الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نساء أريحا والأغوار الشمالية: تجارب ناجحة لتمكين المرأة اقتصاديا

نشر بتاريخ: 18/02/2014 ( آخر تحديث: 18/02/2014 الساعة: 12:15 )
رام الله -معا - الزائر إلى مناطق أريحا والأغوار بدءا من عيون الديوك، وانتهاء بمناطق بردلة وعين البيضا، وانتهاء بالجفتلك وفروش بيت دجن، يمكنه أن يلمس الأثر الذي تركته المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، في حياة عشرات النساء المستفيدات من مشروع تمكين المرأة الريفية رغم شظف العيش وقساوة الطبيعة في هذه المناطق التي تعاني ربما أكثر من غيرها من انحباس الأمطار واستمرار الاحتباس الحراري.

في هذه المناطق النائية والمهمشة، كانت "مفتاح" سباقة في دعم وتمكين العشرات من نساء أريحا والأغوار من خلال دعمها لمشاريع صغيرة اخترنها بأنفسهن، بدءا من تربية الدواجن وتسمين الماشية، وانتهاء بمشاريع جمعت بين أكثر من ربة بيت وفتاة جامعية يشتركن فيها سوية على أمل أن توفر لهن هذه المشاريع مستقبلا، وبعد دورة إنتاج أو اثنتين مصدر دخل ثابت، أو تحسين دخل قائم فعلا، لكنه بالكاد يفي بمتطلبات حياتهن وحياة أسرهن اليوم.

وكانت بردلة وهي قرية نائية في الأغوار الشمالية محطتنا الأولى، وهناك التقينا باثنتين من مجموعة من المستفيدات من مشروع تربية أغنام وتسمينها، واستمعنا من كل من فريال، وسمر، إلى ما وصل إليه مشروع تربية الأغنام المنفذ من "مفتاح"، والممول من صندوق الانماء الاجتماعي والاقتصادي.
في حين كان واضحا تأثير انحباس الأمطار على كردلة، فالجبال المحيطة بسكنى فريال وسمر جرداء على خلاف ما كانت عليه في أعوام سابقة يغطي قممها وسفوحها العشب الأخضر، وفيها يسرح الرعيان بأغنامهم.

وانحباس المطر أدى إلى جدب، وحالة الجدب هذه ضاعفت من تكاليف رعاية قطيع الأغنام الذي تتولاه فريال وسمر بالعناية مع مستفيدات أخريات، خاصة مع ارتفاع أسعار بالة طعام الأغنام لتصل إلى نحو 420 شيكل للبالة الواحدة، أي بزيادة مقدارها 120 شيكل عن سعرها الحقيقي قبل حالة الجدب التي ضربت المنطقة.

وقدمت لهما "مفتاح" الأساس لمشروع تربية الأغنام..ولم تخفيا رغبتهما في أن يتطور هذا المشروع وأن يستمر دعم "مفتاح" له، إلى جانب مطالبتهما الحكومة بأن تقدم مزيدا من الدعم لهما ولعموم المزارعين ومربي المواشي في كردلة والأغوار الشمالية، بما يمكن المواطنين هناك من البقاء والصمود.
بجوار حظيرة الأغنام التي تربي فيها فريال وسمر قطيعهما، يظهر "وادي سلمان" في بطن الجبل متحدرا من أعلى، وفي فصل الشتاء يصب ماء غزيرا على سكان القرية... اليوم الوادي يعاني القحط والجدب، بيد أن السكان هناك ورغم شظف العيش أكثر إصرارا على البقاء.

وليس بعيدا عن بردلة، حيث قرية عين البيضا، كان ل"مفتاح"، أثر في حياة ست نساء من نساء القرية، بينهن زوجة أسير أمضى أكثر من عشرين عاما، كنا اجتمعن وائتلفن في مشروع لبيع الأدوات المنزلية، وهو ما تفتقد إليه قريتهن والقرى المجاورة، وبالتالي كان مشروعا ناجحا يتناوبن على إدارته واقتسام أرباحه الشهرية والسنوية.

في الزيارة الأخيرة للمشروع، سلمت حنان سعيد المشرفة على تنفيذه من قبل "مفتاح"، مزيدا من البضائع للمستفيدات من المشروع، اللواتي كن تلقين قبل ذلك تدريبا على إدارة المشاريع نظمته لهن "مفتاح".

إحدى المستفيدات أكدت أنهن لن يكتفين بما يبعنه من بضائع وأدوات منزلية، بل يطمحن إلى إدخال المنتجات الحرفية المصنعة من قبلهن لبضائع المحل.
مع ذلك يرين أن ما قدمته لهن "مفتاح"، مكنهن اقتصاديا، وجعلهن أكثر مقدرة على مواجهة أعباء الحياة اليومية التي فرضت عليهن مساعدة أزواجهن وأسرهن في توفير متطلبات العيش الأساسية.

