إيليس: معونات الأونروا الغذائية أولى ضحايا نقص تمويل برامج الطوارئ
نشر بتاريخ: 18/03/2014 ( آخر تحديث: 19/03/2014 الساعة: 12:11 )
رام الله – معا - قالت نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، مارجوت إيليس، إن أكثر من 270 ألف من اللاجئين الفلسطينيين تهجروا من مخيمات سوريا داخلياً، حيث لم تسلم من تأثيرات الصراع جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الاثني عشر، فيما يجتاح القتال الدائر سبعة منها.
وأضافت إيليس في مقال لها: تحول أكبر المخيمات، وهو مخيم اليرموك في دمشق الذي كان يضم 160,000 فلسطيني، إلى ركام في أغلب أجزائه، هذا فيما نزح أكثر من 50,000 لاجئ فلسطيني من سوريا إلى لبنان ونزح 10,000 إلى الأردن وأكثر من 1,000 إلى غزة، وفي مواجهة هذه الحالة الطارئة الساحقة، قدمنا مناشدة إلى مجتمع المانحين نطلب أكثر من 400 مليون دولار أمريكي لتنفيذ "خطة الاستجابة في سوريا".
وأكدت إيليس أن الأونروا تتوقع أن عملها في مجال الطوارئ هذه السنة في غزة والضفة الغربية، يحتاج إلى 300 مليون دولار أمريكي لتنفيذه، وسكن هذه المنطقة ستحصل على 120 مليون دولار فقط، وهو ما سيكون له آثار محبطة على المستوى الفردي بالنسبة للمستفيدين، الذين يوجدون في عداد أكثر الفئات معاناة وحرماناً في الشرق الأوسط، أما على المستوى الكلي، فيرجح أن يكون لذلك عواقب سياسية بالنظر إلى أن هذه هي الفئات السكانية التي من المفترض أن تكون منخرطة في العملية السلمية الجارية، ولكن آفاق انخراطهم سيتراجع في ظل استمرار إضعافهم الاقتصادي وما يترتب على ذلك من حس باليأس والعزلة.
وأضافت إيليس: في غزة، تخدم الأونروا 1.2 مليون لاجئ من مجموع 1.7 مليون نسمة. وربما يصل العجز في الميزانية حوالي 94 مليون دولار، مما سيترك أثراً مدمراً على السكان الذين أصبحوا يضيقون ذرعاً بعد حوالي سبع سنوات من الاختناق الاقتصادي الناجم عن الحصار الإسرائيلي، وبعد تدمير الأنفاق مع مصر، والتي كانت التجارة عبرها تشكل حبل نجاة مهماً بالنسبة للعديدين.
وتابعت: على الأغلب أن تصبح المعونات الغذائية التي تقدمها الأونروا أولى ضحايا النقص في تمويل برامج الطوارئ. ومن المرجح أن يتوقف برنامج الوجبات المدرسية في غزة، المعلق حالياً، والذي يقدم وجبة الصباح الاعتيادية الأولى لنسبة كبيرة من الطلبة في مدارسنا التي تضم ربع مليون طفل. سنعمل على توجيه أي تمويل غير مخصص يتوفر لدينا لتغطية المعونات الغذائية، ولكن ذلك لن يحول دون اضطرارنا لأن نخفض الحصص الغذائية المقدمة إلى جميع المستفيدين بدءاً من الأول من تشرين الأول ، أو بدلاً من ذلك يمكن أن يتوقف تقديم المساعدات الغذائية بأكملها إلى حوالي 450,000 لاجئ لمدة ثلاثة أشهر. ونحن لا نريد أن نُجبر على اتخاذ هذا الخيار.
وتوقعت إيليس أن يتوقف برنامج التعلم الصيفي لأكثر من 40,000 طالب وطالبة وقد يلزم إجراء تقليص ملموس في برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزة، وقد تضطر الأونروا لوقف المساعدات النقدية للاجئين الذين لا يزالون ينتظرون الانتقال إلى مساكن جديدة في أعقاب جولتي القتال الأخيرتين ونتيجة الفيضانات المدمرة التي اجتاحت المنطقة في أواخر السنة الماضية، وستتفاقم المعاناة عندما تقلص جميع التدخلات الطارئة في مجال المياه والصرف الصحي وتخفيض دعم برامج الصحة البيئية.
وتابعت: وفي الوقت نفسه، قد تضطرنا توقعات نقص التمويل في الضفة الغربية لإجراء تخفيض ملموس في المساعدات الغذائية في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات انعدام الأمن الغذائي، حيث تتزايد أعداد الأسر التي بحاجة إلى مساعدة لتلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، وخاصة داخل المخيمات، يوجد حوالي 195,000 لاجئ يفتقرون إلى الأمن الغذائي عبر الضفة الغربية، ولن يحصل هؤلاء على أية معونة غذائية. وتدل الاتجاهات الاقتصادية السائدة على أن هذا الرقم سيتزايد. فقد ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية بشكل منذر من 25 بالمائة في سنة 2009 إلى 35 بالمائة في سنة 2012. وهناك ميل نحو التصاعد في هذه المعدلات. وفي هذا السياق، فإن النقص في تمويل المساعدات الإنسانية للضفة الغربية سيصب المزيد من الوقود على الوضع الصعب والقابل للاشتعال في أي وقت.
