السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

دراسة: قانون برافر ثعلب يتلفع بزي حمل

نشر بتاريخ: 20/11/2013 ( آخر تحديث: 21/11/2013 الساعة: 09:18 )
بيت لحم- معا - أجرى المركز العربي للتخطيط البديل دراسة حول قانون برافر كشف خلالها عن المخاطر المحدقة بالقرى غير المعترف بها وبسكانها الذين يتهددهم خطر الاقتلاع والتشريد لو تمّ تطبيق القانون كما صودق عليه.

وأشار المركز إلى أن إحدى الحبائل التي يعتمدها القانون حتى يسهل تمريره تتلخص في التعمية والتمويه وإطلاق العبارات والمصطلحات التي تحتمل التفسير والتأويل على أوجه عديدة ومتناقضة.

التي تهدف إلى فضح ادّعاءات الحكومة والمروجين لقانون برافر بواسطة إيجاد مساحة الأراضي التي ستتبقى للمواطنين البدو فيما لو تمّ تطبيق القانون كما صودق عليه,

وكانت الكنيست في نهاية الدورة الصيفية لعام 2013 صادقت بالقراءة الأولى على مشروع قانون: تنظيم استيطان البدو في النقب. وللإيجاز يطلق على هذا القانون اسم "قانون برافر" – ألا وهو المسؤول في مكتب رئيس الوزراء الذي أعدّه ووضع تفاصيله.

ويهدف القانون, من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية, إلى تسوية النزاع على ملكية الأراضي في النقب الدائر منذ عقود بين المواطنين العرب – البدو وبين السلطات الرسمية. كما ويعتمد القانون مخططا رسميا تمّت المصادقة عليه من قبل مؤسسات التنظيم والبناء يشكّل الإطار العام لواقع ومستقبل البلدات والقرى العربية غير المعترف بها.
|251201|
وتتبجح الحكومة وأذرعها المختلفة بأن قانون برافر يشكل مبادرة حسن نوايا لا سابقة لها في سجل تعامل الدولة مع مواطنيها لكونه يمنح المواطنين البدو حقوق ملكية على أراضيهم وحقولهم ومضاربهم وقراهم.

وفيما يلي ملخص موسع للدراسة بتفاصيلها واستنتاجاتها وتوصياتها, مع حثّ الجميع للاطلاع على مجمل الدراسة المنشور في موقع المركز العربي للتخطيط البديل.

تسلسل تقديم إدّعاءات الملكية على أراضي النقب العربية
خلال السنوات 1971-1979 قدم السكان البدو لسلطات الدولة المختصة 3220 طلب إدّعاء ملكية على اراضيهم في شمال النقب (كما يقتضي القانون الانتدابي لتسوية الأراضي). وبلغت مساحة الأراضي المشمولة في هذه الادّعاءات نحو 777 الف دونم، 60% منها اراض ٍ زراعية و40% مراع ٍ. ويشار إلى أنّه لم تقدم ادّعاءات لتثبيت الملكية على أراض ٍ استخدمها المواطنون بشكل جماعي، بسبب عدم وجود أجسام أو مؤسسات ترعى المصالح الجماهيرية العامة للتجمعات البدوية المختلفة حينذاك.

حتى اليوم تمّت تسوية نحو 200 الف دونم من الأراضي المذكورة، منها نحو 150 الف دونم من خلال اتفاقيات بين الدولة والمالكين (غالبيتها بالضغط والإكراه)، ونحو 50 الف دونم بقرارات قضائية, دون أن تصدر المحاكم ولو قرارا واحدا لصالح المطالبين بتثبيت ملكيتهم على أرضهم.

لغاية ايلول عام 2011 بقيت ادّعاءات ملكية عالقة بدون تسوية تمتدّ على مساحة نحو 589 الف دونم، منها 67 الف دونم تقع داخل البلدات البدوية المعترف بها. نحو 347 الف دونم من الاراضي المطالب بتثبيت ملكيتها يستخدمها أصحابها وتوجد في حيازتهم (حوالي 60%)، ونحو 242 الف دونم لا يستخدمونها وتوجد في حيازة الدولة مباشرة (حوالي 40%). أمّا الأراضي التي تقوم عليها القرى غير المعترف بها فتصل مساحتها الى 130 الف دونم تقريبًا.

المساحة العامة لما يسمّى "منطقة التعويضات" حسب اقتراح قانون برافر (أي بكلمات أخرى جيتو برافر) تصل الى 1,606 الف دونم (أي 1,606 كيلومتر مربع). فقط في هذه المنطقة يمكن منح المطالبين بملكية اراضيهم بأرض بديلة. نحو 95% من منطقة التعويضات تقع إلى الشرق من شارع 40 (وهو الشارع الرئيس الموصل إلى بئر السبع من جهة الشمال) ما عدا جَيبان محدودان يقعان غربي الشارع: راهط وبئر هداج. تبلغ مساحة الأراضي المطالب بتثبيت ملكيتها خارج "جيتو برافر" حوالي 141 الف دونم، وداخله نحو 448 الف دونم.

