الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بين جنون ليبرمان وحكمة شمعون بيرس

نشر بتاريخ: 02/12/2013 ( آخر تحديث: 04/12/2013 الساعة: 11:35 )
بيت لحم- معا - تحولت الولايات المتحدة الأمريكية والعلاقات التي تربطها بإسرائيل منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني إلى مادة خصبة للتجاذب السياسي الإسرائيلي، وصولا إلى حالة من التخبط فيما يتعلق بتوصيف العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وتحديد مدى أهميتها وإستراتيجيتها بالنسبة لإسرائيل التي بدأ ساستها كمن اكتشف الماء الساخن يتسابقون فيما بينهم على توصيف هذه العلاقة .

وبعد آن فجر نتنياهو الأزمة بشكل علني ووصف الاتفاق بالخطأ التاريخي ردا على توصيفه من قبل أمريكيا ودوليا بالاتفاق التاريخي، ومحاولة نتنياهو العبث في ساحة البيت الأبيض الخلفية عبر تحريض أعضاء من الكونغرس على فرض مزيد من العقوبات على إيران لإدراكه بان قرارا من هذا النوع سيؤدي بالضرورة إلى إلغاء الاتفاق، ووصل الأمر بنتنياهو لدرجة التهديد بالقيام بعمل عسكري منفرد الأمر الذي اجبر وزير خارجية بريطانيا "وليم هيغ" إلى التصريح والتهديد بشكل علني طالبا من إسرائيل عدم تجاوز الخطوط الحمر، مؤكدا أن بريطانيا تراقب عن كثب وتعرف كيف ومتى توقف أي محاولة لتخريب الاتفاق .

وحين لامس الشطط السياسي الإسرائيلي حدود الخطر الشديد فيما يتعلق بالعلاقات مع اكبر وأفضل حلفاء الدولة العبرية تدخل شيخ السياسة الإسرائيلية وكبير دهاتها الرئيس الحالي شيمعون بيرس، متصلا تارة بالمسؤولين الأمريكيين ومصرحا تارة أخرى بأهمية العلاقات مع أمريكيا وبضرورة النظر إلى النصف الممتلئ من الاتفاق مع إيران وعدم الانجرار إلى مواجهة علنية مع الإدارة الأمريكية . |253400|

لكن تصريحات بيرس لم توقف الرعونة السياسية الإسرائيلية حسب وصف الكثير من الخبراء ووسائل الإعلام، فأدلى وزير الخارجية الإسرائيلية " افيغدور ليبرمان " بتصريح نادر وغير مسبوق فيما وصفته وسائل إعلام أخرى بالساذج، دعا فيه إسرائيل إلى ضرورة البحث عن حلفاء آخرين بدلا من أمريكا .

تصريحات ليبرمان أثارت اليوم "الاثنين" رد فعل وزير المالية ورئيس حزب "يش عتيد "يائير لبيد " الذي وصف عبر مقابلة صحفية منحها اليوم لشبكة CNBC العلاقات مع أمريكا بأكبر ذخر استراتيجي بالنسبة لإسرائيل .

"ربما كان اكبر وأهم ذخر استراتيجي تمتلكه إسرائيل هو علاقاتها الحميمة مع الولايات المتحدة، واعتقد بأنه لا ضير في حدوث خلافات داخل العائلة الواحدة واعتقد بان الجدل الحالي لا زال في إطار العائلة " قال لبيد للشبكة الأمريكية .

وأضاف لبيد " في إسرائيل يدركون تماما بان الإدارة الأمريكية تسعى للأفضل وتعمل في ظل شروط ليست سهلة، وأنا اعتقد بأننا ربحنا استعدادها للإصغاء لنا ويجب على الناس أن يتفهموا لماذا كان موقفنا متشددا حيال الاتفاق لان الخطر بالنسبة لنا ليس أمرا نظريا بل وجوديا لأننا نتحدث عن نظام يدعو علنا إلى إبادة إسرائيل ".

ولم يتأخر رئيس وزراء إسرائيل السابق ايهود اولمرت عن دخول ميدان السجال وشن خلال محاضرة ألقاها أمس أمام مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب هجوما غير مسبوق على نتنياهو متهما إياه بشن حرب على اكبر وأفضل حلفاء إسرائيل دون إدراك أو فهم لعواقب هذه المواجهة العلنية .

