الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

عوني ظاهر: ذاكرة تربوية تؤرخ لمئة عام!

نشر بتاريخ: 09/02/2014 ( آخر تحديث: 09/02/2014 الساعة: 17:37 )
طوباس -معا - تتبعت الحلقة السابعة من برنامج" أصوات من طوباس" لوزارة الإعلام، حكاية التربوي عوني عارف ظاهر، الذي قاد ورفاقه في تربية طوباس معرض تكنولوجيا التعليم في مدرسة بناتها الثانوية، والذي حمل عنوان "ما بين الماضي والحاضر: قرن من الوسائل والتواصل".

واستوحى ظاهر، صاحب فكرة إقامة معرض يلخص قصة الوسائل التعليمية فكرته من وحي عمله في وزارة التربية بنابلس، حين أنقذ عشرات الوثائق القديمة عام 2002 من التلف، ورممها وأرشفها، وأعاد إليها الحياة، بالرغم من الحصار الذي كان يطوق نابلس، لكنه اجتاز 17 طريقاً للوصول، وحرص على المبيت في مقر المديرية، لينجز مهمته.

ويقول بعد وقت قصير من افتتاح وزير التربية والتعليم العالي علي أبو زهري ومحافظ طوباس والأغوار الشمالية ربيح الخندقجي وشخصيات رسمية أخرى إلى جانب مديرة التربية بالمحافظة د. ريما دراغمة، المعرض، إن بعض الملفات التي جمعها، وقدمها اليوم للجمهور، تعود إلى عام 1921، وحكومة عموم فلسطين، وبعضها لم يعد لأصحابها ورثة، حتى للمطالبة بالراتب التقاعدي للمربي.

وثائق ناطقة
وبانت علامات السرور على وجه ظاهر، وهو يسترد قصة مخطوطات قديمة خلال الاحتلال البريطاني أو الحكم الأردني أو الاحتلال الإسرائيلي، وقص للحضور: كان المعلم الذي يريد الانتقال من قرية لأخرى، يكتب لإدارة المعارف، ويضع كل العيوب في القرية، بينما يفعل المعلم الباحث عن مدرسة أخرى الشيء المعاكس، ويظهر كل محاسن البلد الذي ينشده.

ويسترجع شريط ذكرياته: من الوثائق ما يظهر مدينة سلفيت عام 1947، حين كانت بمدرسة وحيدة من صفين، ينام الأستاذ فيها، ويكتب في طلب الانتقال لبلدة حوارة، أنه لا يستطيع الاستمرار، فيما لا تتوفر في القرية شروط الراحة ومكان التسوق والطبيب، ويزعجه التلاميذ في وقت مبكر!

بينما تقول مراسلات أخرى: أن مُدرساً من عصيرة الشمالية كان يعمل في جنين، وغضب من قرار المعارف عام 1936 بتوزيع القماش (الفانيل) على أساتذة المدينة فقط. ويتحدث رد رسمي ثانٍ عن رفض تربية نابلس طلب معلم بتحديد سنه، وفقاً لشهادة ولادة أخيه!

وتبوح بعض الوثائق، التي عرضت وتجاورت مع وسائل تعليمية عتيقة، إلى تاريخ طوباس القديم، حين كانت تتبع إدارياً لنابلس، وفي وقت تخلو سجلات "المعارف" والتربية من أثر لفتيات متعلمات. بينما يطمح ظاهر، أن تكون فكرة المعرض، التي سهر ورفاقه في التربية ومدرسة بنات طوباس على إنجاحها، نواة لمعرض تراث وطني دائم، أو لموقع افتراضي عبر شبكة الإنترنت.

