الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خبراء قانون واقتصاديون يجمعون على اهمية العلاقة التبادلية بين القطاع الخاص والقضاء في تحقيق التنمية

نشر بتاريخ: 01/06/2007 ( آخر تحديث: 01/06/2007 الساعة: 01:04 )
البيرة - معا- اجمع خبراء اقتصاد وقانون فلسطينيون وعرب شاركوا في فعاليات مؤتمر العدالة الفلسطيني الثاني "علاقة القطاع الخاص بالقضاء ودورهما في التنمية وتجسيد سيادة القانون " الذي ينظمه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء"مساواة"، خلال افتتاح اعماله امس في مدينة البيرة على اهمية العلاقة التبادلية والمترابطة ما بين القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات وتعزيز سلطة القضاء وتطبيق سيادة القانون في الاراضي الفلسطينية، مشددين على اهمية بلورة خطة وطنية متكاملة بمشاركة كافة الاطراف ذات العلاقة لتفعيل دور السلطة القضائية بما يساهم في توفير بيئة تنموية حقيقية.

وشدد المشاركون في اطار توصياتهم لليوم الاول، على حاجة القضاء الاداري لرفده بالعدد الكافي من القضاة المؤهلين المتخصصين، وتاهيل ممثلي النيابة لدى القضاء الاداري، والحفاظ على هيبة القضاة واستقلاليته، واهمية انتظام عقد مثل هذه المؤتمرات النوعية.

ونقل عدنان عمرو، مستشار الرئيس محمود عباس، تحيات الرئيس للمؤتمر الذي يعقد في ظروف بالغة الصعوبة، مشددا في مداخلة له على حرص الرئيس على استقلال السلطة القضائية وتسهيل عمل القضاة.

وشهدت فعاليات المؤتمر المفترض ان تتواصل اليوم، جملة من النقاشات والمداخلات التي لامست بصورة مباشرة حالة السلطة القضائية في الاراضي الفلسطينية، واهمية وضع اليات واضحة لمعالجة الخلل القائم.

واكد رئيس مجلس ادارة "مساواة" ياسر جبر ان انعقاد المؤتمر ياتي في وضع يعاني فيه الوطن من الجراح، جراح الاحتلال وانعدام الحرية والفلتان الامني والحصار الاقتصادي وكل ما يبثق عنه من معاناة ، مشددا على ان المؤتمر يهدف الى تكريس وتثبيت احد الركائز الاساسية الثلاثة التي يقوم عليها اي دولة وهي السلطة القضائية بشكل خاص والسلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل عام.

واستعرض جبر اهم الانجازات التي عملت مساواة على تحقيقها بما في ذلك دراسة القوانين التي صدرت عن السلطة ومدى امكانية تطبيقها في خدمة صالح الوطن والمواطن.

واشار الى ان محصلة الاهداف الرئيسية لرسالة مساواة هي دعم انشاء دولة العدالة وسيادة القانون وتعزيز مبدأ فصل السلطات وحماية استقلال السلطة القضائية تفعيل رسالة المحامين وتنمية قدراتهم وانشاء نسيح من كافة المحاميين في كافة ارجاء الوطن عن طريق ايجاد ما يسمى بمحامين من اجل سيادة القانون لمراقبة تطبيق وتنفيذ القوانين.

واكد ان المؤتمر يعتبر الاول من نوعه الذي تنظمه مؤسسس اهلية على مستوى الاقليم بدعم واسناد مصادر مالية محلية وتناول موضوع علاقة القضاء بالقوى الاقتصادية دونما تفريط باستقلالية القاضي في ادائه الوظيفية في انزال حكم القانون عن اية منازعات تعرض عليه، كما ان المؤتمر يطرح جدلية العلاقة بين السلطة القضائية وبين الامكانيات الوطنية.

