المفتي يبين حكم زيارة المسلمين لفلسطين والاقصى
نشر بتاريخ: 25/03/2014 ( آخر تحديث: 25/03/2014 الساعة: 16:47 )
القدس-معا- أصدر الشيخ محمد حسين-المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك- فتوى شرعية أكد فيها وجوب حكم زيارة المسلمين للأراضي الفلسطينية بعامة والمسجد الأقصى المبارك بخاصة في ظل الظروف الحالية، بموجب الفتاوى السابقة الصادرة عنه.
وبين أن من دواعي إعادة التذكير بهذه الفتاوى ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام من محاولات التهويد بصور شتى
وفيما يأتي نص الفتوى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
ففي ظل تصاعد الهجمة الاحتلالية على مدينة القدس، سعياً لتهويدها بالكامل، ومحاولة طمس معالمها الإسلامية، ووضع اليد على المسجد الأقصى المبارك، وتدنيس رحابه يومياً باقتحام المستوطنين، وإقامتهم الشعائر والترانيم التوراتية المزعومة، بمشاركة حاخامات وقادة سياسيين تحت حماية أفراد شرطة الاحتلال، لفرض واقع جديد، وتمهيداً للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود، إضافة إلى التهديد بهدم المسجد الأقصى؛ بهدف إقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، لا قدّر الله، فإننا نود التأكيد على فتاوينا السابقة بالخصوص، والتي تؤكد الآتي:
أولاً: إن رحاب المسجد الأقصى المبارك، وأسواره وأبنيته، وأفنيته، وقبابه، وأروقته، ومصاطبه، وأسفل المسجد الأقصى وأعلاه هي وقف إسلامي إلى قيام الساعة، وهي حق خالص للمسلمين لا يشاركهم فيه أحد، فالمسجد الأقصى المبارك اسم لكل ما دار حوله السور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة المسوّرة بدوْرها، ويشمل كلاً من قبة الصخرة المشرّفة، (ذات القبة الذهبية) والموجودةِ في موقع القلب بالنسبة إلى المسجد الأقصى، والمصلى القِبْلِي، (ذي القبة الرصاصية السوداء)، والواقعُ أقصى جنوب المسجد الأقصى، ناحية (القِبلة)، فضلاً عن نحو 200 مَعْلمٍ آخر، ما بين مصليات، ومبانٍ، وقباب، وأروقةٍ، ومدارس، وأشجار، ومحاريب، ومنابر، ومآذن، وأبواب، وآبار، ومكتبات؛ يقول مجير الدين الحنبلي في كتابه (الأنس الجليل): "إنّ المتعارف عند الناس أنّ الأقصى من جهة القِبلة الجامع المبني في صدر المسجد الذي فيه المنبر والمحراب الكبير، وحقيقة الحال أن الأقصى اسم لجميع المسجد مما دار عليه السور، فإن هذا البناء الموجود في صدر المسجد وغيره، من قبة الصخرة والأروقة وغيرها محدثة، والمراد بالأقصى ما دار عليه السور" [الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: 1/20]، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الإسراء: 1]
ثانياً: إن السيادة على المسجد الأقصى المبارك والولاية عليه، حق قرره الله لهذه الأمة الإسلامية وحدها، وورثته عن نبيها عليه الصلاة والسلام، وسلفها الصالح، وترعى هذا الحق دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية.
ثالثاً: إن المسجد الأقصى المبارك هو جزء من عقيدة المسلمين؛ لارتباطه بمعجزة الإسراء والمعراج، وهو قبلة المسلمين الأولى، فقد صلى المسلمون قِبَل بيت المقدس ستة عشر شهراً بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، ثم تحولوا بأمر الله تعالى إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي الْسَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيُنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُم فَوَلُّواْ وُجُوهَكُم شَطْرَه}[البقرة: 144].
رابعاً: إن المسجد الأقصى المبارك مرتبط بعبادة المسلمين؛ فقد دعا النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى شد الرحال إليه، فقال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ، إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» [صحيح البخاري، أبواب التطوع، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة].
خامساً: إن فلسطين أرض باركها الله في كتابه العزيز، وأسرى إليها برسوله المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وأخبر الله عن ذلك، فقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، وقال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 71].
وإن من أبرز واجبات الأمة الإسلامية أن تعمل جهدها لتحرير هذه الأرض المباركة، ومسجدها الأقصى، حتى تكون مفتوحة لمن يشد الرحال إليها، ابتغاء رضوان الله وثوابه، ومن المؤكد أن شد الرحال إلى المسجد الأقصى في ظل الاحتلال يختلف عنه في ظل الحرية والأمان، فإذا أدرك المسلمون مدى مسؤوليتهم وواجبهم نحو الأرض الفلسطينية والقدس ومقدساتها، فلا يوجد ما يمنع شرعاً من زيارتها، في إطار الضوابط الشرعية الآتية:
•رفض تكريس الوضع الاحتلالي للأرض الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى المبارك.
•تجنب الخوض في أي إجراء يصب في مصلحة تطبيع علاقات المسلمين مع الاحتلال، الذي يأسر أرضنا وشعبنا وقدسنا وأقصانا.
•التنسيق مع الجهات الفلسطينية المسؤولة، التي تتولى المسؤولية عن زيارات الأرض المحتلة.
•أن تكون الزيارة للأرض الفلسطينية تأكيداً لهويتها العربية والإسلامية، ورفضاً للاحتلال، وعوناً للمرابطين فيها على الصمود حتى التحرير.
سادساً: ندعو كل من يستطيع من أبناء فلسطين، وخارجها إلى وجوب شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك؛ لاعماره، والصلاة فيه، وتكثير سواد المسلمين المرابطين في رحابه، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل".