اذا وسد الامر لغير اهله فانتظروا الساعة ( حديث شريف )
نشر بتاريخ: 12/06/2007 ( آخر تحديث: 12/06/2007 الساعة: 16:15 )
بيت لحم - معا - بقلم ياسين الرازم - التقيت به على هامش احدى مباريات بطولة الشهيد فيصل الحسيني في ملعب العيسوية قبل اكثر من اسبوعين ودار بيننا نقاش مستفيض حول العديد من القضايا الرياضية ، وعندما سألته قبل عدة ايام اذا ما كان يرغب بالمشاركة في بطولة قدامى اللاعبين لرابطة الاندية رد علي قائلاً ( انني انتظر الساعة) ، فجلت بفكري خلال عدة ايام احاول فهم ما يقصده فهو الرياضي الخلوق والمحبوب وصاحب الانجازات في ايام الزمن الرياضي الجميل وهو الذي تخاطبه الاندية بين الفترة والاخرى ليتولى تدريب فرقها الكروية سيما وانه حاصل على شهادة متخصصة في علم تدريب كرة القدم ، ولم اجد ما افسر به ابتعاده الغريب عن معشوقته التي تغلق بها رغم تقدمه بالسن الا ان الرجل يبدو محبطاً من كثرة الزلات والاخطاء والخطايا التي ترتكب بحق الرياضة الفلسطينية عامة والمقدسية خاصة بأيدي من يدعون الاهلية والكفاءة لقيادة السفينة وينكرون على غيرهم الحق في ان يكون لهم الدور في اصلاح ما افسده الدهر وافسدوه بأيديهم .
لم يخصص ولم يحدد اسماء بعينها وانما اكتفى بقول الحديث الشريف ( اذا وسد الامر لغير اهله فانتظروا الساعة ) واللبيب من الاشارة يفهم ، وحيث ان رده كان استنكاري اللهجة فقال اين هي الاتحادات الرياضية التي تعمل من اجل تنمية مواهب المبدعين من اللاعبين؟ ولماذا تتصارع فيما بينها على السفريات والكراسي وهل وصلنا الى المستوى الفني الراقي وقمنا بأدوارنا وواجباتنا حتى نتفرغ للصراع الداخلي؟ ثم اين هي الوزارة والى متى ستبقى تقف مكتوفة الايدي وهي تشاهد حالة التسيب والتسرب والفلتان الرياضي ؟ والى متى ستبقى وزارة بمرسوم رئاسي وبدون موازنة سنوية اسوة بغيرها من الوزارات ؟ والى متى سيبقى قانون رعاية الشباب معطل على طاولات التشريعي ومن هي الجهة المستفيدة من هذا التعطيل ولماذا لايتم العمل لاعادة الصياغة ما دامت مسودة القانون لاتصلح للتطبيق؟ ثم اين هي اللجنة الاولمبية وماذا قدمت للنهوض بالمستوى العام للرياضة الفلسطينية وماهي علاقتها بالاتحادات ولماذا تناصر العداء لبعض الاتحادات المجتهدة والناشطة وتغض الطرف عن الاتحادات الخاملة ؟ ولماذا تتدخل المصالح الشخصية في دعم هذا الاتحاد وحرمان اخر ، ولماذا لا نسمع بها الا قبل البطولات الاولمبية الدولية و نقرأ اسماء شخوصها وكوادرها الا ضمن قوائم الوفود المغادرة ؟ واخيراً الا يكفي اكثر من ثلاثين عاماً من التخبط والارتجالية الم يحن الموعد المقدس لاجراء انتخابات جديدة للاولمبية ؟
توقعت ان تتغير طريقة حديثه عندما تطرقنا الى موضوع الاندية, وعلى عكس ما توقعت وجدته مستفزاً يلقي باللائمة على الاندية قبل ان جهة اخرى عندما قال اين هي المدارس الرياضية والكروية الحقيقية لاحتضان المواهب والاخذ بيدها ، ان الخلل الحقيقي يكمن في الاندية واداراتها فهي التي تفرز الاتحادات وبالتالي فهي شريكة في تشكيل اللجنة الاولمبية من رؤوساء واعضاء الاتحادات الرياضية ولان المشكلة اكبر بكثير من كرة ورياضة ومستوى رياضي وتمثيل مشرف فلا بد من البحث عن الاسباب وبحسب رأيي ان التنظيمات والحركات السياسية التي لاننكر دورها الوطني والنضالي الا انها ساهمت وبشكل كبير في تدمير الاندية والرياضة الفلسطينية عامة من خلال تدخلاتها المباشرة او غير المباشرة في ادارات الاندية فهناك العديد من رؤوساء الاندية لا يمتون بصلة للرياضة لا من قريب ولا من بعيد ولانهم محوسبون على هذه الجهة السياسة او تلك تقلدوا المناصب الرفيعة في الاندية وكنا دوماً نطالب بعدم تسييس الرياضة واذا كان لابد من ذلك فكنا نشترط ان تفرز هذه الاحزاب الرياضيين من كوادرها للعمل في الاندية والاتحادات ، ولا يمكن لنا التغاضي عن الدور الذي لعبته العشائرية والعائلية ايضاً في هذا الصدد ، والانكى من ذلك كله بروز اسماء في المحافل الرياضية لا ماضي ولا تاريخ لها وتحاول الاتكال على الارث العائلي وبعض المال للتتبوأ المناصب الرفيعة سواء الشرفية او الاستشارية او القيادية في النسيج الرياضي الفلسطيني .
