الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

لتفكير الباطني عند الحكم

نشر بتاريخ: 17/01/2014 ( آخر تحديث: 17/01/2014 الساعة: 15:27 )
بقلم : مهيوب الصادق

تكون تكاد تكون سمة التفكير الباطني للحكم إحدى أهم وانجح دروب النجاح الذي يجانب سيرة العطاء والتضحية لجميع الحكام بمختلف مسمياتهم، ناهيك أن هذه العملية العقلية تكون منسوج، بل وشبكة عمليات فكرية نسجتها الأيام والسنين في بعض مناسبات وتطورات سواء أكان بصورة مقصودة أو خلافها، عطفاً على تنوع واختلاف ردات الفعل لدى الحكم بجانبيها الإيجابي والسلبي، إن محور حديثنا هنا يتمحور حول كلمة من حروف قليلة لكن أفعالها كبيرة تؤثر على القاصي والداني ،ألا وهي " الخبرة – سلوك باطني"، ويمكن الإستدلال على تعريف كلمة " الخبرة " بأنها مجموعة الإنعكاسات التي مر بها او ادركها الشخص او الفرد بناء على مراكز الحركة في الدماغ أو بكلمات أخرى عملية التصور العقلي التي تتمحور حول ما يسمى بالتركيز او استدعاء ما في الذاكرة بعيدة المدى وقصيرة المدى، فالحكم تتكون لديه ملكة التقاط واسترجاع بعض الصور العقلية التي يكونها من خلال تواجده داخل الملعب .

لذلك ينصح الحكم الواعد بحضور المباريات الحية أو التفاعل مع المباريات الكروية عبر أجهزة ووسائل الإعلام بختلف مسمياتها، والتي قد تلتصق في مخيلته ،فيسترجعها عندما إسناد مهمة التحكيم اليه، ولان الشيء بالشيء يذكر، يستحضرني هنا تصريح صحفي للحكم المونديالي الإماراتي علي بوجسيم في إحدى مقابلاته الصحفية يقول فيها" "كنت استحضر جميع الأخطاء التي وقعت بها في المباريات السابقة قبيل كل مباراة كنت أهم بإدارتها " ، من هنا يأتي الحديث عن تجارب الحكام في المباريات الحافلة بالإثارة والندية ، وتعدد و اختلاف الأحداث فيها وتنوعها، اعتقد جازما أن هنالك شبه كبير بين عمل المدرب وعمل الحكم وإن اختلفت طبيعة عمل كل منهما.

من هنا يأتي ما يسمى " بحدس الحكم " التي لا تأتي من فراغ كعمل قارئ الكف بالضبط - إن جاز التعبير .وصدق من قال ان التحكيم احساس وحس مرهف يختلف بين فردٍ دون سواه ،إن الارتباط الوطيد بين التصور العقلي و الفكر الباطني للحكم يجعل عمل لجان التحكيم التي تتعامل مع حكامها حسب الأصول التحكيمية والمنطق التحكيمي في بوتقة واحدة، وهي ببساطه العمل على إعداد وبرمجة تدريبات إعداد الحكام والإعداد البدني تبعاً لأهمية الإستحقاقات القادمة، تلك التدريبات القائمة على اعادة تكوين شخصية الحكم ،والتي يفترض ان تكون مختلفة بطبيعة الحال للحكم واللاعب والإداري والمدرب والجمهور والصحافة وجميع عناصر اللعبة .

إن التحكم في مهارات التدريب العقلي القائمة على تكوين حكم ذو شخصية قوية بالإعتماد على المداميك الأساسية في ألإعداد النفسحركي وقبله الجانب الوجداني والفكري ، يصيبها الشلل وذلك عند توقف او توقيف الحكم لفترة زمنية لاي سبب من الاسباب ( عقوبة ، مرض ، ظرف اجتماعي وما شابة ) ،إن التفكير الباطني عند الحكم في هذه الوضعية، ترتسم فيه صورة فقدان الحكم للتصورات العقلية المرسومة في دماغه ،من هنا كان دور الإتحادات الوطنية تدريب الحكام ومحاضرات واجتماعات مستمرة- ليس الموسمية - وتكاد تكون بمثابة البلسم الشافي للحكام لاجل الحفاظ على شخصية قوية للحكم ، قادرة على اتخاذ القرار التحكيمي وفرض تقبله من قِبَل الاخرين، وكذا الحفاظ على سياقها النفسحركي، من هنا جاء اصطلاح دورة صقل الحكام قبيل استحقاقات وتربصات معينة ، وهذا هو نهج الفيفا قبيل جميع المنافسات التي تقام تحت لوائها.