الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز "شمس" يدعو لإنشاء هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية

نشر بتاريخ: 12/02/2014 ( آخر تحديث: 12/02/2014 الساعة: 15:04 )
الخليل -معا - عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورشة عمل بعنوان العدالة الانتقالية،وذلك لطلبة التربية الإسلامية في جامعة القدس المفتوحة في الخليل،وقد افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز معرفاً بالمركز ونشاطاته اللامنهجية وأهمية المركز وأهدافه التي تصب في تعزيز المشاركة الشبابية وزيادة الوعي وتعميق الثقافة في مجالات حقوق الإنسان، وقال أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الصالح لدى طلبة الشريعة بدعم وتمويل من مؤسسة المستقبل.

من جهته عرّف الدكتور أبو عياش العدالة الانتقالية بأنها مجموعة الأساليب والآليات التي يستخدمها مجتمع ما لتحقيق العدالة في فترة انتقالية في تاريخه، تنشأ هذه الفترة غالباً بعد اندلاع ثورة أو انتهاء حرب، يترتب عليها انتهاء حقبة من الحكم السلطوي القمعي داخل البلاد، والمرور بمرحلة انتقالية نحو تحول ديمقراطي. وهنا وخلال هذه الفترة الانتقالية تواجه المجتمع إشكالية كبيرة، وهي التعامل مع قضايا انتهاكات حقوق الإنسان سواء كانت حقوقاً جسدية أو اقتصادية أو حتى سياسية. أو من الممكن أن نقول أنها عبارة عن فترة أو مرحلة ما بعد الأزمات،“الثورات” ويقصد بها العدالة التي تنتقل بالمجتمعات من حالات الصراع إلى حالة التوافق والسلام وصولاً إلى نظام ديمقراطي يمنع تجدد الصراعات.

وقال الدكتور نضال إن تحقيق العدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد الذي يضمن تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا وبنفس الوقت يفتح الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية، التي بدونها ستكون أي دولة تعيش صراعات أو حروب أو قلاقل داخلية عرضةً لمزيد من الاحتراق وإراقة الدماء والتي سيقف وراءها الانتقام بكل تأكيد.إن المصالحة هي شكل من أشكال العدالة الانتقالية التي تكون ضرورية لإعادة تأسيس الوطن على أسس شرعية قانونية وتعددية وديمقراطية.لذلك هناك دول بحاجة إلى تأسيس جديد لنمط الشرعية قائم على نمط الشرعية الدستورية المؤسساتية،وتجاوز إرث الماضي الثقيل عبر مجموعة من الإجراءات تؤسس للدخول في “المصالحة الوطنية” عبر “العدالة الانتقالية” التي تتم من خلال إعادة البناء الاجتماعي، المصالحة الوطنية، تأسيس لجان الحقيقة، التعويض للضحايا،جبر الضرر، وإصلاح مؤسسات الدولة العامة أو خاصة الأجهزة الأمنية والشرطة.

وشدد على أن مجال العدالة الانتقالية – أو مواصلة العدالة الشاملة أثناء فترات الانتقال السياسي – يهتم بتنمية مجموعة واسعة من الاستراتيجيات المتنوعة لمواجهة إرث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتحليلها وتطبيقها عملياً بهدف خلق مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية. وفي الجانب النظري والعملي، تهدف العدالة الانتقالية إلى التعامل مع إرث الانتهاكات بطريقة واسعة وشاملة تتضمن العدالة الجنائية وعدالة إصلاح الضرر والعدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية. وهي بالإضافة إلى ذلك مبنية على اعتقاد مفاده أن سياسة قضائية مسئولة يجب أن تتضمن تدابير تتوخى هدفاً مزدوجاً، وهو المحاسبة على جرائم الماضي والوقاية من الجرائم الجديدة مع الأخذ في الحسبان الصفة الجماعية لبعض أشكال الانتهاكات.

وأوضح الدكتور نضال أن العدالة الانتقالية تركز على الأقل على خمس مقاربات أولية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية :منها المحاكمات حيث تُعتبر المحاكمات أول فئة كبيرة من آليات العدالة الانتقالية. وبموجب القانون الدولي، تلتزم كل الدول بالتحقيق في جرائم حقوق الإنسان بعد ارتكابها وفرض عقوبات على المسئولين عنها، والتي تتطلب كحد أقصى الالتزام بالتسليم أو المتابعة وكحد أدنى إلحاق عقوبة غير إدارية لا تتنافى كثيراً مع حجم جريمة حقوق الإنسان المعنية .وبوجه عام تكون المتابعة موجهة بشكل واضح إلى أولئك الأشخاص الذين يتحملون المسئولية الأكبر عن الجرائم. وعندما يتابع هؤلاء المتهمين من ذوي المراتب العليا، تتم مواجهة عدد أكبر من الضحايا والجرائم بأقل عدد من المتابعات، مما يكون ذا فائدة عملية عندما تكون القدرة والموارد محدودة.وثانياً البحث عن الحقيقة: غالباً ما تعبر المجتمعات التي تعيش مرحلة انتقالية عن طلبات لفهم مدى وطبيعة العنف أو الانتهاكات التي وقعت أثناء حكم النظام السابق. وينادي الضحايا والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، من بين أطراف أخرى عديدة، بكشف “الحقيقة” حول الماضي، وذلك عادة كرد فعل للنظام السابق الذي كان يعتمد على الأكاذيب والخداع.وقد ظهرت داخل مجال العدالة الانتقالية، عدة طرق لاستجلاء الحقيقة حول الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان. وأشهر طريقة من بين هذه الطرق هي “لجنة الحقيقة.