أجيال تكنولوجية
مما يجده الزائر في المعرض، آلات تصوير فوتغرافية من أجيال متعاقبة بعضها على شريط، وأجهزة تسجيل صوتي، وآلات عرض صور( فيديو)، وشرائح، ووسائل عرض الشفافيات المدرسية، وطابعات، ومذياع قديم، وقارئ أسطوانات بأحجام مختلفة، وسينما صغيرة، ومجاهر مختلفة، وأدوات مخبرية، وكتب، ووثائق.
والمفارقة التي يقدمها ظاهر، الذي جمع معظم التقنيات القديمة والوثائق المعروضة، أنه اشترى غالبيتها بثمن بخس من أسواق الخردة، وأعاد صيانتها، فمثلا أبتاع 300 شريحة لجهاز عرض عفا عليه الزمن بخمسة شواقل فقط، بينما كان ثمنها في زمنها ألف ضعف أحياناً!

يروي: كان عرض الصور يحتاج لبيئة معقدة، فإن توفر في المدرسة جهاز، لن نجد مكاناً معتماً، وأن توفر، لن نؤمّن تيار كهربائي، ولكننا قدمنا هذه المفارقة وعرضنا جيلين مختلفين من الوسائل، بعضها تفصل بينها فجوة أكبر من عمري في على أبواب الستين.

سيرة
وأبصر ظاهر النور في قرية ياصيد وقضى فيها معظم أيامه، وتعلم في عصيرة الشمالية الثانوية، وانتقل إلى الجامعة الأردنية لدراسة الكيمياء، وعُيّن معلماً في بيت امرين، وواصل مشواره الدراسي لينال دبلوم التأهيل التربوي في جامعة النجاح الوطنية ، وشغل رئيس قسم التقنيات التربوية في نابلس، بعد رحلة تدريس طالت إحدى عشرة سنة، ومكث مثلها في نابلس، وست سنوات أخرى في طوباس. ويحرص على توثيق كل ما يتصل بعمله في طوباس، وقريته.
مما يتفاخر به ظاهر عشقه للمعلومة والتقاطه للصورة، وقد تدرب مئات الساعات على هذا الشغف، ودرّب المئات على هذه المهمة. ووثق صورا لمناسبات، وجمع أفلاما ومآثر كلها تُمجد الإنسان والبلد والوطن والمقدسات. كما تحول إلى خبير مونتاج ومخرج إذا توفرت آلات التصوير والتقنيات اللازمة والحاسوب.

يقول بابتسامة لطيفة: "صورت حتى اللحظة مليون صورة، وعشرة آلاف مقطع فيديو عن كل ما يعترض طريقي، وفي شتى حالاتي: الدراسة، الرحلات، العمل، جلسات الأصدقاء. وأنتجت وسجلت آلاف أشرطة الفيديو، وصنفتها في أرشيف تربية نابلس لأغراض تعليمية ووثائقية، ولدي آلاف الأقراص المدمجة ممتلئة بالصور، ومنذ عام 2000 دخلت إلى الشبكة العنكبوتية. وطفت العالم وشاهدته على شاشة الحاسب المحمول، آخذ المعلومة والخبر، وأنشر فكري وصوري وثقافتي.

أرشيف
يضيف: "أملك مكتبة من ألف كتاب وكتيب وقصة ومجلد وموسوعة متنوعة، وعندي (قارئ اسطوانات) لا زال يعمل، ومعه عشرات الأسطوانات السوداء محفورا عليها أغانٍ قديمة، والقران الكريم كاملا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وفي أرشيفي المئات من شرائط الكاسيت الصوتية فيها القرآن الكريم لعدة قراء.
يوالي: "في بيتي وثائق عن التعليم والأوضاع الاجتماعية في فلسطين، ولدي ألبومات من الصور ترسم تاريخ القرية وفلسطين، وبعض العادات والتقاليد والمقدسات والطبيعة والزهر والنوار والربيع وصور أطفالي، ونفحات من سيرة حياتي".

توثيق
بدوره، قال منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إن "أصوات من طوباس" يحرص على مواكبة أنشطة المحافظة، وينقلها بقالب قصصي، مثلما يتتبع حالات نجاح لرجال ونساء عبر التاريخ، ويُعنى بإحياء الرواية الشفوية القديمة، ورصد إبداعات الحاضر وهمومه.