"هآرتس" تكشف: شارون طرد آلاف البدو في ليلة باردة ومات 40 منهم
نشر بتاريخ: 12/02/2014 ( آخر تحديث: 13/02/2014 الساعة: 11:26 )
القدس- معا - كشف كتاب جديد صدر في إسرائيل مؤخرا عن تفاصيل مناورة "عوز" العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مطلع العام 1972 بأمر من قائد الجبهة الجنوبية حينذاك، أريئيل شارون، وشملت عمليات طرد آلاف المواطنين البدو من سيناء في ظروف مناخية باردة ما أدى إلى موت العشرات منهم.
وروى الكتاب الجديد، وهو سيرة ذاتية لشارون من تأليف محرر صحيفة "هآرتس" السابق دافيد لانداو، أنه قبل أسابيع من مناورة "عوز" أمر شارون بطرد 3 آلاف مواطن من أبناء عشيرتين بدويتين من مضاربهم ومناطق رعي مواشيهم التي قرر إجراء المناورة فيها، بغية إجراء تدريب عسكري للجيش الإسرائيلي أطلق عليه مناورة "عوز" – أي "قوة".
وقالت "هآرتس" التي أوردت الخبر اليوم الأربعاء، إنه كان من بين الذين تم تهجيرهم قسرا من بيوتهم العديد من الأطفال والأولاد وكبار السن، الأمر الذي تسبب في موت العشرات منهم نتيجة عدم تحملهم للبرد القارس، موضحة أنّ شارون كان قائدا للمنطقة الجنوبية حينها في الجيش الإسرائيلي.
|265319*خريطة تظهر الطريق الذي سلكه البدو بعد طردهم|
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها إلى أنّ التدريب الذي أجراه الجيش في ذلك الوقت استغرق نحو 6 أيام، حيث بدأ في 20 فبراير عام 1972 وتم التدريب في سرية تامة وتكتم من القيادة الإسرائيلية.
وعلى حد ما أوردته "هآرتس" فإن عملية الطرد تسببت في موت نحو 40 طفلا وامرأة ومسنا، مؤكدة أنّه لم يتم محاسبة القيادات الإسرائيلية على مقتل عشرات البدو، مشيرة إلى أن حينها كانت غولدا مائير رئيسة الوزراء، وموشيه ديان وزيرا "للدفاع"، ودافيد العازار رئيسا للأركان في الجيش الإسرائيلي، وشارون قائدا للمنطقة الجنوبية.
تدوين سيرة ذاتية
ونفذ شارون، الذي شغل آنذاك منصب قائد منطقة الجنوبية، جريمته هذه قبل أسابيع من تدريب عسكري سري، حاكى سيناريو اجتياز كتيبة مدرعة عائقا مائيا كبيرا، في حال اضطر الجيش خلال حرب مع مصر، إلى اجتياز قناة السويس ونقل الحرب إلى الأراضي المصرية.
ووفق الصحيفة، فإن شارون أمر قبل أسابيع من إجراء التدريب، بطرد آلاف البدو من المنطقة، التي أعدها للتدريب، من دون أن يسمح لهم، حتى بالاستعداد لمواجهة موجة البرد القارس، التي سادت حينها، إذ اضطر هؤلاء إلى السير مسافة عشرات الكيلومترات، حتى استقر بهم الأمر إلى الجنوب من جبل حلال. وفي طريقهم توفي العشرات منهم، خصوصا الأطفال والأولاد وكبار السن.
وأكد التقرير أنّه لم تكشف هذه القضية طوال 42 عاما، حتى بعد معرفة قائد الأركان بها وقيامه بإعادة البدو إلى بيوتهم.
ووثقت تفاصيل الجريمة في تقرير كتبه الباحث في الحضارة البدوية، الدكتور إسحاق بيلي، ووثقه بحديث شهود عيان من البدو.
وفي التقرير رواية لأحد الشيوخ من عشيرة الترابين، قال فيها إنّ "الطرد استمر ثلاث ليال على الأقل، في شهر كانون الثاني (يناير) 1972، وفي إحدى المرات، التي رفض فيها البدو إخلاء خيامهم، أطلق الجيش النار في الهواء وبدأ في اقتلاع الخيام".
ويستدل من الشهادات التي جمعها الباحث الإسرائيلي، أنّه بسبب شدة البرد الذي وصل إلى درجة الصفر، وحالة الانهاك وغياب مأوى يلجأ إليه البدو على طول المسافة التي قطعوها، لقي ما لا يقل عن 40 شخصا مصرعهم، وقام البدو بدفنهم في الطريق.
28 قبرا على الأقل
وتمكن الباحث في الحضارة البدوية من تصوير 28 قبرا على الأقل. وروى أنّه عاد إلى العريش وتحدث إلى بعض ضباط الحكم العسكري، فشرحوا له أنه جرى إخلاء البدو بأمر من قائد المنطقة، الذي أبدى اهتماما باستغلال المكان الذي هُجّر البدو منه، لإنشاء مستوطنة إسرائيلية.
وقرر بيلي، الذي كان ضابطا في الاحتياط في حينه، التوجه إلى رئيس الحكم العسكري شلومو غازيت، الذي وعده بفحص الموضوع، لكنه لم يحدث أي شيء.
وكان شارون استدعى بيلي إلى مقر قيادة المنطقة الجنوبية في مدينة بئر السبع. ويروي بيلي: "تعامل معي شارون بلطف وروى لي كم يحب البدو وانه يزور قبيلة العزازمة. وأدعى أنه لم يعرف ما حدث لأولئك البدو، على رغم معرفتي أن الأمر صدر عنه. وتبين لي لاحقا أنه حاول عرقلتي، وأصدر أمرا إلى كل القواعد العسكرية في سيناء، بمنع دخولي إليها، وكان عليّ التوجه إلى دافيد العزار لإلغاء الأمر".
ويقول بيلي، الذي أصبح لاحقا مستشارا لقادة الأجهزة الأمنية للشؤون العربية، إنه التقى شارون عدة مرات خلال توليه لمنصبه، وتطورت بينهما "علاقات حب وكراهية" كما يصفها بيلي، مضيفا: "اشتبه بي دائما، لكنه قدرني كرجل ميداني وطلب الاطلاع على تقارير وخرائط أعددتها بنفسي".
وتؤكد "هآرتس" انه ليس من المعروف حتى اليوم، من هي الكتيبة التي تولت تنفيذ أمر الطرد. وقال ضباط خدموا في تلك الفترة في قيادة لواء الجنوب وسيناء، إنّهم لا يتذكرون الحادث. وقال الجنرال غازيت، الذي كان أول من توجه إليه بيلي، إنه جرى تنفيذ عدة تدريبات لاجتياز قناة السويس، لكنه لا يتذكر بالذات ذلك التدريب. وكما يتبيّن، إهتم الجيش بالتستر على العملية بسبب سرية "عوز" والرغبة في التكتم على حادثة محرجة أخرى تتعلق بالمس بالبدو، في وقت قريب من الحادثة التي كشفت في حينه.