ثلاثة ايام وسط جحيم الاقتتال في غزة !
نشر بتاريخ: 17/06/2007 ( آخر تحديث: 17/06/2007 الساعة: 18:22 )
غزة -معا- وسط زخات الرصاص والقذائف كان أبو سائد الذي رفض الكشف عن اسمه يجوب شقته زحفا على ركبتيه خوفا من اقتحام الأعيرة النارية المتطايرة في كل اتجاه لشقته واصابته في مقتل.
كان أبو سائد متوترا يصرخ في كل مكان على أبنائه وبناته الستة الذين يدفعهم الفضول إلى النظر من زوايا النوافذ على القناصة و المتقاتلين غير واعين لخطورة الامر وما يحمله من مخاطر جسيمة على حياتهم .
منزل أبو سائد الواقع في احد الأبراج السكنية القريبة من احد مناطق الاشتباك الرئيسية في مدينة غزة تحولت شقته كما باقي شقق البرج الى هدف استراتيجي تتصراع الاطراف المقاتلة للسيطرة علية واعتلاء سطحه وتحويل شققه السكنية الى مواقع مراقبة وقنص وتحصينات عسكرية .
وقال ابو سائد الذي بدا متوترا على مصير ابنائه وعائلته " كنت اخشى من سقوط قذيفة على شقتي تقضي على الشقة و من يقطنها ".
و يتذكر ابو سائد والحسرة تملأ قسمات وجهه " لقد نمنا ثلاث ليال 8 أفراد في المطبخ الذي لا تزيد مساحته عن 15 مترا و ذلك لان حائط الصالون و الجدار الخارجي قد يحمينا من الرصاص المتطاير ان اصاب الرصاص جدران المنزل الداخلية فهربنا باتجاه الجدران الخارجية علها تصمد امام الجنون القادم من الخارج ".
ابنة ابو سائد وهي طالبة في التوجيهيه ستتوجه في صباح اليوم التالي الى قاعة الامتحانات لم تستطع الدراسة او النوم وقد سيطر عليها الرعب الشديد من سيل الرصاص والقذائف التي كانت تهز المبنى دون توقف وانقطاع التيار الكهربائي الذي حولهم الى مايشبه الاعمى في سفينه تتقاذفها الامواج العاتية .
وقال ابو سائد بعد ان تنهد بعمق وقد كسا وجهه المشقق حزن عميق وصمت لحظة قصيرة وقد شردت عيناه وضم شفتيه كمن يحبس دموعه ويحول دون انهمارها " لقد كان كل يوم يمثل عناء كبيرا وخطرا حقيقيا فقد كنت ارافق ابنتي الى قاعة الامتحان واعود لاصطحابها في طريق العودة الى البيت الذي لم يعد بيتا كانت كل خطوة في الطريق تمثل عمرا جديدا كتب لي رغما عن رصاص المتحاربين وقذائفهم المجنونة ".
واستطرد ابو سائد قائلا " لقد توزع افراد اسرتي ما بين جهاز الراديو والتلفاز والرد على الهاتف الجوال الذي لم يتوقف لحظة فالجميع يرغبون في الاطمئنان علي وعلى اسرتي المحاصرة في قلب الجحيم ".
واضاف ابو سائد وكأنه يروي تفاصيل فلم رعب قد شاهده على احدى محطات التلفزة "اطلق المسلحون من التنفيذية النار على عدد من افراد الاجهزة الامنية و تركوا احدهم بالشارع يصرخ و يطلب النجدة و لا احد يجيب وكنت انظر وافراد اسرتي من شباك الشقة المحطم دون ان استطيع فعل شيء لرجل يصرخ طلبا للعون وقد اخترق الرصاص جسده ، لقد شعرت انني لم اعد رجلا عندما فقدت القوة لا سعف مصابا يصرخ و فقدت احترامي لنفسي لانني اصبحت جبانا و هذه احساس لم اشعر به طيلة حياتي حتى عندما كانت اسرائيل تحتل غزة في الانتفاضة الاولى كنا نتسابق لاسعاف الجرحى اما الان فلا احد يجرؤ على فعل ذلك ".
واختتم ابو سائد قصته ومأساته الشخصية قائلا "لقد اجتمع كافة سكان البرج السكني في مكان واحد لاننا قلنا لانفسنا بان الموت الجماعي افضل من الموت فرادى وجلسنا ننتظر القذيفة التي قد تنهي حياتنا وتختتم مأساتنا لكنها لم تأت وكأن القدر اراد لنا ان نكون شهودا على اكبر مأساة عاشتها غزة التي لم نعد نعرف مستقبلها وفقدنا اي امل في تحسن ظروفها التي تسير من سيئ الى اسوأ وقد قالت جدتي وهي صادقة " اليوم الي بروح ما بيجي زيو ".