الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

عبد الرحيم ملوح في الذكرى الرابعة لاستشهاد ابو علي مصطفى

نشر بتاريخ: 25/08/2005 ( آخر تحديث: 25/08/2005 الساعة: 15:16 )
رام الله - معا - اعتبر عبد الرحيم الملوح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المعتقل في سجن عوفر الاسرائيلي ان احتفال الشعب الفلسطيني ببدء تفكيك الاستيطان ورحيل الاحتلال عن قطاع غزة لم يكن ممكنا بدون المقاومة والحركة الوطنية الفلسطينية وفواه السياسية والاجتماعية وصمود الشعب الفلسطيني .

واشار ملوح في مقالة له نشرها موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى الرابعة لاسشتهاد ابو علي مصطفى الى ان الانسحاب يجب ان لا يغير مسؤولية الاحتلال القانونية والسياسية و ان لا يمس بدور الشرعية الدولية ومسؤلياتها السياسية وشمول الارض والشعب بالاتفاقات الدولية وقرارات الشرعية ما دام هناك اجزاء ما زالت محتلة من الارض الفلسطينية .

وفيمايلي نص المقال :

تتزامن مع حلول الذكرى الرابعة لاستشهاد الرفيق القائد أبو علي مصطفى بداية مرحلة سياسية جديدة وهي اضطرار الاحتلال الصهيوني بتفكيك مستوطناته وترحيل مستوطنيه عن بقعة أرض فلسطينية لأول مرة في تاريخه وبنظرة إلى الوراء نجد أنه لم يكن بإمكاننا أن نشهد مثل هذا الحدث لولا الصمود والتضحيات الجسام، والمقاومة الباسلة، والإرادة السياسية الصلبة لشعبنا على مدار عقود من السنين.

وفي المقدمة منها تضحيات القادة الكبار لحركتنا الوطنية التحررية وفي طليعتهم شهيدنا أبو علي مصطفى والقائمة تطول كثيرا حيث بات من الصعب تعدادهم في مقالة واحدة، لنكتفي بذكر آخر من استشهد من هؤلاء القادة قائد الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات.

إن احتفال شعبنا اليوم ببدء تفكيك الاستيطان ورحيل الاحتلال عن قطاع غزة لم يكن ممكنا بدون المقاومة الباسلة لحركتنا الوطنية وقواها السياسية والاجتماعية وصمود شعبنا العنيد وتمسكه بحقوقه الشرعية والإرادة السياسية الصلبة لقادته وقادة ثورته المعاصرة لما يزيد عن أربعة عقود وإصرار هؤلاء القادة على أن يكونوا في الطليعة دائما وفي قلب معارك شعبنا السياسية والكفاحية يصنعون تاريخه ويبنون مستقبله ويدافعون عنه وعن حقوقه مقدمين أغلى ما يملكون (حياتهم) من أجل حريته واستقلاله وعودته إلى أرض وطنه.

وقد كان شهيدنا أبو علي مصطفى يمتلك حساً سياسياً عميقاً تجاه التحولات السياسية الجديدة، ويتمتع بالإرادة السياسية على اتخاذ القرار الصائب في نهاية الأمر برغم العقبات التي تواجهه أو التبعات التي تترتب عنه داخلياً أو خارجياً، ولسان حاله يقول: (الورد هنا فالنرقص هنا) ولهذا حظي في مسيرته السياسية الطويلة باحترام رفاقه في الجبهة الشعبية وفصائل العمل الوطني الفلسطيني، بما فيهم من يختلفون معه بالرأي أو الموقف أو بكلاهما معاً، وتحلى بذات الوقت بالصراحة والمصداقية الأمر الذي عزز الثقة به بينه وبين رفاقه وزملائه قادة الشعب الفلسطيني وقيادات الحركة الوطنية الفلسطينية، ومن ثقة الإنسان الفلسطيني العادي به الذي لم يلمس التصاقه الدائم بهموم هذا الإنسان وعدم الانفصال بين الأقوال والأفعال في حياته السياسية والاجتماعية.

