائديا أن نستهدي بالمناظرات التي دارت بين إبراهيم ـ عليه السلام ـ وبين طاغية بلاده، وبينه وبين أبيه، وكذلك سائر الأنبياء وصولا إلى النبي الخاتم، وكيف عالجوا عليهم السلام حجج خصومهم بالحسنى بعيدا عن المهاترات والمشاحنات، وسارت على هديهم الحياة الفكرية في عهد الصحابة والتابعين وفي عصور الإسلام الزاهرة، حيث كانت تتم المناظرات داخل الفرق الإسلامية، أو بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى بمن فيهم الزنادقة، في بلاط الملوك أو في المساجد، لا سلطان عليهم بغير الحجة والبرهان، فكان ذلك تعبيرا واضحا عن تسامح الإسلام، وعلى المنزلة العليا التي أولاها للعقل والعلم والحرية.
وتابع: الحرية الفكرية جوهر هذا الدين العظيم، وقوة الحق التي يتمتع بها الإسلام لا تخشى من سماع أية فكرة، فلا يوجد ما يبرر منع غير المسلم من البوح بما يجول في خاطره، يقول الأستاذ المودودي: " سيكون لغير المسلمين في الدولة الإسلامية من حرية الخطابة والكتابة والرأي والتفكير والاجتماع ما هو للمسلمين سواء بسواء، وسيكون عليهم من القيود والالتزامات في هذا الباب ما على المسلمين أنفسهم، فسيجوز لهم أن ينتقدوا الحكومة وعمالها، حتى رئيس الحكومة نفسها ضمن حدود القانون، سيكون لهم الحق في انتقاد الدين الإسلامي مثل ما للمسلمين الحق في نقد مذاهبهم ونحلهم، ويجب على المسلمين أن يلتزموا حدود القانون في نقدهم هذا كوجوب ذلك على غير المسلمين، وسيكون لهم الحرية كاملة في مدح نحلهم وإن ارتد أي مسلم فسيقع وبال ارتداده على نفسه ولا يؤخذ به غير المسلم، ولن يكره غير المسلم في الدولة الإسلامية على عقيدة أو عمل يخالف ضميرهم، وسيكون لهم أن يأتوا كل ما يوافق ضميرهم من أعمال ما دام لا يصطدم بقانون الدولة"