الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اصيب برصاصتين في الظهر: مجدي زياتنة.. قصة نجاح وابداع رغم الاعاقة.. ينقش على الحجر ويلون بالريشة

نشر بتاريخ: 25/06/2007 ( آخر تحديث: 25/06/2007 الساعة: 20:16 )
طولكرم - معا - "جزى الله الشدائد كل خير... فقد عرفت بها عدوي من صديقي"...بهذا البيت الشعري بدأ مجدي حسن زياتنة(32)عاماً حديثه حول ما يعانيه في الدنيا التي ضاقت به، رغم ما قدّمه من دماء و تضحيات لشعبه، وما لاقاه من إصابة صعبة جداً على يد الإحتلال الإسرائيلي مع بداية انتفاضة الأقصى المباركة.

زياتنه عمل مدة إثني عشر عاماً مع والده في مجال الحجر والنقش والرسم عليه، وكان ذلك في مصنع كبير تم إنشاؤه قرب مدينة طولكرم، بأجهزة ومعدات مختلفة تسهم في ذات العمل.

ولم يكتمل عمل مجدي مع والده في ذات المصنع، فقد اصبح غير قادر من المشي على قدميه، والمصنع حطّم بفعل سيارة مفخخة وجدت بداخله قام الاحتلال بتفجيرها إلا ان مجدي عاد ليزاول عمله ولكن بشكل بسيط جداً وبمعدات يدوية بسيطة يستخدمها في البيت.

اصيب مجدي يوم 2/4/2002 برصاصتين واحد في الصدر"العمود الفقري ـ الفقرة العاشرة" والأخرى في الظهر، تسبب في شلل نصفي جعله رهين الكرسي المتحرك، وذلك عندما همّ بالدخول الى منزله لتلاحقه تلك الرصاصات ويظل ينزف في المكان لمدة ساعة قبل السماح لسيارات الإسعاف من نقله الى مستشفى طولكرم الحكومي ومن ثم الى مستشفى الناصر داخل إسرائيل، ومنه الى المستشفى الأردني، نهايةً بمستشفى بغداد في العراق.

ورغم كل ما الم به، وما واجهه من معاناة الإصابة، أصر مجدي على الإستمرار في عمله كنحات و رسّام على الحجر، وبقي يعمل في البيت منذ عودته من رحلة العلاج، مستخدماً ادوات بسيطة جداً في عملة، منطلقاً من بيته المتواضع في مدينة طولكرم، يعاونه ويسانده في ذلك شقيقه الأصغر "ثائر" 17 عاماً.

ولجمال إنتاجه، وروعة ما تشاهده العين من نقش ورسم على الحجر، طلب من مجدي المشاركة في مسابقات و مهرجانات عديدة في طولكرم وخارجها، إلا انه غير مرتاح لأسباب عديدة تحدث بها مجدي بإبتسامة تكاد ان لا تظهر، ومن هذه الاسباب:

يقول مجدي، منذ إصابتي لم اتلق أي مساعدة او معونة من أي جهة فلسطينية كانت او غير ذلك، وحتى الرئاسة و الحكومة، ويضيف"حتى الكرسي المتحرك البدائي الذي اجلس عليه، حصلت عليه من عرق جبيني وليس من أي جهة كانت"، متسائلاً: لماذا غيري يجلسون على كرسي متحرك متطور ويعمل بالبطارية، وانا استخدم كرسي يعتمد على يداي؟؟.

ويضيف مجدي" لقد اردت الحصول على بعض الادوية الباهضة الثمن، والغير موجودة في الضفة الغربية، أجبرت ان اشتريها من داخل اسرائيلي وعلى حسابي الشخصي، فلم استطع ان اوفر ثمنها من أي جهة كانت، سواء في التنظيمات الفلسطينية، او في الرئاسة والحكومة".

ويقول مجدي"لا اريد ان اكون تابعاً لأي تنظيم فلسطيني، بل انا فلسطيني واريد ان اوصل رسالتي وهذا واجبي، وواجب على الجميع مساعدتي و مساندتي حتى استطيع الاستمرار في الحياة، وان اكمل مشواري في النقش والرسم على الحجر".

ويطالب مجدي بتبني منتوجاته الفنية، وتسويقها، او مساعدته في هذا الجانب، مشيراً انه يعاني من عدم التسويق، وعدم معرفة الجميع عن اعماله الفنية الجميلة، موضحاً ان ما ينتجه بحاجة الى ثمن معقول لشرائه، بالمقابل فإنه جميل وجذاب جداً، بل يستحق الإقتناء في كل بيت يحب الجمال والإبداع.

وتطرق مجدي في حديثه الى السياسة، وخاصة ما حدث في قطاع غزة مؤخراً، مشددة ان ما حصل عبارة عن مهزلة حقيقية، متهماً الجميع بنسيان الجرحى والشهداء والاسرى، والإنتباه في الى المصالح الشخصية والحزبية والكراسي، بل انهم باعوا الدم الفلسطيني.

واوضح مجدي ان الذي حصل في غزة لا يجب ان يحصل، ولكن علينا أن نحتويه ونرى لماذا حصل، ولا بد ان هنالك شئ كبير جداً وراء حدوث ذلك في غزة"علينا جميعاً ان نتحاور مع بعضنا البعض قبل التحاور مع الاحتلال الاسرائيلي.

واتهم مجدي المسؤولين بعدم المصداقية والإنصاف في توزيع الأموال التي تصل للشعب الفلسطيني، مؤكداً ان الاموال تأتي فقط لمن لديه مال، ويبقى الفقير الغير قادر على توفير قوته بلا مال، بل لا يستفيد منها من هو بحاجة.

وحول متابعة حادثة اصابته من قبل الاحتلال، اوضح مجدي انه كلّف اثنين من المحامين برفع شكوى ضد جيش الاحتلال، وكاد ان يكسب القضية لولا تقصير فاضح وواضح من قبل السلطة مشيراً انه طلب منه إحضار ورقة مروسة ومختومة من قبل الإرتباط العسكري الفلسطيني، توضح انه أصيب خلال الإنتفاضة، مبينةً تاريخ وحيثيات الإصابة، ولا حياة لمن تنادي وخسر القضية.

وفي حادثة أخرى، اتهم مجدي وزارة الصحة الفلسطينية بالتقصير تجاهه، مشيراً انه وفي ذات مرة، قام بالتصوير للإصابة " صورة رنين مغناطيسي للعمود الفقري" كانت تكلفتها 1400 شيكل، ووضعت هذه الصور في الارشيف التابع لمستشفى رفيديا في نابلس لحين طلبها من قبل مستشفيات و اطباء خارج الوطن ليكمل علاجه، إلا انه وعندما اراد الحصول على تلك الصور، لم يجدها، موضحاً ان مستشفى رفيديا ابلغته ان الصور فقدت من الارشيف، ولا علم لديها عن المكان الذي توجد فيه.

ويملك مجدي من العقل والتفكير الكثير، حيث انه شارك في حوار على الهواء مباشرة ولأول مرة في تلفزيون المستقبل اللبناني، وأجرى العديد العديد من المقابلات الصحفية في صحفي ومجلات وتلفزة عالمية و محلية، بالرغم من انه لم يكمل شهادة الثانوية العامة.

ويختم مجدي" انا حالياً اشارك في جائزة فلسطين الدولية للتميز والإبداع، برعاية صبيح المصري في رام الله، والتي تجري في كل عام، آملاً ان ان يكون من بين الفائزين في تلك الجائزة".