الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتاب " نصب تذكاري" صرخة أمل للحياة والحرية القادمة

نشر بتاريخ: 16/11/2013 ( آخر تحديث: 16/11/2013 الساعة: 11:44 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على الإصدار الجديد عن وزارة الأسرى للكاتبين والأسيرين المحررين حافظ أبو عباية ومحمد البيروتي والذي جاء بعنوان" نصب تذكاري" والواقع في 216 صفحة من القطع المتوسط.

ويستحق أن يطلق على هذا الكتاب بالموسوعة حيث ضم حياة وسيرة 47 أسرا قضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال اغلبهم انتقل إلى رحمة الله تعالي ، وقد عاشوا التجربة الاعتقالية في كافة مراحلها وتطورها خاصة في السنوات القاسية وفي فترات السبعينات والثمانينات .

ويحفر الكاتبان أسماء مناضلين على هذا النصب مستعرضين تفاصيل حياتهم ونضالاتهم وعطاءهم خارج القضبان وداخلها لنكشف كما قال الكاتبان أن مساحة الوطن تمتلئ بالدم المسفوح على صخوره، لأن الوطن ليس مساحة مكانية فقط وإنما مساحة زمنية تمتد على بضعة آلاف من السنوات، فلكل شبر شهداؤه، ولكل سنة شهداؤها.

هذا الكتاب القيّم الذي يفجر الذاكرة في حكايات حقيقية التحمت بلحمها ودمها وصمودها مع الأرض والإنسان والأحلام، وظلت واقفة وخضراء كشجرة الزيتون التي هي غلاف الكتاب.

وجمع الكاتبان ذكريات ومسيرة فدائيين ومقاتلين عاشوا الثورة والاشتباك واقتحموا لحظات الموت ألف مرة، نذروا أنفسهم لفلسطين روحا ودما و وفاءا، وصبروا سنوات عجاف قاسيا داخل السجون والمعسكرات وأقبية التحقيق.

فكل الاحترام للكاتبين أبو عباية والبيروتي اللذين ملكا ذاكرة جمعية استطاعا من خلالها أن يذهبا مع رجال النصب التذكاري إلى حيث انطلقوا من قواعدهم وخاضوا المعارك ضد الاحتلال، لملما جراحهم وأفكارهم وحكاياتهم الإنسانية عن كل حجر وحبة تراب، من كل موقع ومغارة ، ومن كل قرية ومدينة ومخيم ليقولا لنا: هؤلاء المقاتلون ارتبطوا بفكرة تحرير فلسطين، وهذا طريق محفوف بالمخاطر التي تؤدي عادة إما إلى الموت أو إلى المعتقل ، وهما أمران ذاقهما رجال النصب التذكاري.

الكاتبان عاشا معهم داخل السجون واستمعا إلى رواياتهم، تمعنا في بطولاتهم وأساطيرهم، شاهداهم يواصلون درب النضال رغم القيد وحفلات وسياسات القمع، ورأيا كيف تجلت البطولة أكثر عندما تحولت السجون إلى قلاع ومدارس أسقطت مخططات إدارة السجون، ونقلت الأسرى من كونهم أصفارا وأشباحا إلى كيان واضح الملامح والهوية رغم الغياب.

يقول الكاتبان: السجون بالنسبة للمقاتلين الفلسطينيين ليست نهاية مرحلة، بل بداية مرحلة جديدة مليئة بالزخم والتحدي، مرحلة نضالية اشد شراسة مما سبقها أو يليها، تحتاج إلى الشجاعة والمثابرة والانتماء والصبر والعمل بما يفوق مرحلة القواعد والعمليات العسكرية، وهذا ما ميز رجال النصب التذكاري موضوع الكتاب.

إقرأوا نصب تذكاري لأنه لا شيء في حياتنا جدير بان يكرم سوى حقنا في حياتنا التي نريدها كما نريد أن تكون، وناضل هؤلاء الأبطال وغيرهم من اجلها ، اقرأوه لتتعرفوا على خطى رجال لازالت آثارها محفورة في المكان، مشوا طويلا على درب الآلام لبلوغ القدس وإضاءة شمس الحرية.

نصب تذكاري ليس فقط كتاب توثيق لشهداء رحلوا أو لأحياء مازالوا يعيشون الأمل، ولا هو كتاب رثاء، وإنما كتاب حياة لشعب لازال يكافح من اجل حق تقرير مصيره في سبيل الحرية والحياة والاستقلال.