مؤتمر يوصي بتدعيم صمود السكان في مناطق "ج" وتقديم كل ما يحتاجونه
نشر بتاريخ: 28/01/2014 ( آخر تحديث: 28/01/2014 الساعة: 19:01 )
رام الله - معا - عقدت مؤسسة لجان العمل الصحي، اليوم الثلاثاء، مؤتمراً حمل عنوان "الحق في الصحة في المناطق المصنفة ج"، برعاية من حركة صحة الشعوب شارك فيه العديد من المختصين والمهتمين وممثلي المؤسسات المحلية والدولية.
وطالب المؤتمر بتعزيز العمل في هذه المناطق صحياً وتنموياً وقطاعياً في هذه المناطق لتعزيز صمود المواطنين فيها والسعي لتحقيق الإستدامة في الخدمات وإعتبار المؤتمر خطوة أولى تؤسس للعمل المنظم مستقبلاً مع تفعيل الضغط والمناصرة على المستويات المحلية والدولية لدعم هذه المناطق.
وفي كلمة الإفتتاح، أكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة لجان العمل الصحي، يعقوب غنيمات أنه لا يمكن الحديث عن الحق في الصحة أو أي حق دون الحديث عن الحق الأكبر المسلوب والمتمثل بإستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وأضاف غنيمات أن مناطق ج المصنفة بموجب إتفاق أوسلو تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية من كافة الجوانب وأن حق سكانها في الصحة هو من مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي بموجب المواثيق والبرتوكولات والعهود الدولية وما الاهتمام من قبل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطنية في إطار الامكانيات المتاحة إلا لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وكذلك لتوفير مقومات الصمود لأبناء شعبنا الذين يعانون من الاحتلال وممارساته العنصرية في كل مناحي الحياة وعلى رأسها الصحة.
وأضاف غنيمات: في الوقت الذي نؤكد على أهمية الحق في الصحة باعتباره معيار لتجسيد حقوق أخرى ملازمة كالتعليم والبيئة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فإننا ننظر إلى الانتهاكات اليومية لهذا الحق من قبل الاحتلال الاسرائيلي الاستطياني الاحلالي في واقعنا الفلسطيني عامة وفي المناطق المصنفة ج والقدس خاصة وبنظرة سريعة نقرأ الواقع (الجدار والحصار، صعوبة التنقل حيث الحواجز التصاريح والتعقيدات، هدم البيوت، مصادرة الأراضي والممتلكات، تفشي المخدرات "15% من الشباب في القدس يعانون من مشكلة الادمان والمخدرات"، مصادرة الهويات، البطالة "الفقر 68%"، والاعتقالات، الضرائب والأتاوات، عدم المساوة، الاستغلال والظلم والعنف، تزوير التاريخ والحضارة واغلاق المؤسسات إلى آخره من الإنتهاكات والمضايقات التي لا حصر لها.
وأضاف: إن ما يشدنا لموضوعة الحق في الصحة ليس كوننا مؤسسة صحية تنموية فحسب، بل لأهمية الحق في الصحة باعتباره عنوان الحقوق وفيه تتجسد معاني الانسانية المثبته في الشرعة الدولية، وفيه تبرز بشكل واضح أن المشكلة ليست في وضع القوانين الدولية والمحلية وانما في توفير الحماية لهذه القوانين عبر آليات عمل واضحة واجراءات رادعة للدول التي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي كما هو الحال في الكيان الصهيوني، والتي تعتبر من الدول المارقة على القانون الدولي الانساني، ونجد مجلس الأمن الدولي الذي من المفترض أن يقوم بدور الضابط والحارس الأمين على تطبيق القوانين الدولية وتحديدا الانسانية منها وعلى رأسها الحق في الصحة عاجزا عن اتخاذ أي إجراء بحق إسرائيل ربيبة الامبريالية الامريكية راعية المجتمع الدولي، والتي تعمل بما ينسجم مع مصالحها لا مع ما يلبي الحقوق الانسانية الدولية ما يجعلنا نقول أن ما هو موجود اليوم ينطبق عليه مسمى مجلس المصالح الدولية.