وأشارت: كما أن الاتجاهات الاقتصادية العامة في غزة لا تمنح الكثير من الأمل. فحسب أحدث البيانات الرسمية الفلسطينية، ارتفع معدل البطالة إلى مستوى قياسي ليقف عند 38.5 بالمائة في الربع الأخير من سنة 2013، بعد أن كان 27.9 بالمائة في الربع الثاني وبلغ 32.5 بالمائة في الربع الثالث. وبما أن اللاجئين يعانون من هشاشة إضافية، فقد تضرروا بشكل أكبر من الفئات الأخرى، حيث بلغ معدل البطالة بين تجمعات اللاجئين أكثر من 40.9 بالمائة مع نهاية السنة الماضية.
وبينت إيليس أن اقتصاد غزة خسر خلال النصف الثاني من سنة 2013 ما يصل إلى 23,800 وظيفة، وكانت 11,000 منها في قطاع الإنشاءات، وبما أن هذا القطاع كان يوظف حوالي 24,000 شخص، فإن حوالي نصف المجموع الكلي للقوى العاملة في هذا القطاع قد انضم إلى صفوف البطالة، وذلك نتيجة الإغلاق المستمر، وفيما وفرت مشاريع الإنشاءات في الأونروا أكثر من 3,500 وظيفة في الربع الثالث من سنة 2013، فإن الحصار قد سبب تضاؤل هذا الرقم.
وأردفت إيليس: في الوقت الذي تدل فيه التنبؤات الاقتصادية على أن مستويات الاحتياج سترتفع، يرجح أن تضطر الأونروا لتقليص أنشطة الطوارئ التي تخدم سكاناً يزدادون احتياجاً. ولا خلاف على أن تقليص خدمات الأونروا يثبت بشكل ملموس أن بإمكانه أن يهدد الاستقرار في منطقة تعاني من الاضطراب من قبل وفي الأماكن ذاتها التي ينبغي أن يتم فيها تعزيز مبادرة السلام الحالية. فقد ارتفع منسوب الحدة والاضطراب أثناء الإضراب الأخير الذي نفذه موظفو الأونروا في الضفة الغربية عندما رأت تجمعات اللاجئين كيف تنحجب عنها الخدمات. وفي مناسبة واحدة لوحدها في مخيم الجلزون، تسبب العنف بإصابة أكثر من 40 شخصاً. وفي غزة، شهدنا كيف تعرض مقر رئاسة الأونروا للهجوم بسبب تخفيض الخدمات، كما وقعت احتجاجات عنيفة ضد تقليص الخدمات في أنحاء مختلفة من قطاع غزة في ظل الوضع المضطرب السائد هناك.
وأكدت أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذه الطوارئ تكمن في التخلص من مسبباتها الضمنية، أي الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والإغلاق المفروض على غزة الذي يخنق الاقتصاد ويرفع معدلات الفقر والبطالة، وخاصة بين الشباب، ويضطر السكان للاعتماد بقدر أكبر على المعونات التي يقدمها المجتمع الدولي. ولا شك أن الحاجة إلى التدخلات الطارئة ستتضاءل بشكل كبير إذا فتح المجال أمام غزة لممارسة أنشطة الأعمال والتجارة الاعتيادية.
وأشارت إلى أن صادرات غزة تبلغ 1 بالمائة فقط من مستواها قبل سنة 2007. ويرتفع انعدام الأمن الغذائي في غزة بستة أضعاف عن معدله في سنة 2000. إن هذه التطورات البائسة توضح لماذا ينبغي أن يتم تمويل العمل الإنساني الطارئ الذي تقوم به الأونروا في غزة والضفة الغربية بالقدر الكافي، فالمساعدات التي تقدمها الأونروا تملك القدرة على بث درجة من الهدوء والاستقرار في حياة بعض التجمعات السكانية الأشد بؤساً وحرماناً في الشرق الأوسط. وبإمكان الاستثمار الصغير نسبياً الذي يقدم الآن أن يُنتِج قيمة دائمة وعائداً حيوياً لصالح السلام في لحظة حاسمة من أجل المستقبل.
وخلصت إيليس في مقالها: على العكس من ذلك، لا يجادل الكثيرون في أن الإخفاق في التعامل مع تنامي الحس بالعزلة والإضعاف في أوساط بعض التجمعات السكانية الأكثر يأساً حول إسرائيل يرجح أن تكون له عواقب سياسية بعيدة المدى. وهذا في الواقع ثمن لن يريد أحد أن يدفعه.