وقال ان وجود قوانين نافذة ومطبقة تضمن حقوق المواطن وتحقق الامن الاجتماعي تعتبر محصلة لايجاد وتوفير مناخ صالح للتنمية بكل معانيها وعلى كافة الصعد، مؤكدا على دور القطاع الخاص في ايجاد المناخ الملائم عن طريق الضغط الجدي على السلطة المعنية تارة وتطبيق القانون تارة اخرى، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على تحسين الوضع الاقتصادي وظروف تحقيق التنمية والنمو الاقتصادي.

من جانبه اشار نقيب نفابة المحامين الفلسطينيين، المحامي علي مهنا، الى الوضع الماساوي الذي وصلت اليه لعدالة في فلسطين، خاصة في ظل غياب الدور الحقيقي للمجلس التشريعي وعدم اصداره لاية قوانين لغاية الان، اضافة الى الاشكاليات التي تواجه القضاة في ظل توقف الرواتب وسيطرة ما وصفه بـ "عقلية الحكورة" على العدالة وما وصل اليه وضع القضاء من تدهور حاد.

ودعا مهنا الى اهمية تبني خطة متكاملة يجري تقسيمها الى خطط جزئية تشارك في صياغتها وتنفيذها كافة الجهات كل حسب اختصاصه، اضافة الى اهمية رصد الموازنات المالية للسلطة القضائية وتوفير الحماية للقضاة ووقف كافة اشكال التدخل في عمل السلطة القضائية بما يساهم في تحقيق العدالة.

وقال مهنا "ما نحتاجه ليس شعارات وانما اليات عمل واضحة لتطبيق القانون وتحقيق العدالة وتنقية السلطة القضائية من الشوائب والامراض التي تعاني منها ".

واشتمل المؤتمر على عقد جلستين، خصصت الاولى التي ترأسها عميد كلية الحقوق في الجامعة الاميركية، د.امين دواس، على مجموعة من المحاور الرئيسية حول قدرة القضاء الفلسطيني على توفير مناخ التنمية وبناء الحكم الرشيد، وسيادة القانون واستقلال القضاء :تنمية الاقتصاد ام اقتصاد في التنمية؟. ووضع القضاء في اطار الخطط التنموية والتشغيلية التنفيذية للحكومة غياب،وعود ام حقائق؟، رقابة القضاء الاداري واثرها على المجتمع.

بدوره قال قاضي المحكمة العليا رئيس جمعية القضاة الفلسطينيين عضو لجنة الانتخابات المركزية - القدس، القاضي عبد الله غزلان، في مداخلته حول قدرة القضاء الفلسطيني على توفير مناخ التنمية ، ان القضاء الفلسطيني اصابه ما اصاب الوطن بصفة عامة، مسندا حديثه وانتقاداته للحالة التي تعيشها السلطة القضائية بمؤشرات احصائية محلية وعالمية.

ورأى غزلان ان واقع القضاء الفلسطيني هو نتاج عمل السلطة التنفيذية التي قامت بالتعيين والترقية وهي التي اقصت معايير اشغال الوظيفة القضائية وهي التي عينت رؤساء المجالس القضائية المتعاقبة، مشيرا الى ان السلطة التنفيذية عمدت الى استخدام مقولة اننا نعيش في مرحلة تحرر وطني ما قاد لنشوء حالة بات يغتفر فيها التجاوز ولا يتم الوقوف فيه عند الزلات.

واشار الى تنامي ظاهرة الحكم الشمولي والذي اصبح فيه الاصل استثناء، والاستثناء اصلا ، مؤكدا وجود جملة من الخروقات حتى للقوانين المعمول بها والتي ضربت بعرض الحائط كل القوانين بما في ذلك عدم تشكيل المجالس القضائية وفق احكام القانون، كما لم يتم تعيين مجلس انتقالي وفق نصوص القانون ، اضافة الى التجاوزات فيما يخص الترقيات والتعيينات وتغيب معيار سلامة التعيين او الترقية او الاجراء.

واضاف " ان كل ذلك يتم في ظل حالة شاذة بين احتلالي عسكري واسرائيلي وسلطة وطنية لا تتمتع بسيادة على ارضها وذات صلاحيات محدودة بل منقوصة ووطن تقطع الى اشلاء وجدار فصل عنصري".