من جهته، قال الدكتور غسان حمدان، منسق حركة صحة الشعوب في الشرق الأوسط إن مؤتمر آلما آتا عام 1978 هدف للوصول للصحة للجميع بحلول العام 2000 وإختار الرعاية الصحية الأولية كأداة مثلى لتحقيق ذلك، ولكن الحلم لم يتحقق بل زادت الأمور سوءً وتعقيداً على المستوى الصحي لتأتي العولمة وتبرز مخاطر جديدة على الصحة حالت دون التوزيع العادل والمتكافيء للموارد وخاصة فيما يتعلق بالفقراء.
وأضاف إن هذا الواقع دفع بالعديدين أفراداً ومؤسسات لتأسيس حركة صحة الشعوب عام 2000 في ظل غياب العدالة والمساواة في توزيع الموارد وبدأت الحركة بالعمل على محاربة استغلال حاجات الناس الصحية بهدف ربحي أو تجاري.
وشدد د. حمدان على أن فلسطين على مر التاريخ كانت وحدة جغرافية وعرقية ولغوية موحدة ولكن الاحتلال الإسرائيلي قسم ترابها وشرد أهلها فأصبح سكانها لاجئون لتتكرر المأساة بعد أوسلو بإعادة تقسيم ما تبقى إلى مناطق أ و ب و ج مع إصرار إسرائيل على تحويل الواقع الراهن إى وضع دائم عدا عن بناء الجدار العنصري الذي فاقم الأوضاع مأساة.
وتطرق د. حمدان إلى ما يقوم به الاحتلال من إجراءات على الأرض ومنها ممارسة الإبتزاز السياسي بحق المرضى المحتاجين للعلاج أو التنقل بغية العلاج وممارسة العنف النفسي على باقي الناس ومنع التطوير في كل الأراضي المحتلة.
وقال د. حمدان: إننا في حركة صحة الشعوب نؤكد على الدعم الكامل لحقوق المواطنين الصحية الكاملة إينما وجدوا مثمنين الدور المتقدم للجان العمل الصحي في خدمة الفلسطينيين.
وافتتح الدكتور ممدوح العكر الجلسة الأولى للمؤتمر والتي أكد فيها أن الحديث عن الحق في الصحة يعني وجود طرفان الأول صاحب الحق والثانني من يقع عليه واجب إنفاذ هذا الحق وكذلك ربط الصحة بحقوق الإنسان، وبين أن هذا المؤتمر سيسلط الضوء على واقع الصحة في مناطق ج والإنتهاكات التي يتعرضون لها من قبل الاحتلال الإسرائيلي وسيشكل مدخلاً لتناول الحق في الصحة وتجذيره.
وأشار د. العكر إلى أن تقسيم الوطن إلى مناطق أ وب و ج هو بحد ذاته إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وفي ورقته حول الحق في الصحة وفق منظومة حقوق الإنسان أكد د. جوني عاصي مدير كرسي اليونسكو في جامعة النجاح الوطنية أن هنالك مفاهيم متفاوتة بين تعاريف الصحة والحق في الصحة خضعت لعدة تغييرات بالإستجابة للتطورات التي شهدها العالم منذ بداية القرن العشرين.
أما ممثل مؤسسة الحق تحسين عليان فأوضح أن إسرائيل ترفض تطبيق كل من القانون الدولي لحقوق الإنسان وتراجعت عن إتفاقية جنيف الرابعة بعد أيام من إعلانها الإلتزام بها عام 1967 وما ساعدها على ذلك إتفاق أوسلو الذي حررها من مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين الذين إحيلت المسؤوليةالخدماتية تجاههم للسلطة الفلسطينية.
أما كاثرين كوك من منظمة أوتشا فإستعرضت حقائق تتعلق بالصحة وواقع الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال، مشيرة إلى أن سكان المناطق ج هم الأكثر تهميشاً بسبب السيطرة الكلية لقوات الاحتلال على مناطقهم إما للاستيطان أو التدريبات العسكرية أو الإعتداءات اليومية أو جدار الفصل العنصري.
وفي نهاية الجلسة قدمت شهاداتان حيتان لمواطن ومواطنة وأخرى عبر مادة متلفزة تتحدث عن الواقع المأساوي الصحي في مناطق سكناهم والمتسبب بها الاحتلال ومستوطنيه وغياب الخدمات الصحية الأساسية لديهم.
