الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

العائلة- وصمة عار أم ميدالية شرف؟

نشر بتاريخ: 04/03/2014 ( آخر تحديث: 04/03/2014 الساعة: 07:35 )
رام الله- تقرير معا - تتردد على مسامعنا في حياتنا اليومية كلمات تصف الاخر في مجتمعنا بنبرة عنصرية، منها ابن مخيم، ابن قرية، ابن مدينة، تايلندي (ويقصد بها الشخص القادم من منطقة الشمال) ،حمساوي، فتحاوي، مسلم ومسيحي وغيرها، وكأن المنطقة الجغرافية التي نأتي منها او العائلة التي ننتسب لها أو الحزب السياسي او الطائفة الدينية التي تجمعنا هي معيار انسانيتنا، والعائلية تعد من اكثر الظواهر انتشارا في الريف الفلسطيني.

قرية كوبر تقع في محافظة رام الله يحدها من الشرق برهام من الغرب الاتحاد، ومن الشمال بيرزيت ويبلغ عدد سكانها 6000 نسمة ينقسمون الى عائلتين رئيستين البراغثة الفلاحين وعلى الرغم ان نظرة سطحية الى الوضع تبدو الامور طبيعية لكن الداخل يختلف، الحساسية المتبادلة من الطرفين والنظرة الدنيوية للأخر، تبعد بين اهالي القرية هذا ما أكدته السيدة رانيا البرغوثي، فأولادها عادة ما يذهبون للملعب للعب كرة القدم وفي يوم من الايام عادوا مبكرا وكان السبب في ذلك بأنه لم يكن دور العائلة في استخدام الملعب هذا الانقسام على مستوى الأطفال والفصل في اللعب يشكل للأسف انعكاسا لواقع الكبار ومن المواقف الطريفة التي ذكرتها سيدة اخرى بأن طفلا كان عائدا من المدرسة مر من امام بيتها كان يبكي بحرقة وحينما سالته ما بك اجاب بغضب الأطفال يشتمونني وينعتونني بالبرغوثي.

المشاركة في الأفراح والاتراح أو علاقات الزواج بين العائلتين او الزيارات المتبادلة تكاد لا تذكر على الرغم من أنها قرية صغيرة وتضيف الاء يوسف (23عاما) وهي احدى سكان كوبر"يشعرني المحيطون بي عند دخول بيت برغوثي بأنني أقصد بيتا مشبوها أو اتي بعمل مناف للأخلاق وفي الوقت نفسه فإن مستوى التخالط بينهم ضعيف والحساسيات دائمة إضافة إلى أنه في حديثنا اليومي عندما نذم شخصا فإننا نقول مثل البراغثة والبراغثة عندما يذمون شخصا مثل الفلاحين".

وعند سؤال الشاب محمود البرغوثي عن رأيه بالموضوع "هناك حقد بين الطرفين وكان الشخص ينتظر الأخر ان يؤتي بأي حركة أو فعل ليفتعل مشكلة ولا توجد محبة بين الطرفين ولكن هذا لا ينطبق على الجميع".

أما حنين يوسف فترى انه هناك عنصرية في القرية لكنها مبطنة فحتى الجيل الجديد الذي يعتبر نفسه مثقفا ومتعلما عند أي مشادة او اختلاف تظهر العنصرية لديهم ولدى الجيل الاكبر.

الاطارات التي تحكم العلاقة في القرية غير موضوعية ومنصفة وتمتد للوافدين الجدد لتكرس العنصرية، صابرين الشعيبي ومتزوجة من شاب برغوثي تضيف أنا حاليا أسكن في القرية وبحكم نعرفي على نساء من العائلات الأخرى من خلال المركز النسوي في القرية توطدت العلاقة ولكن الزيارات المنزلية المتبادلة تبقى محدودة جدا وأشعر بأن هناك تحفظ تجاه الأخر من كلا العائلتين وهذا أمر محزن ومحبط" وأضافت احدى الوافدات الى القرية والتي تحفظت على ذكر اسمها حفاضا على عائلتها كونهم من خارج القرية ويتجنبون الوقوع في أي إشكالية مع الطرفين.

"لاحظت وجود حساسيات بالقرية فكما سمعت الفلاحين يرون ان البراغثة ينظرون الى أنفسهم الطرف المثقف والمتعلم والمنفتح، بينما ينظر البراغثة الى الفلاحين كمتخلفين وهناك بعض المشاكل التي كانت بين الطرفين في الحارة التي أسكن بها إضافة الى مشاكل من سيحصل على رئاسة المجلس القروي ولكن برايي ان هذه الحساسيات ستقل مع الزمن وانجيل الأبناء سيختلف عن الأباء".

حول اثر العائليه فى الواقع الفلسطيني وفي قريه كوبر كمثال، رئيس المجلس القروي د.عقل الطقز يرى أن هذه الظاهرة ازدادت مع تاسيس السلطة الفلسطينية ولجوئها وقواها الرئيسية الى العشائر وخاصة في التجارب الانتخابية المتكررة للحصول على الاصوات، ولم تكن الانتخابات المحليه الاخيره بما فيها المجالس القروية بمنأى عن هذا الواقع السلبي وكوبر ليست استثناء، بل على العكس فان فيها من هذه الظواهر الكثير، والتي تزداد بازدياد التحربض والحقن العائلي لدى الاجيال الشابة والتي يتحمل الاهل المسؤولية الاساسية فيه، ولعل ابرز مظاهر هذا الواقع تتضح في العلاقة بين عائلة "البرغوثي" وغيرها من العائلات، فنرى التجييش والتعبئه والتكاتف العائلي بغض النظر عن موقع "عداله" القضية التي يدافعون عنها. هذا طبعا لا ينفي وجود نفس الظواهر بين العائلات الاخرى، الا انها تكون عادة اقل حدة. وكثيرا ما كادت بعض المشاكل البسيطة ان تؤدي الى كوارت حقيقية بسبب هذا الاحتقان والتحريض لولا تدخل العقلاء.

قضية العنصرية لا تقتصر على قرية كوبر بل تمتد الى معظم القرى والمدن والأحزاب والطبقات الإجتماعية في فلسطين وفي محاولة منا للفت النظر بان ثقافة نبذ الأخر هي ما تقودنا لهذا الوضع، وضع يتناقض مع متطلبات الهم الوطني الذي يقتتضي التوحد بعيدا عن التفاخر بالعائلة على حساب عائلات أخرى خاصة بأننا مجتمع يرتكز على العائلة كمرجعية.

لذلك يجب التركيز على المهم وهو دور المجلس القروي ومصلحة القرية والمبادرات الشبابية الخلاقة والتي تبدا بخطوة بسيطة كتنظيف الشوارع، فكما يقول المتنبي... لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي.

اعدت هذا التقرير: علا البرغوثي ضمن مشروع الاعلام الريفي.