الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحاجة "أم نافذ".. دفعت فاتورة أسر الابناء الاربعة وذاقت مرارة الفراق على نجلها الذي قضى خلف القضبان

نشر بتاريخ: 10/06/2007 ( آخر تحديث: 10/06/2007 الساعة: 16:23 )
نابلس- معا- لم يتبادر في ذهن الحاجة "أم نافذ" أن زيارتها لابنها الاسير ماهر دندن قبل يومين فقط من استشهاده في سجن جلبوع الاسرائيلي ستكون بمثابة نظرة الوداع على نجلها الذي تناقلت اخبار استشهاده وسائل الاعلام لتحطها على مسامعها كوقع الصاعقة.

"أم نافذ" التي تجاوزت عامها الخامس والخمسين لها من الابناء أربعة في السجون الاسرائيلية من بينهم ماهر الذي اضحى بين عشية وضحاها الشهيد رقم 188 في سجون الاحتلال.

ماهر عطا مصطفى دندن ( 38 عاما) هو احد أفراد كتائب شهداء الاقصى- الجناح المسلح لحركة فتح- عاش لاجئا في مخيم بلاطة للاجئين شرق نابلس, واستشهد أسيرا في سجن جلبوع , وتحدى السجن وسجانيه على مدى سنوات عمره, حيث اعتقل وسجن عدة مرات كانت اولها عام 1980 واخرها عام 2001 وحكمت عليه المحاكم الاسرائيلية بالسجن لمدة 18 عاما بتهمة تنفيذ عمليات مسلحة ضد جنودها ومستوطنيها في الضفة الغربية.

قصة "أم نافذ" تعتبر من القصص الاليمة في واقع الشعب الفلسطيني, فهذه المرأة التي رزقت بعشرة ابناء ذاقت مرارة العيش بعد ان توفي زوجها قبل عدة سنوات, وتركها تعيل الاسرة الكبيرة, وتتحمل فاتورة نضال ابنائها الذين لم يجمعهم سجن واحد بل تفرقوا على سجون النقب وجلبوع ومجدو ومراكز التوقيف الاخرى.

ماهر ورائد ومحمد ووائل, جميعهم يقبعون في السجون الاسرائيلية, ولكن بعد اليوم سقط احد هذه الاسماء من قائمة الاسرى لينتقل الى قائمة الشهداء, ولن يكون هذا الاقصاء ليسهّل على قلب الامل ويخفف عن كاهلها, بل على العكس سيزيد من حسرتها ولوعتها على فراق احد ابنائها المحببين على قلبها.

عدنان الابن الاصغر لـ "أم نافذ" قال لـ "معا": "سلطات الاحتلال كانت تسمح بزيارة ماهر مرة واحدة كل عشرة أشهر فقط, لاسباب وحجج أمنية, وكانت هذه الزيارة لوالدتي قبل يومين فقط, وكأنها كانت زيارة الوداع لماهر قبل استشهاده".

وحملت عائلة دندن الحكومة الاسرائيلية ومصلحة السجون الاسرائيلية المسؤولية الكاملة لاستشهاد ابنها الاسير, وقالت العائلة "ان الظروف الصعبة والمأساوية التي يعيشها الاسرى داخل السجون الاسرائيلية كانت وحدها الاسباب الحقيقة وراء استشهاد ابننا الذى توفي بالسكتة القلبية حسب التقارير الاولية التي خرجت من مصلحة السجون الاسرائيلية ".

وتشير الإحصائيات الرسمية الفلسطينية الى استشهاد 188 أسيراً فلسطينياً في سجون الاحتلال منذ عام 1967, منهم ما لا يقل عن 44 شهيدا بسبب الإهمال الطبي والامتناع عن تقديم العلاج من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية, حيث استشهد قبل عدة شهور الأسير سليمان محمد محمود درايجة في سجن "هشارون" نتيجة لسياسة الإهمال الطبي, كما استشهد الاسير جمال السراحين من الخليل في معتقل النقب الصحراوي وهناك 66 حالة مرضية حرجة في مستشفى سجن الرملة.

وحمّلت جمعية نفحة للدفاع عن الاسرى والانسان الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن وفاة الاسير ماهر دندن وعن حياة الأسرى المرضى عموماً، والذين تحتجزهم سلطات الاحتلال في ظروف لا إنسانية وقاهرة، ويتعرضون لتعذيب جسدي ونفسي مؤلم، ولا يتلقون أية رعاية صحية، بل يمارس ضدهم الإهمال الطبي المتعمد والمماطلة والتسويف في نقلهم لما يسمى مستشفى "سجن الرملة" وتقديم العلاج اللازم- حسب الجمعية.

وأكدت الجمعية أن هذه السياسة، تتناقض وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأسرى، حيث لا زال هناك قرابة 12000 أسير موزعين على السجون والمعتقلات الإسرائيلية، يعانون من أمراض مختلفة ومزمنة وخطيرة، وحياتهم مهددة بالخطر، نتيجة الإهمال والمماطلة والتسويف في علاجهم.

وطالبت الجمعية الحكومة الإسرائيلية، بضرورة وضع حد لبقاء احتجاز الأسرى المرضى، التي تتكدس بهم السجون والمعتقلات، وضرورة الإفراج عنهم في اسرع وقت حفاظاً على حياتهم.