الانسحاب القادم من الخليل!!
نشر بتاريخ: 29/08/2005 ( آخر تحديث: 29/08/2005 الساعة: 12:24 )
معا- اكدت مصادر اسرائيلية ان حكومة شارون تخطط لقفزة اخرى على طريق الخروج من مستنقع الاحتلال في الاراضي الفلسطينية فبعد ان سحب الاحتلال رجليه من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية يخطط الان لاخلاء خمس عشرة عائلة يهودية متطرفة كانت استوطنت في سوق الخضار بقلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
وانفردت صحيفة معاريف العبرية الصادرة اليوم وعلى صدر صفحتها الاولى بهذا النبأ وقالت ان 15 عائلة مكونة من عشرات المستوطنين سيجري خلعهم من الخليل بناء على تقديرات اجهزة الامن الاسرائيلية وان الجيش حدد شهر كانون الاول - ديسمبر- موعدا لذلك.
وتعقيباً على ما نشرته الصحيفة الاسرائيلية قال رئيس بلدية الخليل المهندس مصطفى النتشه لوكالة معا " هذه بشرى ساره وبداية انفراج في الخليل وعودة الامور الى ما كانت عليه قبل احداث انتفاضة الاقصى، وربما تقوم السلطات الاسرائيلية ولو لمرة واحدة بتنفيذ قرار كان قد صدر عن محكمة العدل العليا الاسرائيلية قبل سنوات، وهو جيد بأن يسود القانون فوق سلطة المستوطنين".
وأضاف النتشه " نامل بعودة فتح شارع الشهداء في المدينة التي منع سكانها من التحرك فيه وهذا تمييز عنصري واضح حيث لا يسمح للسكان الفلسطينيين بالعبور في هذا الشارع بالاضافة الى شارع السهله وشارع بركة السلطان، كما ونأمل ات يتم فتح 800 محل تجاري مغلق بأوامر منذ سنوات حتى تعود الحياة الى طبيعتها في الخليل".
وقد اعتبر محافظ الخليل عريف الجعبري هذه الخطوة التي تدعو للتفاؤل بداية حسن النوايا والرجوع الى بروتوكول الخليل الموقع بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وأضاف " على اصحاب القرار السياسي في اسرائيل ان يتخذوا خطوة نحو تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة بازالة البؤر الاستيطانية من قلب الخليل لان وجودها شلل تام للحركة الاقتصادية والاجتماعية في داخل البلدة القديمة، وبما ان الحكومة الاسرائيلية قد اقرت خلع المستوطنين من قلب الخليل يجب عليهم فتح الطرق المؤدية الى سوق الخضار القديم من شارع الشهداء وأزالة البوابات الحديدية التي وضعتها مؤخراً على مداخل البلدة القديمة التي تعيق حركة المواطنين وتمنعهم من الوصول بسلام الى بيوتهم".
ويخشى السكان واصحاب المحال التجارية في البلدة القديمة بعد خلع المستوطنين من محالهم التجارية من الاعتداء عليهم وتكرار مجزرة الحرم الابراهيمي الشريف عام 1994.
وكان هؤلاء المستوطنون زرعوا انفسهم بشكل غير رسمي في ذلك المكان بعد اندلاع انتفاضة الاقصى قبل حوالي اربع سنوات ما تسبب في تحويل المنطقة الى اكبر نقطة توتر واحتكاك بين اليهود والفلسطينيين.
وفي حقيقة الامر جيش الاحتلال كان طرد بالقوة سكان ذلك السوق من محلاتهم فانتهزت عائلات المستوطنين الفرصة واستوطنت هناك دون ان يمنعها احد وكانت البداية الاستيطانية ثلاث عائلات يهودية الى جانب عدد من الشبان غير المتزوجين.
وكان التجار الفلسطينيون في سوق الخضار ( الحسبة) قدموا التماسا للمحكمة العليا بواسطة المحامي اليهودي شلومو ليكر للمطالبة باعادة فتح محلاتهم بالسوق ووافقت المحكمة الاسرائيلية العليا على ذلك الا ان النيابة العامة لم تنفذ القرار.
مصدر في "وزارة الدفاع الاسرائيلية " رفض الربط الذي تقوم به وسائل الاعلام بين الانسحاب من غزة وبين اخلاء سوق الخليل حيث اثار هذا النبأ غضب المستوطنين والذين اعتبروا القرار ( جنونيا) وبحسب قول المتطرف اليهودي المعروف بمعاداته للعرب نوعام ارنون( وهو ناطق بلسان المستوطنين) قال " لم يبلغنا احد بذلك" الا ان قادة المستوطنين همسوا للصحافيين بانهم عرفوا بهذا القرار قبل ثلاثة اسابيع.
ولا تتردد الصحافة العبرية في الاعتراف بان مستوطني الخليل هم ( فئة متطرفة بل الاكثر تطرفا من بين مستوطني الضفة الغربية) وينسبون الاسباب الى الاحتكاك اليومي والدامي بينهم وبين السكان الفلسطينيين في تلك المدينة كما ان الطرفين خسرا ضحايا وممتلكات في الصراع اليومي.
وبحسب الرواية اليهودية فان جالية يهودية كانت تسكن المدينة قبل حرب 1948 وان الفلسطينيين طردوهم من هناك عام 1929 وقتلوا 70 منهم لمطالبتهم بالسيطرة على الحرم الابراهيمي الذي اعتبروا يخصهم وان ابونا ابراهيم يخص اليهود ثم تجدد استيطان اليهود في الخليل عام 1968 على أساس التمسك بالدولة السالفة.
ويعيش اليوم 500 مستوطن يهودي وسط 480 ألف فلسطيني, ما يتسبب بحراسة شديدة ومكثفة من الجيش على المستوطنين, لكن هؤلاء طالما يعتدون على الجيش والشرطة الاسرائيلية ويضربونهم ويبصقون في وجوههم ما يتسبب في أزمات دائمة وغضب شديد في أوساط الجيش.
وفي بداية التسعينيات قام من بينهم طبيب يدعى باروخ غولدشتاين واقتحم المسجد (الحرم الابراهيمي) وفتح النار على المصلين وهم ساجدين فقتل 27 منهم وجرح مئة, ما أحرج قيادة اسرائيل ودفع برئيس وزرائها آنذاك اسحق رابين للمطالبة باخلائهم, الا أنهم تحدوا رابين وأقاموا نصباً تذكارياً للمجرم, حتى يومنا هذا.
وفي سنوات الانتفاضة اعتقل الشاباك الاسرائيلي العديد من المتطرفين اليهود وهم يزرعون المتفجرات في مدارس عربية في القدس, وتبيّن أنهم تابعون لتنظيم مستوطني الخليل, ويعملون تحت اسم منظمة "شلهين باس" وهي طفلة يهودية أصابتها رصاصة فلسطينية عام 2002 فقتلتها على الفور.
المستوطنون اليهود في تلك المنطقة تحدوا حكومات اسرائيل ورفضوا اخلاء نقاط استيطانية غير حكومية, وأعادوا بناءها أكثر من 40 مرة ما يمكن أن يشرح الصورة المعقدة للاستيطان هناك.