الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

اليهود لا يفهمون غير لغة القوة والضغط/ بقلم:بن كاسبيت

نشر بتاريخ: 22/05/2007 ( آخر تحديث: 22/05/2007 الساعة: 19:06 )
بيت لحم - معا- تناول الكاتب بن كاسبيت اداء الحكومة الاسرائيلية فيما يتعلق بالوضع الامني في مدينة سديروت والنقب الغربي منتقدا قرار " اخلاء " سديروت " داعيا الحكومة الى تناول الموضوع ببرودة اعصاب تمكنها من التفكير الاستراتيجي الصحيح والبعيد عن الاندفاع .

ودعا الكاتب الحكومة الاسرائيلية الى اخذ زمام المبادرة والقيام بما يتوجب عليها لوقف اطلاق الصواريخ وتدافع عن مواطنيها مثل اي حكومة في العالم .

وهاجم الكاتب في مقاله وزارة الخارجية الاسرائيلية متهما اياها بالتقصير في توضيح وجه حماس " القبيح " وتهيئة الرأي العام الدولي لتفهم ردود الافعال الاسرائيلية وعدم الاكتفاء بالتقاط الصور .

وقال بن كاسبيت في مقال نشرته صحيفة معاريف بعنوان " اليهود لا يفهمون سوى لغة القوة " اليهود أصبحوا ضعفاءحسب توصيف أحد صانعي القرار أمس، لا يُعقل أن نبقى أسرى ردود الفعل الاندفاعية هذه، في حرب الاستنزاف كانت كتائب المدفعية العراقية مُرابطة في تلال إربد وطحنت بيسان يوميا بقذائف 130ملم. فهل قمنا باخلاء المدينة؟ مع كل الاحترام، لا يمكن ترك قتيل أو قتيلة أو مخطوف يؤثر على السياسة والتفكير الاستراتيجي وقرارات الدولة. الحماسة والاندفاع لا يُكلف مالا، ولكن مغزاه مُكلف فعلا. هناك حاجة الى الهدوء وبرود الأعصاب".

واستطرد بن كاسبيت قائلا " منذ بداية أيار وحتى أمس الاول سقط على سدروت 166 صاروخ قسام، أمس سقطت أول قتيلة في الموجة الحالية ويعتبر عدد المصابين هامشي بالمقارنة مع الضرر النفسي والبيئي والانساني الذي لحق بالمدينة الاسرائيلية. ومع ذلك، يُطرح السؤال من أين ينظرون الى الامور. من سدروت تبدو الامور بصورة مختلفة عما هي عليه في القدس .

يتوجب الاعتراف بالواقع الوحشي الذي علقنا فيه لو كان القسام قد سقط داخل روضة اطفال أو صف دراسي لتحدث عن ذلك المسؤولون بصورة مغايرة تماما. لأن ما يحدث هنا في نهاية المطاف هو رد فعل مشروط مرتبط بمحك ومعيار السخافة هناك حاجة ماسة الى إتاحة المجال للمستوى السياسي المتكلس في ظل أضواء فينو غراد المسلطة عليه، حتى يرسل الجنود الى عملية برية، عندنا لا يتحركون إلا بعد الضغط، ولا يفهمون إلا لغة القوة، ولا يردون إلا عندما لا يكون هناك خيار آخر.

واضاف بن كاسبيت " في هذه الاثناء تتحول مدينة داخل اسرائيل الى منطقة تدريب بدائية لعصابات الارهاب، آلاف الناس ينظرون الى حياتهم المدمرة، الاطفال يفقدون براءة الصبا والتلاميذ يضيعون امتحانات الثانوية العامة ولا أحد يتكلم، وحتى أركادي غايدماك لم يعد يملك حيلة جديدة لتخفيف الخوف. تفريط وإهمال مطبق لم تكن أية حكومة في العالم لتسمح به لنفسها، في اسرائيل فقط، لا في اوروبا ولا في امريكا ولا في باقي أرجاء العالم بالتأكيد والروس الذين يتبجحون بالاخلاق طوال الوقت دمروا الشيشان وحولوا غروزني الى أنقاض وقتلوا عشرات الآلاف من المدنيين على شيء أقل من هذا بكثير".