امام هذا كله كيف لي ولامثالي من الرياضيين ان يفكروا بالعودة والعمل في الرياضة في ظل هذه الفوضى وصدقني لا يوجد رياضة في هذه الرياضة ، وتأكيداً لما ذهب اليه صديقنا اذكر هنا مقولة لاحد الرياضيين من محافظة رام الله والتي تتضمن رفضه الترشح لانتخابات أي اتحاد رياضي لانه غير محسوب على أي حزب او حركة وطنية فهو يثق بقدرته ولكنه غير مستعد ان يكون ضحية التحالفات الحزبية والكولسات الانتخابية ، ويفضل ان يقوم بدور المراقب والموجه وربما الناقد اذا وجد من يسمعه ؟
فعلاً ان الواقع مر وصعب ومأساوي ومحزن في الوقت ذاته لان اكبر اتحاد في الوطن لم يجرؤ حتى الان الافصاح عن موقفه او رأيه في المباراة التطبيعية مع الطرف الاخر وريال مدريد الاسباني ، ويصر على الاختباء وراء اهل الحل والربط من السياسيين واللعب على وتر التناقضات وزرع الرأس في الرمال كما النعامة ولسان حاله يقول اذا اتخذت موقفاً واضحاً فقد اخسر الكثير من المساعدات المادية والسفريات وعضوية بعض اللجان وما هي الا مباراة ( بتفوت ولا حد يموت ) والسؤال هنا اذا كان هذا الاتحاد غير مؤتمن على المصالح والثوابت الوطنية فكيف سيكون مؤتمناً على مصالح الاجيال الرياضية المتعاقبة ؟؟؟
نعود الى صديقنا الذي اعترف لكم كما اعترفت له انني لم انجح في اقناعه بوجهة نظري بعد الشواهد التي ساقها لي و الماثلة امام العيون من الاخطاء والخطايا التي ترتكب بحق كل طفل فلسطيني حلم بذات ليلة ان يصبح نجماً متألقاً في سماء هذا الوطن يدافع عن علم بلاده ويرفع اسمه خفاقاً في الميادين والمحافل الدولية ، والان فقط بدأت اعي واتعرف على الاسباب الحقيقية لتأخرنا وتراجعنا رياضياً والسبب هو ابتعاد المئات من اصحاب الخبرات والطاقات العملية وحملة الشهادات العلمية الرفيعة عن العمل بالرياضة الفلسطينية لانهم حرموا من الفرصة الحقيقية للعمل اولاً و يرفضون ثانياً العمل وفق سياسية الترقيع وبالتالي تحمل وزر واخطاء البعض الذي حول الاندية والاتحادات والمؤسسات الرياضية والشبابية الاهلية والرسمية الى ممالك خاصة وهيمن على مقدرات الحركة الرياضية المحلية ووجهها الوجهة التي تحلو له وتخدم مصالحه الشخصية .
الان فقط استطيع القول انني ايضاً انتظر الساعة وربما ليس بالطريقة والوضعية التي ينتظر فيها صديقنا الساعة، فما زال في النفس بصيص امل بحدوث معجزة خارقة للعادة تعصف بكل من افسدوا رياضة الوطن وتدفع الى الواجهة بالكفاءات والخبرات لقيادة السفينة التي تتخبطها الامواج العاتية الى بر الامان وحيث اننا مؤمنون وموحدون وننتظر الساعة التي لا ريب او شك فيها اضرع الى المولى العلي القدير ان يهيء للشباب الرياضي الفلسطيني قيادة رياضية صالحة وامينه على المصالح والثوابت الوطنية وتخشى الله في ابناء وبراعم واشبال وشباب وشابات هذا الشعب انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير .