السبت: 21/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل سيكون قطاع غزة سجناً كبيراً ؟؟؟؟

نشر بتاريخ: 26/08/2005 ( آخر تحديث: 26/08/2005 الساعة: 14:44 )
ترجمة وكالة معا - أريد أن أسألك " كيهودي ليهودية"، خاطبني أحد الشبان قبل أيام عدة،، بداية كهذه في مثل هذه الايام هي عبارة عن دعوة للنقاش من ذلك النوع الذي ما نزال نغرق به منذ أسابيع عديدة،، نقاش حيث أصبح تعريف يهودي،، يتناسب لوصف نوع من الكيان المميز، بحيث يجلس الواحد جانباً وبعيداً عن الكائنات البشرية الاخرى إنسان مختلف، مميز - سوبر،،

أحياناً، إنه ذلك الولد اليهودي بيده المرفوعة من غيتو " وارسو" وأحياناً أخرى، إنها تلك الفتاة بقميصها البرتقالي الذي يحمل الشعار" لن ننسى، لن نسامح" ، وأحياناً أنه الجندي الذي يرفض إخلاء " اليهود" ، كيان مميز بروابط الدم، والقدسية والأرض.

" كيهودي ليهودية" قال الشاب، والذي تبين أنه سائح من أميركا اللاتينية, ولديه عائلة في اسرائيل, وكذلك يفهم العبرية, كان هذا عند معبر " إيريز" وبين حاجز الأسلاك الشائكة والبوابات المغلقة، البوابات " الدوارة" ، وأبراج المراقبة الرهيبة والمرعبة، حيث الجنود يستعملون كاميرات خاصة لمراقبة ومتابعة ما تحمله الأيدي العابرة، والأصوات المزعجة لمكبر الصوت, تصيح مناديه بأوامر بالعبرية,الى النساء اللاتي كن ينتظرن لمدة تزيد على الساعات الخمسة تحت الشمس الحارقة, يردن الذهاب لزيارة ابناءهن المعتقلون في سجن بئر السبع.

هل من الممكن ؟ ثم أضاف،، أن الاسرائيليين، اللطفاء جداً والجيدين = في النهاية أنا صاحب عائلة أو لدي عائلة هنا = لا يدركون مدى الظلم الذي يتسببون به هنا ؟؟

إن صور الدمار التي خلفها الإسرائيليون في غزة الفلسطينية والتي شاهدها " هذا " بأم عينيه خلال الايام القليلة الماضية, تركت نظرة فيها الكثير من الاحساس بالصدمة في عينيه، " أنا يهودي، ووالدي أحد الناجين من " المحرقة", ولقد نشأت على قيم يهودية مختلفة تماماً, فيها عدالة اجتماعية، مساواة، والاهتمام بالانسان, الأهتمام "بالآخر" "

بقدرما كان التساؤل بسيطاً وربما ساذجاً، إلا أنه وبذات القدر، صنع جواً مختلفاً، وبث نفساً فيه الكثير من الانتعاش, وربما جواً من النقاء،، فها هنا ثمة يهودي يتساءل عن مصير ما يقارب المليون و ثلاثمائة ألف فلسطيني، بينما العالم كله يركز اهتمامه فيما يبدو على كل فرد من الثمانية الاف يهودي الذين سيتم اخلائهم من القطاع,هاهنا ثمة يهودي تحركت مشاعره تجاه ما يمكن أنه أصبح مجرد أرقام جامدة.
1719 فلسطيني تم قتلهم في غزة منذ بداية الانتفاضة حتى اليوم، وبحسب التقديرات العديدة والمختلفة، فان ثلثي هؤلاء لم يكونوا مسلحين، ولم يقتلوا خلال المعارك أو خلال محاولاتهم القيام بهجمات على مواقع عسكرية أو مستوطنات.
استناداً الى مكتب الاحصاء الفلسطيني المركزي، فان من بين هؤلاء الذين تم قتلهم، 379 كانوا أطفالاً تقل أعمارهم عن 18 سنة، وإن 236 أقل من 16 سنة، وإن 96 كن من النساء، وأن 102 كانوا مستهدفين خلال عمليات التصفية التي قامت بها القوات الأسرائيلية, والتي قتل خلالها ايضاَ 95 إنساناً، وحسب المصادر الاسرائيلية العسكرية نفسها، ابرياء من عابري السبيل.