اريئيل شارون في حينه كان يفيق في الليل على صوت صواريخ القسام التي كانت تسقط على مسافة غير بعيدة منه. كان ينهض ويستشيط غضبا، شارون كان يرفع سماعة الهاتف فورا لوزير الدفاع موفاز، في الاسبوع الماضي تذكر موفاز هذه المقاطع التي كانت بينه وبين شارون الذي هدد قبل فك الارتباط وقال "اذا أطلقوا علينا صواريخ القسام بعد انسحابنا فسيكون ردنا فظيعا وقويا وتحدث عن رد فعل غير متناسب، خلال النقاشات المغلقة طالب شارون باطلاق مدفعية "عوراء" نحو المنطقة التي تخرج منها صواريخ القسام. الاشخاص في الغرفة كانوا يتصببون عرقا غير مرتاحين للأمر. "أنا أريد أن توضحوا لي لماذا لا؟" كان شارون يُصر، "لماذا لا يمكن لدولة أن ترد من خلال اطلاق النار على الاشخاص الذين يطلقون النار على مواطنيها الوادعين؟". حاولوا أن يوضحوا له حتى يفهم، إلا انه كان يرفض أن يفهم دائما".

أمس في الساعة التاسعة والربع مساء" سجلت لحظة تلفزيونية نادرة: في تلك الثانية بالضبط ظهور عمير بيرتس في القناة الاولى في برنامج حول الوضع في سديروت بينما كانت زوجته " أحلامه" تتحدث مع يائير لبيد على القناة الثانية و كان اهود اولمرت يشق طريقه نحو سديروت، "حتى يعانق المواطنين". من شدة العناق والأحاديث والمقابلات التلفزيونية لا يحاول أحد ابتداع حل خلاق.

وزارة الخارجية تحولت منذ زمن الى نكتة ممجوجه ، المدير العام اهارون ابراموفيتش هو توأم رعنان دينور، مدير عام ديوان رئاسة الوزراء. المداولات والأحاديث والكلام الفارغ بلا نهاية وبلا مضمون و بدل من أن يكونوا الآن في ذروة حملة دولية هائلة لاضفاء الشرعية على الردود الاسرائيلية التي يمكن أن تحدث من قبل اسرائيل ردا على القسام، وكشف وجه حماس الحقيقي، تجلس الوزيرة تسيبي لفني في سديروت وتلتقط الصور وبدلا من بلورة خطة سياسية اقتصادية تحوّل كل المشاريع والاموال في قطاع غزة الى شيء حقيقي على الارض، يواصل قادتنا بمن فيهم شمعون بيرس التقاط الصور في قمة دافوس في يوم الاحد ممتنعين عن إضفاء أي مضمون لما يأتي من الايام القادمة. هناك خطة دايتون ومشروع " أنكارا " والمال الياباني والمال الكندي والمشاريع الدولية المختلفة التي هي بمجملها امور يمكن لها أن تخلق وأن تبعث أملا ما لدى الغزاويين حيث يمكن للانسان أن يحصل على مائة دولار من عمل ايجابي بدلا من أن يحصل عليه من اطلاق صواريخ القسام على غربي النقب أو وضع عبوة ناسفة ولكن على الارض لا يحدث أي شيء.

في الجيش ايضا يفقدون صبرهم. رئيس هيئة الاركان طرح أمام المجلس الوزاري المصغر خمس درجات من العمليات الممكنة. الاولى في الحد الأدنى، أما الخامسة فتعني اجتياح غزة مباشرة. نحن موجودين الآن بين الدرجة الاولى والثانية، لا توجد نية للتقدم الى الأمام في هذه المرحلة. مطالبة الجيش برد على صواريخ القسام من دون عملية عسكرية ملموسة تشبه مطالبة الأعمى بالبحث عن الكنز. الجيش يملك خطة منظمة لاحتلال شريط أمني في المنطقة الشمالية من القطاع، وهذا لن يحل المشكلة ولكنه سيخفض وتيرة الصواريخ على سديروت بصورة ملموسة.

المستوى السياسي لا يصادق عليها. من الناحية الاخرى أوضحوا أمس في حاشية رئيس الوزراء بأن القرار قد اتّخذ: حماس قد قررت العودة الى الارهاب على ما يبدو وليس الى الصواريخ فقط.

اسرائيل من ناحيتها قررت العودة الى الحرب الجلية ضد حماس. حتى اذا توقف اطلاق صواريخ القسام غدا صباحا، فان الوضع لن يعود الى سابق عهده، كما يقولون في حاشية اولمرت. الصراع ضد حماس سيتواصل بشدة. القيادة السياسية ليست في دائرة الاستهداف، خلافا لما نُشر، لاسباب منها انها غير ذات صلة. القيادة العسكرية هي المطلوبة وبشدة. كل القيادة العسكرية التي ستنزل من الآن تحت الارض، الامر الذي سيُصعب عليها القيام بنشاطاتها. اسرائيل ستعود الى الهجوم، ولكن في هذه الاثناء علينا أن نواصل إحصاء عدد القتلى والجرحى.