أما الجانب الثالث فهو التعويض فأمام الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، أصبح لزاماً على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضاً ضمان حقوق الضحايا. وبوسع الحكومات تهيئة الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض ما لحق بهم من الضرر والمعاناة . وينطوي مفهوم جبر الضرر على معاني عدة من بينها التعويض عن الضرر أو ضياع الفرص، رد الاعتبار لمساندة الضحايا معنوياً وفى حياتهم اليومية والاسترجاع استعادة ما فقد قدر المستطاع.يمكن التمييز بين التعويضات بحسب النوع مادية ومعنوية والفئة المستهدفة فردية/ جماعية.

أما العنصر الآخر فهو الإصلاح المؤسسي تأتى خطوة الإصلاح المؤسسي كخطوة مكملة وضرورية للخطوات السابقة المحاكمات، التعويض، بغرض ضمان سلامة إنجاح مسيرة الانتقال للمجتمع الديمقراطي. فمن غير المنطقي أن تتم المحاسبة وتعويض الضحايا، مع الإبقاء على ذات تشكيل وأعضاء المؤسسات التي تورطت في ارتكاب الجرائم، فقد يتطلب الأمر إجراء تعديلات هيكلية في بعض المؤسسات ذات الصلة بالانتهاكات، أو تطهير تلك المؤسسات من بعض العناصر التي يثبت تورطهم في ارتكاب الجرائم في النظم السابقة، لضمان عدم تكرار تلك الممارسات مرة أخرى في المستقبل من قِبل الأجهزة الإدارية أو أية أجهزه أخرى في الدولة. وهناك العديد من النماذج الدولية، فيما يتعلق بالإصلاح المؤسسي.

وأوضح الدكتور نضال أن إحياء الذكرى الضحايا كآلية للتذكر . ويمكن أن يتم بشكل رسمي مثل إقامة نصب تذكاري أو غير رسمي أو مثل بناء جدارية في مجتمع محلى، رسمياً من طرف الدولة أو تلقائياً من طرف المواطنين . ويسعى الناس إلى إحياء ذكرى أحداث الماضي لأسباب عديدة، منها الرغبة في استحضار ذكرى الضحايا و/أو التعرف عليهم، أو تعريف الناس بماضيهم، أو زيادة وعى المجتمع، أو دعم أو تعديل رواية تاريخية أو تشجيع تبني الاحتفال بذكرى العدالة الانتقالية من أقصى مستوى محلي.ويُشكل فهم احتياجات الضحايا وعائلاتهم والناجين من انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة أحد العناصر الرئيسية في العدالة الانتقالية. ورغم عدم وجود شكل وحيد لتعامل الضحية مع الماضي، إلا أن الضحايا وجمعياتهم المنظمة كثيراً ما يطالِبون بالعمل على بلوغ عدد من أهداف العدالة الانتقالية، بما في ذلك تحقيق العدالة والمحاسبة، إظهار الحقيقة، جبر الأضرار، ضمان عدم تكرار ما جرى. إضافة إلى كل ذلك، غالباً ما يكون هناك مطلب بالتذكر، فتذكر الماضي يتيح نوعاً من تكريم الذين ماتوا أو تمت التضحية بهم.غير أن آليات التذكر يمكن أن تساهم في بلوغ أهداف أخرى للعدالة الانتقالية، بما في ذلك البحث عن الحقيقة، ضمان عدم تكرار الخروقات مستقبلاً.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة إصدار قانون متكامل للعدالة الانتقالية، وضرورة أن تستند منظومة العدالة الانتقالية إلى نهج حقوقي وإطار قانوني محدد ومنضبط، يعمل على إزالة الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان، ومنع تكراراها في المستقبل. ضرورة تحديث منظومة العدالة الجنائية في فلسطين على نحو يسهم في التصدي الفاعل للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. العمل على تنمية الوعي المجتمعي بمفاهيم ومفردات وأهداف العدالة الانتقالية،دعوة المؤسسات الدينية إلى نشر القيم الدينية التي تدعو إلى نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر.إنشاء هيئة وطنية عليا مستقلة ومحايدة للعدالة الانتقالية،تعريف الضحية وفقاً للمبادئ المستقرة في وثائق الأمم المتحدة، في سياق تطبيق آلية جبر الضرر والتعويض.