الأسير زامل أبو شلوف وعذاب التحقيق و"البوسطة" وخسارته لعافيته
نشر بتاريخ: 23/01/2014 ( آخر تحديث: 23/01/2014 الساعة: 11:16 )
رام الله- معا - زارت محامية نادي الأسير الأسير المريض زامل أبو شلوف (33 عاماً) في سجن "ايشل" الاحتلالي، وهو يعاني من انخفاض في دقات قلبه، وانخفاض مستمر في وزنه، ويحمل في صدره جهازاً منظماً لدقات القلب، وأكدت المحامية بأن الأسير كان بوضع صحي جيد، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية قبل الاعتقال، قبل أقل من ستة أعوام.
بعد اعتقال الأسير، بتاريخ (25/3/2008)، تم تحويله إلى تحقيق معتقل "عسقلان"، وهناك خضع للتحقيق على مدار (48) يوماً بشكل متواصل, ومن هنا بدأت المشكلة الصحية مع الأسير؛ نتيجة لظروف التحقيق الصعبة التي تعرض لها.
بدأ التحقيق مع الأسير من أول يوم تم اعتقاله فيه، وكان التحقيق يبدأ معه من لحظة دخول المحقق إلى مكتبه الساعة الثامنة صباحاً، ومن لحظة دخوله إلى مكتبه يُحضر الأسير إلى غرفة التحقيق، ويجبروه على الجلوس على كرسي حديدي منخفض، وفي أسفل هذا الكرسي قيود "كلبشات"، ويتم إرغام الأسير على أن يمد كلتا يديه ليتم تقييده، وبهذا يجلس بوضعية يكون فيها ظهره مقوساً، ويستمر بهذه الجلسة دون أن يستطيع الحركة لا للأمام ولا للخلف ولو لشبر واحد, ويستمر على هذا الحال طوال النهار، كما الأسير: و"المحقق يجلس على مكتبه، وينظر للكمبيوتر الموجود أمامه، ناهيك عن الشتائم البذيئة والتهديدات والضرب بين الحين والآخر الذي كان يضربني إياه، وأنا مقيّد بالكرسي الحديدي وعاجز عن الحركة".
وحتى بعد أن ينتهي يوم العمل بالنسبة للمحقق، ونهار العذاب والألم بالنسبة للأسير، ويعود لزنزانته؛ لا يتركوه ليهنأ بساعة راحة واحدة، فقد كان يتم تجريده من كل ملابسه باستثناء ملابس "الشباس" الخفيفة، ويقوموا بتسليط المكيف البارد على الأسير مباشرة، في ظل عدم وجود أغطية. لقد عاش الأسير هذا الجحيم (48) يوماً متواصلة.
تقول المحامية: "بصعوبة بدأت سؤالي للأسير ليفصل لي المشاكل الصحية التي يعاني منها الآن نتيجة لكل ما مر به من تعذيب، مع العلم وبكل صراحة أنه وبعد كل ما سمعته من الأسير، وبعد ما رأيت جسده النحيل وجلسته القائمة بشكل يوحي أنه لو حاول حني ظهره لانكسر من شدة استقامته؛ خجلت من سؤالي لأنه لا يوجد إنسان يمكن أن يراه ولا يتيقّن أن قد الأسير خسر ظهره، وأصابه "الديسك"، حتى لو لم يشخَّص ذلك بعد, إلى جانب خسارته لقلبه الذي ضعفت نبضاته بشكل فجائي بعد أيام من انتهاء التحقيق".
بعد انتهاء التحقيق مع الأسير تم نقله إلى سجن "عسقلان"، وأثناء وجوده بـ"الفورة" شعر بدوخة، تلتها حالة إغماء، ونُقل إلى عيادة السجن وبعد أن بدأ باستعادة وعيه؛ سمع طبيب العيادة يقول لضابط القسم أنه يجب أن يُنقل الأسير إلى المستشفى، ولكن، هذا ما رفضه ضابط القسم، الذي طلب من الطبيب أن يوقع على أنه قد فحصه ليرجعه للقسم, فيما رفض الطبيب ذلك، وأبدى للضابط أن وضع الأسير خطير ويجب أن ينقل للمستشفى، وأنه لن يتحمّل المسؤولية عنه.
وأُرغمت إدارة السجن على نقل الأسير إلى مستشفى "برزلاي", وهناك تقرر له إجراء عملية زرع جهاز لتنظيم دقات القلب، وكانت العملية في يوم (8/8/2008)، وبقي في المستشفى ثمانية أيام، مكبلاً على سرير المستشفى, يقول الأسير: "وبعدها ما صدقت أن أعود إلى السجن لأتخلص من عذاب الكلبشات على سرير المستشفى، فكل ألمي ووجع العملية في كفة، والكلبشات في كفة أخرى".
ذكر الأسير أبو شلوف بأنه وإلى حالات الدوخة والإغماء المتكررة، فقد أصبح يعاني من عدم مقدرته على المشي في الكثير من الأوقات، وبعد الفحوصات تبيّن بأنه يعاني من وجود أورام في الظهر، وأُبلغ يوم الأول من أمس بتحويله إلى "عيادة سجن الرملة" بواسطة "البوسطة"، ولكنه رفض الخروج لأن حالته الصحية الصعبة، وحالات الإغماء وحاجته لاستخدام الحمام، لا تسمح له بالانتقال عبر "البوسطة"، التي نوافذها مفتوحة وتُدخل الهواء البارد، ومقاعدها من حديد، والنقل بها يستمر لأربع ساعات، والأسير مكبل اليدين، فهم ينقلونهم من سجن "ايشل" إلى "عسقلان" ومن ثم إلى "معبار الرملة"، ويبقى فيه الأسير يوم أو أكثر ليتم إدخاله للفحص. وقد طلب الأسير أبو شلوف نقله بسيارة "البوسطة الترانزيت"، ولم يطلب سيارة الإسعاف، ولكن الضابط رفض ذلك، وطلب منه التوقيع على الأوراق اللازمة التي تدّعي أنه يرفض الخروج للعلاج، ولكن الأسير رفض التوقيع.
ويصرخ الأسير أبو شلوف، واصفاً ما وصلت إلى حالته: "يا عالم يا ناس، أنا مريض، وزني كان (70 كيلو) قبل الاعتقال، واليوم وصل إلى (48)، ولا زال يهبط باستمرار، كل الأسرى في الغرفة يهتمون بغذائي، ومع ذلك وزني في نزول مستمر, وجسمي نحيل جداً, وحالات الدوخة والإغماء لا تفارقني، وتحصل لي من مرتين إلى ثلاث في اليوم، ولا أستفيق إلا وأنا في غرفة الانتظار في العيادة، ليتم إرجاعي بعدها إلى القسم دون علاج".
وتضيف المحامية: "بعد كل هذا الوصف الدقيق، والشرح المؤلم لأيام التحقيق التي تعرض لها الأسير؛ نظر إليّ وهو يرفع كم قميصه ليريني ضعف ذراعيه، وكأنها ذراعي طفل صغير، وقال لي بأمانتك هل هذه ذراعي رجل يبلغ من العمر (33) عاماً؟! وكشف عن صدره ليريني مكان تركيب جهاز تنظيم دقات القلب".
حرم الأسير زامل أبو شلوف من زيارة أهله لمدة خمس سنوات، وخلال السنة فقط، تمكن من زيارة والدته وزوجته وطفليه أربع مرات، وهو من بيت حانون في قطاع غزة، ومحكوم بالسجن لـ(15عاماً)، قضى منها ما يقارب الست سنوات.