الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

صحيفة "الغد": التسوق هواية لمن يقدر عليها وقد تصل الى حد الادمان

نشر بتاريخ: 01/06/2007 ( آخر تحديث: 01/06/2007 الساعة: 15:10 )
عمان -معا- قالت صحيفة "الغد" الاردنية في تقرير لها ان التسوق هواية لمن يقدر عليها، لكنها قد تصل حد الإدمان، كما يحذر خبراء.

واضافت الصحيفة ان هذه الظاهرة تبدو غير طبيعية عندما تتجاوز الحد الطبيعي وتصبح الشغل الشاغل لبعض الأشخاص الذين يجدون في شراء أشياء قد لا تلزمهم متعة كبيرة.

وبين المحلل النفسي باسل الحمد أن الإدمان على الشراء والاستهلاك في التصنيفات الحديثة بات يعد أحد الاضطرابات النفسية السلوكية كالإدمان على الكحول أو المخدرات, مضيفا أن هذا السلوك له جذور نفسية وقد يعبر عن فجوة عاطفية لدى أشخاص ينقصهم الشعور بالأمان النفسي وبالتالي يسقطون هذا الشعور على اقتناء السلع المادية من خلال التسوق، مبينا أن التسوق بحد ذاته فيه الشيء الكثير من المتعة.

واوضح الحمد إن الأشخاص الذين يشعرون أن الحياة خذلتهم في مواقف كثيرة يشعرون أن الأشياء المادية لن تخذلهم, وقد يعبر هذا السلوك عن خوف من الوقوع في الحاجة وهذا يزيد في المجتمعات الاستهلاكية إذ يشتري الشخص أشياء ليس في حاجة لها, كما يرجعه إلى حب التظاهر والتنافس الطبقي الحاد، والذي يغذيها الإعلام ويروج لها بشكل كبير حتى تزداد حدة التنافس.

وربط الحمد بين هذه الظاهرة ومستوى الرضا عن الذات الذي يحققه الشخص لوقت قصير من خلال عملية الشراء.

كما ربط الحمد سلوك الإدمان على الشراء بشكل مباشر بالحالة الاقتصادية لكل شخص أو عائلة, حيث ينتشر هذا السلوك في الطبقات الثرية والمتوسطة, وفيما يخص الطبقات المتوسطة فهي تلجأ للقروض والتسهيلات البنكية لممارسة الإدمان على الاستهلاك والشراء، حسب المتابعين للظاهرة وبعض ممارسيها.

واعتبرت سهام، وهي موظفة "أنها تعتبر نفسها مدمنة على الشراء والاستهلاك، إذ لا تستطيع مقاومة رغبة جارفة في النزول للأسواق والشراء لها ولأطفالها حتى وإن كانت لا تحتاج أي شيء".

واضافت سهام "أن الخزائن في منزلها سواء في غرفتها أو غرف أبنائها "ستنفجر" من الملابس والعطورات والاكسسوارات، حتى أنها باتت توزع الفائض عندها إلى الصديقات والأقارب حتى تترك متسعا للأشياء الجديدة التي ستبتاعها".

وهي لا تجد فيما تفعل أي مشكلة قائلة إنها تحاول مواكبة الموضة ومتابعة كل جديد سواء على صعيد الملابس والأحذية والمجوهرات، أو حتى على صعيد الأثاث والأدوات المنزلية الحديثة.

من جانبه بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الاستهلاك في المجتمع الاردني يقوم على شراء مواد مستوردة من الخارج وليست مصنوعة في الأردن, منوها الى أن حجم الاستيراد في الأردن يسجل مستويات مرتفعة تتجاوز 4000 مليون دينار مقارنة بالصادرات وهذا يرتب على الأردن ديونا يتحملها المواطن والدولة.

واستطرد عايش أن الاستهلاك جزء من غريزة الإنسان لأن الهدف من الحصول على المال دائما هو صرفه ويتحقق بهذا المصروف نوع من المتعة لدى البعض, مشيرا الى قضية يصفها بالهامة وهو تعرض الناس لضخ إعلامي وإعلاني كبير لمنتجات يتم استيرادها, وبذلك يضع المواطن نفسه أمام تحديات كبيرة "فإما أن ينخرط في هذا الجو أو يشعر بالحرمان".

وذكر عايش الحمد مثالا على ذلك بتغيير الهواتف الخلوية التي يسعى كثير من الناس لمتابعتها واقتناء الحديث منها مهما بلغ ثمنها ويشعر الشخص بالتأخر إن لم يتابع هذا الأمر, وقد استوردت المملكة العام الماضي ما قيمته مئات الملايين من الأجهزة الخلوية، فيما تجاوزت إيرادات شركات الهواتف الخلوية نصف بليون دينار.

وتابع الحمد أن المواطن أصبح في حيرة من أمره نتيجة التنافس بين الشركات على ترويج السلع المختلفة بطريقة مغرية وجاذبة، مشيرا بذات الوقت إلى القناعة التي لابد أن يتحلى بها أي شخص حتى لا يصبح أسيرا لإدمان الاستهلاك مما يورطه أحيانا في ديون وقروض, داعيا الى ضرورة ضبط المصروفات ووضع ميزانية بما يلزم.

وراى الحمد ان الإدمان على الاستهلاك يعود سببه بشكل أساسي الى نزعة المظاهر وحب الاستهلاك مع عدم إيلاء الأمور الهامة والجادة في الحياة الاهتمام الكافي ومن هذه الأمور كما يقول محاولة أن نكون بلدا منتجا وليس مستهلكا, داعيا الى تناول هذا الأمر في المناهج التعليمية وتعزيز الرضا والقناعة من خلال التربية لدعم اقتصادنا الوطني وتشجيع الشباب على العمل والإنتاج والإبداع.

من جانبه أكد أستاذ علم التسويق في جامعة البتراء الدكتور نظام سويدان أن انتشار ظاهرة الإدمان على الاستهلاك هي نتاج التسهيلات البنكية التي سهلت عملية الاستهلاك والشراء, مضيفا

واضاف سويدان أن الشركات أصبحت تنتهج مبدأ تنشيط المبيعات ومن أشكال هذا التنشيط العروض الخاصة المغرية، والتي تصنع جوا من التنافس على التنزيلات وخفض الاسعار ويعود للتأكيد أن البطاقة الائتمانية المنتشر تداولها هذه الأيام سهلت عملية الشراء غير المدروس.

لفت سويدان إلى ان عملية الجذب والإغراء التي تتبعها بعض المحلات والمولات من اهتمام في الديكورات والإضاءة وطريقة العرض, مؤكدا ان الخبراء في سلوكيات الاستهلاك أن إرادة الفرد هي الحاجز المنيع أمام شهوة الشراء.