الجلسة الثانية التي تولت إدارتها حنان أبو غوش من مؤسسة لجان العمل الصحي فقد تحدث فيها من نسين عطاطرة من منظمة الصحة العالمية ووليد الخطيب من وزارة الصحة الفلسطينية ومحمود الطيطي من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وأيمن الشعيبي مدير مؤسسة كير حول دور كل من وزارة الصحة وتوجهاتها وخططها نحو تلبية الحقوق الصحية للمواطنين في منطقة ج وكذلك دور المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.
وكان جميع ممثلي هذه المنظمات إستعرضوا الخدمات التي يقدمونها للمواطنين وتوزيعتها ولكنهم أجمعوا على أنها بحاجة إلى تطوير في النوعية والكم مع تزايد إحتياجات الفلسطينيين في ظل ما يتعرضون له في مناطق ج من ممارسات إحتلالية تضيق الخناق عليهم في كافة مناحي حياتهم.
وخلال المؤتمر عرض فيلم وثائقي توثيقي بعنوان مناطق ج خاصرة الآلم تناول واقع الحياة في هذه المناطق من كافة الجوانب والإنتهاكات والحياة الصعبة الخشنة لسكانها لا قى إستحسان الحضور.
الجلسة الثالثة خصصت للحديث عن دور المنظمات الأهلية الصحية في خدمة المواطنين في مناطق "ج" والتي قام بالتقديم لها وليد أبو راس المدير المالي والإداري للمؤسسة والذي شدد على الدور التاريخي لهذا القطاع في خدمة الفلسطينيين حتى منذ ما قبل إنشاء السلطة الفلسطينية.
وفي حديثه عن تجربة مؤسسة لجان العمل الصحي في هذا المجال، قال إبراهيم أبو عياش مدير دائرة الرعاية الصحية الأولية لقد بدأنا كلجان شعبيه للخدمات الطبيه عام 1985 بعيادتين متنقلتين واحده في خيم جباليا (غزة) والأخرى في إذنا (الخليل) وفي بداية التسعينات أصبحت لجان العمل الصحي تتمتع بطاقم يعمل بصوره مهنيه إلى حد كبير. ومع بدايه الانتفاضة عام 2000 تطور دور وعمل اللجان على أساس خطه طوارئ استراتيجيه مستعرضاً خدمات وبرامج لجان العمل الصحي مؤكداً أن المؤسسة بدأت العمل في مناطق ج عام 2004 حيث تسير 32 عيادة متنقلة في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية إلى هذه المناطق.
وتطرق أبو عياش إلى المعيقات التي تعترض هذه الطواقم ومنها الحواجز العسكرية والجدار والاغلاقات وطرق ترابية وعره ونقص المستلزمات والأدوية واستصدار اذونات امنية للدخول لبعض المواقع، موصياً بالضغط تجاه تطوير دور المؤسسات الصحية ووضع خطط صحية تشاركية، ووضع خطط تحاكي موضوع الحق في الصحة، مرتبطة بالمحددات الاجتماعية تحاكي اثر البيئة على الصحة وخطط تراعي النوع الاجتماعي وتعزيز التعاون مع حركات التضامن الدولية، والعمل على جذب الداعمين والممولين.
وفي تناوله لدور الإغاثة الطبية الفلسطيني، قال د.محمد سكافي إن 36% من موازنة مؤسسته مخصصة للمناطق المصنفة ج منها 7% للقدس الشرقية، مستعرضاً الخدمات والتدريبات التي تقوم بها الإغاثة في المناطق "ج" بهدف تعزيز وبقاء المواطنين فيها، في إطار الطواريء والتطوير.
من جهتها، تطرقت المديرة العامة لمؤسسة لجان العمل الصحي، شذى عودة لدور اللجان في خدمة المواطنين بما في ذلك المؤسسات الشريكة في العمل من كافة القطاعات الخاصة والأهلية والحكومية ووكالة الغوث، وتحدثت عن الفجوة بين ما يقدم وما يحتاجه المواطنون فعلاً مطالبةً بدراسة الاحتياجات الفعلية للمناطق المهمشة والمحرومة، لا سيماوأن 70% من مساحة المنطقة "ج" يصادرها الاحتلال لصالح الاستيطان والاستخدامات العسكرية.
وأشارت إلى تردي التعليم والصحة النفسية وغياب البيئة الملائمة الآمنة وتدني المؤشرات الصحية والاقتصادية وإرتفاع مستويات الفقر في صفوف الفلسطينيين مطالبة بخطة وطنية قطاعية ذات بعد تنموي.