واكد غزلان في مداخلته التي حظيت باهتمام المشاركين على اهمية تنمية وتفعيل دور القضاء من خلال ايجاد ادار قضائية قوية قادرة مؤهلة مؤسسيا الامر الذي يقتضي سرعة اقرار قانون السلطة القضائية المعروض على المجلس التشريعي، وانشاء مجلس قضاء انتقالي مهمته الاساس اعادة بناء السلطة القضائية على اسس موضوعية واعادة هيكلة المحاكم على اساس الاداء لا الولاء.

وشدد على اهمية دعم الكفاية العددية للقضاة والمساعدين القانونين على اختلاف مسمياتهم، وتجنيب القضاء الصراعات السياسية والحزبية والتنظيمية، واجراء دراسة شاملة معمقة جذرية لكافة التشريعات المتعلقة بالقضاء، اضافة الى احترام احكام المحاكم وتنفيذها واعتبار عدم التنفيذ جريمة، وحاجة العمل القضائي الى كفاية مهنية وموضوعية واجرائية وفنيه ومهاراتية .

واكد ان مفهوم استقلال القضاء لا يعني عدم التدخل فيما يعرض عليه من منازعات وخصومات فقط بل يمتد ليشمل الامتناع عن اعطاء هذه الصلاحيات لغيره من الهيئات السياسية او خلف لدينا بالقضاء الموازي الذي تمارسه الاجهزة الامنية والمحافظات وغيرها، كما اشار الى هيبة القضاء قدسيته واحترامه تبدأ بالوقوف على عظم المسؤولية وسمو الرسالة المستمدة من احكامه وقراراته.

فيما اكد المحامي راسم كمال في مداخلته حول سيادة القانون واستقلال القضاء ، على ان تنمية الاقتصاد لا تقتصر على زيادة الدخل فحسب بل يشمل العمل وفق خطة اقتصادية.

وقال" تنمية الاقتصاد يقود الى تحسين الوضع الاجتماعي والعلمي وتحسين البيئة الاستثمارية وفتح فرص عمل" مؤكدا ان استقلال القضاء يساهم في تحسين ظروف التنمية ويشجع على جذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية.

كما اكد على ان وضوح النظام القانوني والقوانين المشجعة على الاستثمار، من خلال ايجاد قضاء فاعل و جاد، اضافة ضمن عدم تعطيل اجراءات المحاكم واهمية محاربة انتشار الفساد او المحاباة.

وشدد على اهمية توفير البيئة الآمنة على المستثمرين واحترام حقه في الملكية الخاصة، مؤكدا على الحاجة لوجود ارادة سياسية داعمة لسلطة القضاء والقانون، واهمية الضغط الشعبي نحو تحقيق قضاء مستقل ونظام قانوني محايد.
وقال" هناك اهمية لتحقيق ذلك لان مصلحة عامة الناس تكمن في تطبيق سيادة القانون وتطبيق القوانين على الجميع" مؤكدا وجود امكانية انشاء تحالفات مجتمعية لدعم سيادة القانون، و تطوير المؤسسات بما في ذلك بناء محاكم وخلق بنية تحتية مناسبة لتعزيز هيبة القضاء وتطوير المنظومة القانونية وتوعية المجتمع بها، وتقوية الاجهزة لتنفيذية لتطبيق القوانين.

في حين اشارت المحامية وفاء حمايل، في مداخلتها حول وضغ القضاء في اطار الخطط التنموية، وتطرقت الى مضمون الخطط التنموية متوسطة المدى.
واشارت الى اهمم الاشكاليات التي تواجه الخطط التنموية الفلسطينية اهمها غياب التنسيق والتكامل بين الاطراف الفلسطينية الرسمية والاهلية اضافة الى تعدد المرجعيات القضائية وعدم حسم الاشكاليات القائمة في هذا المجال.

واكدت اهمية التنسيق بين كافة الاطراف لتفعيل مرافق العدالة وتحديد اولويات الاصلاح في القضاء واهمية وضع خطة وطنية للاصلاح بمشاركة كافة الاطراف حيث تكون ملزمة للجميع، واهمية توحيد كافة مكونات الاطراف العاملة لتحديد اولويات اصلاح لسلطة القضائية.