ان تحديد منطقة خاصة للسكان البدو في النقب (أي جيتو برافر) مشابه لمجموعة القوانين العنصرية لنظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا تحت اسم GROUP AREAS ACT، التي حددت المناطق المنفصلة لسكن وعيش المجموعات السكانية المختلفة (البيض والسود).

مساحة الأراضي التي قد يعترف بملكية أصحابها عليها
سيتم تحديد مساحة الأرض التي سيتم الاعتراف من قبل الدولة بملكية أصحابها عليها وفق المعايير والشروط التالية: اذا كانت الارض المطالب بها مستغلة من قبل مقدّم الإدّعاء وتقع تحت حيازته؛ مدى المصادقة على طلبات الملكية العالقة واستعداد المطالبين في الدخول في مسار التسوية الذي يعرضه القانون؛ أي جزء من الأرض المطالب بها سيُعترف به كأرض مستغلة (حسب استمرارية الاستغلال والاستخدام)؛ أي جزء من تعويض الارض سيعطى داخل البلدات القائمة؛ ونوع وجودة الارض الزراعية خاصةً (كتعويض / تعويض مادي).

لقد تم اجراء عدد من السيناريوهات باستخدام المعلومات حول طلبات تثبيت الملكية والمعايير المذكورة. ففي أحسن الأحوال ستبلغ مساحة الأراضي التي ستعترف الدولة بملكية أصحابها عليها نحو 234 الف دونم (نحو 30% من المساحة الأصلية للأراضي المطالب بها، ونحو 40% من مساحة الأراضي التي لم تتمّ تسويتها بعد)، ونحو 1,42 مليارد شاقل تعويضات مالية.

بموجب سيناريو آخر فقد تنخفض مساحة التعويضات إلى نحو 42 الف دونم (نحو 5% من المساحة الأصلية للأراضي المطالب بها، ونحو 7% من مساحة الأراضي التي لم يتم تسويتها بعد)، بالإضافة الى 2,2 مليارد شاقل تعويضات مالية.

في حال منح طالبي تثبيت الملكية تعويضا من مخزون الأراضي التي ما زالت تُستخدم للزراعة داخل البلدات القائمة والمعترف بها، فستتقلص مساحة الأراضي بشكل حاد. حتى أنه من الجائز أن الأراضي الزراعية في البلدات القائمة ستكفي لتعويض طالبي الملكية جميعهم. هذا الأمر يعني أنه لا حاجة، من وجهة نظر الحكومة والسلطات، للاعتراف ببلدات "غير معترف بها" أخرى او اقامة بلدات جديدة. وتعني هذه الحالة تنفيذا لمخطط اقتلاع البدو وتجميعهم وحشرهم في القرى القائمة.

هناك تخوّف من أنّ اللجان المختصّة التي ستشكل وتعمل على تنفيذ القانون ستتنكر لحقيقة أنّ أبناء المجتمع البدوي استخدموا وقاموا بفلاحة الأراضي التي قدّموا ادّعاءات ملكيّة عليها. الأراضي التي تم استخدامها للرعي غير مشمولة ضمن تعريف "أرض مستخدمة". وتطلق الحكومة الادعاءاتالتهديدات بأنها تحتفظ بصور جوية تثبت أن البدو سيطروا على هذه الأراضي التي قدموا ادعاءات ملكية مفبركة بخصوصها.

اقتراح الوزير السابق بيجن (الذي تولى ملف القانون) باضافة 25% لمساحة أراضي التعويض لطلبات تثبيت الملكية على الأرض المستخدمة، رُفض ولم يتم دمجه في اقتراح القانون. نظرًا لذلك فان عملية الاستماع للجمهور (وليس "اشراك الجمهور" او "التشاور مع الجمهور" كما هو متبع ضمن مسارات التخطيط) كان فارغًا من أي مضمون ومني بفشل كبير.

ليس هناك أي تأكيد او التزام من قبل الحكومة حول مكان الاراضي التي سيتم تخصيصها للتعويض، ليس مضمونًا ان يتم تعويض كل مُطالب بالمنطقة التي طالب بها. مع ذلك ليس هناك أي تعهد بأن الأرض التي سيتم التعويض بها ستُستخدم لأغراض سكنية او زراعية أو أي تطوير.
التداعيات التخطيطية
المرجعية التخطيطية التي اعتمدها القانون هي الخريطة الهيكلية لمنطقة بئر السبع ??"? 23/14/4 (الخريطة الهيكلية المنطقية) حيث ستشكل الاطار لاختيار مناطق تخصيص أراضي التعويض، وكل القرارات بشأن الاعتراف بالقرى غير المعترف بها، أو اقامة قرى جديدة.