في الجفتلك أيضا حضرت "مفتاح" بما قدمته للنساء هناك بحضور مهم ولافت، عبر مشروعين الأول مشروع لتربية الدواجن تشارك فيه أربع سيدات وفتيات هن آمنة حبتازي، رندة سبيتان، عبير برناوي، ودموع أبو عبيلة.

المشروع في طريقه إلى أن يصبح منتجا، خاصة إنتاج البيض، لكن ارتفاع أسعار الأعلاف المترافق مع انحباس الأمطار، والحاجة المستمرة للعناية والرعاية بأسراب الدجاج ضاعف من تكلفة المشروع.

رغم ذلك، شكل المشروع بداية ناجحة للمستفيدات منه، حيث يأملن أن يمكنهن اقتصاديا، علما أن المعدل الحالي لانتاج البيض يوميا يصل إلى 24 بيضة فقط.
من بين المستفيدات من المشروع المهندسة الزراعية رندة سبيتان، خريجة جامعية، تخرجت حديثا من جامعة النجاح الوطنية، في انتظار أن تلتحق بوظيفة في مجال تخصصها.

من أهم احتياجات المشروع في هذه المرحلة، تحسين الإضاءة داخل المزرعة ، بالإضافة إلى توفير بعض الأغذية المساعدة التي تحقن بها الدواجن مثل فيتامين إيسالينيوم.

وليس بعيدا عن مزرعة الدواجن في الجفتلك، اختارات "مفتاح" خمس نساء من ذات القرية لمشروع آخر، هو تربية الماشية حيث أمدتهن بثمانية رؤوس ووقع الاختيار على إحدى المستفيدات وهي جاهدة مساعيد ليقوم هناك المشروع، بإشراف منها وبمعاونة زوجها عبد الكريم مساعيد.

المشكلة الوحيدة التي تواجه المستفيدات على المشروع، هو زيادة التكلفة على المستفيدات، بسبب انحباس الأمطار، وانعدام المراعي، في مقابل ارتفاع أسعار الأعلاف، ومضاعفة عدد الوجبات من الاعلاف المقدمة للأغنام بمعدل وجبتين يوميا.

يشير المساعيد إلى أن سعر سيارة القش ارتفع مؤخرا ليصل إلى أكثر من ستة آلاف شيكل، بينما يبلغ نصف الطن من القش لإطعام المواشي إلى أكثر من 450 شيكل.

يتمنى المواطن مساعيد وزوجته جاهدة على الحكومة دعمهما بالأعلاف والشعير لشهرين قادمين على الأقل، لأن من شأن ذلك، أن يمكن المستفيدات من مشروع "مفتاح"، من مضاعفة عدد رؤوس الماشية لديهن.

في هذا المشروع الذي يمكن المرأة الفلسطينية اقتصاديا، لم تغفل "مفتاح" قرية فروش بيت دجن التي يعاني سكانها الكثير بفعل إجراءات السلطات الإسرائيلية مستهدفة المزارعين على وجه التحديد.

وقدمت "مفتاح" دعما لست مستفيدات اشتركن في مشروع لتربية الأغنام وتسمينها، وأمدتهن بتسع خراف، وطموحهن بعد ذلك أن يضاعفن عدد رؤوس الماشية لديهن، لكن تبقى مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف التي تشكل عبئا عليهن، ويطمحن بالحصول على مساعدة للتغلب عليها.

المستفيدات من المشروع، هن: أسماء ناجح حاج محمد، ميسر محمد، انتصار باسم، لينا جودت حامد، فاديا أبو جيش، وختام عبد الكريم أبو ثابت، وجميعهن ربات بيوت، يطمحن أن يقوين رأس المال لديهن، وأن تكون لهن جمعية ثروة حيوانية خاصة بهن، خاصة أن كثيرا من نساء القرية يبدين رغبة في الاستفادة من مشروع "مفتاح"، وأن تتوسع كمؤسسة رائدة في تمكين المرأة اقتصاديا من تقديم مزيد من الدعم والمساعدة لعدد أكبر من النساء.

في تلك الجولة للمناطق المهمشة، بدا واضحا حجم التحدي الذي تخوضه النساء الفلسطينيات هناك، تحد فرضته الطبيعة، لكنهن وجدن في "مفتاح" السند والظهير، فكن تجارب نجاح أخرى... وكان ل"مفتاح" نصيب وافر من هذا النجاح أيضا.