"هناك رئيس واحد للولايات المتحدة هو باراك اوباما لكن يمكنكم ان توهموا انفسكم بوجود رئيس اخر نطرح عليه شروطنا وتحذيراتنا فيتبناها فورا ويشرع بالعمل وفقها منذ الصباح لكن هل هذا الامر منطقيا ومعقولا ؟ " قال اولمرت .

وتساءل اولمرت ردا على زيارة نتنياهو الأخيرة لروسيا ومحاولته إقناع الرئيس الروسي عرقلة توقيع الاتفاق مع إيران " وقت الحاجة من أين تأتيكم النجدة من اوباما أو من بوتين ؟ عليكم أن تدركوا أهمية العلاقات مع أمريكا وعدم إخراج الخلافات معها إلى العلن مهما كلف الأمر ".

تسود أوساط المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية حالة من القلق العميق مما اسماه موقع " معاريف" العبري بتصميم الولايات المتحدة وإصرارها على التوصل لاتفاق نووي نهائي ودائم مع إيران .

ورغم وجود اتصالات بين البيت الأبيض والكابينت الإسرائيلية لم تعد الولايات المتحدة كما كانت عليه قبل أزمة الاتفاق مع إيران وبات يسمع في إسرائيل أصوات واضحة وجلية تتهم اوباما بقيادة الأوضاع نحو الكارثة .

وتعتقد الأوساط السياسية الإسرائيلية ان دائرة إيديولوجية ضيقة تحيط بالرئيس اوباما تحمل لواء إيديولوجيا الانعزالية والانكفاء على الذات والتملص من المواجهات على الساحة الدولية والتهرب منها ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل في منطقة جنوب شرق أسيا " كوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي" .

وفيما يتعلق بالموضوع الإيراني تدعم الدائرة المحيطة بالرئيس فكرة التوصل لاتفاق دائم والسماح لإيران بالوصول إلى نقطة او وضع دولة شبه نووية " على حافة نقطة اللاعودة النووية " ومقاومة البرنامج النووي الإيراني والإمساك به بما يمنع إيران من إمكانية تحقيق اختراق نحو القنبلة النووية دون ان تلاحظ القوى الغربية ذلك في الوقت المناسب.

وتصف الأوساط الإسرائيلية هذا السيناريو في حال تحقق بالكارثة بالنسبة لإسرائيل التي تفسر الأمر بالسماح لإيران بالبقاء على مسافة 3 أشهر فقط من إنتاج القنبلة النووية رغم اعترافها " إسرائيل" بان مجموعة " التسليح " الإيرانية لم تحقق تقدما كبيرا .

وعلى الصعيد الشعبي اظهر استطلاع جديد للرأي نشره اليوم " الاثنين" مؤشر السلام التابع للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية بالاشتراك مع معهد " فانس" في جامعة تل أبيب تأييد نصف الإسرائيليين لتخفيف الارتباط والتعلق الإسرائيلي بالولايات المتحدة.

وبين الاستطلاع تراجع ثقة الإسرائيليين بالولايات المتحدة على ضوء الاتفاق مع إيران والضغوط الأمريكية الممارسة خلال المفاوضات مع الفلسطينيين حيث عبر 45% من المستطلعة أرائهم عن عدم ثقتهم بالولايات المتحدة رغم اعتقاد 70% بان فرصة إيجاد حليف واحد يحل مكان الولايات المتحدة فرصة غير حقيقية وغير واقعية وغير واردة بالحسبان .

وأعرب 72% من الجمهور اليهودي في إسرائيل عن اعتقاده بان أمريكا اكبر وأكثر حليف موثوق بالنسبة لإسرائيل منذ حرب 67 فيما قال 80% من اليهود بان وجود إسرائيل مرتبط بشكل أو بأخر بالولايات المتحدة .

وفيما يتعلق بالاتفاق مع إيران قال 81% من الإسرائيليين بان الاتفاق لن يوقف البرنامج النووي الإيراني ولن يوقف سعيها الحصول على سلاح نووي.

وفيما يتعلق برأي اليهود بأداء نتنياهو خلال الأزمة اظهر الاستطلاع عدم رضا اليهود عن أداء نتنياهو فمنحوه درجة متدنية جدا 6:6 درجة من عشرة درجات هي سلم القياس .