وإذا كان لنا أن نحزن اليوم أكثر من ساعة فراق الشهداء لنا، فلأن استشهادهم حرمهم من مشاركة شعبنا بفرحته بقطف ثمرة من ثمار كفاحه الطويل، وتدشين عيونهم بتفكيك الاستيطان ورحيل المستوطنين البداية التي لا بد من استكمالها ووصولها لنهايتها الطبيعية والمنطقية باندحار الاحتلال بكل أشكال وجوده عن كامل أرضنا المحتلة وببناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.

في بداية الانعطافات والمراحل السياسية الجديدة التي مرت بها القضية الوطنية الفلسطينية وواجهتها الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة كنا نتطلع دائماً إلى القادة الكبار الذين يتحلون بالخبرة والحنكة وبعد النظر والاستعداد الذاتي لتحمل مسؤولية القرار السياسي والسير به نحو آفاقه المرجوة، حتى لو كان هذا القرار من النوعية غير الشعبية والذي تحمل متخذها انتقادات جارحة من بعض رفاق الدرب أحيانا ومن تيارات شعبوية في أغلب الأحيان، واليوم في مجابهة تحديات المرحلة الجديدة نستذكر قادة كبار قاموا بأدوار بارزة في صنع تاريخنا وفي قيادة ثورتنا المعاصرة وفي مقدمتهم الرئيس عرفات وأبو علي مصطفى ولا يمكن أن ننسى جورج حبش أطال الله في عمره، والثقة والأمل تحدوانا بأن من تسلم الراية منهم لقادرون على وراثة الحكمة والإرادة السياسية والقدرة على استلهام دروس وعبر التجربة لشعبنا بعامة والخبرة الغنية التي خلفها لنا هؤلاء القادة بخاصة وتوظيفها في خدمة معارك شعبنا المتعددة من أجل حريته واستقلاله وعودته آخذين الظروف السياسية الجديدة كلياً باعتبارهم.

إننا نجابه اليوم تحديات مرحلة سياسية انعطافية جديدة تحمل الكثير من الأمل والكثير من المخاطر معاً، ويتوقف على قدرة القوى السياسية والاجتماعية الفلسطينية وقياداتها على اشتقاق السياسة الصائبة والعمل موحدين وفقها سياسياً وكفاحياً، مدى نجاحنا بعبور هذه المرحلة والتغلب على مصاعبها الجمة، وتعظيم إنجازاتها الوطنية، وأولى القضايا التي بحاجة ماسة لتوحيد سياستنا ونظرتنا لها ضرورة التفريق الواضح سياسياً وعملياً بين تفكيك مستوطنات غزة وشمال الضفة ورحيل المستوطنين الذي يعتبر إنجازنا وطنيا لصمود وكفاح ومقاومة شعبنا وثمرة من ثمراته الطيبة، وبين مشروع شارون (الانفصال من جانب واحد) والذي علينا التصدي لمفاعيله ومقاومته، لأنه يستهدف من خلاله توسيع الاستيطان في الضفة والقدس وبناء الجدار لقطع الطريق عن الانسحاب الشامل والكامل من الأرض المحتلة بما فيها القدس، وبكلمة أخرى محاولة مقايضة الانسحاب من غزة لضم مستوطنات الضفة والقدس والحيلولة دون قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس بدولة مؤقتة بدون حدود وفي طي صفحة عودة اللاجئين إلى آخره.

والثانية ضرورة مناقشة والاتفاق على الدور المستقبلي لقطاع غزة سياسياً وعملياً وأشكال وأساليب مشاركته في الكفاح الوطني الفلسطيني العام لاستكمال عملية التحرر الوطني الفلسطيني لباقي الأرض المحتلة في الضفة والقدس، وحدود الخصوصية الجديدة لوضع القطاع والاتفاق على الوضع القانوني للقطاع بعد زوال الاحتلال عنه استنادا للقانون الدولي والشرعية الدولية ومواثيقها وقراراتها ومسؤولياتها في ضوء الوضع الجديد.