وقالت " اعتقد ان العبء يقع على كافة الاطراف بما فيها السلطات الثلاثة المؤسسات الاهلية للوصول الى سلطة قضائية فاعلة قادرة على توفير الاجواء الملائمة للتنمية الاقتصادية انطلاقا من العلاقة التبادلية و بما يعزز صمود المواطنين.
من ناحيته تطرق نائب رئيس المحكمة العليا رئيس محكمة العدل العليا في اريحا ، محمود حماد، الى مجموعة من الملاحظات المتعلقة بظروف عمل القضاء الاداري في الضفة الغربية، والتي تضمنت نقص القضاء الاداري في عدد القضاة المتخصصين في القضاء الاداري، النقص في العدد وفي الكفاءة في النيابة العامة التي تمثل الادارة لدى القضاء الاداري وقال ما يزيد الطين بلة هو ان تعاون الادارة مع النيابة العامة ليس مرضيا حتى في حده الادنى".

كما اشار حماد الى نقص الخبرة لدى المحامين الذين يمثلون الطاعنين لدى القضاء الاداري اضافة الى ان عدم وجود ضوابط بشأن مثول المحامين امام محكمة العدل العليا فور حصولهم على اجازة ممارسة المهنة على عكس المعمول به في مختلف الدول.

وخصصت الجلسة الثانية ضمن فعاليات المؤتمر، التي ترأستها د.سميحة القليوبي استاذة القانون التجاري في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، بتقديم مداخلات حول القضاء المتخصص حاجة ام ترف ؟ والتي قدمها، المستشار د. هاني الدريري نائب رئيس مجلس الدولة في مصر، ومشروعات تعزيز استقلالية القضاء والمحاماة في العالم العربي، والتي قدمها الدكتور عمر عبد الله خبير ادارة مشروعات العدالة، وتنفيذ الاحكام الاجنبية نقص بالسيادة ام نقص بالتشريع، والتي قدمها د.احمد ابراهيم رئيس قسم القانون الدولي الخاص في جامعة عين شمس، وقانون الاوراق المالية وحماية صغار المساهمين ،الضمانات المطلوبة ، التي قدمها المستشار د.محمد تنوير الرافعي .

فيما قدم المحامي شرحبيل الزعيم، مداخلة بعنوان اثر المساعدات الخارجية على القضاء والتنمية ... مساعدة ام هيمنة؟، حيث اشار الى ان تدني المخصصات المالية والموازنات في دعم الحكم الرشيد خاصة تدني الموازنات الخاصة بالسلطة القضائية التي لا تزيد عن ما نسبته 1% من حجم المساعدات الخارجية.

وجاء عقد المؤتمر الاقليمي الاول من نوعه بمشاركة خبراء قانون واقتصاد من فلسطين والاردن ومصر من خلال الربط الالكتروني ، من اجل بحث سيبل تعزيز قدرة القضاء الفلسطيني على توفير مناخ للتنمية وبناء الحكم الرشيد ووضع القضاء الفلسطيني في اطار الخطط التنموية والتشغيلية التنفيذية للحكومة والحالة التي يتسم بها مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء ورقابة القضاء الاداري على اداء السلطة التنفيذية.

ويرى القائمون على تنظيم المؤتمر الذي يعتبر مؤتمر العدالة الثاني الذي تنظمه مركز" مساواة" ان اهمية عقد المؤتمر تاتي كونه يعقد في ظل ظروف سياسة وامنية صعبة تعيشها الاراضي الفلسطينية وفي ظل الحاجة الفلسطينية لقضاء نزيه وفاعل وكفؤ ومستقل قادر على توفيرمتطلبات التنمية المجتمعية والحاجة للاسهام الوطني في توفير البنية المادية واللوجستية الموفرة للامكانيات المالية والادارية الداعمة لمظهر العدالة وحسن سيرها والداعمة لبناء مؤسسات دولة العدالة والقانون