الأحد: 13/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

نظره إسرائيلية: محمد ضيف وواقع غزة بعد عام على الحرب

نشر بتاريخ: 13/11/2013 ( آخر تحديث: 14/11/2013 الساعة: 08:11 )
بيت لحم- معا- فقد رجليه ويديه خلال محاولات تصفية إسرائيلية ويتحرك على كرسي متحرك لكن شيئا لا يحصل داخل كتائب القسام دون أمره.

كان مرافقا للمهندس يحيى عياش يركز نشاطه حاليا في مجال عمليات التسليح وتهيئة البنية التحتية للمعركة القادمة انه محمد ضيف الذي شغل الفراغ الكبير الذي تركه اغتيال قائد القسام احمد الجعبري عشية اندلاع عملية "عنان السحاب" حسب تعبير صحيفة "معاريف" العبرية الصادرة اليوم الأربعاء ضمن تقرير موسع أعده ونشره الصحفي "اساف غبور" تحت عنوان "رجل حماس القوي: محمد ضيف".

يقف محمد ضيف على رأس الهرم القيادي بصفته القائد العام لكتائب القسام ورغم نجاته من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية فقد رجليه ويديه وإحدى عينيه بات يتحرك على كرسي متحرك وحالته الصحية غير واضحة ورغم الإعاقة وجلوسه على الكرسي المتحرك يصدر الأوامر لمقاتليه ويقود محاولات حماس زيادة نشاطها في الضفة الغربية وإعادة بناء بنيتها التحتية لكن حماس 2013 ليست هي ذات الحركة التي كانت قبل عدة سنوات او حتى قبل عام.

ليس فقط الضربة التي تلقتها خلال الحرب هي من غير وضع حماس بل الرهان الخطأ لقادة الحركة حين رأوا في صعود الإخوان المسلمين إلى سدة حكم مصر فرصة كبيرة لكن حول الجيش المصري والجنرال السيسي الأمر إلى كابوس بالنسبة لحماس التي بدأت تعتاد الواقع المر واجتاز قادتها السياسيين وكذلك قيادة الجناح العسكري مرحلة الأزمة الكبرى وأصبحوا يتدبرون طرقا جديدة لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية وقد نجحوا حتى ألان بالصمود والحفاظ على حكمهم في غزة.

الأزمة الكبرى:
كان 2012 عاما حاسما بالنسبة لحماس حيث قرر قادتها ترك بيتهم الدافئ في دمشق مؤمنين ومقتنعين تماما بنجاح الإخوان المسلمين في مصر فتركوا بشار الأسد وحيدا في حربه ضد المعارضة المسلحة واستطابوا حضن الإخوان المسلمين الدافئ في مصر.

وأغلق رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل مكاتب القيادة السياسية في العاصمة السورية دمشق وتوزع أفراد هذه القيادة بين لبنان وقطر ومصر وبهذا انتهى العشق التاريخي بين حماس ودمشق بخاتمة اتهمت فيها حماس بشار الأسد بارتكاب المذابح ضد شعبه.

لكن السقوط الكبير لنظام حكم الإخوان في مصر لم يتأخر كثيرا لتتحول حماس إلى أكثر حركة مكروهة من قبل النظام المصري الجديد واتهم الجيش المصري حماس بممارسة الإرهاب في سيناء وشن حربا لا هوادة فيها ضد الأنفاق التي تشكل الهواء الذي تتنفسه غزة ومنه تدفقت الأسلحة والأموال إضافة إلى أموال الضرائب الكبيرة التي فرضتها حماس على الأنفاق التي دمرها الجيش المصري الواحد تلو الأخر.

النزاع مع إيران:
استقبلت طهران التي مدت حماس سابقا بأموال كثيرة جدا قرار الحركة هجر العاصمة السورية بغضب شديد فأوقف تدفق الأموال إليها أو على الأقل خففت كثير من قوة التدفق الأمر الذي لم يبقي أمام الحركة سوى محاولة تسوية النزاع مع إيران فاخذ خالد مشعل يبذل جهدا كبيرا من اجل إصلاح الأمر مع إيران وإقناع المرشد علي خامينئي بالثقة مجددا بالحركة واعتبارها مجددا جزء من ثورته الإسلامية التي يقودها وتعتقد الأوساط الإسرائيلية إن تجدد إطلاق الصواريخ مؤخرا والنفق الكبير الذي تم اكتشافه هي رسائل حمساوية موجهة أولا وقبل كل شيء للجانب الإيراني وكأنها تريد ان تقول لهم بان المقاومة في غزة لا زالت حية وتتنفس وان حماس تواصل العمل ضد إسرائيل من تحت الأرض رغم الاتفاقيات التي وقعتها مع "العدو الصهيوني".