وبرأيي المتواضع أن الانسحاب من غزة يريد أن لا يغير مسؤولية الاحتلال القانونية والسياسية وأن لا يمس بدور الشرعية الدولية ومسؤولياتها السياسية والقانونية وشمول الأرض والشعب بالاتفاقات الدولية وقرارات الشرعية الدولية ما دام هناك أجزاء ما زالت محتلة من الأرض الفلسطينية.

والثالثة الإسراع في الحوار الوطني والاتفاق على رؤية سياسية واستراتيجية عمل سياسية وكفاحية واحدة، لطابع المرحلة المقبلة فالانسحاب من غزة طرح علينا أسئلة ومهام جديدة وتتعلق بطبيعة فهمنا للمرحلة وكيفية قيامنا بمهامنا بشكل متسق ومتكامل.

وبتقديري أن طابع المرحلة في جوهره تحرري وطني وديمقراطي يتداخل فيه بشكل عميق متابعة الكفاح من أجل دحر الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال مع عملية البناء السياسي الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي ويتوقف على قدرتنا في إيجاد نقطة التكامل والتوازن بين التحرر الوطني والديمقراطي مدى نجاحنا في استقبال تحررنا بوقت أسرع وفي مبنى الأسس الصحيحة ببنائنا الديمقراطي.

والرابعة الحوار المعمق والاتفاق على أسس ومعايير الشراكة الحقيقية للقوى السياسية والاجتماعية في صنع القرار الوطني وفي المسؤولية عن تنفيذه وعن ما يترتب عنه من نتائج بما فيها وسائل وأساليب النضال المناسب للمرحلة الجديدة.

ومفاهيم موحدة للسلطة الواحدة والسلاح الواحد وسلاح المقاومة الى آخره، ومدخل هذا هو الانتخابات الديمقراطية على أساس قانون انتخابات عصري يستند للتمثيل النسبي واحتكام الجميع للنتائج التي يقررها صندوق الاقتراع وإعادة بناء نظامنا السياسي وهيئاته ومؤسساته استنادا للأسس والمعايير الديمقراطية بما فيها تداول السلطة وسيادة القانون وفصل الوظيفة العامة وبخاصة جهاز القضاء والأجهزة الأمنية باستثناء عضوية المجلس الوطني والتشريعي واللجنة التنفيذية ومجلس الوزراء عن الانتماءات الحزبية والتنظيمية.

والخامسة وضع خطة وطنية شاملة لإعادة بناء ما دمره الاحتلال اقتصادياً واجتماعياً في المناطق التي رحل عنها الاحتلال.

هذه القضايا الخمس المباشرة هي أهم ما يواجهنا في هذه المرحلة الانعطافية الجديدة، وربما هناك غيرها سيفرض نفسه وتفرضه الحياة، بعضها قديم جديد وبعضها سيبقى يرافقنا حتى زوال الاحتلال الإسرائيلي بكل أشكال وجوده.

في السابع والعشرين من آب "أغسطس" 2001 غادرنا الشهيد القائد أبو علي مصطفى مضحيا بأغلى ما يملك مقدماً حياته من أجل حرية وطنه وشعبه.
وفي الثاني والعشرين من أغسطس 2005 أي بعد أربع سنوات من استشهاده يغادر قطاع غزة آخر مستوطن إسرائيلي، وفي الثالث والعشرين من "أغسطس" 2005 يغادر مستوطنات صانور وحوميش آخر مستوطن وهما على بعد أمتار من قرية عرابة مسقط رأسه، ورحيل المستوطنين الغاصبين من غزة وجنين ثمرة من ثمرات صمود وكفاح الشعب الفلسطيني، ونتيجة من نتائج كفاح ومقاومة أربعة عقود من الزمن، قادها الشهداء القادة أبو عمار وأبو علي والياسين والشقاقي والوزير وكنفاني والقاسم وغيرهم، ممن قضوا معهم أو لا يزالوا يتابعون المسيرة، عهدنا للشهداء جميعا متابعة مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني وقيادته نحو الحرية والاستقلال والعودة.