إضافة الى ذلك هناك 9000 جريح فلسطيني ------ في غزة، 2704 بيت تأوي ما يقارب 20.000 فلسطيني تم ازالتها عن وجه الأرض بواسطة الجرافات والطائرات المروحية , 2187 منزلاً تم تدميرها جزئياً، 31650 دونم من الاراضي الزراعية تم إتلافها.

إن الاجابة الاسرائيلية على كل تلك الارقام معروفة، لقد جلب الفلسطينيين ذلك لأنفسهم ،،، أو ماذا يتوقعون منا عندما يقومون باطلاق " القسام" ضد أطفالنا المسالمين؟؟ وماذا لهم أن يتوقعوا عندما يحاولون التسلل لقتل مواطنينا العزل في بيوتهم،،

هناك خط مباشر وواضح بين كل هذه الاسئلة ، والذي يعبر عن الدعم الشعبي للسياسة العدوانية تلك، والمشاركة في التعبير عن الحزن والألم على من يتم إخلاءهم، وهذه الدهشة لهذا " الفصل الرائع" في تاريخ المشروع الاستيطاني الصهيوني، هناك خط مباشر وواضح, للايمان العقائدي في الحق اليهودي " المتفوق" في هذه الارض.

حقيقة، أن الفرد منا يمكنه أن ينضم الى أولئك المعجبين بالمستوطنين عموماً، وبمستوطني غزة تحديداً !!

ما هي الموهبة، وما هو الدافع لكي تسكن لمدة 35 سنة في فيلا فخمة وعلى بعد عشرين متراً منك يعيش مخيم يزدحم باللاجئين البؤساء والمحرومين.

ما الموهبة وما الحكمة وما الدافع الذي يجعلك تستعمل رشاشات المياه في الحديقة, وهناك في الجهة المقابلة من الشارع هناك عشرون الفاً من الناس يعتمدون على صهاريج توزيع المياه، هل ذلك لكي تشعر إنك تستحقه, وإن حكومتك سوف تعمل على شق طرق رائعة وواسعة وفسيحة، غير مكترثة أو مهتمة لما يحدث من دمار للبنى التحتية للفلسطينين.

ما هي المهارة اللازمة لكي تخطو خارج منزلك الذي تمت العناية به بشكل فائق، أو البيت الزجاجي الذي تم عمله لأجلك, أو العبور تحت شجرة نخل عمرها يزيد على 60 عاماً تم إقتلاعها لأجلك، والطرق التي تم إغلاقها من أجل سلامتك، والمنازل التي دمرت لأجل توفير عيش هانيء لك، وأولئك الاطفال الذين تم قصفهم بمروحيات الأباشي والدبابات والذين تم دفنهم قبالة مرمى بصرك، لقد قتل هؤلاء من أجل سلامة أطفالك ومن أجل الحفاظ على حقوقك - السوبر-

إنه من أجل ما يساوي نصف في المئة من مجموع سكان غزة, نصف في المئة من اليهود، يتم تخريب وتدمير مياه 99.5 بالمئة, ان هذا يبعث على الدهشة ، إنه فعلاً، العجب العجاب، وإنه لمن المدهش والمذهل كيف أن بقية الاسرائيليين ، والذين لم يذهبوا للاستيطان بانفسهم في " أرضهم" يعانون من هذه الحقيقة, لم يطالبوا حكومتهم وضع حد لهذه المهزلة- قبل القسام وإطلاق القسام.

لقد تم إزالة - عنزة - كبيرة تتم رعايتها بشكل كبير من غزة خلال هذا الاسبوع ولهذا فان شعور الكثيرين من ال 99.5 بالمئة من ابناء غزة بالفرج إنما هو شعور يمكن فهمه واستيعابه. وبرغم التركيز الاعلامي على احتفالات حماس والسلطة الفلسطينية.

فان في الكلمات التي قالها أحد العمال الفلسطينيين من مخيم خان يونس للاجئين " لقد كانت المستوطنات تقسم القطاع الى ثلاثة أو ربما أربعة سجون، أما الآن فلسوف نحيا في سجن واحد لكن كبير - قد يكون سجناً اكثر راحة، لكن في النهاية يبقى سجن"، ربما في تلك الكلمات شيء من الحقيقة أو كل الحقيقة.

بقلم عميره هاس
هآرتس