الخريطة الهيكلية المنطقية هي مخطط يستند على أسس ومفاهيم وتوجهات تعود إلى مرحلة ما قبل توصيات جولدبرج، لذلك لا يمكن اعتمادها كاطار ومرجع تخطيطي لقانون يحاول أن يعرض توجها ودّيا مختلفا عن التوجهات المعادية للمواطنين البدو (كما تدّعي الحكومة وأبواقها).

على الرغم من ان السكان البدو يشكلون 19% من سكان لواء الجنوب (في نهاية 2011)، فان عدد البلدات البدوية المعترف به يصل الى 7% من مجمل بلدات اللواء، بينما لا تتعدى منطقة نفوذها 1% من مساحة اللواء.

وفق مصطلحات قانون برافر (الاضافة الأولى)، فان عدد البلدات البدوية القائمة في النقب هو 17 فقط، 7 بلدات و10 قرى تم الاعتراف بها خلال العقد الأخير، مؤطرين ضمن مجلسين اقليميين، القسوم وواحة الصحراء (اللذان تم اقامتهما بدلاً من المجلس الاقليمي أبو بسمة). هناك بلدتان بدويتان اضافيتان يستوفيان كل شروط قانون برافر كبلدتين قائمتين (بذلك يصل عدد البلدات القائمة المعترف بها الى 19).

احتمالات بقاء القرى غير المعترف بها
المخطط الهيكلي المنطقي، الذي يستند عليه قانون برافر بشكل مطلق لتحقيق أهدافه، يحصر امكانية اقامة (أو الاعتراف بـ) قرى جديدة في المناطق المعرفة "مناطق قروية زراعية مشتركة" فقط. كذلك تخصيص أراض للتعويضات للمطالبين بالملكية من الممكن ان تتم في مناطق: منطقة قروية زراعية مشتركة، مناطق قروية زراعية، مناطق صحراوية، ومن مخزون الاراضي الزراعية المستخدمة للزراعة ضمن البلدات القائمة والمعترف بها فقط.

القرى غير المعترف بها تقسم الى مجموعتين بالنسبة لفرص بقائها من وجهة نظر القانون إذا تمّ تنفيذه: 17 قرية تتمتع بفرصة نظرية (ولكن غير مضمونة أو مؤكدة أبدا) للاعتراف بها، وكذلك 17 فرص بقائها تكاد أن تكون معدومة, مما يعني اقتلاعها وتهجير سكانها.

نصف عدد سكان القرى غير المعترف بها مهددون بالاقتلاع من قراهم ومن بيوتهم وتدمير حياتهم. سكان القرى غير المعترف بها يشكلون نحو 70-90 الف مواطن. بناءًا على ذلك 35-45 الف مواطن يتهددهم خطر الترانسفير الى مناطق غير معلومة.

ليس هناك وضوح او أي تعهد بأن القرى الموجودة ضمن المناطق القروية الزراعية ستحصل على اعتراف من الدولة وسيسمح لها بالبقاء والتطور وستمنح صفة بلدية رسمية (وهي قرى المجموعة الأولى أعلاه).

تلخيص وتوصيات
يجب التنبه إلى أنّ الحكومة قد تلجأ إلى تأجيج الصراعات الداخلية واختلاق الخلافات بين المجموعات المختلفة التي تطالب بتثبيت ملكيتها على أرضها, وذلك عن طريق تحويل ملكية أراض تعود تبعيتها إلى مجموعة معينة إلى مجموعة أخرى من المواطنين وبذلك قد تتسبب بخلق وإثارة الاقتتال والنزاعات الداخلية (هنا يجدر التنويه إلى الدرجة العالية من الوعي بين المواطنين البدو اللذين لم يقعوا في هذا المطبّ لغاية الآن بل احترموا حقوق بعضهم البعض عل أرضهم وممتلكاتهم).

يتوجب على الحكومة إعداد مخطط هيكلي منطقي يسعى لتحقيق الهدف العادل والمنشود: الاعتراف بالقرى غير المعترف بها مكانها، والاستجابة لطلبات الملكية للسكان البدو على أراضيهم التاريخية. إذ أنّ الاستناد التام على المخطط المنطقي ??"? 23/14/4 من أجل "تسوية توطين البدو" هو أمر غاية في الغباء أو كسل وترهل تخطيطي لا مبرر له.

تشويه الحقيقة وانكار الحقوق التاريخية للسكان البدو في النقب، والغموض وعدم الوضوح الذي ينتهجه القانون بالنسبة لملكية الأراضي واستمرارية بقاء القرى غير المعترف بها، والتهديدات بتنفيذ القانون بالقوة، والتنكر القاطع لرغبات الجمهور وعدم اشراكه في المداولات المتعلقة بالقانون، والمحاولات لزرع الفتن والصراعات بين المجموعات السكانية المختلفة من المطالبين بتثبيت ملكيتهم وغيرها – كل هذه الأسباب تؤدي الى رفض القانون رفضًا قاطعًا وإلى ضرورة النضال من أجل إلغائه كليّا.