لم تحقق محاولات المصالحة مع إيران حتى ألان النتائج المرجوة واحد الأسباب محاولة إيران خلق صورة جديدة لها أمام الدول الغربية عموما والولايات المتحدة خصوصا لذلك لا تسارع لإعادة حماس التي صنفتها أمريكا كمنظمة إرهابية إلى حضنها إضافة إلى رغبة إيران تلقين حماس درسا قاسيا.

ولا تقتصر مشاكل حماس على الخارج فهناك مشاكل أخرى تواجهها داخل قطاع غزة وتتمثل بالحرب المستمرة ضد حركة الجهاد الإسلامي التي لا زالت تتلقى الدعم والمساعدة من إيران وبالتالي باتت تراكم قوتها ولزيادة هذه القوة تدير حركة الجهاد حملة دعوية تهدف إلى كسب التأييد الشعبي عبر مساعدة عائلات الأسرى والعائلات المحتاجة في القطاع.

وهناك منظمات صغيرة أيضا مثل "حركة تمرد" وجهات سلفية تشكل تحديا لنظام حكم حماس وتحاول ضرب قوة الحركة التي لا زالت الأقوى والمسيطرة داخل وعلى القطاع.

خلية السيطرة والتحكم:
سبب اغتيال احمد الجعبري في أول أيام عملية " عامود السحاب" ضربة قوية وصدمة شديدة لحركة حماس ووجد المقاتلون في الميدان صعوبة في القتال في ظل غياب قائدهم المركزي وأعيد هذه الأيام ترتيب خلية السيطرة من جديد على هذا النحو: تولى مهام القائد العام مجموعة من القيادات مثل مروان عيسى الذي يوصف بقائد الجناح العسكري، رائد العطار الذي يعمل كرجل العمليات في الحركة.

تغيير انتشار القوات الميدانية:
تلقى الذراع العسكري التابع لحماس دعما وتعزيزا هامة منذ صفقة شاليط حيث يشارك عدد من محرري الصفقة في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتغيير الإستراتيجية القتالية القائمة حاليا على نظام "الكتائب" فقد قامت نظرية الحرب قبل "عامود السحاب" على مبدأ استنزاف العمق الإسرائيلي وممارسة ضغط نفسي عليه عبر الاستمرار بـ"تنقيط" الصواريخ قصيرة المدى ومواصلة إطلاقها لفترات طويلة ولا يتم إطلاق الصواريخ بعيدة المدى سوى لتحقيق أهداف معنوية اكبر.

لكن حماس وجدت صعوبة كبيرة في إقناع الناس في غزة وتقديم التوضيح المنطقي لهم عن الدمار الشديد الذي سببه الجيش الإسرائيلي لذلك قررت الحركة التحول إلى سياسة الجولات القتالية القصيرة وتقرر بالتنسيق مع الإيرانيين والجبهات الأخرى مثل حزب الله في لبنان الانتقال إلى الإنتاج المكثف للصواريخ بعيدة المدى والتزود بقوة نارية متنوعة مثل الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وصواريخ متطورة موجهة بالليزر مضادة للدبابات من نوع " كورنيت" وصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف من نوع "ستريلا" التي تهدف إلى تقييد حرية حركة الطائرات الإسرائيلية في أجواء غزة أو منع هذه الحركة الحرة إضافة إلى تمكين حماس من توجيه ضربة نارية قاتلة خلال جولة قتالية قصيرة.

وإضافة لما سبق ذكره من تنويع مصادر وأنواع القوة النارية عملت حماس على ترميم منظومة الأنفاق وتعزيزها بهدف مواصلة تهريب الأسلحة إضافة إلى استخدام الأنفاق في شن هجمات على الدوريات العسكرية الإسرائيلية وهناك أنفاق هجومية مثل التي اكتشافها مؤخرا وتهدف إلى تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية واختطاف جنود.

وتم حفر الأنفاق أيضا داخل قطاع غزة بهدف تحسين مستوى القتال ضد الجيش الإسرائيلي في حال دخل المنطقة وتوغل فيها ويمكن القول بان حماس قد أوجدت غزة تحت الأرض مبنية من شبكة أنفاق يستخدمها المقاتلين للانتقال الأمن بين المناطق المختلفة في ظل هجوم جوي إسرائيلي ومقابل الجنود الإسرائيليين في أي عملية قادمة وسبق للحركة أن استخدمت وبشكل مقلص مثل هذه الأنفاق خلال عملية "الرصاص المصبوب" لغرض التحرك والاختفاء من الغارات الجوية.

وأخيرا يمكن القول إن حماس ليست جاهزة حتى ألان لخوض المواجهة القادمة مع الجيش الإسرائيلي وذلك رغم الاستعدادات المحمومة التي تقوم بها ولا زالت القيادة السياسية برئاسة خالد مشعل أقوى من القيادة العسكرية وأكثر تأثيرا وبالتالي لا زالت هذه القيادة تفرض احترام اتفاق التهدئة الموقع مع إسرائيل وفقا لما اختتم به الصحفي الإسرائيلي تقريره المطول.